سوالف

أشغلتنا السياسة وأبعدتنا عن أولوياتنا

| أسامة الماجد

هناك‭ ‬مقولة‭ ‬رائعة‭ ‬لسيدي‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬تؤكد‭ ‬ضرورة‭ ‬التجديد‭ ‬في‭ ‬صميم‭ ‬الفكر‭ ‬العربي‭ ‬ذاته‭ ‬وإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخط‭ ‬وأركانه،‭ ‬مقولة‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬معاش‭ ‬وحقائق‭ ‬وهي‭ (‬أشغلتنا‭ ‬السياسة‭ ‬وأبعدتنا‭ ‬عن‭ ‬أولوياتنا‭).‬

عندما‭ ‬ندخل‭ ‬أية‭ ‬مناقشة‭ ‬مفصلة‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬يستطيع‭ ‬المرء‭ ‬اكتشاف‭ ‬أهم‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬تحديا‭ ‬جبارا‭ ‬أمام‭ ‬التطور‭ ‬والنماء‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬ويمكن‭ ‬تمييزها‭ ‬بوضوح،‭ ‬فهناك‭ ‬أحاديث‭ ‬طويلة‭ ‬ومتشعبة‭ ‬عن‭ ‬السياسة،‭ ‬وأصبح‭ ‬الكلام‭ ‬فيها‭ ‬محور‭ ‬الجهود،‭ ‬والجميع‭ ‬يتغنى‭ ‬بمعالمها‭ ‬المميزة‭ ‬وإعطائها‭ ‬سمات‭ ‬محددة‭ ‬تنفرد‭ ‬بها،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬السياسة‭ ‬وأبعادها‭ ‬تعوق‭ ‬مسيرة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والنماء‭ ‬والتطوير،‭ ‬وعندما‭ ‬طغت‭ ‬الحركات‭ ‬السياسية‭ ‬والجمعيات‭ ‬على‭ ‬التركيبة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬تأثرت‭ ‬المجتمعات‭ ‬سلبا،‭ ‬وهناك‭ ‬مؤشرات‭ ‬وأرقام‭ ‬تثبت‭ ‬مدى‭ ‬الخسائر‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬الماضية‭ ‬نتيجة‭ ‬النشاطات‭ ‬السياسية‭ ‬المبتورة‭ ‬وعزلة‭ ‬“الاقتصاد”‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أرفع‭ ‬وأهم‭ ‬الأولويات،‭ ‬وليس‭ ‬هنا‭ ‬مجال‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وتأثيره‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المجتمعات‭.‬

لابد‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬وواقعية،‭ ‬فالسياسة‭ ‬“وبلاويها”‭ ‬كلفت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مليارات‭ ‬وانخفضت‭ ‬معدلات‭ ‬التنمية‭ ‬بشكل‭ ‬مخيف،‭ ‬واتضحت‭ ‬لنا‭ ‬النتائج‭ ‬الخطيرة‭ ‬عبر‭ ‬توقف‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬أو‭ ‬تعثرها،‭ ‬واهتزت‭ ‬قواعد‭ ‬البناء‭ ‬وظهرت‭ ‬العقبات،‭ ‬ومقولة‭ ‬سيدي‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬تستند‭ ‬على‭ ‬رصيد‭ ‬ضخم‭ ‬من‭ ‬الخبرة‭ ‬والتجربة‭ ‬وهي‭ ‬بمثابة‭ ‬إشعاع‭ ‬ونور‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬خير‭ ‬وصلاح‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬شديد‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والبناء،‭ ‬ويبتعد‭ ‬بصورة‭ ‬كافية‭ ‬عن‭ ‬ثرثرة‭ ‬السياسيين‭ ‬وزوايا‭ ‬بحوثهم‭ ‬غير‭ ‬الملائمة‭ ‬إطلاقا‭ ‬لدفع‭ ‬عجلة‭ ‬التطوير‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬الميادين‭.‬

الانشغال‭ ‬بالسياسة‭ ‬بهذا‭ ‬الاندفاع‭ ‬ودون‭ ‬تبصر‭ ‬في‭ ‬أوطاننا‭ ‬العربية‭ ‬مظهر‭ ‬انحرافي‭ ‬يعارض‭ ‬ازدهار‭ ‬المجتمعات‭ ‬والتنمية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وأتصور‭ ‬أن‭ ‬الرأي‭ ‬العربي‭ ‬القديم‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬تنظيمات‭ ‬سياسية‭ ‬أثبت‭ ‬فشله‭ ‬الذريع‭.‬