الرثاء مؤلم واستحضار عشرة العمر أكثر إيلامًا

حديث الدموع.. في كلمات رفاق الفنان الراحل علي الغرير

| سعيد محمد

بدا‭ ‬يوم‭ ‬الأخذ‭ ‬حزينًا‭ ‬ومفجعًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأهل‭ ‬البحرين‭ ‬وأهل‭ ‬الخليج‭ ‬مع‭ ‬انتشار‭ ‬نبأ‭ ‬وفاة‭ ‬الفنان‭ ‬المحبوب‭ ‬علي‭ ‬الغرير‭ ‬إثر‭ ‬سكتة‭ ‬قلبية،‭ ‬حتى‭ ‬تسارعت‭ ‬نبضات‭ ‬القلوب‭ ‬ومعها‭ ‬الدعوات‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الخبر‭ ‬“كاذبًا”،‭ ‬رحل‭ ‬زارع‭ ‬الابتسامة‭ ‬وصاحب‭ ‬الروح‭ ‬المرحة‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬ربه،‭ ‬ليتبادل‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬تلك‭ ‬الموجة‭ ‬الحزينة‭ ‬المشفوعة‭ ‬بالبكاء‭ ‬والدعوات‭ ‬لإنسان‭ ‬أحبه‭ ‬الجميع،‭ ‬وكان‭ ‬مقطع‭ ‬الفيديو‭ ‬الأكثر‭ ‬انتشارًا‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬المشهد‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬“طفاش”‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬النعش‭ ‬وحوله‭ ‬يبكي‭ ‬“جسوم”،‭ ‬الفنان‭ ‬خليل‭ ‬الرميثي‭ ‬ووالدته‭ ‬الفنانة‭ ‬غادة‭ ‬الفيحاني،‭ ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬المشهد‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثيرًا‭ ‬ووقعًا‭ ‬في‭ ‬النفوس،‭ ‬فبين‭ ‬تمثيل‭ ‬الموت‭ ‬والوداع‭ ‬الأخير‭ ‬بون‭ ‬شاسع‭.‬

الجميري‭: ‬حيرة‭ ‬وسؤال‭ ‬صعب

يقول‭ ‬الفنان‭ ‬الكبير‭ ‬أحمد‭ ‬الجميري‭: ‬“صعقني‭ ‬الخبر‭ ‬وبقيت‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬تكذيب‭ ‬كما‭ ‬يحصل‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وحين‭ ‬من‭ ‬أخبار‭ ‬كاذبة‭ ‬عن‭ ‬وفاة‭ ‬بعض‭ ‬الشخصيات‭ ‬ويتم‭ ‬نفيها‭ ‬لاحقًا،‭ ‬والحيرة‭ ‬ذاتها‭ ‬بقيت‭ ‬مع‭ ‬السؤال‭ ‬الصعب‭.. ‬هل‭ ‬اتصل‭ ‬به‭ ‬مباشرة؟‭ ‬أو‭ ‬هل‭ ‬أتحدث‭ ‬مع‭ ‬صديقه‭ ‬الفنان‭ ‬خليل‭ ‬الرميثي؟‭ ‬فالاثنان‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬أحبهم‭ ‬ويحبونني،‭ ‬وكنت‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬معلومة‭ ‬تعيد‭ ‬إلي‭ ‬الاطمئنان،‭ ‬لكن‭ ‬تأكد‭ ‬خبر‭ ‬وفاته‭ ‬رحمه‭ ‬الله”‭.‬

 

البلوشي‭: ‬تعالي‭ ‬لا‭ ‬تروحين‭!‬

“أم‭ ‬عذاري”،‭ ‬الفنانة‭ ‬نورة‭ ‬البلوشي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬مساء‭ ‬أمس‭ ‬الاول‭ ‬إلى‭ ‬منزل‭ ‬المرحوم‭ ‬مع‭ ‬إحدى‭ ‬صديقاتها،‭ ‬وكانت‭ ‬مكالمتنا‭ ‬معها‭ ‬صعبة‭ ‬للغاية‭ ‬فقد‭ ‬انهارت‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬البكاء‭ ‬عن‭ ‬إنسان‭ ‬وصفته‭ ‬بأنه‭ ‬“أخ‭ ‬دنيا‭ ‬وعشرة‭ ‬عمر”،‭ ‬وكنت‭ ‬معه‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬في‭ ‬فعالية‭ ‬بحلبة‭ ‬البحرين،‭ ‬وكان‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬الفعالية‭ ‬يكرر‭ ‬علي‭: ‬“تعالي‭ ‬لا‭ ‬تروحين”‭ ‬وكأنه‭ ‬يودعني‭ ‬بطريقته‭ ‬الخاصة”‭.‬

 

