الركود الاقتصادي يحل على المحلات

“المديونية” تكسر ظهر تجار السوق الشعبي

| إبراهيم النهام

“تراكم‭ ‬المديونية”‭ ‬هي‭ ‬الرسالة‭ ‬الصادمة‭ ‬التي‭ ‬تتصدّر‭ ‬واجهة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬محلات‭ ‬سوق‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى‭ ‬الشعبي‭ ‬“الموصدة”،‭ ‬كُتبت‭ ‬بقلم‭ ‬أسود‭ ‬عريض‭ ‬على‭ ‬ملصق‭ ‬أبيض‭ ‬بدائي،‭ ‬عنوانه‭ ‬الرئيس‭ ‬باللون‭ ‬الأحمر‭ ‬“مخالفة”‭.‬

‭ ‬والشاهد‭ ‬بأن‭ ‬السوق‭ ‬العريق‭ ‬والذي‭ ‬أعيد‭ ‬وعرض‭ ‬محاله‭ ‬الصغيرة‭ ‬للإيجار‭ ‬بعد‭ ‬التجديد‭ ‬الأخير،‭ ‬بأسعار‭ ‬تنافسية‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الثمانين‭ ‬والتسعين‭ ‬دينارًا،‭ ‬ليس‭ ‬بخلاف‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬بقية‭ ‬الأسواق‭ ‬التقليدية‭ ‬الأخرى،‭ ‬والتي‭ ‬تترنّح‭ ‬بألم‭ ‬أمام‭ ‬ضربات‭ ‬الركود‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المتصاعد،‭ ‬والذي‭ ‬طال‭ ‬بلهيبه‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬حديث‭ ‬لـ‭ ‬“البلاد”‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬تجار‭ ‬السوق،‭ ‬أفادوا‭ ‬بأن‭ ‬أغلب‭ ‬المحال‭ ‬“المخالفة”‭ ‬هي‭ ‬لأسباب‭ ‬تتعلق‭ ‬بتراكم‭ ‬المديونية‭ ‬وعدم‭ ‬سداد‭ ‬المتأخرات‭ ‬من‭ ‬رسوم‭ ‬وإيجار‭...‬إلخ،‭ ‬وبأن‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬سيكمل‭ ‬الآن‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬حاله،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يقضوا‭ ‬ولو‭ ‬القليل‭ ‬مما‭ ‬عليهم،‭ ‬يقابل‭ ‬ذلك‭ ‬تعليق‭ ‬المحل‭ ‬نفسه،‭ ‬فلا‭ ‬هو‭ ‬بالمستخدم،‭ ‬ولا‭ ‬هو‭ ‬بالمؤجر،‭ ‬بسبب‭ ‬دخول‭ ‬الأمر‭ ‬دهاليز‭ ‬السلك‭ ‬القضائي‭.‬

‭ ‬اللافت‭ ‬أيضًا،‭ ‬اصطفاف‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المحلات‭ ‬المغلقة‭ ‬بجوار‭ ‬بعضه‭ ‬بعضًا،‭ ‬وكأن‭ ‬هنالك‭ ‬لعنة‭ ‬نزلت‭ ‬عليها‭ ‬بهذا‭ ‬المكان‭ ‬بالذات،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تنشط‭ -‬بالمقابل‭- ‬بقاع‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬بالزبائن‭ ‬المحدودين‭.‬

‭ ‬ولا‭ ‬تتخطى‭ ‬المحلات‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬الطابع‭ ‬الشعبي‭ ‬للسوق‭ ‬10‭ % ‬من‭ ‬عدد‭ ‬المحال‭ ‬النشطة،‭ ‬بشكل‭ ‬يخالف‭ ‬العنوان‭ ‬العريض‭ ‬الذي‭ ‬يحمله‭ ‬السوق،‭ ‬والذي‭ ‬يُفترض‭ ‬أن‭ ‬يُمثل‭ ‬للسواح‭ ‬عامل‭ ‬جذب‭ ‬رئيسيًّا‭. ‬

‭ ‬ويلاحظ‭ ‬بأن‭ ‬السواد‭ ‬الأعظم‭ ‬من‭ ‬المحلات‭ ‬الموجودة،‭ ‬هي‭ ‬لبيع‭ ‬العبايات‭ ‬النسائية‭ ‬ومواد‭ ‬البناء‭ ‬المختلفة،‭ ‬والمسابيح‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬واجهة‭ ‬السوق‭ ‬الرئيسية‭ ‬هي‭ ‬لمحال‭ ‬خاصة‭ ‬بمواد‭ ‬البناء‭ ‬أيضًا،‭ ‬والكهربائيات‭.‬

‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬غريب‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬المعنية‭ ‬بالسوق،‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تراعِ‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬الواجهة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للسوق‭ ‬هي‭ ‬لمحلات‭ ‬جاذبة،‭ ‬تمثل‭ ‬هوية‭ ‬البلد‭ ‬التراثية‭ ‬أو‭ ‬الشعبية‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.‬

‭ ‬ويحمل‭ ‬واقع‭ ‬سوق‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى‭ ‬الشعبي‭ ‬هذا‭ ‬دلالات‭ ‬مضافة،‭ ‬لا‭ ‬ترتبط‭ ‬بالإيجارات‭ ‬والرسوم‭ ‬المتصاعدة‭ ‬فقط،‭ ‬والتي‭ ‬خنقت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية‭ ‬الأخرى‭ ‬بربوع‭ ‬المملكة،‭ ‬وأخرجت‭ ‬أنشطتها‭ ‬من‭ ‬السوق،‭ ‬حيث‭ ‬تتميّز‭ ‬محلات‭ ‬السوق‭ ‬الشعبي‭ -‬كما‭ ‬أسلفت‭- ‬بالإيجار‭ ‬الرمزي‭.‬

‭ ‬إذن‭ ‬فالأمر‭ ‬هو‭ ‬أعمق‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬وأكثر‭ ‬مكرًا،‭ ‬ويتطلّب‭ ‬تكاتف‭ ‬الجهود،‭ ‬إنقاذًا‭ ‬للتاجر‭ ‬البحريني،‭ ‬خصوصًا‭ ‬الصغير‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬بنطاق‭ ‬المتوسط‭.‬