معاقبة الموظف المختلس لمدة 6 أشهر وإلزامه برد المبلغ

محكمة تقضي بغرامة أقل مما حدده القانون و “النيابة” تستأنف

| عباس إبراهيم

عدلت‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬العليا‭ ‬الجنائية‭ ‬الأولى‭ ‬الغرامة‭ ‬المحكوم‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬موظف‭ ‬ثلاثيني‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬دينارا‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬دينار؛‭ ‬حسبما‭ ‬نصت‭ ‬عليه‭ ‬المادة‭ ‬191‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬بأنها‭ ‬أقل‭ ‬مبلغ‭ ‬غرامة‭ ‬حسب‭ ‬نصوص‭ ‬الاتهام‭ ‬بالرشوة‭ ‬بعدما‭ ‬استأنفت‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬حكم‭ ‬أول‭ ‬درجة‭.‬

وأيدت‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬معاقبته‭ ‬بالحبس‭ ‬لمدة‭ ‬6‭ ‬أشهر‭ ‬وإلزامه‭ ‬برد‭ ‬المبلغ‭ ‬المختلس‭ ‬البالغ‭ ‬50‭ ‬دينارا،‭ ‬وكذلك‭ ‬أيدت‭ ‬الأمر‭ ‬بوقف‭ ‬تنفيذ‭ ‬عقوبة‭ ‬الحبس‭ ‬المقضي‭ ‬بها‭ ‬لمدة‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬صدوره‭ ‬الحكم‭ ‬نهائيا؛‭ ‬نظرا‭ ‬لكونها‭ ‬السابقة‭ ‬الإجرامية‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬سجل‭ ‬المستأنف‭ ‬ضده،‭ ‬والمدان‭ ‬باختلاس‭ ‬مبلغ‭ ‬مالي‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬الـ50‭ ‬دينارا‭ ‬من‭ ‬مقر‭ ‬عمله‭ ‬بالإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور،‭ ‬بعدما‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬خداع‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬4‭ ‬مواطنين‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬المتقاعدين،‭ ‬مدعيا‭ ‬لهم‭ ‬أنه‭ ‬أنهى‭ ‬إجراءات‭ ‬تسجيل‭ ‬مركباتهم‭ ‬وتسلم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬مبلغ‭ ‬10‭ ‬دنانير‭ ‬قيمة‭ ‬حصولهم‭ ‬على‭ ‬“البيج”‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يسلمهم‭ ‬أرصدة‭ ‬تفيد‭ ‬بذلك،‭ ‬ولم‭ ‬يتم‭ ‬اكتشاف‭ ‬الوقائع‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬ارتكابها‭ ‬عند‭ ‬حضورهم‭ ‬لتجديد‭ ‬تسجيل‭ ‬مركباتهم‭. ‬وتتحصل‭ ‬التفاصيل‭ ‬فيما‭ ‬أبلغ‭ ‬به‭ ‬نقيب‭ ‬بإدارة‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬بورود‭ ‬معلومات‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬المدان‭ ‬باستلام‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يحضرون‭ ‬للإدارة‭ ‬لتسجيل‭ ‬مركباتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يقوم‭ ‬باختلاس‭ ‬تلك‭ ‬المبالغ‭ ‬المالية‭ ‬لنفسه،‭ ‬ولا‭ ‬يقوم‭ ‬بتسجيل‭ ‬المركبات‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الخاص‭ ‬بالإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭.‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬المستأنف‭ ‬ضده‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬بتسليم‭ ‬هؤلاء‭ ‬المتضررين‭ ‬شهادات‭ ‬تسجيل‭ ‬المركبة‭ (‬البيج‭) ‬نظير‭ ‬المبالغ‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬قاموا‭ ‬بدفعها،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬سنة‭ ‬عند‭ ‬انتهاء‭ ‬تسجيل‭ ‬تلك‭ ‬المركبات‭ ‬وعند‭ ‬مراجعة‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأشخاص‭ ‬للإدارة‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬العام‭ ‬2017‭ ‬لتسجيل‭ ‬مركباتهم‭ ‬مجددا‭ ‬تفاجأوا‭ ‬بأن‭ ‬مركباتهم‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تسجيلها‭ ‬العام‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المذكور‭ ‬أعلاه‭.‬

وعند‭ ‬سؤال‭ ‬المستأنف‭ ‬ضده‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭ ‬عما‭ ‬هو‭ ‬منسوب‭ ‬إليه‭ ‬أنكر‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر،‭ ‬لكنه‭ ‬اعترف‭ ‬لاحقا‭ ‬بقيامه‭ ‬بذلك،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬عند‭ ‬استدعاء‭ ‬المتضررين‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تسجيل‭ ‬مركباتهم‭ ‬وسؤالهم‭ ‬عن‭ ‬الواقعة‭ ‬وعن‭ ‬الموظف‭ ‬الذي‭ ‬أصدر‭ ‬لهم‭ ‬شهادة‭ ‬تسجيل‭ ‬المركبة‭ ‬مقابل‭ ‬مبلغ‭ ‬وقدره‭ ‬10‭ ‬دنانير،‭ ‬تبين‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬المدان‭ ‬نفسه‭. ‬وثبت‭ ‬عند‭ ‬الاستعلام‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬شعبة‭ ‬التطوير‭ ‬وتقنية‭ ‬المعلومات‭ ‬بالإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭ ‬عن‭ ‬اسم‭ ‬المستخدم‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬أرقام‭ ‬مركبات‭ ‬الأشخاص‭ ‬المتضررين‭ ‬أصحاب‭ ‬البلاغات،‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬اسم‭ ‬المستخدم‭ ‬يعود‭ ‬للمستأنف‭ ‬أيضا،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬رصيد‭ ‬مالي‭ ‬لتلك‭ ‬المعاملات‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬للإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭.‬