عماد‭: ‬أتذكر‭ ‬يومًا‭ ‬ما

يقول‭ ‬الفنان‭ ‬عماد‭ ‬عبدالله‭ ‬إن‭ ‬معرفته‭ ‬بالفنان‭ ‬الراحل‭ ‬كانت‭ ‬عبر‭ ‬محطات‭ ‬طويلة،‭ ‬لكنه‭ ‬منذ‭ ‬1997‭ ‬كان‭ ‬قريبًا‭ ‬منه‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬مضى‭ ‬حتى‭ ‬رحيله،‭ ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬صياغة‭ ‬كلمة‭ ‬رثاء‭ ‬فهو‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يتذكر‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يره‭ ‬ضاحكًا‭ ‬أو‭ ‬رآه‭ ‬مكتئبًا،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬دائم‭ ‬السرور‭ ‬وحين‭ ‬يتواجد‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬موقع‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬يملأ‭ ‬ذلك‭ ‬المكان‭ ‬بشحنة‭ ‬إيجابية‭ ‬بحضوره‭ ‬وضحكاته‭.‬

العلي‭: ‬نكبر‭ ‬بالحب

“حين‭ ‬أتكلم‭ ‬عن‭ ‬أخي‭ ‬الكبير،‭ ‬فأنا‭ ‬أتكلم‭ ‬عن‭ ‬إنسان‭ ‬احتضننا‭ ‬وأحبنا‭ ‬وعلمنا‭ ‬كيف‭ ‬نكبر‭ ‬بالحب”،‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬كلمات‭ ‬الفنانة‭ ‬والإعلامية‭ ‬فاطمة‭ ‬العلي‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬المرحوم‭ ‬“جاري”‭ ‬بالفريج‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬زميل‭ ‬عمل،‭ ‬وتربينا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الفريج،‭ ‬ورأينا‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الفنان‭ ‬الإنسان‭ ‬الطيب‭ ‬يعامل‭ ‬الناس‭ ‬بحب‭ ‬وفرح،‭ ‬بل‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يرضى‭ ‬أبدًا‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬أحدًا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حزن‭ ‬أو‭ ‬زعل”‭.‬

 

الغيلان‭: ‬التواضع‭ ‬علي‭ ‬الغرير

يعبر‭ ‬الفنان‭ ‬جمال‭ ‬الغيلان،‭ ‬كحال‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أحب‭ ‬الراحل،‭ ‬عن‭ ‬مكانته‭ ‬في‭ ‬نفسه،‭ ‬ويختصر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الكلام‭ ‬عن‭ ‬مكانة‭ ‬ومقام‭ ‬وسمات‭ ‬“الغرير”‭ ‬بالقول‭: ‬“هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬أحببناه‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬هو‭ ‬التواضع‭.. ‬فحين‭ ‬تقدم‭ ‬نموذجًا‭ ‬للتواضع‭ ‬والتفاؤل‭ ‬والحب‭ ‬ستقول‭ ‬علي‭ ‬الغرير،‭ ‬وحين‭ ‬تتكلم‭ ‬عن‭ ‬“الفزعة”‭ ‬في‭ ‬الأزمات‭ ‬فهو‭ ‬علي‭ ‬الغرير‭ ‬الذي‭ ‬تجده‭ ‬سندًا‭ ‬وعضدًا،‭ ‬ويحيل‭ ‬اللحظة‭ ‬معك‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭ ‬إيجابية‭ ‬بروحه‭ ‬الملأى‭ ‬بالخير”‭.‬

 

جاسم‭ ‬الضامن‭: ‬أحبك‭ ‬وأجننك

سبقت‭ ‬دموع‭ ‬الفنان‭ ‬جاسم‭ ‬الضامن‭ ‬حديثه‭ ‬أيضًا،‭ ‬وعادت‭ ‬به‭ ‬الذاكرة‭ ‬إلى‭ ‬مسرحية‭ ‬“نار‭ ‬يا‭ ‬حبيبي‭ ‬نار”‭ ‬في‭ ‬1997،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم،‭ ‬وعلاقته‭ ‬مع‭ ‬كعلاقة‭ ‬جميع‭ ‬الفنانين‭ ‬وجميع‭ ‬من‭ ‬أحبه‭.. ‬يقول‭ ‬الضامن‭: ‬“كان‭ ‬المرحوم‭ ‬يجنني‭ ‬كثيرًا‭ ‬ويحط‭ ‬علي‭.. ‬وكان‭ ‬يقول‭ ‬لي‭ ‬أنا‭ ‬أحبك‭ ‬لو‭ ‬ما‭ ‬أحبك‭ ‬ما‭ ‬أجننك”،‭ ‬وأنا‭ ‬أعرف‭ ‬أنه‭ ‬يحبني‭ ‬وأنا‭ ‬وأحبه‭ ‬كثيرًا‭ ‬ومؤمن‭ ‬بقضاء‭ ‬الله‭ ‬وقدره‭ ‬رغم‭ ‬حزننا‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬رحيله”‭.‬