عمالة “الفيزا المرنة” تنافس على حصة من “الكعكة”

أمطار الخير تنعش محطات غسيل السيارات

| المحرر الاقتصادي

‭ ‬عندما‭ ‬تهطل‭ ‬الأمطار‭ ‬يعم‭ ‬الخير‭ ‬على‭ ‬الجميع،‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬البشر‭ ‬والشجر‭ ‬والحجر،‭ ‬وتزهو‭ ‬الدنيا،‭ ‬وتنتعش‭ ‬الأرض‭ ‬وتتفتح‭ ‬الألوان،‭ ‬فيما‭ ‬تستفيد‭ ‬قطاعات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬بحسب‭ ‬حجمها،‭ ‬محطات‭ ‬غسيل‭ ‬السيارات‭ ‬إحداها،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬العمالة‭ ‬السائبة‭ ‬الـ‭ ‬“فري‭ ‬فيزا”‭ ‬الذين‭ ‬ينظفون‭ ‬المركبات‭ ‬على‭ ‬جنبات‭ ‬الطرق‭ ‬وبالأزقة،‭ ‬يطولهم‭ ‬من‭ ‬الخير‭ ‬جانب‭ ‬ولو‭ ‬بقدر‭ ‬بسيط‭.‬

تنزل‭ ‬حبات‭ ‬الماء‭ ‬لتغسل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تقع‭ ‬عليه،‭ ‬لكن‭ ‬السيارات‭ ‬“تنعفس”‭ ‬وتتلطخ‭ ‬بالوحل‭ ‬والرمل‭ ‬فيصبح‭ ‬لازمًا‭ ‬غسلها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يرفع‭ ‬الطلب‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬الغسيل‭ ‬وبالتالي‭ ‬تعوض‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬الكساد‭ ‬الذي‭ ‬تعانيه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأيام‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭.‬

‭ ‬مع‭ ‬فرض‭ ‬الرسوم‭ ‬وتطبيق‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬وصعود‭ ‬كلفة‭ ‬فاتورة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء،‭ ‬زادت‭ ‬معظم‭ ‬محطات‭ ‬غسيل‭ ‬السيارات‭ ‬أسعارها،‭ ‬حيث‭ ‬ارتفعت‭ ‬كلفة‭ ‬غسيل‭ ‬السيارة‭ ‬العادية‭ ‬“الصالون”‭ ‬من‭ ‬دينارين‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬2‭.‬7‭ ‬دينار‭ ‬و3‭ ‬دنانير،‭ ‬والكبيرة‭ ‬“الجيب”‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬دنانير‭ ‬إلى‭ ‬3‭.‬7‭ ‬و4‭ ‬دنانير،‭ ‬وهذه‭ ‬المحطات‭ ‬العادية،‭ ‬فيما‭ ‬تصل‭ ‬في‭ ‬“الفخمة”‭ ‬إلى‭ ‬5‭ ‬و6‭ ‬دنانير‭. ‬وتغسل‭ ‬العمالة‭ ‬السائبة‭ ‬السيارة‭ ‬بدينار‭ ‬أو‭ ‬1‭.‬3‭ ‬دينار‭ ‬تقريبًا‭.‬

بما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الأسعار‭ ‬زادت‭ ‬بنسبة‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬35‭ % ‬إلى‭ ‬50‭ %‬،‭ ‬أي‭ ‬بوسط‭ ‬40‭ % ‬تقريبًا‭.‬

ويضاف‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسعار‭ (‬في‭ ‬المحطات‭) ‬كلف‭ ‬إضافية‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أراد‭ ‬الزبون‭ ‬الغسيل‭ ‬بالماء‭ ‬الساخن،‭ ‬أو‭ ‬البخار‭.. ‬الخ‭.‬

‭ ‬اصطفت‭ ‬السيارات‭ ‬أمس‭ ‬وأمس‭ ‬الأول‭ ‬طوابير‭ ‬أمام‭ ‬محلات‭ ‬الغسيل‭ ‬ما‭ ‬حرك‭ ‬سوقها‭ ‬نسبيًّا،‭ ‬غير‭ ‬آبهين‭ ‬بارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬فالضرورة‭ ‬أحكام‭.‬

يقول‭ ‬مسؤول‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬محطات‭ ‬غسيل‭ ‬السيارات‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الحجيات‭ ‬بالرفاع،‭ ‬أن‭ ‬المطر‭ ‬يحيي‭ ‬المحطة‭ ‬كما‭ ‬يحيي‭ ‬الأرض،‭ ‬فهو‭ ‬خير‭ ‬يجلب‭ ‬السيارات‭ ‬المتسخة‭ ‬إليهم‭ ‬وبالتالي‭ ‬تنشط‭ ‬الحركة‭.‬

