غافل شقيقه ووقَّع بدلا منه و”بهدله” بين المحاكم والبنك

السجن 5 سنوات لمدان بتزوير عقود رهن أرض يمتلكها مع شقيقه

حصل‭ ‬على‭ ‬قرضين‭ ‬بقيمة‭ ‬إجمالية‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬دينار

قيمتها‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬وبعد‭ ‬تقسيمها‭ ‬لـ‭ ‬5‭ ‬قسائم‭ ‬باع‭ ‬قطعتين‭ ‬بـ‭ ‬140‭ ‬ألف

 

قضت‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬العليا‭ ‬الجنائية‭ ‬الأولى‭ ‬بواقعة‭ ‬تزوير‭ ‬متهم‭ ‬لعقدي‭ ‬رهن‭ ‬عقاري‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬يمتلكها‭ ‬مع‭ ‬شقيقه‭ ‬بالشيوع،‭ ‬وتمكن‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬قرضين‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬البنوك‭ ‬بلغت‭ ‬قيمتهما‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬وعندما‭ ‬تعثر‭ ‬في‭ ‬سداده‭ ‬اكتشف‭ ‬شقيقه‭ ‬الأمر،‭ ‬فأبلغ‭ ‬ضده‭ ‬بالواقعة؛‭ ‬وذلك‭ ‬بتأييد‭ ‬سجن‭ ‬المستأنف‭ ‬لمدة‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬وبمصادرة‭ ‬المحررات‭ ‬المزورة،‭ ‬كما‭ ‬رفضت‭ ‬استئناف‭ ‬المدعين‭ ‬بالحق‭ ‬المدني؛‭ ‬نظرا‭ ‬لعدم‭ ‬فصل‭ ‬محكمة‭ ‬أول‭ ‬درجة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭.‬

وجاء‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬الواقعة‭ ‬تتحصل‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬بغضون‭ ‬العام‭ ‬2002‭ ‬اشترى‭ ‬المتهم‭ ‬وشقيقه‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬قطعة‭ ‬أرض‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬سترة‭ ‬بقيمة‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬دفع‭ ‬المتهم‭ ‬فيها‭ ‬35000‭ ‬دينار،‭ ‬ودفع‭ ‬شقيقه‭ ‬مبلغ‭ ‬25000‭ ‬دينار‭ ‬وتملكاها‭ ‬على‭ ‬الشيوع‭ ‬وسجلت‭ ‬باسمهما‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬السجل‭ ‬العقاري‭.‬

وفي‭ ‬العام‭ ‬2004‭ ‬أبلغ‭ ‬المستأنف‭ ‬شقيقه‭ ‬برغبته‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬محلات‭ ‬على‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأرض،‭ ‬فوافقه‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬باعتبار‭ ‬أنه‭ ‬سيقوم‭ ‬ببناء‭ ‬تلك‭ ‬المحلات‭ ‬من‭ ‬أمواله‭ ‬الخاصة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المتهم‭ ‬قام‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬العام‭ ‬2007‭ ‬برهن‭ ‬الأرض‭ ‬لصالح‭ ‬أحد‭ ‬البنوك‭ ‬بموجب‭ ‬عقد‭ ‬رهن‭ ‬وبدون‭ ‬علم‭ ‬شريكه‭ ‬بالأرض‭ ‬وهو‭ ‬شقيقه،‭ ‬إذ‭ ‬حصل‭ ‬المستأنف‭ ‬على‭ ‬قرض‭ ‬بقيمة‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬قام‭ ‬بمقتضاه‭ ‬ببناء‭ ‬المحلات‭ ‬وقام‭ ‬بالتوقيع‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬العقد‭ ‬وملحقاته‭ ‬بتوقيعه‭ ‬كما‭ ‬وقع‭ ‬عليه‭ ‬بتوقيع‭ ‬تسبب‭ ‬صدوره‭ ‬زورا‭ ‬للمجني‭ ‬عليه‭ ‬لدى‭ ‬إدارة‭ ‬التوثيق‭.‬

