عقارات وذهب وسيارات.. خيارات اللبنانيين لإنقاذ ودائعهم العالقة

| بيروت - أ ف ب

خشية‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬وأمام‭ ‬إجراءات‭ ‬متشددة‭ ‬تمنعهم‭ ‬من‭ ‬سحب‭ ‬ودائعهم،‭ ‬يلجأ‭ ‬لبنانيون‭ ‬إلى‭ ‬خيارات‭ ‬بديلة‭ ‬تمكّنهم‭ ‬من‭ ‬إنقاذ‭ ‬أموالهم‭ ‬العالقة‭ ‬في‭ ‬البنوك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استثمارها‭ ‬في‭ ‬العقارات‭ ‬والذهب‭ ‬وشراء‭ ‬اللوحات‭ ‬الفنية‭ ‬وحتى‭ ‬السيارات‭ ‬الفخمة‭.‬

ويشهد‭ ‬لبنان‭ ‬انهيارا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬متسارعا‭ ‬وسط‭ ‬شح‭ ‬في‭ ‬السيولة‭ ‬ومخاوف‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تمكنه‭ ‬قريبا‭ ‬من‭ ‬سداد‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬المتراكم،‭ ‬مع‭ ‬تراجع‭ ‬الثقة‭ ‬أكثر‭ ‬وأكثر‭ ‬في‭ ‬قطاعه‭ ‬المصرفي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يُعد‭ ‬يوما‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬للاقتصاد‭ ‬المحلي‭ ‬ودعامة‭ ‬للنظام‭ ‬المالي،‭ ‬الذي‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬الإفلاس‭.‬

وتحولت‭ ‬فروع‭ ‬المصارف‭ ‬منذ‭ ‬أسابيع‭ ‬مسرحا‭ ‬للصراخ‭ ‬وإشكالات‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬التضارب‭ ‬بين‭ ‬زبائن‭ ‬يطالبون‭ ‬بأموالهم‭ ‬وموظفين‭ ‬يطبقون‭ ‬إجراءات‭ ‬متشددة‭ ‬تحدّ‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬سحب‭ ‬الدولار‭ ‬كما‭ ‬الليرة‭ ‬اللبنانية‭.‬

ويحاول‭ ‬لبنانيون‭ ‬كُثر‭ ‬إنقاذ‭ ‬ما‭ ‬أمكن‭ ‬من‭ ‬ودائعهم،‭ ‬عبر‭ ‬سحبها‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬شيكات‭ ‬مصرفية‭ ‬يشترون‭ ‬بها‭ ‬ممتلكات‭ ‬غير‭ ‬منقولة‭ ‬مثل‭ ‬المنازل‭ ‬التي‭ ‬تنتشر‭ ‬إعلانات‭ ‬ترويجية‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬بيروت‭ ‬وعلى‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬

ويقبل‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬العقارات‭ ‬بالشيكات‭ ‬المصرفية‭ ‬كوسيلة‭ ‬للدفع،‭ ‬فيما‭ ‬يرفضها‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬سيولة‭.‬

وتزامنت‭ ‬الإجراءات‭ ‬المصرفية‭ ‬مع‭ ‬تراجع‭ ‬كبير‭ ‬لقيمة‭ ‬الليرة‭ ‬اللبنانية‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الموازية‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬الأميركي‭  ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬ففيما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الرسمي‭ ‬ثابتا‭ ‬على‭ ‬1507‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار،‭ ‬فقد‭ ‬يتخطى‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الموازية‭ ‬عتبة‭ ‬الألفين‭.‬

ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬عقارات‭ ‬داخل‭ ‬لبنان،‭ ‬بل‭ ‬تنشر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬إعلانات‭ ‬تدعو‭ ‬اللبنانيين‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬اليونان‭ ‬أو‭ ‬قبرص،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الدفع‭ ‬في‭ ‬لبنان؛‭ ‬كون‭ ‬التحويلات‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬ممنوعة‭ ‬بقرار‭ ‬مصرفي‭.‬

ويشرح‭ ‬خبير‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العقارات،‭ ‬فضّل‭ ‬عدم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬اسمه‭ ‬“يُفضل‭ ‬البعض‭ ‬شراء‭ ‬شقة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أرض‭ ‬في‭ ‬الخارج؛‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬في‭ ‬لبنان”‭.‬

ومنذ‭ ‬بدء‭ ‬الإجراءات‭ ‬المصرفية‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬تهافت‭ ‬اللبنانيون‭ ‬لإنقاذ‭ ‬ودائعهم‭ ‬وبات‭ ‬كثيرون‭ ‬يحفظون‭ ‬أموالهم‭ ‬في‭ ‬منازلهم،‭ ‬في‭ ‬موازاة‭ ‬اتهام‭ ‬المصارف‭ ‬بتحويل‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬ضخمة‭ ‬لمسؤولين‭ ‬ومتمولين‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭.‬

وأعلن‭ ‬حاكم‭ ‬مصرف‭ ‬لبنان‭ ‬رياض‭ ‬سلامة‭ ‬الخميس‭ ‬أنّه‭ ‬تمّ‭ ‬تحويل‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬2019‭ ‬رغم‭ ‬القيود‭ ‬المشدّدة‭ ‬للمصارف‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬الأموال،‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬التحقيق‭ ‬بشأنه‭.‬

وتراجعت‭ ‬الودائع‭ ‬المصرفية‭ ‬خلال‭ ‬11‭ ‬شهرا‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2019‭ ‬بنحو‭ ‬12‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬بينهم‭ ‬4‭,‬8‭ ‬مليار‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬وحده،‭ ‬وفق‭ ‬إحصاءات‭ ‬رسمية‭.‬

وفي‭ ‬محاولة‭ ‬لصرف‭ ‬مبالغ‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬محاصرة‭ ‬في‭ ‬الحسابات‭ ‬المصرفية،‭ ‬يستخدم‭ ‬لبنانيون‭ ‬ما‭ ‬يُسمح‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬بطاقات‭ ‬ائتمانهم‭ ‬لشراء‭ ‬الذهب‭. ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬يتيح‭ ‬لهم‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬قيمة‭ ‬اموالهم،‭ ‬وأن‭ ‬يعود‭ ‬عليهم‭ ‬بأرباح‭ ‬لاحقا،‭ ‬إذ‭ ‬تواصل‭ ‬أسعار‭ ‬الذهب‭ ‬الارتفاع‭ ‬بعد‭ ‬تراجع‭ ‬بنسبة‭ ‬20‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬العام‭ ‬2019‭.‬

ويعمد‭ ‬آخرون،‭ ‬وخصوصا‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الثروات،‭ ‬إلى‭ ‬استثمار‭ ‬أموالهم‭ ‬في‭ ‬سلع‭ ‬كمالية‭ ‬فخمة‭ ‬كالسيارات‭.‬

وتجد‭ ‬سيارات‭ ‬البنتلي‭ ‬واللامبورغيني‭ ‬الشهيرة،‭ ‬والتي‭ ‬تتخطى‭ ‬أسعارها‭ ‬400‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬سوقا‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يتدهور‭ ‬سوق‭ ‬السيارات‭ ‬عموما،‭ ‬وفق‭ ‬وكيل‭ ‬بيع‭ ‬سيارات،‭ ‬فضل‭ ‬عدم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬اسمه‭.‬