حب القاطرات من الطفولة...” الشغل مو عيب”

أول خليجية تقود “تيلر” البحرينية فاطمة القيدوم

| زينب العكري

يرى‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬قيادة‭ ‬الشاحنات‭ ‬والمقطورات‭ ‬مهمة‭ ‬صعبة‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الرجال،‭ ‬ولكن‭ ‬البحرينية‭ ‬فاطمة‭ ‬القيدوم‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬كسائر‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬فيها‭ ‬المرأة‭ ‬ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬أعمالهن‭ ‬على‭ ‬الوظائف‭ ‬المكتبية‭ ‬فقط‭.‬

وقالت‭ ‬القيدوم‭ ‬إن‭ ‬فكرة‭ ‬قيادة‭ ‬المقطورة‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬وانما‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬ترسمهم‭ ‬دائما‭ ‬وتراقب‭ ‬الشاحنات،‭ ‬موضحة‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬البحرين‭ ‬وعاشت‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬عمر‭ ‬العامين‭ ‬ثم‭ ‬انتقلت‭ ‬مع‭ ‬العائلة‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬طرقاتها‭ ‬مليئة‭ ‬بالشاحنارت‭ ‬و”اللواري”‭ ‬و”التيلرات”‭ ‬التي‭ ‬تسمعى‭ ‬علميًا‭ ‬“القاطرة‭ ‬والمقطورات”‭ ‬وأضافت‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬عمرها‭ ‬7‭ ‬سنوات‭ ‬وهي‭ ‬طالبة‭ ‬بمدارس‭ ‬السعودية‭ ‬المعلمة‭ ‬لم‭ ‬يعجبها‭ ‬الأداء‭ ‬للامتحان‭ ‬فقالت‭ ‬لي‭ ‬“بحرينية‭ ‬غبية‭ ‬ما‭ ‬تفهمين”‭ ‬ومع‭ ‬اختلاف‭ ‬اللهجة‭ ‬وكوني‭ ‬طفلة‭ ‬أجبتها‭ ‬“عندما‭ ‬أكبر‭ ‬سأجلب‭ ‬علم‭ ‬بلادي‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬السعودية”،‭ ‬وبفضل‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬ارتفع‭ ‬علم‭ ‬مملكتي‭ ‬عاليا‭ ‬كوني‭ ‬أول‭ ‬خليجية‭ ‬تقود‭ ‬“تيلر”‭.‬

وتضيف‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬السياقة‭ ‬بالبداية‭ ‬كنت‭ ‬أقود‭ ‬سيارة‭ ‬من‭ ‬خلفها‭ ‬عربة‭ ‬صغيرة‭ ‬أنقل‭ ‬عليها‭ ‬الأشياء‭ ‬وأستخدمها‭ ‬دائما‭ ‬من‭ ‬العا‭ ‬2005‭ ‬وحتى‭ ‬العام‭ ‬2008،‭ ‬فبعدها‭ ‬كان‭ ‬أخواني‭ ‬يعلموني‭ ‬على‭ ‬سياقة‭ ‬الشاحنات‭ ‬وكيفية‭ ‬كسر‭ ‬الوقوف‭ ‬بالرجوع‭ ‬إلى‭ ‬الخلف،‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2009‭ ‬امتلكت‭ ‬باصا‭ ‬صغير‭ ‬وكنت‭ ‬أقوم‭ ‬بالتوصيل‭ ‬وبعدها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2013‭ ‬تجرأت‭ ‬وذهبت‭ ‬لإدارة‭ ‬الأمور‭ ‬وسألت‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أحصل‭ ‬على‭ ‬رخصة‭ ‬سياقة‭ ‬شاحنات‭ ‬وأجابوني‭ ‬بعدم‭ ‬وجود‭ ‬أي‭ ‬مانع،‭ ‬وبعد‭ ‬“الكجة”‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬مدرسة‭ ‬السياقة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالشاحنات‭ ‬للسيد‭ ‬سعيد‭ ‬وسلمت‭ ‬الأوراق‭ ‬وسألني‭ ‬حينها‭ ‬كيف‭ ‬حصلتِ‭ ‬على‭ ‬الشهادة‭ ‬فنحن‭ ‬نعلم‭ ‬أنهم‭ ‬يعطون‭ ‬لسياقة‭ ‬الباص،‭ ‬وقلت‭ ‬له‭ ‬هل‭ ‬تشك‭ ‬فيها؟‭ ‬قال‭ ‬لا‭ ‬لأن‭ ‬الختم‭ ‬الأصلي‭ ‬موجود‭.‬

