الشيخ خالد بن خليفة: لبلادنا تاريخ عريق يتخطى 300 عام من الحريات الدينية

“الملك حمد العالمي للتعايش السلمي” يستضيف ممثلي الأديان

| إبراهيم النهام

تمازج‭ ‬مذهـل‭ ‬وغير‭ ‬مسبوق‭ ‬للأديان‭ ‬في‭ ‬المنامة براين‭ ‬جريم‭: ‬البحرين‭ ‬أفضل‭ ‬دراسة‭ ‬حالة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬لدعم‭ ‬المذاهب‭ ‬والأديان احتفلنا‭ ‬بمرور‭ ‬200‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬مرور‭ ‬بناء‭ ‬أول‭ ‬معبد‭ ‬هندوسي‭ ‬العام‭ ‬1819 منح‭ ‬التصريح‭ ‬للبعثة‭ ‬الأميركية‭ ‬ببناء‭ ‬مدرسة‭ ‬وكنيسة‭ ‬ومستشفى‭ ‬في‭ ‬1890

 

افتتح‭ ‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬العالمي‭ ‬للتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬صباح‭ ‬أمس‭ ‬أعمال‭ ‬اجتماع‭ ‬الطاولة‭ ‬المستديرة‭ ‬لقادة‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬والاقتصاد‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬بمشاركة‭ ‬واسعة،‭ ‬تمثل‭ ‬أطياف‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الأديان‭ ‬والمذاهب‭ ‬التي‭ ‬تحتضنها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬إضافة‭ ‬للوفود‭ ‬الخارجية‭ ‬المشاركة،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬السفراء‭ ‬والنواب‭.‬

واستعرض‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الاجتماع،‭ ‬فيديو‭ ‬وثائقي‭ ‬قدمه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الأديان،‭ ‬تحدثت‭ ‬خلاله‭ ‬عن‭ ‬البدايات‭ ‬الأولى‭ ‬للدولة‭ ‬وحتى‭ ‬اللحظة‭ ‬في‭ ‬احتضان‭ ‬الأديان‭ ‬والمذاهب‭ ‬المتنوعة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬مشيرين‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬المنامة‭ ‬إلى‭ ‬بقع‭ ‬دينية‭ ‬تضم‭ ‬بها‭ ‬المسجد‭ ‬والمأتم‭ ‬والكنيسة‭ ‬والمعبد،‭ ‬بتمازج‭ ‬مذهل‭ ‬وغير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

ورحب‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬العالمي‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬خليفة‭ ‬بجمع‭ ‬الحضور،‭ ‬قائلًا‭ ‬“الدائرة‭ ‬المستديرة‭ ‬لاجتماع‭ ‬ممثلي‭ ‬المذاهب‭ ‬والأديان،‭ ‬هي‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وإنني‭ ‬لأنتهز‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬للقول‭ ‬إن‭ ‬لبلادنا‭ ‬تاريخا‭ ‬عريقا‭ ‬يتخطى‭ ‬الثلاثمئة‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬الحريات‭ ‬الدينية،‭ ‬وهي‭ ‬فترة‭ ‬سبقت‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬بالمنطقة”‭.‬

ويضيف‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬“لقد‭ ‬احتفلنا‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بمرور‭ ‬200‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬مرور‭ ‬بناء‭ ‬أول‭ ‬معبد‭ ‬هندوسي‭ ‬العام‭ (‬1819‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬تحديدًا‭ ‬منحت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التصاريح‭ ‬لبناء‭ ‬المعابد‭ ‬والكنائس‭ ‬الدينية‭ ‬لمختلف‭ ‬الأديان‭ ‬والمجتمعات،‭ ‬لتمارس‭ ‬معتقداتها‭ ‬الدينية‭ ‬بكل‭ ‬حرية‭ ‬وأمان”‭.‬

ويردف‭ ‬“من‭ ‬خلال‭ ‬التاريخ‭ ‬لدينا‭ ‬ما‭ ‬يثبت‭ ‬بمساعدة‭ ‬الحكام‭ ‬آنذاك‭ ‬لكل‭ ‬الوافدين‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬دياناتهم‭ ‬ومذاهبهم،‭ ‬ولقد‭ ‬منح‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1890‭ ‬التصريح‭ ‬للبعثة‭ ‬الأميركية‭ ‬ببناء‭ ‬مدرسة،‭ ‬وكنيسة،‭ ‬ومستشفى،‭ ‬والسؤال‭ ‬لماذا‭ ‬منحهم‭ ‬الحاكم‭ ‬كل‭ ‬هذا؟”‭.‬

ويزيد‭ ‬“كانت‭ ‬البحرين‭ ‬كما‭ ‬تعلمون‭ - ‬ولا‭ ‬تزال‭ - ‬مركزًا‭ ‬مهمًا‭ ‬للتجارة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬والمنطقة،‭ ‬يأتيها‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أصقاع‭ ‬الأرض،‭ ‬أديانهم‭ ‬وعقائدهم‭ ‬مختلفة،‭ ‬وعليه‭ ‬فإنهم‭ ‬يحتاجون‭ ‬لأماكن‭ ‬خاصة‭ ‬بهم‭ ‬للعبادة،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬الحاكم‭ ‬كان‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يستقطبهم‭ ‬بوسائل‭ ‬عدة،‭ ‬منها‭ ‬تعزيز‭ ‬سياسات‭ ‬حرية‭ ‬الأديان،‭ ‬ودليل‭ ‬نجاحها‭ ‬هو‭ ‬استمرارها‭ ‬حتى‭ ‬اليوم”‭.‬

وقال‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬“في‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬تبرع‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬لبناء‭ ‬الكاتدرائية‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولقد‭ ‬قال‭ ‬جلالته‭ (‬ورثت‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أجدادي‭)‬”‭.‬

