المحكمة أكدت عدم وجود خطأ إداري موجب للتعويض

إلزام “الأشغال” بدفع 68 ألف دينار لورثة عقار

| عباس إبراهيم

قضت‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬المدنية‭ ‬الأولى‭ (‬الدائرة‭ ‬الإدارية‭) ‬بإلزام‭ ‬وزارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والتخطيط‭ ‬العمراني‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬لصالح‭ ‬ورثة‭ ‬صاحب‭ ‬عقار‭ ‬تم‭ ‬استملاكه‭ ‬للمنفعة‭ ‬العامة‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2012‭ ‬ولم‭ ‬يصرف‭ ‬لهم‭ ‬التعويض‭ ‬المقرر‭ ‬لهم‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2015،‭ ‬والمحدد‭ ‬بمبلغ‭ ‬يتجاوز‭ ‬68‭ ‬ألفا‭ ‬و500‭ ‬دينار‭ ‬باعتباره‭ ‬قيمة‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الاستحواذ‭ ‬عليها‭ ‬لصالح‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان،‭ ‬ورفضت‭ ‬إلزام‭ ‬الأخيرة‭ ‬بدفع‭ ‬التعويض‭ ‬بالتضامن‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الأشغال؛‭ ‬كون‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬ليست‭ ‬الجهة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬صرف‭ ‬مبالغ‭ ‬التعويض‭.‬

وأشارت‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬حكمها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وقائع‭ ‬الدعوى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬المدعين‭ - ‬ورثة‭ ‬المتوفى‭ ‬مالك‭ ‬العقار”‭ ‬تقدموا‭ ‬بلائحة‭ ‬دعوى‭ ‬للمطالبة‭ ‬فيها‭ ‬بإلزام‭ ‬وزارتي‭ ‬الأشغال‭ ‬والإسكان،‭ ‬بالتضامن‭ ‬والتضامم‭ ‬بأن‭ ‬تؤديا‭ ‬لهم‭ ‬مبلغا‭ ‬وقدره‭ ‬68524‭ ‬دينارا‭ ‬و306‭ ‬فلوس،‭ ‬قيمة‭ ‬التعويض‭ ‬الذي‭ ‬تقرر‭ ‬لهم‭ ‬بالفعل‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2015،‭ ‬مع‭ ‬التعويض‭ ‬عما‭ ‬فاتهم‭ ‬من‭ ‬كسب‭ ‬وما‭ ‬لحقهم‭ ‬من‭ ‬خسارة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬قرار‭ ‬الاستملاك‭ ‬في‭ ‬2012‭ ‬ووقف‭ ‬التصرف‭ ‬في‭ ‬العقار‭ ‬حتى‭ ‬صدور‭ ‬الحكم‭.‬

وذكروا‭ ‬أن‭ ‬مورثهم‭ ‬يمتلك‭ ‬العقار‭ ‬وصدر‭ ‬قرار‭ ‬الاستملاك‭ ‬العام‭ ‬2012‭ ‬باستملاكه‭ ‬وإخطاره‭ ‬بقرار‭ ‬لجنة‭ ‬التثمين‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التعويض‭ ‬المستحق‭ ‬له‭ ‬نظير‭ ‬استملاك‭ ‬العقار‭ ‬يقدر‭ ‬بمبلغ‭ ‬63‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬وتظلموا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التثمين،‭ ‬حيث‭ ‬قررت‭ ‬لجنة‭ ‬التظلمات‭ ‬رفع‭ ‬مبلغ‭ ‬التعويض‭ ‬إلى‭ ‬68‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬رفع‭ ‬الدعوى‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬صرف‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬لهم‭.‬

وأضافت‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬حكمها‭ ‬أن‭ ‬المشرع‭ ‬أناط‭ ‬بوزير‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭ ‬تشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬لتثمين‭ ‬العقارات‭ ‬موضوع‭ ‬الاستملاك،‭ ‬حيث‭ ‬تتولى‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬تقدير‭ ‬قيمة‭ ‬التعويض‭ ‬المستحق‭ ‬عن‭ ‬العقار‭ ‬موضوع‭ ‬الاستملاك‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬القيمة‭ ‬السوقية‭ ‬للعقارات‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬نشر‭ ‬قرار‭ ‬الاستملاك‭ ‬بالمنطقة‭ ‬التي‭ ‬يقع‭ ‬بها‭ ‬العقار‭ ‬أو‭ ‬المناطق‭ ‬القريبة‭ ‬أوالمماثلة‭ ‬بحسب‭ ‬الأحوال،‭ ‬وللجنة‭ ‬المذكورة‭ ‬الاسترشاد‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بالعقود‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تسجيلها‭ ‬لدى‭ ‬جهاز‭ ‬المساحة‭ ‬والتسجيل‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬ذاتها‭.‬

