عمود أكاديمي

التمكين والتنمية المستدامة: في محاورة المفهوم

| د. باقر النجار

لم‭ ‬يكن‭ ‬ابتداع‭ ‬مصطلح‭ ‬التمكين‭ (‬Empowerment‭) ‬على‭ ‬يد‭ ‬عالم‭ ‬نفس‭ ‬المجتمع‭ ‬جوليان‭ ‬ربابورت‭ (‬Julian Rappaport‭) ‬في‭ ‬العام‭ ‬1981عملا‭ ‬اعتباطيا،‭ ‬فقد‭ ‬استشعر‭ ‬ربابورت‭ ‬وبفعل‭ ‬عمله‭ ‬الحقلي‭ ‬المعني‭ ‬بقضايا‭ ‬الرفاه‭ ‬والرعاية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والنفسية‭ ‬للفقراء‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية،‭ ‬الحاجة‭ ‬الماسة‭ ‬لبعض‭ ‬الفئات‭ ‬والجماعات‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬تتضافر‭ ‬فيه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المداخل‭ ‬والمؤسسات‭ ‬لتحقيق‭ ‬انتقالها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ولربما‭ ‬السياسي‭ ‬الأفضل‭. ‬إذن‭ ‬التمكين‭ ‬مصطلح‭ ‬قد‭ ‬ابتدع‭ ‬ليعبر‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الحاجات‭ ‬والوسائل‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬مع‭ ‬تفعيله‭. ‬وهي‭ ‬تحولات‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬فئة‭ ‬أو‭ ‬عرق‭ ‬أو‭ ‬جنس‭ ‬أو‭ ‬نوع‭ ‬معين‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬الأخذ‭ ‬به‭ ‬وتفعيل‭ ‬دوره،‭ ‬أي‭ ‬المصطلح،‭ ‬بات‭ ‬يمثل‭ ‬ظاهرة‭ ‬كونية‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الأبعاد‭ ‬الكثير‭. ‬لقد‭ ‬بات‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتمكين‭ ‬متزايدا‭ ‬خلال‭ ‬العقدين‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬الماضيين،‭ ‬وهو‭ ‬اهتمام‭ ‬شمل‭ ‬قطاعات‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬قد‭ ‬شمل‭ ‬فئات‭ ‬وجماعات‭ ‬مختلفة،‭ ‬لأسبابها‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أو‭ ‬العرقية‭ ‬أو‭ ‬الدينية‭ ‬أو‭ ‬الأقليات‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬بالإضافة‭ ‬لذلك‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ‬والمرأة‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬موضوعات‭ ‬مثل‭ ‬التمكين‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬للأقليات‭ ‬وتمكين‭ ‬الشباب‭ ‬وذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ‬كانت‭ ‬ضمن‭ ‬الاهتمامات‭ ‬العامة‭ ‬العملية‭ ‬والبحثية‭ ‬بعملية‭ ‬التمكين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬3‭ ‬أو‭ ‬4‭ ‬موضوعات‭ ‬وهي‭ ‬تمكين‭ ‬المرأة‭ ‬وتمكين‭ ‬الفقراء‭ ‬أو‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر‭ ‬والتمكين‭ ‬الإداري‭ ‬قد‭ ‬استحوذت‭ ‬على‭ ‬دراسات‭ ‬التمكين،‭ ‬وعلى‭ ‬اهتمامات‭ ‬الدول‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ (‬1‭).‬

ويعود‭ ‬الفضل‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومنظماتها‭ ‬في‭ ‬عولمة‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬وتوظيفه،‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أعمالها‭ ‬وأنشطتها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭. ‬وليس‭ ‬سرا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬المصطلح‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬توظيفه‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬مع‭ ‬مطلع‭ ‬الألفية‭ ‬الجديدة،‭ ‬قد‭ ‬واجه‭ ‬بعض‭ ‬الممانعات‭ ‬الثقافية‭ ‬ولربما‭ ‬السياسية‭ ‬والأيديولوجية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬توظيفاته‭ ‬قد‭ ‬حققت‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬بعض‭ ‬قطاعات‭ ‬المجتمع‭ ‬بعض‭ ‬المكاسب،‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬المرأة،‭ ‬التي‭ ‬بفضل‭ ‬سياسات‭ ‬التمكين‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬ساعدت‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬بعض‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬حضورها‭ ‬مقابل‭ ‬الرجل،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬دفعت‭ ‬نحو‭ ‬حضورها‭ ‬الملفت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مواقع‭ ‬صناعة‭ ‬القرار،‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬مؤسسات‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬أو‭ ‬التشريعية‭ ‬أو‭ ‬القضائية‭ ‬أو‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬حضور‭ ‬يبقى‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬محدودا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواقع،‭ ‬ومتوازنا‭ ‬مع‭ ‬حضور‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬أخرى،‭ ‬وهو‭ ‬عمل‭ ‬يحتاج‭ ‬على‭ ‬الدوام،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬ثقافة‭ ‬مجتمعية‭ ‬قابلة‭ ‬وداعمة،‭ ‬إلى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬والتبني‭ ‬الحكومي،‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬ارتدادات‭ ‬مجتمعية‭ ‬متوقعة‭. ‬