بدورها،‭ ‬قالت‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬العالمي‭ ‬للتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬ييتسي‭ ‬ماثيسون‭ ‬“أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬باقية‭ ‬في‭ ‬قلوبكم،‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نتسامح‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬الأديان‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬نرحب‭ ‬بهم‭ ‬بحرارة،‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬مجال‭ ‬للأعمال،‭ ‬فإن‭ ‬أبواب‭ ‬البحرين‭ ‬لهي‭ ‬مفتوحة‭ ‬لهم‭ ‬دائمًا”‭.‬

وفي‭ ‬مداخلة‭ ‬له،‭ ‬قال‭ ‬رئيس‭ ‬مؤسسة‭ ‬أعمال‭ ‬للحريات‭ ‬الدينية‭ ‬براين‭ ‬جريم‭ ‬“البحرين‭ ‬هي‭ ‬أفضل‭ ‬دراسة‭ ‬حالة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬لدعم‭ ‬المذاهب‭ ‬والأديان،‭ ‬فعندما‭ ‬يكون‭ ‬للأشخاص‭ ‬مطلق‭ ‬الحرية‭ ‬الدينية‭ ‬لكل‭ ‬الأشخاص،‭ ‬ستكون‭ ‬الروابط‭ ‬بين‭ ‬حرية‭ ‬الأديان‭ ‬أفضل‭ ‬وأكثر‭ ‬فائدة‭ ‬للمجتمعات،‭ ‬وللاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء”‭. ‬وأضاف‭ ‬“إنني‭ ‬لأهنئ‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الفعالية‭ ‬الرائعة‭ ‬والمهمة‭ ‬والملهمة،‭ ‬وهو‭ ‬اجتماع‭ ‬منظم‭ ‬يتفوق‭ ‬على‭ ‬الاجتماع‭ ‬الذي‭ ‬عُقد‭ ‬في‭ (‬دافوس‭)‬،‭ ‬وأنني‭ ‬لأؤكد‭ ‬أن‭ ‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬العالمي‭ ‬للتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬سيكون‭ ‬بداية‭ ‬كبيرة‭ ‬وجديدة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬ومساندة‭ ‬حريات‭ ‬الأديان‭ ‬لهذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬ككل”‭.‬

بالأثناء،‭ ‬أوضح‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬مؤسسة‭ ‬أعمال‭ ‬الحرية‭ ‬الدينية‭ ‬غريغ‭ ‬كلارك‭ ‬“بعض‭ ‬الحكومات‭ ‬تستخدم‭ ‬قوانين‭ ‬جافة،‭ ‬ولا‭ ‬تسمح‭ ‬بتسجيل‭ ‬الكنائس‭ ‬منها‭ ‬الدوحة،‭ ‬لذلك‭ ‬أتينا‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬أهنأها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الانفتاح‭ ‬الرائع،‭ ‬وإنها‭ ‬لفرصة‭ ‬بأن‭ ‬تقدم‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخدمات،‭ ‬عبر‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الحكومات‭ ‬لكي‭ ‬نسهم‭ ‬بواقع‭ ‬أفضل‭ ‬للجميع”‭.‬

وأضاف‭ ‬كلارك‭ ‬“أعيش‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ (‬هيوستن‭) ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية،‭ ‬ولقد‭ ‬لاحظت‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬والناجحة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تبني‭ ‬لها‭ ‬مشاريع‭ ‬في‭ (‬هيوستن‭) ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المناطق،‭ ‬والتي‭ ‬تعج‭ ‬بأبعاد‭ ‬دينية‭ ‬وثقافية‭ ‬مختلفة،‭ ‬يتوجب‭ ‬فهمها‭ ‬والتعايش‭ ‬مع‭ ‬منظومتها”‭.‬

وفي‭ ‬مداخلة‭ ‬له،‭ ‬قال‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬البحريني‭ ‬إبراهيم‭ ‬نونو‭ ‬“الهند‭ ‬تعج‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثمئة‭ ‬لغة،‭ ‬وحين‭ ‬نود‭ ‬أن‭ ‬نوظف‭ ‬العمال‭ ‬بشركاتنا‭ ‬من‭ ‬هنالك،‭ ‬فإننا‭ ‬نهتم‭ ‬لأن‭ ‬ندمجهم‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للشركة،‭ ‬بأجواء‭ ‬من‭ ‬الشراكة‭ ‬والتعاون‭ ‬والتفاهم”‭.‬

ويزيد‭ ‬نونو‭ ‬“لدينا‭ ‬موظفين‭ ‬يعملون‭ ‬معنا‭ ‬منهم،‭ ‬منذ‭ ‬قرابة‭ ‬الأربعين‭ ‬عامًا،‭ ‬ومن‭ ‬المستحيل‭ ‬أن‭ ‬يعودوا‭ ‬للهند‭ ‬للاستقرار‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬الوجود‭ ‬الطويل‭ ‬بالبحرين،‭ ‬حيث‭ ‬أضحت‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬بلادهم‭ ‬التي‭ ‬احتضنتهم،‭ ‬ووفرت‭ ‬لهم‭ ‬المعيشة‭ ‬الكريمة‭ ‬والآمنة”‭.‬

ويتابع”‭ ‬أؤكد‭ ‬هنا‭ ‬أهمية‭ ‬اللغة‭ ‬كوسيلة‭ ‬تواصل‭ ‬مهمة،‭ ‬للتقارب‭ ‬والاندماج‭ ‬بين‭ ‬مختلفي‭ ‬ممثلي‭ ‬الأديان‭ ‬والمذاهب‭ ‬والجنسيات”‭.‬