لإساءته استغلال سلطاته وانحرافه بها عن قصد

حكمان ضد قرار رئيس “نهرا” بإغلاق مركز طبي

| عباس إبراهيم

((تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الالكترونية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية ، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الاشارة للمصدر.))

 

قال‭ ‬المحامي‭ ‬زهير‭ ‬عبداللطيف‭ ‬إن‭ ‬محكمة‭ ‬الأمور‭ ‬المستعجلة‭ ‬والمحكمة‭ ‬الإدارية‭ ‬والمحاكم‭ ‬الجنائية‭ ‬أصدرت‭ ‬4‭ ‬أحكام‭ ‬ضد‭ ‬قرار‭ ‬وبلاغ‭ ‬جنائي‭ ‬مقدم‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنظيم‭ ‬المهن‭ ‬والخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬“نهرا”،‭ ‬ضد‭ ‬مركز‭ ‬طبي،‭ ‬بعدما‭ ‬أصدر‭ ‬قرارًا‭ ‬مخالفًا‭ ‬للقانون‭ ‬بإلغائه‭ ‬وغلقه‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬اليوم‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬افتراءات‭ ‬غير‭ ‬صحيحة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تقديمه‭ ‬بلاغًا‭ ‬جنائيًّا‭ ‬ضد‭ ‬المركز‭ ‬والعاملين‭ ‬فيه‭.‬

‭ ‬وذكر‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬أساء‭ ‬استعمال‭ ‬سلطاتها‭ ‬وانحرف‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬قصد،‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬ضياع‭ ‬مبالغ‭ ‬كبيرة‭ ‬وزعزعة‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين‭ ‬بالقطاع‭ ‬الطبي‭ ‬وهدر‭ ‬لطاقات‭ ‬الشباب،‭ ‬إضافة‭ ‬لمطالبات‭ ‬قضائية‭ ‬بملايين‭ ‬الدنانير‭ ‬نظرًا‭ ‬لهذه‭ ‬التجاوزات‭ ‬الجسيمة،‭ ‬وناشد‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة‭ ‬بالتدخل‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذه‭ ‬الإساءة‭ ‬والانحراف‭.‬

‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬محكمة‭ ‬الأمور‭ ‬المستعجلة‭ ‬أوقفت‭ ‬تنفيذ‭ ‬قرار‭ ‬أصدرته‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للهيئة،‭ ‬وأمرت‭ ‬فيه‭ ‬بإلغاء‭ ‬ترخيص‭ ‬مركز‭ ‬طبي‭ ‬وتم‭ ‬إغلاقه‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬إصدار‭ ‬القرار‭ ‬دون‭ ‬وجه‭ ‬حق،‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬قد‭ ‬صدر‭ ‬بالمخالفة‭ ‬للقانون‭ ‬ولعدم‭ ‬مشروعيته،‭ ‬نظرًا‭ ‬لعدم‭ ‬تقديم‭ ‬الهيئة‭ ‬ما‭ ‬يفيد‭ ‬سلوكها‭ ‬للإجراءات‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬21‭) ‬لسنة‭ ‬2015‭ ‬بشأن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحية‭ ‬الخاصة،‭ ‬إذ‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬تنفيذه‭ ‬نتائج‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تداركها‭ ‬فيما‭ ‬لو‭ ‬قضي‭ ‬بإلغاء‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬قضائيا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المركز‭ ‬الطبي‭ ‬أكد‭ ‬عدم‭ ‬مشروعيته‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬أسباب‭ ‬جدية‭.‬

‭ ‬وذكرت‭ ‬المحكمة‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬الهيئة‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬ثبوت‭ ‬المخالفات‭ ‬المنسوبة‭ ‬للمركز،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬أوراق‭ ‬الدعوى‭ ‬تنبئ‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬إلغاء‭ ‬القرار‭ ‬الإداري‭ ‬الصادر‭ ‬ضد‭ ‬المدعية‭.‬

‭ ‬وبالفعل‭ ‬تقدم‭ ‬المركز‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬المدنية‭ ‬الأولى‭ (‬الدائرة‭ ‬الإدارية‭) ‬بدعوى‭ ‬أخرى‭ ‬طالب‭ ‬في‭ ‬ختامها‭ ‬بإلغاء‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬وما‭ ‬ترتب‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬آثار،‭ ‬والتي‭ ‬قضت‭ ‬بعد‭ ‬مداولة‭ ‬الدعوى‭ ‬بإلغاء‭ ‬القرار‭ ‬المطعون‭ ‬عليه،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬إلغاء‭ ‬قرار‭ ‬غلق‭ ‬المركز‭ ‬المدعي؛‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬معيب‭ ‬لمخالفته‭ ‬القانون‭ ‬إثر‭ ‬عدم‭ ‬إحالة‭ ‬المركز‭ ‬للجنة‭ ‬المسائلة‭ ‬للتحقيق‭ ‬معه‭ ‬بشأن‭ ‬المخالفات‭ ‬المزعومة‭ ‬بحقه‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬التأديبية‭ ‬ضده‭.‬