أما‭ ‬الاهتمام‭ ‬الآخر‭ ‬بعملية‭ ‬التمكين،‭ ‬فقد‭ ‬ترافق‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالقضاء‭ ‬على‭ ‬مشكلة‭ ‬الفقر،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مجتمعات‭ ‬العالم‭ ‬الثالث،‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬وأميركا‭ ‬اللاتينية‭. ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الجماعات‭ ‬الفقيرة‭ ‬هي‭ ‬كذلك‭ ‬نتيجة‭ ‬لأسباب‭ ‬متعلقة‭ ‬بالبيئة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬منها،‭ ‬والتي‭ ‬ينعدم‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬أسباب‭ ‬العيش‭ ‬الكريم،‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‭ ‬نتيجة‭ ‬لانعدام‭ ‬أي‭ ‬تفكير‭ ‬في‭ ‬أوساطها‭ ‬بالمستقبل،‭ ‬واعتقادها‭ ‬أن‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬لن‭ ‬يأتي‭ ‬بشيء‭ ‬أفضل‭ ‬مما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬فيه،‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الاهتمام‭ ‬بقضية‭ ‬التمكين‭ (‬2‭). ‬إن‭ ‬الاعتراف‭ ‬بهذه‭ ‬الحقائق‭ ‬قد‭ ‬دفع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث،‭ ‬مع‭ ‬أو‭ ‬بتحريض‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المنظمات‭ ‬الأممية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬ضمن‭ ‬استراتيجيات‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر‭ ‬أو‭ ‬تقليص‭ ‬معدلاته‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المجتمعات،‭ ‬والذي‭ ‬تطلب‭ ‬تحقيق‭ ‬خلق‭ ‬بيئة‭ ‬مرحبة‭ ‬بالاستثمار‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬السكاني‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬المهارات‭ ‬والتوقعات‭ ‬والسلوك‭ ‬ولربما‭ ‬الثقافة،‭ ‬التي‭ ‬تؤهله‭ ‬أولا‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬إمكاناته‭ ‬وقدراته‭ ‬الذاتية،‭ ‬والعمل‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬كلي‭ ‬أو‭ ‬كبير‭ ‬للبيئة‭ ‬المحيطة‭ ‬المعيقة‭. ‬وتعتبر‭ ‬هنا‭ ‬تجربة‭ ‬البرازيل‭ ‬أحد‭ ‬التجارب‭ ‬الناجحة‭ ‬رغم‭ ‬بعض‭ ‬إخفاقاتها،‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبنيها‭ ‬استراتيجيات‭ ‬التمكين‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تقلص‭ ‬حجم‭ ‬الفقر‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ % ‬من‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬ستينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬21‭ % ‬حتى‭ ‬العام‭ ‬2017‭. ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬تبقى‭ ‬تجربة‭ ‬ماليزيا‭ ‬إحدى‭ ‬التجارب‭ ‬الناجحة‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر،‭ ‬إذ‭ ‬تقلص‭ ‬حجم‭ ‬الفقر‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬السكان‭ ‬المحليين،‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ % ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬إبان‭ ‬حروبها‭ ‬الأهلية‭ ‬الداخلية،‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬دون‭ ‬0‭.‬4‭ % ‬حتى‭ ‬العام‭ ‬2017‭. ‬فعمليات‭ ‬التمكين‭ ‬والدمج‭ ‬مكنت‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أحد‭ ‬النماذج‭ ‬الناجحة‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين،‭ ‬وفي‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬النهوض‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭. ‬

 

مقاربة‭ ‬المفهوم

قد‭ ‬يبرز‭ ‬عند‭ ‬البعض‭ ‬تساؤل،‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مفهوم‭ ‬التمكين‭ ‬بديلا‭ ‬عن‭ ‬مفهوم‭ ‬المواطنة،‭ ‬أم‭ ‬إنه‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬المفاهيم‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬ساقتها‭ ‬ولربما‭ ‬روجت‭ ‬لها‭ ‬منظمات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬كالتنمية‭ ‬والتنمية‭ ‬البشرية‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬أم‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬الإتيان‭ ‬به‭ ‬وتفعيلة‭ ‬يمثل‭ ‬أحد‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تتبناها‭ ‬المنظمات‭ ‬الأممية،‭ ‬أو‭ ‬الدول‭ ‬أو‭ ‬المفكرين‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬مشكلات‭ ‬العوز‭ ‬والفقر‭ ‬والعزل‭ ‬والاستبعاد‭ ‬والتهميش‭ ‬وانعدام‭ ‬العدالة‭ ‬وغيرها،‭ ‬أو‭ ‬إن‭ ‬الأخذ‭ ‬به‭ ‬يساعد‭ ‬الدول‭ ‬ومؤسسات‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬قطاعاتها‭ ‬الرسمية‭ ‬والخاصة،‭ ‬وفي‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والمنظمات‭ ‬التطوعية‭ ‬غير‭ ‬الربحية،‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬مشكلات‭ ‬الفقر‭ ‬والتهميش‭ ‬والاستبعاد‭ ‬وغياب‭ ‬المرأة‭ ‬عن‭ ‬الفضاء‭ ‬العام،‭ ‬وقلة‭ ‬أو‭ ‬انعدام‭ ‬الكفاءة‭ ‬في‭ ‬الأداء‭... ‬

من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‭ ‬لكون‭ ‬مفهوم‭ ‬التمكين‭ ‬ليس‭ ‬ببعيد‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬المفاهيم‭ ‬السابقة،‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬كالتنمية‭ ‬البشرية‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬المفاهيم‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬القطاعي‭ ‬المعين‭ ‬كالاستبعاد‭ ‬والإدماج‭... ‬وغيرها‭ ‬والتي‭ ‬تأتي‭ ‬نتائجها‭ ‬لتعزز‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬أو‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين‭. ‬فإن‭ ‬التعريف‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬الأمم‭ ‬المتحد‭ ‬لمفهوم‭ ‬التمكين‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬”تمكين‭ ‬الأفراد‭ ‬والجماعات‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لهم‭ ‬سيطرة‭ ‬متزايدة‭ ‬على‭ ‬مسارات‭ ‬حياتهم،‭ ‬وضبط‭ ‬المتغيرات‭ ‬والعوامل‭ ‬المؤثرة‭ ‬فيها،‭ ‬لزيادة‭ ‬موارد‭ ‬الرزق‭ ‬في‭ ‬حجمه‭ ‬ونوعه‭ ‬ورفع‭ ‬مستوى‭ ‬أو‭ ‬مستويات‭ ‬المعيشة‭ ‬للأفراد‭ ‬والمجتمع،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬إمكانيات‭ ‬ومهارات‭ ‬وسبل،‭ ‬وقد‭ ‬يشمل‭ ‬ذلك‭ ‬مؤسسات‭ ‬تمكنهم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬شركاء‭ ‬كاملين‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وأن‭ ‬تتاح‭ ‬لهم‭ ‬الآليات‭ ‬والسبل‭ ‬والمداخل‭ ‬التي‭ ‬تنظم‭ ‬تأثيرهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬ومساراته‭ (‬3‭). ‬أي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لهم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬التغيير‭ ‬وتحديد‭ ‬مساراته‭ ‬وطبيعته،‭ ‬كجزء‭ ‬ومكون‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭. ‬وهي‭ ‬مشاركة‭ ‬تأتي‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬ولأكثر‭ ‬من‭ ‬قطاع‭. ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المجتمع‭ ‬المحلي‭ ‬أو‭ ‬المجتمع‭ ‬ككل‭ ‬أو‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬قطاعاتها‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المؤسسات‭ ‬المباشرة‭ ‬كالأسرة‭ ‬أو‭ ‬مؤسسات‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الحكومية‭ ‬أو‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬عمل‭ ‬المنظمات‭ ‬غير‭ ‬الربحية‭ ‬ومنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وغيرها‭.‬‭ ‬وهي‭ ‬قطاعات‭ ‬تساهم‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬وتطوير‭ ‬إمكانات‭ ‬الأفراد‭ ‬وخبراتهم،‭ ‬وهي‭ ‬مداخل‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬عمليات‭ ‬التغيير‭ ‬والتنمية‭. ‬ويمر‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بمراحل‭ ‬ولكل‭ ‬مرحلة‭ ‬أفرادها‭ ‬ومستوياتهم‭ ‬ومواقعهم‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬ولربما‭ ‬الوظيفية‭ (‬4‭).‬

بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬أن‭ ‬التمكين‭ ‬يقصد‭ ‬به‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬والسياسات‭ ‬التي‭ ‬تنمي‭ ‬في‭ ‬الأفراد‭ ‬الاستقلالية‭ ‬والإرادة،‭ ‬وتكسبهم‭ ‬المهارات‭ ‬والاتجاهات‭ ‬التي‭ ‬تساعدهم‭ ‬على‭ ‬تمثيل‭ ‬مصالحهم‭ ‬تمثيلا‭ ‬عقلاني‭ ‬وبإرادة‭ ‬متزنة‭ (‬5‭). ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‭ ‬فإن‭ ‬التمكين‭ ‬يتطلب‭ ‬كذلك‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأفراد‭ ‬والمرونة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وتقف‭ ‬القدرة‭ ‬التكيفية‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬التحرر،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬قدرا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬التغيرات‭ ‬البنيوية‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬التأثيرات‭ ‬المجتمعية‭. ‬وبخلاف‭ ‬ذلك‭ ‬فإننا‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬التمكين‭ ‬قد‭ ‬تحمل‭ ‬نزعة‭ ‬تحررية‭ ‬أو‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬التحرر‭. ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬كعملية‭ ‬قد‭ ‬تعني‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬تتطلب‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬التقاليد‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬القيود‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬أو‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تعني‭ ‬قدرا‭ ‬أكبر‭ ‬أو‭ ‬أصغر‭ ‬من‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬والقوانين‭ ‬البيروقراطية‭ ‬المقيدة،‭ ‬أي‭ ‬قدرا‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسميه‭ ‬بالتحرر‭ ‬المؤسساتي،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الفوضى،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬بعض‭ ‬القيود‭ ‬المؤسساتية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬تراتبية‭ ‬اجتماعية‭ ‬جامدة،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬فصل‭ ‬اجتماعي‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬النوع،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬العزل‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬أسباب‭ ‬اجتماعية‭ ‬أو‭ ‬عرقية‭ ‬أو‭ ‬دينية‭. ‬فحتى‭ ‬يستثير‭ ‬المجتمع‭ ‬ومؤسساته‭ ‬إبداعات‭ ‬أفراده،‭ ‬فإنه‭ ‬بحاجة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬ضوابطه‭ ‬الجامدة‭ ‬أو‭ ‬محرماته‭ ‬المُختلقة،‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬توظيف‭ ‬طاقاتهم‭ ‬ومهاراتهم‭ ‬ومبادراتهم‭ ‬في‭ ‬النهوض‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭. ‬وهو‭ ‬نهوض‭ ‬يبدأ‭ ‬عند‭ ‬الفرد‭ ‬وتمكينه‭ ‬وتنتهي‭ ‬نتائجه‭ ‬عند‭ ‬الفرد‭ ‬ورفاهه،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬عائده‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬والمجتمع‭. ‬وهو‭ ‬عائد‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يتصف‭ ‬بالتنوع‭ ‬وبالاستمرارية‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬المجتمع‭ ‬المختلفة‭ ‬وعبر‭ ‬الزمن‭. ‬

 

المعنى‭ ‬الاصطلاحي

رغم‭ ‬أن‭ ‬مصطلح‭ ‬التمكين‭ ‬قد‭ ‬اشتق‭ ‬عن‭ ‬الكلمة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬مكن‭ (‬Empower‭) ‬بمعنى‭ ‬تزويد‭ ‬الفرد‭ ‬أو‭ ‬جماعة‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬بالوسائل‭ ‬والآليات،‭ ‬التي‭ ‬تمكنهم‭ ‬أو‭ ‬تعينهم‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬حالة‭ ‬هم‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬مساوية‭ ‬لآخرين،‭ ‬أو‭ ‬إنها‭ ‬تعينهم‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬مسارات‭ ‬المجتمع‭ ‬أو‭ ‬التأثير‭ ‬فيها‭. ‬وأصل‭ ‬المصطلح‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬كلمة‭ ‬القوة‭ (‬Power‭) ‬وهي‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬ذاتها،‭ ‬وإن‭ ‬بدت‭ ‬للبعض‭ ‬مخالفة‭ ‬للأصل‭ ‬الذي‭ ‬جاءت‭ ‬منه،‭ ‬وقد‭ ‬نحتاج‭ ‬هنا‭ ‬للتفريق‭ ‬بين‭ ‬كلمة‭ ‬القوة‭ ‬على‭ (‬Power over‭) ‬والقوة‭ ‬نحو‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ (‬Power to‭)‬،‭ ‬فالأولى‭ ‬قد‭ ‬تعني‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬نتاجات‭ ‬لذاتها،‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬صراع‭ ‬في‭ ‬المصالح،‭ ‬وبالتالي‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬استمراريتها‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬فإن‭ ‬خبرة‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬الجماعات‭ ‬المهمشة‭ ‬ومعدومي‭ ‬القوة،‭ ‬قد‭ ‬تتطلب‭ ‬تطويرا‭ ‬لقدراتهم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ادعاءات‭ ‬أصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬أو‭ ‬القوة‭ ‬المهيمنة‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭ ‬جماعات‭ ‬المصالح‭ ‬والقوة،‭ ‬وكلما‭ ‬استطاع‭ ‬المجتمع‭ ‬تحقيق‭ ‬قدر‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المواجهة‭ ‬أو‭ ‬الصراع،‭ ‬كلما‭ ‬استطاع‭ ‬تحقيق‭ ‬قدر‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬التمكين،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬قدرة‭ ‬الآليات‭ ‬والوسائل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬التغيير‭. ‬بالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬كلمة‭ ‬القوة‭ ‬نحو‭ ‬تعني‭ ‬تدعيم‭ ‬موارد‭ ‬وإمكانات‭ ‬الأفراد‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافهم‭. ‬فالجماعات‭ ‬المهمشة‭ ‬ومعدومة‭ ‬القوة‭ (‬powerlessness‭) ‬تستطيع‭ ‬تدعيم‭ ‬قدراتها‭ ‬كأفراد‭ ‬وجماعات‭ ‬لتطوير‭ ‬أوضاعها‭ ‬وحماية‭ ‬مصالحها‭. (‬6‭)‬،‭ ‬فالتمكين‭ ‬هنا‭ ‬يعني‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تحقيقه‭ ‬يتطلب‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القضايا،‭ ‬بعضها‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬متعلق‭ ‬بمصادر‭ ‬القوة‭ ‬ذاتها،‭ ‬مفهومها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬ولربما‭ ‬السياسي،‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬يتطلب‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬التغيرات‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الأفراد‭ ‬والجماعات،‭ ‬كاكتساب‭ ‬المهارات‭ ‬والاتجاهات‭ ‬وتوقعات‭ ‬السلوك،‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬يتطلب‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬تحتاجه‭ ‬البيئة‭ ‬القانونية،‭ ‬ولربما‭ ‬أحيانا‭ ‬بعض‭ ‬القيم‭ ‬الدينية‭ ‬المنظمة،‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تنسب‭ ‬إليها‭ ‬بعض‭ ‬أو‭ ‬كل‭ ‬الممارسات‭ ‬القائمة،‭ ‬حقيقة‭ ‬أو‭ ‬تخيلا،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بوضع‭ ‬المرأة‭ ‬أو‭ ‬الأفراد‭ ‬وتراتبياتهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ (‬7‭). ‬فمثلا‭ ‬تتطلب‭ ‬دعوات‭ ‬تمكين‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬نسمع‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬جل‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬تتطلب‭ ‬بالإضافة‭ ‬للإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬الداعمة‭ ‬لذلك،‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬التغيرات‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الذكورية‭ ‬المهيمنة‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬والتي‭ ‬تستند‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬عناصرها‭ ‬لمنظومات‭ ‬تقليدية‭: ‬اجتماعية‭ ‬وأخرى‭ ‬تشريعية‭ ‬وأخرى‭ ‬ثقافية‭ ‬وأخرى‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬سياسية‭... ‬فالتمكين‭ ‬كما‭ ‬نراه‭ ‬هنا‭ ‬قد‭ ‬يُحدث‭ ‬مثلا‭ ‬مشاركة‭ ‬أكبر‭ ‬للنساء‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬أو‭ ‬لربما‭ ‬حضورا‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواقع‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تأكيد‭ ‬حضورهن‭ ‬في‭ ‬مجالس‭ ‬تشريعية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يحضر‭ ‬بذات‭ ‬القدر‭ ‬في‭ ‬السياقات‭ ‬الثقافية‭ ‬أو‭ ‬القانونية‭ ‬ولربما‭ ‬السياسية‭ ‬والدينية‭ ‬المنظمة،‭ ‬والمُحددة‭ ‬لتوجهات‭ ‬الناس‭ ‬وتوقعاتهم‭. ‬أي‭ ‬تلك‭ ‬العناصر‭ ‬أو‭ ‬العوامل‭ ‬المُمكَنة‭ ‬من‭ ‬استمرارية‭ ‬الثقافة‭ ‬الذكورية‭ ‬أو‭ ‬هيمنتها‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬أي‭ ‬تلك‭ ‬الثقافة‭ ‬والممارسات‭ ‬الممكنة‭ ‬من‭ ‬استمرارية‭ ‬حالة‭ ‬اللا‭ ‬تساوي‭ ‬في‭ ‬حصص‭ ‬وفرص‭ ‬وموارد‭ ‬الرجل‭ ‬مقابل‭ ‬المرأة،‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬في‭ ‬حصص‭ ‬الأفراد‭ ‬والجماعات‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬وتغيير‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬مستحيلا،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يتطلب‭ ‬تضافرا‭ ‬في‭ ‬الجهود‭ ‬الرسمية‭ (‬الدولة‭) ‬والأهلية‭ (‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وأفراده‭)‬،‭ ‬ويحتاج‭ ‬لفسحة‭ ‬زمنية‭ ‬وتكيف‭ ‬مع‭ ‬تغيراته‭ ‬المهمة،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تمس‭ ‬السياقات‭ ‬والرؤى‭ ‬ذات‭ ‬السطوة‭ ‬أو‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬والتي‭ ‬وفقها‭ ‬تُحدد‭ ‬المواقع‭ ‬ومراتب‭ ‬وحصص‭ ‬الأفراد‭ ‬والجماعات‭ ‬والصبر‭ ‬عليها‭. ‬

فالممارسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬للقوة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬أفراده‭ ‬متقبلين‭ ‬لحالة‭ ‬اللا‭ ‬تساوي‭ ‬في‭ ‬الحصص‭ ‬والمراتب‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬ووضع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تغييره‭. ‬ويبقى‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬التساؤل‭ ‬فيما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬النساء‭ ‬وجماعات‭ ‬العوز‭ ‬والفقراء‭ ‬والشباب‭ ‬والأقليات‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬التغيير‭ ‬أو‭ ‬إحداثه‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬المجموعة‭ ‬أو‭ ‬المجتمع‭. ‬أي‭ ‬تمكين‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬والفئات‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬حياتهم‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الذي‭ ‬هم‭ ‬جزءا‭ ‬منه‭. ‬

ويأتي‭ ‬هنا‭ ‬أحد‭ ‬تقارير‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬بقضية‭ ‬هي‭ ‬باعتقادنا‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية،‭ ‬وهي‭ ‬قدرة‭ ‬الجماعات‭ ‬المستهدفة‭ ‬على‭ ‬توسعة‭ ‬قدراتها‭ ‬وإمكاناتها‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬تمكنهم‭ ‬من‭ ‬التحاور‭ ‬ومحاسبة‭ ‬المؤسسات‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭. ‬وهي‭ ‬مؤسسات‭ ‬متعددة‭ ‬القطاعات‭ ‬والمستوى،‭ ‬بعضها‭ ‬ذو‭ ‬طابع‭ ‬دولي‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬محلي،‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬دولاتي‭ (‬من‭ ‬الدولة‭) ‬وبعضها‭ ‬متعلق‭ ‬بالقيم‭ ‬أو‭ ‬المعتقدات‭ ‬المستمدة‭ ‬من‭ ‬الدين،‭ ‬ومن‭ ‬مؤسسات‭ ‬وأفرادها‭ ‬الرسميين‭ ‬وغير‭ ‬الرسميين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬والأهلي،‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬لا‭ ‬مرئي‭ ‬أصبح‭ ‬الفضاء‭ ‬السيبرني‭ ‬منصته‭ ‬للانطلاق‭ ‬أو‭ ‬العمل،‭ ‬وبعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬مصدره‭ ‬أو‭ ‬الأشخاص‭ ‬الراعين‭ ‬له‭ (‬8‭).‬

ويتوقف‭ ‬نجاح‭ ‬عملية‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين‭ ‬على‭ ‬أربعة‭ ‬متطلبات‭ ‬أساسية‭ ‬وهي‭: (‬9‭)‬

1‭. ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬المناخ‭ ‬المؤسساتي‭ ‬السائد،‭ ‬والذي‭ ‬في‭ ‬إطاره‭ ‬تستمر‭ ‬حالة‭ ‬الوضع‭ ‬القائم‭. ‬أي‭ ‬قدرة‭ ‬الجانب‭ ‬المؤسساتي‭ ‬الرسمي‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬رؤاه‭ ‬وتوقعاته،‭ ‬وهو‭ ‬تغير‭ ‬قد‭ ‬يتطلب‭ ‬أحيانا‭ ‬تغيرات‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬هياكل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬والقوانين‭ ‬والاستراتيجيات،‭ ‬والأحكام‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬إطارها،‭ ‬وقد‭ ‬يمتد‭ ‬ذلك‭ ‬لبعض‭ ‬الأفراد‭ ‬القائمين‭ ‬عليها،‭ ‬والذين‭ ‬بفعل‭ ‬الزمن‭ ‬قد‭ ‬أعادوا‭ ‬تشكيل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وفق‭ ‬انحيازاتهم‭ ‬الجندرية‭ ‬أو‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬أو‭ ‬العصبوية‭. ‬وقد‭ ‬يشمل‭ ‬ذلك‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬وبعض‭ ‬المنظمات‭ ‬المحلية‭. ‬

2‭. ‬ويتبع‭ ‬ذلك‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬يسبقه‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬البناء‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ولربما‭ ‬السياسي‭ ‬القائم‭ ‬والذي‭ ‬في‭ ‬ظله‭ ‬أو‭ ‬بسببه‭ ‬تستمر‭ ‬حالة‭ ‬اللا‭ ‬تمكين‭. ‬

3‭. ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬قدرات‭ ‬وإمكانات‭ ‬الفئات‭ ‬المستهدفة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المهارات‭ ‬والاتجاهات‭ ‬والتوقعات،‭ ‬وإنما‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬تغيرات‭ ‬تشمل‭ ‬خلق‭ ‬بيئة‭ ‬مجتمعية‭ ‬تمكن‭ ‬هؤلاء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬تفاعلية‭ ‬من‭ ‬توظيف‭ ‬وتطوير‭ ‬قدراتهم‭ ‬وإمكاناتهم،‭ ‬وتغير‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬الحوافز‭ ‬والمكافآت،‭ ‬وتبدل‭ ‬في‭ ‬المتغيرات‭ ‬الحاكمة‭ ‬والمؤثرة‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬التفاعلية‭ ‬القائمة‭ ‬بين‭ ‬الفئة‭ ‬أو‭ ‬الفئات‭ ‬المستهدفة‭ ‬والفاعلين‭ ‬الأكثر‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬ومؤسسات‭. ‬

4‭. ‬قدرة‭ ‬الفئات‭ ‬المستهدفة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كتلة‭ ‬مؤثرة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬محيطها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والثقافي‭ ‬المحلي،‭ ‬وإنما‭ ‬كذلك‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬وسياسات‭ ‬المؤسسات‭ ‬المؤثرة‭ ‬وشخصياتها‭ ‬منها‭ ‬كجماعة‭ ‬اجتماعية‭ ‬ومجتمع‭ ‬محلي‭. ‬