وتوجه‭ ‬المستأنف‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2008‭ ‬بمفرده‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬للبنك‭ ‬وطلب‭ ‬قرضا‭ ‬إضافيا‭ ‬بقيمة‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬بضمان‭ ‬أصل‭ ‬العقار‭ ‬المرهون،‭ ‬فسلمه‭ ‬موظف‭ ‬البنك‭ ‬الأوراق‭ ‬المطلوبة‭ ‬للتوقيع‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬وبعد‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭ ‬أعاد‭ ‬له‭ ‬الأوراق‭ ‬موقعا‭ ‬عليها‭ ‬منه‭ ‬وبتوقيع‭ ‬نسبه‭ ‬زورا‭ ‬للمجني‭ ‬عليه‭ ‬شقيقه،‭ ‬وتم‭ ‬تجهيز‭ ‬ملحق‭ ‬للعقد‭ ‬الأصلي،‭ ‬وتوجه‭ ‬مندوب‭ ‬البنك‭ ‬وقام‭ ‬بتوثيق‭ ‬ذلك‭ ‬الاتفاق‭ ‬وحصل‭ ‬المستأنف‭ ‬على‭ ‬القرض‭ ‬الثاني‭ ‬وأودع‭ ‬بحسابه‭ ‬البنكي‭.‬

لكنه‭ ‬تعثر‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2010‭ ‬بسداد‭ ‬مبلغ‭ ‬القرض‭ ‬الممنوح‭ ‬له،‭ ‬فتم‭ ‬جدولة‭ ‬القرض‭ ‬الإجمالي‭ ‬المقدر‭ ‬بمبلغ‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تعديل‭ ‬الاتفاقية‭ ‬بتمديد‭ ‬مدة‭ ‬السداد‭ ‬وتقليل‭ ‬قيمة‭ ‬الأقساط،‭ ‬وتم‭ ‬تسليمه‭ ‬الأوراق‭ ‬المطلوب‭ ‬التوقيع‭ ‬عليها،‭ ‬فأعادها‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬بعدما‭ ‬زوّر‭ ‬أيضا‭ ‬توقيع‭ ‬شقيقه‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الاستمارات‭.‬

وعلم‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬بالعام‭ ‬2013‭ ‬أن‭ ‬المستأنف‭ ‬رهن‭ ‬أرضهما‭ ‬ليحصل‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬القروض،‭ ‬فطلب‭ ‬منه‭ ‬الوثيقة‭ ‬الخاصة‭ ‬به‭ ‬لكي‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬نصيبه،‭ ‬فاصطحبه‭ ‬لاستخراجها‭ ‬وصدر‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2015‭ ‬حكم‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬الصغرى‭ ‬المدنية‭ ‬بتقسيم‭ ‬الأرض،‭ ‬حيث‭ ‬اختص‭ ‬المتهم‭ ‬بـ‭ ‬3‭ ‬قسائم‭ ‬فيما‭ ‬اختص‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬بقسيمتين‭.‬

لم‭ ‬تنته‭ ‬الواقعة‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬المستأنف‭ ‬باع‭ ‬قسيمتين‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2016‭ ‬لصالح‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬بموافقة‭ ‬البنك‭ ‬الذي‭ ‬استلم‭ ‬منه‭ ‬مبلغ‭ ‬140‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬فتم‭ ‬تعديل‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬الرهن‭ ‬وتم‭ ‬توثيقه‭ ‬مجددا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الموثقة‭ ‬المختصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وقع‭ ‬عليه‭ ‬المستأنف‭ ‬بتوقيعه‭ ‬وبتوقيع‭ ‬نسبه‭ ‬زورا‭ ‬للمجني‭ ‬عليه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بصفته‭ ‬المقترض‭ ‬وبصفة‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬كفيل‭ ‬راهن‭ ‬ومسؤول‭ ‬البنك‭ ‬بصفته‭ ‬الدائن‭ ‬المرتهن‭.‬