وبينت‭ ‬أنه‭ ‬يتعين‭ ‬صرف‭ ‬التعويض‭ ‬عن‭ ‬العقار‭ ‬موضوع‭ ‬الاستملاك‭ ‬خلال‭ ‬مدة‭ ‬لا‭ ‬تجاوز‭ ‬90‭ ‬يوما‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬انقضاء‭ ‬الميعاد‭ ‬المحدد‭ ‬للتظلم‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬لجنة‭ ‬التثمين‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬تظلم،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬البت‭ ‬في‭ ‬التظلم‭ ‬المرفوع‭ ‬بشأنه،‭ ‬ولا‭ ‬يحول‭ ‬الطعن‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬الصادر‭ ‬بشأن‭ ‬التظلم‭ ‬من‭ ‬تقدير‭ ‬التعويض‭ ‬دون‭ ‬صرف‭ ‬التعويض‭ ‬المقدر‭ ‬بمعرفة‭ ‬لجنة‭ ‬التثمين،‭ ‬ويتم‭ ‬تسوية‭ ‬الفروق‭ ‬عند‭ ‬استحقاقها‭ ‬بعد‭ ‬حسم‭ ‬النزاع‭ ‬بشأن‭ ‬قيمة‭ ‬التعويض‭ ‬نهائيا‭.‬

ولفتت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الثابت‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬الاستملاك‭ ‬العام‭ ‬2012‭ ‬باستملاك‭ ‬العقار‭ ‬المملوك‭ ‬لمورث‭ ‬المدعين،‭ ‬وانتهت‭ ‬اللجنة‭ ‬إلى‭ ‬تقدير‭ ‬التعويض‭ ‬المستحق‭ ‬للمدعين‭ ‬بمبلغ‭ ‬وقدره‭ ‬68524‭.‬306‭ ‬دينارا،‭ ‬وخلت‭ ‬مما‭ ‬يفيد‭ ‬صرف‭ ‬مبلغ‭ ‬التعويض‭ ‬إلى‭ ‬المدعين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تجحده‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭ ‬الأولى‭ ‬وزارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والتخطيط‭ ‬العمراني‭.‬

وتابعت،‭ ‬أنه‭ ‬بشأن‭ ‬طلب‭ ‬التعويض،‭ ‬فإن‭ ‬مناط‭ ‬مسؤولية‭ ‬الإدارة‭ ‬الموجبة‭ ‬للتعويض‭ ‬هو‭ ‬توافر‭ ‬ثلاثة‭ ‬أركان‭ ‬هي‭ ‬الخطأ‭ ‬والضرر‭ ‬وعلاقة‭ ‬السببية،‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬مسؤولية‭ ‬الإدارة‭ ‬إلا‭ ‬بوقوع‭ ‬خطأ‭ ‬من‭ ‬الإدارة،‭ ‬وأن‭ ‬يلحق‭ ‬بصاحب‭ ‬الشأن‭ ‬ضرر،‭ ‬وأن‭ ‬تتوافر‭ ‬علاقة‭ ‬السببية‭ ‬بين‭ ‬خطأ‭ ‬الجهة‭ ‬الإدارية‭ ‬والضرر‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بصاحب‭ ‬الشأن،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬خطأ‭ ‬الإدارة‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬المباشر‭ ‬لما‭ ‬لحق‭ ‬بصاحب‭ ‬الشأن‭ ‬من‭ ‬ضرر،‭ ‬فإذا‭ ‬تخلف‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية‭ ‬امتنع‭ ‬التعويض،‭ ‬وأن‭ ‬الثابت‭ ‬قيام‭ ‬الجهة‭ ‬الإدارية‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭ ‬باستملاك‭ ‬العقار‭ ‬موضوع‭ ‬التداعي‭ ‬وفقا‭ ‬لأحكام‭ ‬القانون،‭ ‬وتقدير‭ ‬التعويض‭ ‬المستحق‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاستملاك،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ينتفي‭ ‬معه‭ ‬ركن‭ ‬الخطأ‭ ‬أحد‭ ‬الأركان‭ ‬الموجبة‭ ‬لمسؤولية‭ ‬جهة‭ ‬الإدارة،‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬ثمة‭ ‬وجه‭ - ‬وقد‭ ‬سقط‭ ‬ركن‭ ‬الخطأ‭ - ‬لبحث‭ ‬عناصر‭ ‬التعويض‭ ‬المدعى‭ ‬به‭.‬

أما‭ ‬بشأن‭ ‬طلب‭ ‬المدعين‭ ‬إلزام‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬بالتضامن‭ ‬والتضامم‭ ‬مع‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭ ‬الأولى‭ ‬بأداء‭ ‬مبلغ‭ ‬التعويض‭ ‬محل‭ ‬المطالبة،‭ ‬فإن‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭ ‬الأولى‭ ‬هي‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة‭ ‬بصرف‭ ‬التعويض‭ ‬المقرر‭ ‬عن‭ ‬قرارات‭ ‬الاستملاك،‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬لوزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬بأداء‭ ‬هذا‭ ‬التعويض‭.‬

فلهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬حكمت‭ ‬المحكمة‭ ‬بإلزام‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭ ‬الأولى‭ ‬بأن‭ ‬تؤدي‭ ‬للمدعين‭ ‬مبلغا‭ ‬وقدره‭ ‬68524‭ ‬دينارا‭ ‬و306‭ ‬فلوس،‭ ‬ورفضت‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬طلبات،‭ ‬وألزمت‭ ‬المدعين‭ ‬والمدعى‭ ‬عليها‭ ‬الأولى‭ ‬المناسب‭ ‬من‭ ‬المصروفات‭.‬