من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‭ ‬فإن‭ ‬تغيرا‭ ‬في‭ ‬قدرات‭ ‬وإمكانات‭ ‬الفئات‭ ‬المستهدفة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬شيئا‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تفتح‭ ‬الفئات‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬أمامها‭ ‬فرص‭ ‬ومجالات‭ ‬التمكين‭ ‬والدمج‭. ‬فسقوط‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬أعين‭ ‬الجماعات‭ ‬المستهدفة،‭ ‬قد‭ ‬يحمل‭ ‬معه‭ ‬مصاحبات‭ ‬اجتماعية‭ ‬ولربما‭ ‬سياسية‭ ‬كبيرة‭. ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‭ ‬فإن‭ ‬الجماعات‭ ‬المستهدفة‭ ‬مطالبة‭ ‬على‭ ‬تحييد‭ ‬ممانعاتها‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬وتضامنيات،‭ ‬وكسر‭ ‬حالة‭ ‬العزل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬بعده‭ ‬الجندري‭ ‬أو‭ ‬الاثني‭ ‬أو‭ ‬الديني،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬لبعض‭ ‬حالات‭ ‬الفساد‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬ممارسات‭ ‬الجماعة‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬أو‭ ‬إفشال‭ ‬مشاريع‭ ‬وسياسات‭ ‬التمكين‭ ‬القطرية‭ ‬والدولية‭. ‬وتقدم‭ ‬تجربة‭ ‬فشل‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أمثلة‭ ‬مهمة‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬والتضامنيات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬إفشال‭ ‬أو‭ ‬تعطيل‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين‭. ‬

5‭. ‬إن‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬والدعم‭ ‬التشريعي‭ ‬والإعلامي،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مطلوبا‭ ‬لكسر‭ ‬حاجز‭ ‬الممانعة،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجماعات‭ ‬المستهدفة‭ ‬ومحيطها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتحقيق‭ ‬عملية‭ ‬التمكين‭. ‬

مجالات‭ ‬التمكين‭. ‬

يحدد‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬3‭ ‬قطاعات‭ ‬رئيسة‭ ‬لعمليات‭ ‬التمكين،‭ ‬والتي‭ ‬تتضمن‭ ‬مجالاتها‭ ‬الفرعية‭ ‬المختلفة‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭ (‬10‭):‬

1‭. ‬الدولة‭. ‬والتي‭ ‬يتميز‭ ‬الفرد‭ ‬أو‭ ‬الجماعة‭ ‬فيها‭ ‬بكونه‭ ‬فاعل‭ ‬مدني‭ ‬وتشمل‭ ‬القطاعات‭ ‬التالية‭:‬

‭- ‬العدالة‭. ‬

‭- ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭. ‬

‭- ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬كالصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬وخدمات‭ ‬الدعم‭ ‬الاجتماعي‭... ‬وغيرها‭. ‬

2‭. ‬القطاع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وفيه‭ ‬يكون‭ ‬الفرد‭ ‬أو‭ ‬الجماعة‭ ‬ناشط‭ ‬اقتصادي‭ ‬وتشمل‭ ‬القطاعات‭ ‬التالية‭:‬

‭- ‬السوق‭. ‬

‭- ‬السلع‭. ‬

‭- ‬الخدمات‭ ‬الخاصة‭. ‬

3‭. ‬المجتمع،‭ ‬والذي‭ ‬يكون‭ ‬الفرد‭ ‬أو‭ ‬الجماعة‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬الفاعلين‭ ‬والناشطين‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الفرد‭ ‬والجماعة‭. ‬وتشمل‭ ‬القطاعات‭ ‬التالية‭:‬

‭- ‬العلاقات‭ ‬التداخلية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأسرة‭ ‬والعائلة‭ ‬والعشيرة‭. ‬

‭- ‬العلاقات‭ ‬التداخلية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الجيرة‭ (‬الأحياء‭) ‬والمجتمع‭ ‬المحلي‭. ‬

‭- ‬العمل‭ ‬التمكيني‭ ‬الكلي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المجتمع‭ ‬والبلاد‭ ‬ككل‭. ‬

 

معضلة‭ ‬قياس‭ ‬التمكين

إحدى‭ ‬أهم‭ ‬معضلات‭ ‬عملية‭ ‬التمكين‭ ‬هي‭ ‬كيفية‭ ‬قياسها‭. ‬فالتمكين‭ ‬كعملية‭ ‬لها‭ ‬جانب‭ ‬مستتر‭ ‬متعلق‭ ‬بقدرة‭ ‬عملياتها‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬الذات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للفرد‭ ‬والجماعة‭ ‬وبالتالي‭ ‬المجتمع،‭ ‬وهو‭ ‬الجانب‭ ‬الأصعب‭ ‬في‭ ‬القياس،‭ ‬خصوصا‭ ‬أننا‭ ‬نعمل‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬اجتماعية‭ ‬وثقافية‭ ‬ونفسية‭ ‬ولربما‭ ‬سياسية‭ ‬غير‭ ‬محددة‭ ‬الضوابط‭ ‬وغير‭ ‬محسوبة‭ ‬النتائج‭ ‬أو‭ ‬التوقعات،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬نتائجها‭ ‬البائنة‭ ‬غير‭ ‬مضمونة‭ ‬الارتدادات‭. ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬عرفت‭ ‬بارتداداتها‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية،‭ ‬ولن‭ ‬نشمل‭ ‬هنا‭ ‬ارتداداتها‭ ‬السياسية‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬عقودها‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭. ‬فالارتدادات‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬الحداثة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬أصعدها‭ ‬المختلفة‭ ‬تفضح‭ ‬ذلك،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬تمثل‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬اتسمت‭ ‬فيها‭ ‬عملية‭ ‬التنمية‭ ‬بارتباك‭ ‬تراكمها‭ ‬المتصاعد‭ ‬وارتداداتها‭ ‬الكبيرة،‭ ‬بخلاف‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬مجتمعات‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬التي‭ ‬رغم‭ ‬بعض‭ ‬تقلباتها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬التنمية‭ ‬قد‭ ‬استمرت‭ ‬فيها‭ ‬بشكل‭ ‬تصاعدي،‭ ‬وبدت‭ ‬مقدمة‭ ‬لنماذج‭ ‬في‭ ‬الصعود‭ ‬التنموي‭ ‬ككوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬والهند‭ ‬والصين‭ ‬وماليزيا‭... ‬وغيرها،‭ ‬بالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬قياس‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين‭ ‬في‭ ‬جانبها‭ ‬الكمي‭ ‬والظاهري‭ ‬هو‭ ‬الجانب‭ ‬الأكثر‭ ‬سهولة،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬مضللا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحايين‭. ‬وتنقل‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬النوستالجيا‭ (‬nostalgia‭) ‬والحنين‭ ‬للماضي‭ ‬في‭ ‬عرضها‭ ‬لصور‭ ‬نسائها‭ ‬وجامعاتها‭ ‬وطلبتها،‭ ‬وبنية‭ ‬بعض‭ ‬مدنها‭ ‬الأساسية،‭ ‬قبل‭ ‬5‭ ‬عقود‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬مقارنة‭ ‬بالحالة‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬عليها‭ ‬الآن‭. ‬

