دخلت بسبب الحمى وخرجت مشلولة بالكامل

طفلة تُعالج تأهيليا مدى الحياة بعد فشل عملية القلب المفتوح

| عباس إبراهيم

والداها‭ ‬يطالبان‭ ‬بتعويضهما‭ ‬ماديا‭ ‬ومعنويا‭ ‬بـ110‭ ‬آلاف‭ ‬دينار تم‭ ‬قطع‭ ‬علاجها‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬وإعادتها‭ ‬رغم‭ ‬تحذير‭ ‬الأطباء

 

قالت‭ ‬المحامية‭ ‬ليلى‭ ‬المرباطي‭ ‬إن‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬المدنية‭ ‬الثانية،‭ ‬أغلقت‭ ‬باب‭ ‬المرافعة‭ ‬في‭ ‬دعوى‭ ‬مواطن‭ ‬وزوجته‭ ‬مرفوعة‭ ‬ضد‭ ‬مستشفى‭ ‬وجراح‭ ‬قلب‭ ‬معروف،‭ ‬بعدما‭ ‬تعرضت‭ ‬ابنتهما‭ ‬الوحيدة‭ ‬لشلل‭ ‬كامل‭ ‬إثر‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬القلب‭ ‬المفتوح‭ ‬لها‭ ‬وهي‭ ‬بعمر‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬تقريبا،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الطفلة‭ ‬حاليا‭ ‬الكلام‭ ‬أو‭ ‬المشي‭ ‬أو‭ ‬تحريك‭ ‬أي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬جسدها،‭ ‬وستبقى‭ ‬طوال‭ ‬حياتها‭ ‬تتعالج‭ ‬تأهيليا‭ ‬ما‭ ‬دمر‭ ‬مستقبلها‭ ‬نهائيا،‭ ‬وتخلف‭ ‬لها‭ ‬عجز‭ ‬بنسبة‭ ‬95‭ %‬،‭ ‬وإن‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنظيم‭ ‬المهن‭ ‬والخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬“نهرا”‭ ‬ألقت‭ ‬بالخطأ‭ ‬الطبي‭ ‬على‭ ‬الطواقم‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬علاجها‭.‬

ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تنطق‭ ‬بحكمها‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬بجلسة‭ ‬29‭ ‬يناير‭ ‬الجاري،‭ ‬إذ‭ ‬يطالب‭ ‬موكلاها‭ - ‬والدا‭ ‬الطفلة‭ - ‬المستشفى‭ ‬والجراح‭ ‬بتعويض‭ ‬وقدره‭ ‬110‭ ‬آلاف‭ ‬دينار‭ ‬مع‭ ‬الفوائد‭ ‬التجارية،‭ ‬والتكفل‭ ‬بمصاريف‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬ابنتهما‭ ‬لدى‭ ‬مركز‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬خاص‭.‬

وأوضحت‭ ‬أن‭ ‬وقائع‭ ‬الدعوى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الطفلة‭ ‬ولدت‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2011،‭ ‬وفي‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬2012‭ ‬تعرضت‭ ‬للحمى‭ ‬فنقلها‭ ‬والداها‭ ‬للمستشفى،‭ ‬وبعد‭ ‬فحصها‭ ‬تبين‭ ‬وجود‭ ‬عيب‭ ‬خلقي‭ ‬يتمثل‭ ‬بثقب‭ ‬كبير‭ ‬بقلبها،‭ ‬وعليه‭ ‬راجعوا‭ ‬مركز‭ ‬القلب‭ ‬لدى‭ ‬المدعى‭ ‬عليه،‭ ‬وأعلموهم‭ ‬بحاجتها‭ ‬لإغلاق‭ ‬الثقب‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬عملية‭ ‬القسطرة‭.‬

وفي‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬2012‭ ‬أجريت‭ ‬القسطرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬طبيبة‭ ‬بالمستشفى،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬العملية،‭ ‬ما‭ ‬اضطر‭ ‬المدعين‭ ‬للاستجابة‭ ‬لقرار‭ ‬جراح‭ ‬القلب‭ ‬المعروف‭ ‬‭- ‬المدعى‭ ‬عليه‭ ‬الثاني‭ - ‬وإجراء‭ ‬عملية‭ ‬فتح‭ ‬قلب‭.‬

