ألعاب الفيديو تستنزف وقت أولادنا وتعزلهم عن المجتمع ومطالب بمراقبتها

حالة عامة من الانفلات قد تؤدي لحدوث التحرش والاختطاف والضياع

| إبراهيم النهام

أثار‭ ‬إعلان‭ ‬توعوي‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ (‬السوشيال‭ ‬ميديا‭) ‬تجاوب‭ ‬كثيرين،‭ ‬متناولا‭ ‬الأضرار‭ ‬الفادحة‭ ‬التي‭ ‬تتسبب‭ ‬بها‭ ‬ألعاب‭ ‬الفيديو‭ ‬على‭ ‬النشأة،‭ ‬تحت‭ ‬هاش‭ ‬تاق‭ (‬العب‭ ‬دورك‭).‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المقطع‭ ‬قصير،‭ ‬إذ‭ ‬تصل‭ ‬مدته‭ ‬إلى‭ ‬دقيقة‭ ‬واثنين‭ ‬وخمسين‭ ‬ثانية‭ ‬فقط،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬عميق‭ ‬وهادف‭ ‬جدا،‭ ‬ويتناول‭ ‬ثلاث‭ ‬قصص‭ ‬تعبيرية‭ ‬سريعة،‭ ‬انتشرت‭ ‬كالهشيم‭ ‬بشبكة‭ ‬النت‭ ‬منذ‭ ‬قرابة‭ ‬الشهر،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬متداولا،‭ ‬ومؤثرا،‭ ‬بتفاعل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬النشطاء،‭ ‬والمغردين،‭ ‬والكُتَّاب‭.‬

ويظهر‭ ‬بالمشهد‭ ‬الأول‭ ‬الطفل‭ ‬حسن،‭ ‬وهو‭ ‬يرتدي‭ ‬لبسا‭ ‬أقرب‭ ‬للبلطجية‭ ‬وقطاع‭ ‬الطرق،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسه‭ ‬قبعة‭ ‬قماشية،‭ ‬وحول‭ ‬رقبته‭ ‬السلاسل‭ ‬العريضة،‭ ‬وهو‭ ‬يتجول‭ ‬بشارع‭ ‬ضيق‭ ‬به‭ ‬مجموعة‭ ‬عصابية،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتجه‭ ‬إلى‭ ‬سيارة‭ ‬مركونة‭ ‬بالقرب‭ ‬منهم،‭ ‬ثم‭ ‬يضرب‭ ‬زجاجها‭ ‬الجانبي‭ ‬بمسدس‭ ‬صغير‭ ‬بيده‭ ‬وبعنف،‭ ‬مرهبا‭ ‬سائقها،‭ ‬والذي‭ ‬خرج‭ ‬منها‭ ‬بذعر،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يجره‭ ‬حسن‭ ‬ويرميه‭ ‬أرضا،‭ ‬ثم‭ ‬يركب‭ ‬بالسيارة‭ ‬ويقودها‭ ‬منطلقا‭.‬

وهنا‭ ‬فقط،‭ ‬ينقطع‭ ‬المشهد‭ ‬بشكل‭ ‬درامي‭ ‬جميل،‭ ‬حيث‭ ‬تباغت‭ ‬الأم‭ ‬الطفل‭ ‬حسن‭ ‬أمام‭ ‬الشارع،‭ ‬ليوقف‭ ‬السيارة‭ ‬بشكل‭ ‬فجائي،‭ ‬ثم‭ ‬يستيقظ‭ ‬من‭ ‬الحلم‭ ‬فجأة،‭ ‬وهو‭ ‬ينظر‭ ‬لوالدته‭ ‬بغرفته‭ ‬وبيده‭ (‬كونترول‭) ‬البلاي‭ ‬ستشين،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تواصل‭ ‬هي‭ ‬حديثها‭ ‬له‭: ‬حسن‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه؟

ويتطرق‭ ‬المشهدان‭ ‬الثاني‭ ‬والثالث‭ ‬إلى‭ ‬أفكار‭ ‬شبيهة،‭ ‬حيث‭ ‬يجلس‭ ‬حسن‭ ‬في‭ ‬المقطع‭ ‬الثاني‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الحشاشين‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬مليئة‭ ‬بالدخان،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقاطعه‭ ‬والده‭ ‬في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬وهو‭ ‬يسأله‭: ‬مع‭ ‬من‭ ‬تلعب؟‭ ‬حينها‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬سماعة‭ ‬أذن‭ ‬حسن‭ ‬يتسلل‭ ‬صوت‭ ‬رجل‭ ‬بالغ‭ ‬إلى‭ ‬الغرفة‭ ‬وهو‭ ‬يقول‭ ‬له‭: ‬حسن‭ ‬وين‭ ‬رحت؟