مرة‭ ‬أخرى‭ ‬فإن‭ ‬التمكين‭ ‬كعملية‭ ‬تعني‭ ‬نهاية‭ ‬لحالة‭ ‬وبداية‭ ‬لحالة‭ ‬أخرى،‭ ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬كعملية‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مستمرة‭ ‬وديناميكية‭ ‬ومتجددة،‭ ‬إذ‭ ‬بفعلها‭ ‬ينتقل‭ ‬المجتمع‭ ‬بأفراده‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬أو‭ ‬نهاية‭ ‬جديدة‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وسياسية،‭ ‬ينخرط‭ ‬فيها‭ ‬الناس‭ ‬بصورة‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬الإنتاج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الجديدة‭. ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬تعني‭ ‬ثقة‭ ‬في‭ ‬الذات‭ ‬أكبر‭ ‬وشعور‭ ‬بالكرامة‭ ‬والاحترام‭ ‬والعيش‭ ‬دون‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬العوز‭ ‬والبطالة‭ ‬والبطش‭. ‬كما‭ ‬تعني‭ ‬رفع‭ ‬في‭ ‬كفاءة‭ ‬أداء‭ ‬العاملين‭ ‬من‭ ‬موظفين‭ ‬وعاملين‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وتحسين‭ ‬أوضاع‭ ‬جماعات‭ ‬الفقر‭ ‬وتحسن‭ ‬أوضاع‭ ‬المرأة‭ ‬والأقليات‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬حضورهم‭ ‬ومشاركتهم‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬العام‭ (‬11‭).‬

كما‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬حقيقة‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مقاييس‭ ‬عامة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬قياس‭ ‬بعض‭ ‬مؤشرات‭ ‬التمكين‭ ‬في‭ ‬جل‭ ‬الدول‭ ‬كقياس‭ ‬حق‭ ‬العمل‭ ‬ومعدلات‭ ‬انخفاض‭ ‬العنف‭ ‬الأسري‭ ‬ومؤشرات‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬انخراط‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬ومعدلات‭ ‬انخفاض‭ ‬الفقر‭ ‬وغيرها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المقاييس‭ ‬الأخرى‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬تتسم‭ ‬بالخصوصية‭ ‬الثقافية‭ ‬لمجتمعات‭ ‬بعينها‭. ‬ففي‭ ‬بعض‭ ‬المجتمعات‭ ‬الريفية‭ ‬ولربما‭ ‬البحرية‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬خروج‭ ‬المرأة‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬عملها‭ ‬مشكلة‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يعتبر‭ ‬خروجها‭ ‬أو‭ ‬انخراطها‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬العمل‭ ‬ظاهرة‭ ‬جديدة،‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬متعلقا‭ ‬بكونها‭ ‬أعمال‭ ‬حديثة‭ ‬ومختلطة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬والظواهر‭ ‬تُقتلع‭ ‬من‭ ‬سياقاتها‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬المحلية‭ ‬فتخرج‭ ‬نتائج‭ ‬مقاييسها‭ ‬الغربية‭ ‬مغلوطة‭ ‬أو‭ ‬محرفة‭ ‬أو‭ ‬ملتبسة‭ ‬على‭ ‬الباحث‭ ‬غير‭ ‬الدارس‭ ‬للمنطقة‭. ‬فمثلا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬للحجاب‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬مقيد‭ ‬لحريات‭ ‬النساء‭ ‬ومعيار‭ ‬على‭ ‬“تخلفهن”،‭ ‬فهو‭ ‬أي‭ ‬الحجاب‭ ‬كما‭ ‬تشير‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬إليه،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬حالاته،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬أداة‭ ‬أو‭ ‬وسيلة‭ ‬تعطي‭ ‬النسوة‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬التنقل،‭ ‬وقدرا‭ ‬من‭ ‬الأمان‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬العمل‭ ‬المختلطة،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬يعطي‭ ‬بعض‭ ‬الأسر‭ ‬المحافظة‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬الاطمئنان،‭ ‬وذلك‭ ‬بالسماح‭ ‬لبناتهن‭ ‬بالعمل‭ ‬خارج‭ ‬المنزل،‭ ‬وفي‭ ‬مجالات‭ ‬العمل‭ ‬الحديثة‭ ‬المختلطة‭ (‬12‭).‬

بالإضافة‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬قد‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬التمكين‭ ‬من‭ ‬جانبه‭ ‬ومؤشراته‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬فإن‭ ‬القليل‭ ‬منها‭ ‬قد‭ ‬تناول‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدثها‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬السيكولوجية،‭ ‬حيث‭ ‬وجد‭ ‬أن‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬لخفض‭ ‬معدلات‭ ‬الفقر،‭ ‬أو‭ ‬لتمكين‭ ‬المرأة،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬بعض‭ ‬الأقليات،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مؤسسات‭ ‬العمل،‭ ‬إن‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬تأثيرها‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬درجة‭ ‬الرضا‭ ‬الشخصي‭ ‬للأفراد،‭ ‬ودرجة‭ ‬التزامهم‭ ‬بضوابط‭ ‬العمل‭ ‬الحديث‭ ‬وقيمه،‭ ‬ونزوعهم‭ ‬نحو‭ ‬إحداث‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬أسرهم‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬المجتمع‭ ‬المحلي‭ ‬والمجتمع‭ ‬الأوسع‭. ‬بل‭ ‬لوحظ‭ ‬إن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأفراد‭ ‬قد‭ ‬باتوا‭ ‬يتمتعون‭ ‬بدرجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬السعادة‭ ‬والفرح‭ ‬والاستقرار‭ ‬الأسري‭ ‬والاجتماعي‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭ ‬الخاصة‭ (‬13‭). ‬