وذكر‭ ‬أحد‭ ‬الشهود‭ ‬أنه‭ ‬تفاجأ‭ ‬بإبلاغه‭ ‬بوجود‭ ‬رسوم‭ ‬تأخيرية‭ ‬عليه‭ ‬نتيجة‭ ‬عدم‭ ‬تسجيله‭ ‬لمركبته‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬لبلاغه،‭ ‬وعندها‭ ‬علم‭ ‬بأمر‭ ‬الموظف‭ ‬المدان،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الأخير‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬سلمه‭ (‬البيج‭) ‬ولم‭ ‬يسلمه‭ ‬رصيد‭ ‬يفيد‭ ‬بتسجيل‭ ‬سيارته‭.‬

وبالتحقيق‭ ‬مع‭ ‬المستأنف‭ ‬ضده‭ ‬اعترف‭ ‬أنه‭ ‬استولى‭ ‬على‭ ‬رسوم‭ ‬التسجيل‭ ‬لتلك‭ ‬المركبات‭ ‬لنفسه،‭ ‬ودون‭ ‬تسليمها‭ ‬للجهة‭ ‬المختصة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬شعبة‭ ‬الشؤون‭ ‬المالية،‭ ‬وكذلك‭ ‬بقيامه‭ ‬بصرف‭ ‬وتسليم‭ ‬المتضررين‭ ‬لشهادات‭ ‬التسجيل‭ (‬البيج‭) ‬دون‭ ‬تسجيلها‭ ‬لهم‭ ‬رسميا‭ ‬ودون‭ ‬تسليمهم‭ ‬رصيدا‭ ‬يفيد‭ ‬بذلك‭. ‬وقرر‭ ‬أيضا‭ ‬بأن‭ ‬زميلته‭ ‬بالعمل‭ ‬أبلغته‭ ‬أنها‭ ‬لاحظت‭ ‬عند‭ ‬استخدامها‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬تشغيل‭ ‬حسابه‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الأجهزة،‭ ‬ولا‭ ‬تعلم‭ ‬سبب‭ ‬ذلك،‭ ‬مضيفا‭ ‬أنه‭ ‬سبق‭ ‬وأن‭ ‬تقدم‭ ‬بنفسه‭ ‬إلى‭ ‬مدير‭ ‬التراخيص‭ ‬بكتاب‭ ‬بشأن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬

وثبت‭ ‬بالاستعلام‭ ‬عن‭ ‬جدول‭ ‬المناوبات‭ ‬أن‭ ‬المستأنف‭ ‬ضده‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬النهارية‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬وحتى‭ ‬ديسمبر‭ ‬2016،‭ ‬وهي‭ ‬ذات‭ ‬الأشهر‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬فيها‭ ‬تسليم‭ ‬أصحاب‭ ‬السيارات‭ (‬البيج‭)‬،‭ ‬وثبت‭ ‬أن‭ ‬المتضررين‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬المتقاعدين،‭ ‬أن‭ ‬أعمارهم‭ ‬تفوق‭ ‬الـ63‭ ‬عاما‭ ‬وتصل‭ ‬إلى‭ ‬72‭ ‬عاما،‭ ‬وعددهم‭ ‬5‭ ‬فقط‭ ‬حسبما‭ ‬هو‭ ‬وراد‭ ‬بأوراق‭ ‬القضية،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬انه‭ ‬لم‭ ‬يختلس‭ ‬سوى‭ ‬50‭ ‬دينارا‭.‬

وكان‭ ‬أحالته‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬للمحاكمة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬العام‭ ‬2016،‭ ‬وحال‭ ‬كونه‭ ‬موظفا‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭ ‬اختلس‭ ‬المبالغ‭ ‬المالية‭ ‬المبينة‭ ‬القدر‭ ‬بالأوراق‭ ‬والمملوكة‭ ‬لوزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬والتي‭ ‬وجدت‭ ‬بحيازته‭ ‬بسبب‭ ‬وظيفته‭ ‬كونه‭ ‬من‭ ‬مأموري‭ ‬التحصيل‭ ‬وسلم‭ ‬إليه‭ ‬المال‭ ‬بهذه‭ ‬الصفة؛‭ ‬بأن‭ ‬ادعى‭ ‬زورا‭ ‬تسجيل‭ ‬مركبات‭ ‬عبر‭ ‬النظام‭ ‬الإلكتروني‭ ‬التابع‭ ‬للإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭ ‬وسلم‭ ‬المراجعين‭ ‬شهادات‭ ‬تفيد‭ ‬تسجيل‭ ‬مركبات‭ ‬واستولى‭ ‬مبالغ‭ ‬الرسوم‭ ‬والتسجيل‭ ‬المسلمة‭ ‬له‭.‬