وبالفعل‭ ‬أجريت‭ ‬لها‭ ‬عملية‭ ‬القلب‭ ‬المفتوح‭ ‬بتاريخ‭ ‬6‭ ‬مايو‭ ‬2015‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجراح‭ ‬المعروف،‭ ‬وبعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬أبلغ‭ ‬الطاقم‭ ‬والديها‭ ‬بأن‭ ‬العملية‭ ‬نجحت‭ ‬ويتوقعون‭ ‬استيقاظ‭ ‬ابنتهما‭ ‬بعد‭ ‬بضع‭ ‬ساعات،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تستيقظ‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬التالي،‭ ‬فأصيبا‭ ‬بالذعر‭ ‬وألحّا‭ ‬لمعرفة‭ ‬سبب‭ ‬عدم‭ ‬استيقاظها،‭ ‬فأبلغهم‭ ‬المدعى‭ ‬عليه‭ ‬الثاني‭ ‬أنه‭ ‬وأثناء‭ ‬العملية‭ ‬دخلت‭ ‬فقاعات‭ ‬من‭ ‬الأكسجين‭ ‬للقلب‭.‬

وباستيقاظ‭ ‬البنت‭ ‬لوحظ‭ ‬أن‭ ‬جسدها‭ ‬متشنج‭ ‬وفاقدة‭ ‬للقدرة‭ ‬على‭ ‬التحرك‭ ‬والتكلم،‭ ‬وبسؤالهم‭ ‬عن‭ ‬حالتها‭ ‬أبلغوهما‭ ‬أن‭ ‬دخول‭ ‬الفقاعات‭ ‬الهوائية‭ ‬للقلب‭ ‬أتلف‭ ‬خلايا‭ ‬مخها‭ ‬وأفقدها‭ ‬السيطرة‭ ‬بالكامل‭ ‬على‭ ‬جسدها‭ ‬وحركتها،‭ ‬وأودعت‭ ‬بقسم‭ ‬العناية‭ ‬القصوى‭ ‬لمدة‭ ‬شهر‭.‬

وخضعت‭ ‬الطفلة‭ ‬البالغة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬حينها‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬للعلاج‭ ‬التأهيلي‭ ‬لدى‭ ‬المستشفى،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬إعادتها‭ ‬لحالتها‭ ‬الطبيعية،‭ ‬فتم‭ ‬إرسالها‭ ‬إلى‭ ‬العلاج‭ ‬بالخارج‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬واستجابت‭ ‬هناك‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي‭ ‬للعلاج،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬تم‭ ‬قطع‭ ‬علاجها‭ ‬وإعادتها‭ ‬للمملكة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الأطباء‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬نصحوا‭ ‬بعدم‭ ‬انقطاع‭ ‬علاجها‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬ازدياد‭ ‬حالتها‭ ‬سوءا‭. ‬

وبعد‭ ‬معاناة‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬علاج‭ ‬مجمع‭ ‬السلمانية‭ ‬الطبي‭ ‬المتوافر‭ ‬لديه‭ ‬غير‭ ‬كافٍ‭ ‬لاحتياجات‭ ‬البنت،‭ ‬لذا‭ ‬فقد‭ ‬تكفل‭ ‬المدعى‭ ‬عليه‭ ‬الأول‭ ‬بمصاريف‭ ‬علاجها‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬خاص‭ ‬متخصص‭ ‬بإعادة‭ ‬التأهيل‭.‬

وأشارت‭ ‬المرباطي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ركن‭ ‬الضرر‭ ‬المادي‭ ‬والمعنوي‭ ‬قد‭ ‬تحقق‭ ‬بفقدان‭ ‬البنت‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬عيش‭ ‬حياة‭ ‬طبيعية‭ ‬نتيجة‭ ‬فقدانها‭ ‬التحكم‭ ‬والوعي‭ ‬الكامل‭ ‬وإدراك‭ ‬ما‭ ‬حولها‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬طفلة‭ ‬في‭ ‬مقتبل‭ ‬العمر،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أصابها‭ ‬من‭ ‬آلام‭ ‬جسمانية‭ ‬وخضوعها‭ ‬لعلاج‭ ‬دائم‭ ‬وإعاقات‭ ‬مزمنة‭ ‬نتيجة‭ ‬لعدم‭ ‬العناية‭ ‬والإهمال‭ ‬وما‭ ‬رافق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬حزن‭ ‬وأسى‭.‬