‭ ‬وحول‭ ‬وقائع‭ ‬الدعوى‭ ‬أفاد‭ ‬وكيل‭ ‬المركز‭ ‬المدعي‭ ‬للمحكمة‭ ‬أنهم‭ ‬تفاجأوا‭ ‬بصدور‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنظيم‭ ‬المهن‭ ‬والخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬“نهرا”،‭ ‬مفاده‭ ‬إلغاء‭ ‬ترخيص‭ ‬المركز‭ ‬وإغلاقه‭ ‬فورًا‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬يوم‭ ‬صدور‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬إذ‭ ‬حضر‭ ‬مأمور‭ ‬الضبط‭ ‬القضائي‭ ‬وعمل‭ ‬على‭ ‬غلق‭ ‬المركز‭ ‬مباشرة‭ ‬منذ‭ ‬تاريخ‭ ‬20‭ ‬فبراير‭ ‬2019،‭ ‬ما‭ ‬تسبّب‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬مصالح‭ ‬المرضى‭ ‬لديه‭ ‬ووقف‭ ‬العلاجات‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬يتلقونها‭ ‬بانتظام‭ ‬وتوقف‭ ‬رواتب‭ ‬العاملين‭ ‬به‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التزامات‭ ‬مالية،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الأضرار‭ ‬تزداد‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الضرر‭ ‬الأدبي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬تشويه‭ ‬سمعة‭ ‬المركز‭.‬

‭ ‬وبين‭ ‬المحامي‭ ‬زهير‭ ‬عبداللطيف‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬قد‭ ‬صدر‭ ‬من‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬خولها‭ ‬المرسوم‭ ‬المذكور،‭ ‬مما‭ ‬يكون‭ ‬معه‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬منعدمًا‭ ‬وباطلاً‭ ‬لصدوره‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬اختصاص،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حدا‭ ‬بالمدعي‭ ‬لتقديم‭ ‬دعواه‭ ‬الماثلة‭ ‬بغية‭ ‬القضاء‭ ‬له‭ ‬بوقف‭ ‬قرار‭ ‬إلغاء‭ ‬الترخيص‭ ‬الممنوح‭ ‬للمركز‭ ‬وفتحه‭ ‬لحين‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬الدعوى‭ ‬الموضوعية،‭ ‬والتي‭ ‬سبق‭ ‬بيان‭ ‬الحكم‭ ‬فيها‭ ‬بإلغاء‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الباطل‭ ‬وغير‭ ‬المشروع‭ ‬واعتباره‭ ‬معدوما‭ ‬وإزالة‭ ‬الآثار‭ ‬المترتبة‭ ‬عليه‭.‬

‭ ‬ولفت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحكم‭ ‬الإداري‭ ‬بإلغاء‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الباطل‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لـ‭ ‬“نهرا”،‭ ‬معيب‭ ‬بعيب‭ ‬مخالفة‭ ‬القانون‭ ‬لعدم‭ ‬اتباع‭ ‬الإجراءات‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬قانونًا،‭ ‬وعيب‭ ‬إساءة‭ ‬استعمال‭ ‬السلطة‭ ‬والانحراف‭ ‬بها،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬العيوب‭ ‬القصدية‭ ‬التي‭ ‬توجب‭ ‬إلغاء‭ ‬القرار‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬المدعى‭ ‬عليه‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬قالت‭ ‬المحامية‭ ‬زهراء‭ ‬نعمة‭ ‬إن‭ ‬المركز‭ ‬الطبي‭ ‬الصادر‭ ‬بشأنه‭ ‬هذه‭ ‬الأحكام‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬غلقه‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬افتراءات‭ ‬كيدية‭ ‬مقدمة‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬مأموري‭ ‬الضبط‭ ‬القضائي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تبين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأحكام‭ ‬الجنائية‭ ‬الصادرة‭ ‬ضد‭ ‬المتهمين‭ ‬الأربعة‭ ‬بالقضية‭ ‬ببراءتهم‭ ‬وتأييد‭ ‬براءتهم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬بعد‭ ‬بلاغ‭ ‬الهيئة‭ ‬ضدهم،‭ ‬وقد‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬الحكم‭ ‬أن‭ ‬الأحكام‭ ‬الجنائية‭ ‬تبنى‭ ‬على‭ ‬الجزم‭ ‬ولا‭ ‬تبنى‭ ‬على‭ ‬الشك‭ ‬والتخمين،‭ ‬بعدما‭ ‬اكتنفتها‭ ‬الريبة‭ ‬والشك‭ ‬في‭ ‬الأدلة‭ ‬المقدمة‭ ‬من‭ ‬مأمور‭ ‬الضبط‭ ‬القضائي‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬بغلق‭ ‬المركز‭ ‬الطبي‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬أقوال‭ ‬غير‭ ‬صحيحة،‭ ‬فقضت‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬بأن‭ ‬الأدلة‭ ‬المقدمة‭ ‬منه‭ ‬كانت‭ ‬كيدية‭ ‬واكتنفها‭ ‬الشك‭ ‬والريبة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أيدته‭ ‬وأكدته‭ ‬المحكمة‭ ‬الاستئنافية‭.‬