محاولة صادقة للعمل الفني الخلاق في رابع أيام “أوال المسرحي”

مسرحية “لقمة عيش” العمانية.. لون هادئ من الكوميديا الاجتماعية

| أسامة الماجد

إن‭ ‬الإنسان‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬نفسه‭ ‬ويشاهد‭ ‬حركته،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الصورة‭ ‬الفوتوغرافية‭ ‬حتى‭ ‬اللوحة‭ ‬التجريدية،‭ ‬مرورا‭ ‬بالرقص‭ ‬والموسيقى‭ ‬والمسرح،‭ ‬والأدب‭ ‬الروائي‭ ‬خصوصا،‭ ‬والفن‭ ‬الذي‭ ‬يتطوع‭ ‬ليري‭ ‬الإنسان‭ ‬ذاته،‭ ‬إنما‭ ‬يؤدي‭ ‬بالحق‭ ‬عملين‭ ‬مزدوجين‭ ‬أحدهما‭ ‬العرض،‭ ‬والثاني‭ ‬الكشف‭.‬

إذ‭ ‬إن‭ ‬إعادة‭ ‬تأليف‭ ‬الحدث‭ ‬تأليفا‭ ‬فنيا،‭ ‬إنما‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬الصورة‭ ‬وقفاها،‭ ‬واللمحة‭ ‬الزمنية‭ ‬ومجراها،‭ ‬والحركة‭ ‬المادية‭ ‬بمبدئها‭ ‬ومنتهاها،‭ ‬وإن‭ ‬يكن‭ ‬الإنسان‭ ‬الفاعل‭ ‬يجهل‭ ‬في‭ ‬الفعل‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬حوافزه‭ ‬أو‭ ‬يتجاهلها،‭ ‬فإن‭ ‬وظيفة‭ ‬الفن‭ ‬لا‭ ‬تجهل‭ ‬ولا‭ ‬تتجاهل،‭ ‬لا‭ ‬تتملق‭ ‬ولا‭ ‬ترائي‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬انعدام‭ ‬الخاصة‭ ‬الفنية‭ ‬المميزة‭.‬

‭ ‬فالإنسان‭ ‬المشاهد،‭ ‬أمام‭ ‬العمل‭ ‬الفني،‭ ‬خصوصا‭ ‬المسرح،‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الاطلاع،‭ ‬بل‭ ‬يتعداه‭ ‬إلى‭ ‬التأمل،‭ ‬والتعمق‭ ‬والاستغراق،‭ ‬إذ‭ ‬يحس‭ ‬انه‭ ‬قد‭ ‬نال‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬مبتغاه‭ ‬وأشبع‭ ‬فضوله،‭ ‬كطالب‭ ‬متعة‭ ‬ومعرفة،‭ ‬بينما‭ ‬يشعر‭ ‬الفنان‭ ‬من‭ ‬جهته‭ ‬انه‭ ‬قد‭ ‬حصل‭ ‬بالصدق‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يستحق‭ ‬من‭ ‬غبطة،‭ ‬الغبطة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ترتقب‭ ‬المكافأة‭.‬