‭ ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬السوق‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬أصيب‭ ‬بالركود‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬منطقية،‭ ‬فقد‭ ‬بات‭ ‬الناس‭ ‬يختصرون‭ ‬عدد‭ ‬مرات‭ ‬الغسيل‭ ‬الأسبوعية،‭ ‬فمن‭ ‬كان‭ ‬يغسل‭ ‬سيارته‭ ‬مرتين‭ ‬أو‭ ‬ثلاث‭ ‬بالأسبوع‭ ‬سابقًا،‭ ‬بات‭ ‬يختصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬مرة‭ ‬واحدة،‭ ‬كما‭ ‬أصبح‭ ‬الكثيرون‭ ‬يرجئون‭ ‬تبديل‭ ‬الزيت‭ ‬والفرامل‭ ‬لأطول‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الماضي‭.‬

‭ ‬وتابع‭ ‬“بالمقابل‭ ‬زادت‭ ‬كلفة‭ ‬التشغيل،‭ ‬حيث‭ ‬اضطر‭ ‬مالك‭ ‬المحطة‭ ‬زيادة‭ ‬رواتب‭ ‬العمال‭ ‬تماشيًا‭ ‬مع‭ ‬غلاء‭ ‬المعيشة،‭ ‬وزادت‭ ‬فاتورة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬5‭ ‬أضعاف‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير،‭ ‬وقل‭ ‬الزبائن،‭ (...) ‬الوضع‭ ‬صعب‭ ‬والأمور‭ ‬بالكاد‭ ‬تسير”‭.‬

وبيّن‭ ‬أن‭ ‬العمالة‭ ‬السائبة‭ ‬أو‭ ‬عمالة‭ ‬“الفيزا‭ ‬المرنة”‭ ‬باتوا‭ ‬ينافسون‭ ‬المحطات‭ ‬بشكل‭ ‬قوي،‭ ‬ويحصلون‭ ‬على‭ ‬حصة‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬“الكعكة”‭ ‬خصوصًا‭ ‬أنهم‭ ‬يغسلون‭ ‬بأسعار‭ ‬متدنية،‭ ‬ويعتبر‭ ‬تنظيفهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكثيرين‭ ‬“يمشي‭ ‬الحال”‭.‬

‭ ‬من‭ ‬جهته،‭ ‬يقول‭ ‬صاحب‭ ‬سيارة‭ ‬حضر‭ ‬المحطة‭ ‬لغسيلها‭ ‬أن‭ ‬الغسيل‭ ‬اليوم‭ ‬أصبح‭ ‬لزامًا‭ ‬فالمطر‭ ‬“لعوز”‭ ‬السيارة‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬وصفه‭.‬

‭ ‬وتابع‭ ‬“كنت‭ ‬بالماضي‭ ‬أغسل‭ ‬سيارتي‭ ‬مرتين‭ ‬بالأسبوع،‭ ‬وأبدّل‭ ‬زيتها‭ ‬وفراملها‭ ‬قبل‭ ‬الموعد‭ ‬المحدد‭ ‬بنحو‭ ‬500‭ ‬أو‭ ‬ألف‭ ‬كيلو‭ ‬متر،‭ ‬لكنني‭ ‬الآن‭ ‬بت‭ ‬أغسل‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬وأنتظر‭ ‬تغيير‭ ‬الزيت‭ ‬والفلاتر‭ ‬والفرامل‭ ‬حين‭ ‬انتهاء‭ ‬صلاحيتها‭ ‬تمامًا،‭ (...) ‬الوضع‭ ‬المادي‭ ‬صعب‭ ‬والأمور‭ ‬ليست‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الماضي”‭.‬

‭ ‬فيما‭ ‬قال‭ ‬آخر‭ ‬إنه‭ ‬أصبح‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬العمالة‭ ‬السائبة‭ ‬في‭ ‬غسيل‭ ‬سيارته،‭ ‬حيث‭ ‬يدفع‭ ‬7‭ ‬دنانير‭ ‬شهريًّا‭ ‬مقابل‭ ‬غسيلها‭ ‬كل‭ ‬يومين‭ ‬مرة‭.‬

‭ ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬غسيلها‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬ليس‭ ‬بالمستوى‭ ‬المطلوب،‭ ‬ولكن‭ ‬الكلفة‭ ‬بصراحة‭ ‬قليلة‭ ‬وهي‭ ‬تناسب‭ ‬ظروفي‭ ‬الحالية،‭ ‬ولا‭ ‬أذهب‭ ‬إلى‭ ‬المحطة‭ ‬سوى‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬بالشهر‭ ‬حتى‭ ‬أنظفها‭ ‬جيدًا‭ ‬خصوصًا‭ ‬من‭ ‬الأسفل‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬باتت‭ ‬تتحرك‭ ‬وتشتغل‭ ‬بحرية‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬اشتروا‭ ‬تأشيرات‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬بما‭ ‬يعرف‭ ‬بالفيزا‭ ‬المرنة،‭ ‬حيث‭ ‬يسمح‭ ‬لهم‭ ‬القانون‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬بحرية‭ ‬مطلقة،‭ ‬وغسيل‭ ‬السيارات‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬والساحات‭ ‬إحداها‭.‬