الساعات‭ ‬المخصصة‭ ‬للتدريب‭ ‬10‭ ‬ساعات‭ ‬وبعد‭ ‬الرسوب‭ ‬في‭ ‬الامتحان‭ ‬4‭ ‬ساعات‭ ‬اضافية،‭ ‬في‭ ‬الامتحان‭ ‬الاول‭ ‬كان‭ ‬لدي‭ ‬تأخير‭ ‬في‭ ‬خروج‭ ‬الشاحنة‭ ‬من‭ ‬الدوار‭ ‬ورغم‭ ‬أنني‭ ‬قمت‭ ‬باخراجها‭ ‬بالطريقة‭ ‬الصحيحة‭ ‬إلا‭ ‬أني‭ ‬فضلت‭ ‬التدرب‭ ‬أكثر‭ ‬وعدم‭ ‬استلام‭ ‬الرخصة‭ ‬حتى‭ ‬آخذ‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬وحصلت‭ ‬على‭ ‬الرخصة‭ ‬من‭ ‬الامتحان‭ ‬الثاني،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬يعتبر‭ ‬سياقة‭ ‬الشاحنة‭ ‬خطيرة‭ ‬كونها‭ ‬كبيرة‭ ‬ولكنها‭ ‬تحتاج‭ ‬فقط‭ ‬للتركيز‭ ‬والنعومة؛‭ ‬لأن‭ ‬السيارة‭ ‬لا‭ ‬عقل‭ ‬لها‭ ‬وانما‭ ‬تسير‭ ‬بعقل‭ ‬قائدها‭.‬

لم‭ ‬أواجه‭ ‬صعوبة‭ ‬إذ‭ ‬لدي‭ ‬حب‭ ‬استطلاع‭ ‬الشوارع‭ ‬دائما،‭ ‬قمت‭ ‬بقيادة‭ ‬رافعات‭ ‬سيارات،‭ ‬ومقطورات‭ ‬9‭ ‬أمتار،‭ ‬وبعدها‭ ‬قاطرة‭ ‬بطول‭ ‬17‭ ‬متر،‭ ‬ثم‭ ‬20‭ ‬متر،‭ ‬والقاطرة‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬بها‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬فهد‭ ‬بطول‭ ‬23‭ ‬متر‭.‬

أتطلع‭ ‬لامتلاك‭ ‬قاطرة‭ ‬ومقطورة‭ ‬مستقبلا‭ ‬إذ‭ ‬أنني‭ ‬أقوم‭ ‬بالتحميل‭ ‬حاليا‭ ‬من‭ ‬الميناء‭ ‬فقط‭.‬

وعن‭ ‬الدولة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬السعودية،‭ ‬قالت‭ ‬إنه‭ ‬شبه‭ ‬مؤكد‭ ‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬وجهة‭ ‬لاحدى‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬وعن‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬الناس‭ ‬حول‭ ‬الفيديو‭ ‬المنتشر،‭ ‬قالت‭ ‬لم‭ ‬أقرأ‭ ‬الردود‭ ‬لأني‭ ‬انسانة‭ ‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬العيش‭ ‬على‭ ‬رأي‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬حولي‭ ‬سأتعقد‭ ‬ولو‭ ‬رجعنا‭ ‬عقليا‭ ‬وفكريا‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬الرسول‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬فيه‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الحالية‭ ‬كانت‭ ‬السيدة‭ ‬خديجة‭ ‬تاجرة‭.‬