ومسرحية‭ ‬“لقمة‭ ‬عيش”،‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬فرقة‭ ‬“مسرح‭ ‬الدن”‭ ‬العمانية،‭ ‬في‭ ‬رابع‭ ‬أيام‭ ‬مهرجان‭ ‬أوال‭ ‬المسرحي‭ ‬الدولي،‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬البحريني‭ ‬جمال‭ ‬الصقر،‭ ‬ودراماتوج‭ ‬وإخراج‭ ‬محمد‭ ‬سعيد‭ ‬الرواحي،‭ ‬جعلت‭ ‬المتفرج‭ ‬يندمج‭ ‬في‭ ‬أجوائها‭ ‬المعبرة‭ ‬عن‭ ‬أوضاع‭ ‬بعض‭ ‬الأسر،‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ضيق‭ ‬العيش‭ ‬وصعوبة‭ ‬الحياة،‭ ‬وبالمناسبة‭ ‬مخرج‭ ‬العمل‭ ‬محمد‭ ‬الرواحي،‭ ‬قال‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬“هو‭ ‬نص‭ ‬بحريني‭ ‬بنكهة‭ ‬عمانية،‭ ‬ووصلت‭ ‬المسرحية‭ ‬إلى‭ ‬ذروة‭ ‬الشهرة،‭ ‬وعرضت‭ ‬22‭ ‬مرة‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬من‭ ‬نجاح‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬مع‭ ‬ان‭ ‬فكرتها‭ ‬بسيطة‭ ‬ولكنها‭ ‬عميقة،‭ ‬وتعتبر‭ ‬الانطلاقة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬المسرح”‭.  ‬ومسرحية‭ ‬“لقمة‭ ‬عيش”‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬محاولة‭ ‬صادقة‭ ‬للعمل‭ ‬الفني‭ ‬الخلاق،‭ ‬ووجدت‭ ‬فيها‭ ‬نسيجا‭ ‬ممتازا‭ ‬ولونا‭ ‬هادئا‭ ‬من‭ ‬الكوميديا‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وإجادة‭ ‬في‭ ‬ترتيب‭ ‬المشاهد‭ ‬وفكرة‭ ‬وحيوية،‭ ‬فأنت‭ ‬ترى‭ ‬6‭ ‬أشخاص‭ ‬يقفون‭ ‬كلهم‭ ‬على‭ ‬المسرح،‭ ‬وهم‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬مشكلة‭ ‬واحدة،‭ ‬ويتحركون‭ ‬بتناغم‭ ‬كقطع‭ ‬الدومينو‭. ‬لا‭ ‬حالات‭ ‬تأزم‭ ‬وتوتر‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬الحوار‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬العواطف،‭ ‬وهذا‭ ‬تأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المخرج‭ ‬الرواحي‭ ‬فنان‭ ‬مثقف‭ ‬ومطلع،‭ ‬وينهل‭ ‬من‭ ‬ينبوع‭ ‬العلم‭ ‬والثقافة‭ ‬المسرحية‭ ‬ليل‭ ‬نهار،‭ ‬انه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬ما‭ ‬حققه‭ ‬موندريان‭ ‬في‭ ‬الرسم،‭ ‬وما‭ ‬حققه‭ ‬البان‭ ‬برغ‭ ‬وسترافنسكي‭ ‬في‭ ‬الموسيقى،‭ ‬وما‭ ‬أرادته‭ ‬مارتا‭ ‬غراهام‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الباليه،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬عليه‭ ‬اثنان،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬المسرحية‭ ‬تتيح‭ ‬للإنسان‭ ‬قضاء‭ ‬سهرة‭ ‬لطيفة‭ ‬ضاحكة‭.‬

ويتكون‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬من‭: ‬محمود‭ ‬المخرومي‭ ‬السينوغرافيا‭ ‬والإضاءة،‭ ‬وزياد‭ ‬الحربي‭ ‬الموسيقى،‭ ‬والممثلين‭: ‬سالم‭ ‬الرواحي،‭ ‬احمد‭ ‬الرواحي،‭ ‬وليد‭ ‬الدرعي،‭ ‬أحمد‭ ‬الصالحي،‭ ‬محمد‭ ‬الرواحي‭ ‬وخميس‭ ‬البرام‭.‬

عرض‭ ‬اليوم

يعرض‭ ‬مسرح‭ ‬أوال‭ ‬اليوم‭ ‬الخميس،‭ ‬عرضه‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬مسرحية‭ ‬“ظما‭ ‬عطشان”،‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬اسماعيل‭ ‬عبدالله‭ ‬وإخراج‭ ‬عادل‭ ‬شمس،‭ ‬ومن‭ ‬تمثيل‭: ‬علي‭ ‬مرهون‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬“عطشان”،‭ ‬عقيل‭ ‬الماجد‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬“راشد‭ ‬الظافر”،‭ ‬فتحية‭ ‬ناصر‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬“أم‭ ‬عطشان”،‭ ‬وفهد‭ ‬الزري‭ ‬“والد‭ ‬عطشان‭ ‬سهيل”،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المجاميع،‭ ‬حسن‭ ‬شمس‭ ‬في‭ ‬التلحين‭ ‬والمؤثرات‭ ‬الصوتية،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬زكريا‭ ‬الشيخ،‭ ‬ومساعد‭ ‬المخرج‭ ‬ياسين‭ ‬قازاني،‭ ‬ومدير‭ ‬الإنتاج‭ ‬حمد‭ ‬عتيق،‭. ‬وريم‭ ‬حاجي‭ ‬المكياج،‭ ‬وفكرة‭ ‬الديكور‭ ‬عادل‭ ‬شمس،‭ ‬وتصميم‭ ‬السينوغرافيا‭ ‬والملابس‭ ‬والإضاءة‭ ‬عبدالله‭ ‬الدرزي‭.‬