وأضافت‭ ‬أن‭ ‬الأضرار‭ ‬المادية‭ ‬التي‭ ‬تمثلت‭ ‬فيما‭ ‬تكبده‭ ‬المدعي‭ ‬الأول‭ ‬والثانية‭ ‬من‭ ‬مصروفات‭ ‬استنزفت‭ ‬مدخولهما‭ ‬ومدخراتهما‭ ‬أثناء‭ ‬فترة‭ ‬علاج‭ ‬ابنتهما‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬بالإضافة‭ ‬للأضرار‭ ‬السابقة‭ ‬والمستقبلة‭ ‬التي‭ ‬عانوها‭ ‬وسيعانون‭ ‬منها‭ ‬لمعاناة‭ ‬ابنتهما‭ ‬الوحيدة‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬الإعاقات‭ ‬المزمنة‭ ‬التي‭ ‬ستلازمها‭ ‬مدى‭ ‬حياتها،‭ ‬فإن‭ ‬إهمال‭ ‬المستشفى‭ ‬والمدعى‭ ‬عليه‭ ‬الثاني‭ ‬حرم‭ ‬ابنتهما‭ ‬من‭ ‬عيش‭ ‬حياتها‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعي‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الحالة‭ ‬النفسية‭ ‬السيئة‭ ‬التي‭ ‬ألمت‭ ‬بهم‭.‬

وقررت‭ ‬بأن‭ ‬الطفلة‭ ‬عانت‭ ‬الكثير‭ ‬بسبب‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬الطاقم‭ ‬الطبي‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬العملية،‭ ‬فحياتها‭ ‬تحولت‭ ‬من‭ ‬طفلة‭ ‬طبيعية‭ ‬إلى‭ ‬طفلة‭ ‬مقعدة‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬المشي،‭ ‬ولا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تمارس‭ ‬طفولتها‭ ‬كبقية‭ ‬الأطفال‭ ‬ولن‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تمارس‭ ‬شبابها،‭ ‬كون‭ ‬أن‭ ‬مدة‭ ‬العلاج‭ ‬ستلازمها‭ ‬مدى‭ ‬الحياة،‭ ‬وأن‭ ‬مبلغ‭ ‬التعويض‭ ‬المطالب‭ ‬به‭ ‬لن‭ ‬يجبر‭ ‬إلا‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الضرر‭ ‬المادي‭ ‬الحاصل،‭ ‬فحياة‭ ‬هذه‭ ‬الطفلة‭ ‬انتهت‭ ‬داخل‭ ‬غرفة‭ ‬العمليات‭ ‬بالخطأ‭ ‬الذي‭ ‬ارتكبه‭ ‬الطاقم‭ ‬الطبي‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬ستعاني‭ ‬طوال‭ ‬عمرها‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الخطأ‭.‬

وطالبت‭ ‬بإلزام‭ ‬المدعى‭ ‬عليهم‭ ‬باستمرار‭ ‬التكفل‭ ‬بعلاج‭ ‬ابنتهما‭ ‬لدى‭ ‬مركز‭ ‬خاص‭ ‬بإعادة‭ ‬التأهيل،‭ ‬وإلزامهم‭ ‬بالتضامن‭ ‬والتضامم‭ ‬بأن‭ ‬يؤدوا‭ ‬للمدعيين‭ ‬مبلغا‭ ‬وقدره‭ ‬100000‭ ‬دينار‭ ‬تعويضا‭ ‬عما‭ ‬أصاب‭ ‬البنت‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬نتيجة‭ ‬الخطأ،‭ ‬وكذلك‭ ‬بإلزامهم‭ ‬بدفع‭ ‬مبلغ‭ ‬10000‭ ‬للمدعين‭ ‬تعويضا‭ ‬عما‭ ‬أصابهما‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬مادية‭ ‬ومعنوية،‭ ‬وبالفائدة‭ ‬القانونية‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬المستشفى‭ ‬يمارس‭ ‬نشاطا‭ ‬تجاريا‭ ‬طبيا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬رسوم‭ ‬الدعوى‭ ‬ومصروفاتها‭ ‬ومقابل‭ ‬أتعاب‭ ‬المحاماة‭.‬