سألوني‭ ‬شخصيا‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬امرأة‭ ‬تقود‭ ‬“تيلير”‭ ‬وتخرج‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬السعودية،‭ ‬فأجبتهم‭ ‬ألا‭ ‬يسمون‭ ‬البحرين‭ ‬بعروس‭ ‬الخليج‭.. ‬فلتكمل‭ ‬التميز‭ ‬وتتقدم‭ ‬بالمسيرة،‭ ‬ليس‭ ‬لدي‭ ‬فكر‭ ‬بأن‭ ‬الوظيفة‭ ‬محتكرة‭ ‬على‭ ‬الرجل‭ ‬أو‭ ‬المرأة،‭ ‬فلدينا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬مهندسات‭ ‬طرق‭ ‬ومهندسات‭ ‬بناء‭ ‬وهناك‭ ‬امرأة‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬السيارات‭ ‬والغواصة‭ ‬وكابتن‭ ‬الطائرة،‭ ‬البعض‭ ‬قال‭ ‬إنني‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬المشاهير،‭ ‬ولكن‭ ‬لو‭ ‬أنني‭ ‬أردت‭ ‬هذا‭ ‬لذهبت‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬السماح‭ ‬للمرأة‭ ‬بالقيادة‭ ‬في‭ ‬السعودية‭.‬

وعن‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬استغرقته‭ ‬لتوصيل‭ ‬السيارات‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬بالقاطرة،‭ ‬أكدت‭ ‬أنها‭ ‬نحو‭ ‬6‭ ‬ساعات‭ ‬منذ‭ ‬دخول‭ ‬الجسر‭ ‬والانتهاء‭ ‬من‭ ‬الاجراءات‭ ‬وخروج‭ ‬اللوحات‭ ‬البحرينية‭ ‬وحتى‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المعرض،‭ ‬مبينة‭ ‬أنهم‭ ‬قاموا‭ ‬بتعريفها‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬النقاط‭ ‬عند‭ ‬العودة‭ ‬من‭ ‬الامارات‭ ‬والسعودية‭ ‬والنقطة‭ ‬الجمركية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬الشاحنات‭ ‬على‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬فهد‭ ‬في‭ ‬السعودية،‭ ‬إذ‭ ‬سألت‭ ‬الموظفين‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬الضرورية‭ ‬للمعرفة،‭ ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬قمت‭ ‬باستطلاع‭ ‬الشوارع‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لمعرفة‭ ‬الوضع‭ ‬عند‭ ‬الوصول‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬النهار‭ ‬أو‭ ‬المساء‭.‬

وفي‭ ‬الأخير‭ ‬قدمت‭ ‬شكرها‭ ‬إلى‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة‭ ‬ورئيسة‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬صاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬اّل‭ ‬خليفة؛‭ ‬لكونها‭ ‬رمزا‭ ‬لتقدم‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬والحكومة‭ ‬السعودية‭ ‬لافتتاح‭ ‬المجال‭ ‬لقيادة‭ ‬المرأة‭ ‬السيارة‭.‬

وأيضا‭ ‬إلى‭ ‬شركتي‭ ‬القيدوم‭ ‬لسحب‭ ‬السيارات‭ ‬وفانتوم‭ ‬الخليج‭ ‬الداعمين‭ ‬الأول،‭ ‬وإلى‭ ‬صاحب‭ ‬معارض‭ ‬جمال‭ ‬الدهان‭ ‬في‭ ‬الدمام‭ ‬الذي‭ ‬أعطى‭ ‬الثقة‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬لنقل‭ ‬سياراته‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬المعارض‭.‬

و”الشغل‭ ‬مو‭ ‬عيب”‭ ‬ولا‭ ‬يهمني‭ ‬كلام‭ ‬الناس‭ ‬أنني‭ ‬أخذت‭ ‬وظيفة‭ ‬لرجل؛‭ ‬ولكنني‭ ‬لا‭ ‬أحب‭ ‬استلام‭ ‬المصروف‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬وانما‭ ‬أجتهد‭ ‬على‭ ‬نفسي‭ ‬والرزق‭ ‬من‭ ‬الله‭.‬