وفي‭ ‬المشهد‭ ‬الثالث‭ ‬تظهر‭ ‬الطفلة‭ ‬سارة‭ ‬وهي‭ ‬تسير‭ ‬بين‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الرهبان‭ ‬بمكان‭ ‬أقرب‭ ‬للكهف،‭ ‬وهي‭ ‬تجر‭ ‬سيفا‭ ‬عريضا،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬لراهب‭ ‬كهل‭ ‬ومخيف‭ ‬يجلس‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬كبير‭.‬

ثم‭ ‬تسلم‭ ‬له‭ ‬السيف‭ ‬بشكل‭ ‬أقرب‭ ‬للطقوس‭ ‬الدينية،‭ ‬لحظات‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تقاطعها‭ ‬أمها‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬وهي‭ ‬تلعب‭ ‬بغرفتها‭ ‬و‭(‬الكونترول‭ ‬بيدها‭) ‬متسائلة‭: ‬سارة‭ ‬شنو‭ ‬قاعده‭ ‬تسوين؟‭ ‬

وفي‭ ‬الختام‭ ‬يدعو‭ ‬صانع‭ ‬الفيلم‭ ‬المشاهدين‭ ‬عبر‭ ‬شريط‭ ‬كتابي،‭ ‬بأن‭ ‬يراقبوا‭ ‬المواد‭ ‬الفلمية‭ ‬والألعاب‭ ‬المؤثرة‭ ‬على‭ ‬دين‭ ‬الطفل‭ ‬وعقيدته،‭ ‬مطالبا‭ ‬إياهم‭ ‬بأن‭ ‬يلعبوا‭ ‬دورهم‭.‬

وقال‭ ‬المغرد‭ ‬البحريني‭ ‬لؤي‭ ‬الشريف‭ ‬معلقا‭ ‬على‭ ‬الإعلان‭ ‬الوثائقي‭ ‬“انتشرت‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وانتشارها‭ ‬يحتاج‭ ‬نعرف‭ ‬محتواها،‭ ‬منصة‭ (‬قيم‭) ‬تعطيك‭ ‬الفرصة‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬الألعاب‭ ‬المناسبة‭ ‬ودورك‭ ‬تقيمها،‭ ‬أنا‭ ‬مع‭ ‬مراقبة‭ ‬الألعاب،‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬اختيار‭ ‬المناسب‭ ‬منها”‭. ‬

بدوره،‭ ‬قال‭ ‬الإعلامي‭ ‬السعودي‭ ‬رياض‭ ‬منصور‭ ‬البقمي‭ ‬“للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬الأطفال‭ ‬العاكفون‭ ‬على‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬غير‭ ‬مدركين‭ ‬لقيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬مجتمعهم،‭ ‬يرتبطون‭ ‬بثقافة‭ ‬هذه‭ ‬الألعاب،‭ ‬غير‭ ‬الأضرار‭ ‬الصحية‭ ‬الناجمة‭ ‬عنها”‭.‬

إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أكدت‭ ‬أم‭ ‬علي‭ (‬معلمة‭ ‬مرحلة‭ ‬ابتدائية‭) ‬أن‭ ‬العاب‭ ‬الفيديو‭ ‬أصحبت‭ ‬جزءا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬أطفالنا،‭ ‬وهو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬انتزاعه،‭ ‬لكنه‭ ‬يتطلب‭ - ‬في‭ ‬المقابل‭ - ‬دورا‭ ‬رقابيا‭ ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬أطفالهم‭.‬

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬ذاته،‭ ‬فإن‭ ‬العاب‭ ‬الفيديو‭ ‬تعد‭ ‬صناعة‭ ‬رابحة‭ ‬جدا‭ (‬عالميا‭) ‬وتشكل‭ ‬جزءا‭ ‬أساسيا‭ ‬من‭ ‬مداخيل‭ ‬اقتصادات‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬حيث‭ ‬حققت‭ ‬سوق‭ ‬الألعاب‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬2017‭ ‬إيرادات‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬121‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وفقا‭ ‬لتقرير‭ ‬سوق‭ ‬الألعاب‭ ‬العالمية‭ (‬نيو‭ ‬زو‭).‬

وتستحوذ‭ ‬الألعاب‭ ‬الرقمية‭ ‬على‭ ‬91‭ % ‬من‭ ‬الإيرادات،‭ ‬بقيمة‭ ‬125‭.‬3‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬تقريبا‭.‬

وأصبح‭ ‬الهوس‭ ‬بألعاب‭ ‬الهاتف‭ ‬ظاهرة‭ ‬مستفحلة،‭ ‬تستدعي‭ ‬التأمل‭ ‬والاهتمام‭ ‬والمتابعة،‭ ‬حيث‭ ‬يؤكد‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور،‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬ألعاب‭ ‬لا‭ ‬تسرق‭ ‬أولادهم‭ ‬منهم‭ ‬فقط،‭ ‬وأنما‭ ‬شركاؤهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬أيضا،‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬هذه‭ ‬العاب‭ ‬كـ‭ (‬الحشيش‭) ‬الذي‭ ‬يخدر‭ ‬الجسم،‭ ‬وينقل‭ ‬أصحابه‭ ‬إلى‭ ‬عوالم‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭.‬