“يقولون لنا كم واحد مات لكن ما يقولون كم واحد شفي”!

الدكتورة أمل الجودر: الإعلام خلق “حالة الفزع” في شأن “كورونا”

اختارت‭ ‬خبيرة‭ ‬تعزيز‭ ‬الصحة‭ ‬وتنمية‭ ‬القدرات‭ ‬الذاتية‭ ‬الدكتورة‭ ‬أمل‭ ‬الجودر‭ ‬موضوع‭ ‬“كورونا”‭ ‬لتثيره‭ ‬في‭ ‬حسابها‭ ‬على‭ ‬الانستغرام،‭ ‬وفتح‭ ‬المجال‭ ‬مع‭ ‬متابعيها‭ ‬للإدلاء‭ ‬بآرائهم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الموضوع‭ ‬الذي‭ ‬طرحته‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬تحذير‭ ‬من‭ ‬التهويل‭ ‬والمبالغة‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬الفزع‭ ‬بين‭ ‬الناس‭.‬

وبدأت‭ ‬الجودر‭ ‬حديثها‭ ‬في‭ ‬مقطعها‭ ‬المتلفز‭ ‬بالقول‭ :‬”لأن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬مرض‭ ‬كورونا،‭ ‬دعوني‭ ‬أشرح‭ ‬لكم‭ ‬كيف‭ ‬يقيم‭ ‬العقل‭ ‬البشري‭ ‬حالة‭ ‬الخطر‭ ‬وكيف‭ ‬يدركها،‭ ‬فحين‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬وباء،‭ ‬فأول‭ ‬نقطة‭ ‬هي‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يقدم‭ ‬المعلومات‭ ‬أولًا‭ ‬بأول‭ ‬حول‭ ‬تطور‭ ‬المرض‭ ‬أو‭ ‬المشكلة‭ ‬أو‭ ‬الوباء،‭ ‬وكلما‭ ‬كان‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬كلما‭ ‬كان‭ ‬خوفهم‭ ‬أقل،‭ ‬ثم‭ ‬هناك‭ ‬نقطة‭ ‬أخرى‭ ‬وهي‭ ‬“منشأ”‭ ‬الحدث‭ ‬أو‭ ‬المعلومة”،‭ ‬وقدمت‭ ‬مثالًا‭ ‬مبسطًا‭ ‬للفكرة‭ ‬بالقول‭ :‬”حين‭ ‬يقود‭ ‬الإنسان‭ ‬سيارته‭ ‬بسرعة‭ ‬ويتكلم‭ ‬في‭ ‬جواله‭ ‬فليس‭ ‬لديه‭ ‬هنا‭ ‬أي‭ ‬مشكلة،‭ ‬لكن‭ ‬حين‭ ‬يرى‭ ‬غيره‭ ‬يفعل‭ ‬ذات‭ ‬الفعل‭ ‬من‭ ‬أهله‭ ‬وأصدقائه‭ ‬فهو‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬خطر‭ ‬عليهم‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬يقوم‭ ‬بنفس‭ ‬السلوك‭ ‬لماذا؟‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الأولى‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الثانية‭ ‬فيعتقد‭ ‬أن‭ ‬الآخرين‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬التحكم”‭.‬

وتطرقت‭ ‬وفق‭ ‬هذا‭ ‬الطرح‭ ‬إلى‭ ‬الإعلام‭ ‬وطريقة‭ ‬تناوله‭ ‬للمشكلة،‭ ‬فقالت‭ :‬”الإعلام‭ ‬يخبرنا‭ ‬عن‭ ‬الذين‭ ‬ماتوا‭ ‬بسبب‭ ‬المرض،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يخبرنا‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬الذين‭ ‬شفوا‭ ‬منهم‭ ‬ولم‭ ‬يموتون‭!‬،‭ ‬ففي‭ ‬العالم‭ ‬هناك‭ ‬7‭ ‬مليارات‭ ‬ونص‭ ‬المليار‭ ‬نسمة،‭ ‬ومن‭ ‬أصابهم‭ ‬الفيروس‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬20‭ ‬إلى‭ ‬26‭ ‬ألف‭ ‬نسمة،‭ ‬وعدد‭ ‬الذين‭ ‬ماتوا‭ ‬هم‭ ‬400‭ ‬مصاب،‭ ‬أي‭ ‬حوالي‭ ‬2‭ ‬بالمئة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬98‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬المصابين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتعافوا‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يتحدث‭ ‬لنا‭ ‬عنهم”‭.‬

ونوهت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬الذي‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الإثارة‭ ‬فهو‭ ‬يسبب‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفزع‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه،‭ ‬فلا‭ ‬يتكلم‭ ‬عن‭ ‬الإيدز‭ ‬أو‭ ‬أمراض‭ ‬القلب‭ ‬أو‭ ‬حوادث‭ ‬المرور‭ ‬أو‭ ‬التدخين‭ ‬فهذه‭ ‬كلها‭ ‬مسببات‭ ‬تقتل‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬يقتل‭ ‬“كورونا”،‭ ‬ولكن‭ ‬الإعلام،‭ ‬حسب‭ ‬تقديرها،‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الموضوعات‭ ‬قديمة‭ ‬فيما‭ ‬هو‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬قراء‭ ‬أكبر‭ ‬ومشاهدين‭ ‬أكثر،‭ ‬وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬جانب‭ ‬“التخيل”،‭ ‬فمن‭ ‬يتخيل‭ ‬مضاعفات‭ ‬كورونا‭ ‬ولديه‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تخيل‭ ‬الموقف‭ ‬فبالتأكيد‭ ‬سيصاب‭ ‬بالفزع،‭ ‬لتختم‭ ‬بالقول‭ :‬”أنا‭ ‬لا‭ ‬أقول‭ ‬لا‭ ‬تخافون‭ ‬ولا‭ ‬تأخذون‭ ‬الحذر‭. ‬بل‭ ‬يكون‭ ‬الخوف‭ ‬محسوبًا‭ ‬ومتوازنًا‭ ‬فلا‭ ‬إفراط‭ ‬ولا‭ ‬تفريط،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬أخذ‭ ‬الاحتياطات‭ ‬العامة‭ ‬سواء‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمرض‭ ‬كورونا‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬بالاهتمام‭ ‬بنظافة‭ ‬اليدين‭ ‬وعدم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المصابين‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬ونتمى‭ ‬لكم‭ ‬السلامة”‭.‬