إلا‭ ‬أنه‭ ‬تبقى‭ ‬الخطورة‭ ‬المدمرة‭ ‬لبعض‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬أو‭ ‬القوى‭ ‬هو‭ ‬بث‭ ‬الخوف‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الجماعات‭ ‬المستهدفة‭ ‬ومحيطها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بقصد‭ ‬اندماجها‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬بالامتناع‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬أنماط‭ ‬السلوك‭ ‬المعطل،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ينزع‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬التمكين‭ ‬جانبها‭ ‬بل‭ ‬عنصرها‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والإنساني‭. ‬فإثارة‭ ‬الفزع‭ ‬والخوف‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الجماعة‭ ‬قد‭ ‬ييسر‭ ‬بعض‭ ‬خطوات‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين‭ ‬أو‭ ‬دفع‭ ‬الناس‭ ‬نحو‭ ‬المشاركة‭ ‬فيها،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يجعل‭ ‬منها‭ ‬مشاركة‭ ‬زائفة‭ ‬ويبطل‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬قامت‭ ‬عملية‭ ‬التمكين‭.. ‬إن‭ ‬زرع‭ ‬الخوف‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الناس‭ ‬لجعل‭ ‬عملية‭ ‬التمكين‭ ‬ممكنة،‭ ‬ويزرع‭ ‬بذور‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬العمل‭ ‬والجيرة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬وينزع‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بالسلطة‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬العمل،‭ ‬وفي‭ ‬علاقة‭ ‬المجتمع‭ ‬بالدولة،‭ ‬ونزع‭ ‬الخوف‭ ‬يتطلب‭ ‬بيئة‭ ‬مجتمعية‭ ‬وعلائقية‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والجريمة‭ (‬14‭). ‬ويشوب‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬التمكين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والسياسي‭ ‬والتي‭ ‬تفتقر‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬أو‭ ‬القبول‭ ‬المجتمعي‭ ‬العام،‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التخويف‭ ‬إما‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬لدفع‭ ‬الجماعات‭ ‬المستهدفة‭ ‬للانخراط‭ ‬فيها‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجماعات‭ ‬المعارضة‭ ‬للامتناع‭ ‬عن‭ ‬الاندماج‭ ‬فيها‭. ‬ويتم‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وفق‭ ‬مسوغات‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬دينية‭ ‬أو‭ ‬لأيديولوجية‭ ‬أحيانا‭. ‬

 

الخاتمة

خلاصة‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬مفهوم‭ ‬التمكين‭ ‬من‭ ‬الاتساع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حصره‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬قطاعات‭ ‬المجتمع‭ ‬دون‭ ‬الآخر،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الفضاءات‭ ‬الخالية‭ ‬بقدر‭ ‬كونه‭ ‬عملا‭ ‬مجتمعيا‭ ‬مستمرا‭ ‬مكملا‭ ‬وداعما‭ ‬لعمليات‭ ‬التحديث‭ ‬والتنمية‭. ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬إن‭ ‬التمكين‭ ‬عملية‭ ‬عامة‭ ‬وإن‭ ‬تمت‭ ‬بشكل‭ ‬قطاعي،‭ ‬وهي‭ ‬عملية‭ ‬مستمرة‭ ‬وليست‭ ‬مؤقتة،‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تمكين‭ ‬كل‭ ‬جماعات‭ ‬المجتمع‭ ‬وأفراده‭ ‬من‭ ‬الاندماج‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التنمية‭. ‬وهي‭ ‬بنزوعها‭ ‬نحو‭ ‬تمكين‭ ‬الأفراد‭ ‬والقطاعات‭ ‬بأدواتها‭ ‬وآلياتها،‭ ‬فإنها‭ ‬بذلك‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬عمليات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هي‭ ‬جزءا‭ ‬أساسيا‭ ‬وأصيلا‭ ‬منها‭. ‬وهي‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬النامية‭ ‬والصاعدة‭ ‬في‭ ‬سلم‭ ‬النهوض‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬كذلك‭ ‬أداة‭ ‬تمكين‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الصناعية‭ ‬الكبرى‭. ‬

 

المصادر

1‭. ‬انظر

Julin Rapaport and Robert Hess‭, ‬Studies in Empowerment‭: ‬Steps Toward Understanding and Action‭, ‬London‭, ‬Routlege‭, ‬1984‭. ‬

2‭.‬

Deepa Narayan‭, ‬Measuring Empowerment Cross Disciplinary perspective‭, ‬Washington‭, ‬World Bank‭, ‬2005‭. ‬p.5

3‭.‬انظر

Patrice Desmons‭, ‬Citizenship or Empowerment‭: ‬another effort؟2018‭.‬

4‭.‬

Manuela Pardo de Val and Bruce Lloyd‭, ‬Measuring Empoerment‭: ‬Leadership and organization‭, ‬Development Journal‭, ‬March‭, ‬2003‭.‬

5‭.‬

نفس‭ ‬المصدر‭ ‬السابق

6‭.‬

Jim Croweher‭, ‬Defining and Measuring‭ ‬“empowerment”‭ ‬in Community Based Project‭, ‬Concept‭, ‬Vol.4‭.‬No.3‭, ‬Winter 2013‭, ‬p.2‭.‬

7‭.‬

نفس‭ ‬المصدر‭ ‬السابق

8‭.‬

Deepa Narayan‭, ‬opcit‭, ‬p.5‭.‬

9‭.‬

Ibid‭, ‬p.5‭.‬

10‭.‬

Ibid

11‭. ‬انظر

Nicola d‭. ‬Lincoln etal‭, ‬The interdisciplinary etymology of a new management concept‭, ‬International Journal of Management review‭,‬‭ ‬2002‭.‬

12‭.‬

World Bank‭, ‬Empowerment in practice‭: ‬analysis and Implementation‭, ‬Washington‭, ‬world Bank‭, ‬may 2007‭.‬

13‭.‬

World bank‭, ‬2005‭, ‬opcit‭, ‬p.17-22

14‭.‬

Deepa Narayan‭, ‬opcit‭, ‬p.5