وكان‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬بغير‭ ‬علم‭ ‬من‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬تفويض‭ ‬منه‭ ‬للمستأنف‭ ‬للتوقيع‭ ‬بدلا‭ ‬منه،‭ ‬والذي‭ ‬عندما‭ ‬طالبه‭ ‬بتسليمه‭ ‬قسيمته‭ ‬التي‭ ‬تملكها،‭ ‬رفض‭ ‬المستأنف،‭ ‬وأبلغه‭ ‬بأنه‭ ‬قد‭ ‬رهن‭ ‬قسيمته‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لصالح‭ ‬البنك،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬ينكره‭ ‬المستأنف‭ ‬خلال‭ ‬التحقيق‭ ‬معه،‭ ‬فضلا‭ ‬عما‭ ‬ثبت‭ ‬بتقارير‭ ‬الخبراء‭ ‬المرفقة‭ ‬بالقضية‭.‬

وبعد‭ ‬مداولة‭ ‬القضية،‭ ‬قالت‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬حكمها‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬للتشكيك‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬واقعة‭ ‬الدعوى‭ ‬التي‭ ‬استخلصتها‭ ‬من‭ ‬الأدلة،‭ ‬إذ‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬يخالف‭ ‬العقل‭ ‬والمنطق،‭ ‬ولها‭ ‬أصلها‭ ‬الثابت‭ ‬في‭ ‬الأوراق،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬استبعدت‭ ‬إنكار‭ ‬المتهم‭ ‬باعتبار‭ ‬أنه‭ ‬يقصد‭ ‬الإفلات‭ ‬بغير‭ ‬حق‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬ومما‭ ‬ارتكبه‭ ‬من‭ ‬جرم‭.‬

وأضافت‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬أسند‭ ‬للمستأنف‭ ‬ثابت‭ ‬حياله‭ ‬ثبوتا‭ ‬كافيا‭ ‬وقاطعا‭ ‬ركنا‭ ‬واستنادا‭ ‬لا‭ ‬يعتريه‭ ‬شك‭ ‬لابتنائه‭ ‬على‭ ‬الجزم‭ ‬واليقين؛‭ ‬لذا‭ ‬فإنها‭ ‬لا‭ ‬تعول‭ ‬على‭ ‬الدفوع‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬بها‭ ‬موكله،‭ ‬والتي‭ ‬يقصد‭ ‬منها‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬الواقعة،‭ ‬والتي‭ ‬اطمأنت‭ ‬إليها‭ ‬المحكمة‭ ‬أصلا‭.‬

وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬تقدم،‭ ‬فإنه‭ ‬قد‭ ‬ثبت‭ ‬في‭ ‬يقين‭ ‬المحكمة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬القطع‭ ‬واليقين‭ ‬أن‭ ‬المستأنف‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬الأعوام‭ ‬2007‭ ‬و2013‭ ‬و2016‭ ‬اشترك‭ ‬مع‭ ‬موظف‭ ‬عام‭ ‬حسن‭ ‬النية‭ ‬بطريق‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬تزوير‭ ‬في‭ ‬محرر‭ ‬رسمي‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬بأن‭ ‬اشترك‭ ‬مع‭ ‬الموثقة‭ ‬بإدارة‭ ‬التوثيق،‭ ‬حسنة‭ ‬النية،‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬تزوير‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬الرهن‭ ‬الرسمي‭ ‬والمنسوب‭ ‬صدوره‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ ‬التوثيق‭ ‬بوزارة‭ ‬العدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأوقاف،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬بأن‭ ‬غافلها‭ ‬ووضع‭ ‬إمضاء‭ ‬مزور‭ ‬نسب‭ ‬صدوره‭ ‬زورا‭ ‬لشقيقه‭ ‬المجني‭ ‬عليه،‭ ‬فقامت‭ ‬الموظفة‭ ‬حسنة‭ ‬النية‭ ‬باعتماد‭ ‬ذلك‭ ‬التوقيع‭ ‬في‭ ‬إثبات‭ ‬بيانات‭ ‬عقد‭ ‬الرهن‭ ‬المشار‭ ‬إليه‭ ‬والمتضمن‭ ‬حضور‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬سالف‭ ‬الذكر‭ ‬مكتب‭ ‬التوثيق‭ ‬وموافقته‭ ‬على‭ ‬بنود‭ ‬العقد‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬الحقيقة‭ ‬بغرض‭ ‬استعماله‭ ‬كمحرر‭ ‬صحيح،‭ ‬فتمت‭ ‬الجريمة‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المساعدة‭.‬