نحاول إنتاج الأفلام القصيرة الصعبة إنتاجيا وضعيفة المردود تجاريا

السيناريست هيثم دبور: أهتم بالقصص الإنسانية التي تدخل القلوب

| طارق البحار

ضمن‭ ‬فعاليات‭ ‬مهرجان‭ ‬القاهرة‭ ‬السينمائي‭ ‬الدولي‭ ‬مؤخرا‭ ‬شارك‭ ‬السيناريست‭ ‬المبدع‭ ‬هيثم‭ ‬دبور‭ ‬بتواجده‭ ‬ضمن‭ ‬النقاشات‭ ‬السينمائية‭ ‬والفنية،‭ ‬ويعتبر‭ ‬دبور‭ ‬من‭ ‬انجح‭ ‬كتاب‭ ‬القصص‭ ‬والسيناريو‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬والعربية‭ ‬وله‭ ‬نجاحات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الافلام‭ ‬مثل‭ ‬“فوتوكوبي”‭ ‬و“ماتعلاش‭ ‬عن‭ ‬الحاجب”‭ ‬و”عيار‭ ‬ناري”‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الافلام‭ ‬الناجحة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الكوميديا‭ ‬والاكشن‭.‬

السيناريست‭ ‬هيثم‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬مايو‭ ‬1986‭ ‬كاتب‭ ‬صحافي‭ ‬وسيناريست‭ ‬وشاعر،‭ ‬له‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤلفات‭ ‬في‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬والشعر،‭ ‬وكذلك‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬الساخرة‭ ‬الناجحة‭ ‬والأفلام‭ ‬القصيرة‭ ‬والتسجيلية‭ ‬والطويلة،‭ ‬تحدث‭ ‬معنا‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬الشائق‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬معه‭:‬

هل‭ ‬هناك‭ ‬تاريخ‭ ‬صلاحية‭ ‬للعمل‭ ‬الفني‭ ‬أو‭ ‬السينمائي؟

بلا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬امر‭ ‬غريب‭ ‬جدا،‭ ‬واعتقد‭ ‬بأن‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬باق‭ ‬و”التريند”‭ ‬في‭ ‬السوشال‭ ‬ميديا‭ ‬يبقى‭ ‬لفترة‭ ‬بسيطة‭ ‬ويختفي،‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬ترند‭ ‬اخر‭ ‬حولنا‭ ‬اليوم،‭ ‬وفي‭ ‬رأيي‭ ‬الشخصي‭ ‬لو‭ ‬السينما‭ ‬لجأت‭ ‬للتريند‭ ‬ستزول‭ ‬بسرعة‭ ‬وسيكون‭ ‬لها‭ ‬وقت‭ ‬صلاحية‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬سألت،‭ ‬وخير‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬كلامي‭ ‬أفلام‭ ‬إحسان‭ ‬عبد‭ ‬القدوس‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬متجددة‭ ‬وقابلة‭ ‬لتقديمها‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وايضا‭ ‬جميع‭ ‬افلام‭ ‬الابيض‭ ‬والاسود‭.‬

قلت‭ ‬في‭ ‬ندوة‭ ‬مشاركة‭ ‬ضمن‭ ‬مهرجان‭ ‬القاهرة‭ ‬حول‭ ‬“وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬–‭ ‬المنتج‭ ‬الصامت”‭: ‬بأني‭ ‬كنت‭ ‬بدخل‭ ‬أتفرج‭ ‬على‭ ‬آراء‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬أفلامي‭ ‬الاخيرة‭ ‬مثل‭ ‬عيار‭ ‬ناري،‭ ‬لم‭ ‬اقرأ‭ ‬اشياء‭ ‬الا‭ ‬بعد‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬طرحهم‭ ‬في‭ ‬السينما،‭ ‬وهذا‭ ‬يرجع‭ ‬للجوئنا‭ ‬للمعايير‭ ‬الغنية‭ ‬وليست‭ ‬معايير‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬والى‭ ‬اراء‭ ‬نقاد‭ ‬السينما‭ ‬المتخصصين‭.‬

كيف‭ ‬تكتب‭ ‬للسينما؟

في‭ ‬البداية‭ ‬أهتم‭ ‬بالقصص‭ ‬الإنسانية‭ ‬السهلة‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬القلوب‭ ‬بسرعة،‭ ‬والتي‭ ‬تبدو‭ ‬بسيطة‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬والتي‭ ‬يراها‭ ‬الآخرون‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فيلمًا‭ ‬بسبب‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القصص‭ ‬البسيطة‭ ‬داخلها‭ ‬تفاصيل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬فيلم‭ ‬سينمائي‭ ‬يشاهدها‭ ‬جميع‭ ‬الطبقات‭ ‬براحة،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬النوع‭ ‬الدرامي‭ ‬والشكل‭ ‬الاخراجي‭.‬

انا‭ ‬اهتم‭ ‬بالموضوع‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬فاجده‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬الشكل‭ ‬الفني‭ ‬للعمل،‭ ‬فالموضوع‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يحكم‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬تقديمه‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬ولا‭ ‬فيلم‭ ‬قصير‭ ‬ولا‭ ‬طويل‭.‬

وقال‭ ‬مؤلف‭ ‬فيلم‭ ‬“ماتعلاش‭ ‬عن‭ ‬الحاجب”،‭ ‬الحائز‭ ‬على‭ ‬نجمة‭ ‬الجونة‭ ‬لأفضل‭ ‬فيلم‭ ‬عربي‭ ‬قصير‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الثانية‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬إن‭ ‬الدراما‭ ‬الحقيقة‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬أبسط‭ ‬الأفكار‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭. ‬

حدثنا‭ ‬عن‭ ‬فيلم‭ ‬فوتوكوبي؟

‭ ‬القصة‭ ‬سهلة‭ ‬الفهم‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬عن‭ ‬محمود،‭ ‬ودارت‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬الخمسينات‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬هو‭ ‬صاحب‭ ‬مكتبة‭ ‬لتصوير‭ ‬المستندات‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬العباسية،‭ ‬يرى‭ ‬محمود‭ ‬أن‭ ‬مهنته‭ ‬والعالم‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬يتلاشى‭ ‬تدريجيا‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬التغييرات‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬أو‭ ‬جيرانه،‭ ‬وفي‭ ‬أحد‭ ‬الأيام‭ ‬يجد‭ ‬موضوعا‭ ‬عن‭ ‬الديناصورات‭ ‬ليبدأ‭ ‬رحلة‭ ‬من‭ ‬الشغف‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬انقراضها‭ ‬ليدفعه‭ ‬هوسه‭ ‬بالديناصورات‭ ‬لإعادة‭ ‬اكتشاف‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬للحياة‭ ‬والحب‭ ‬والصداقة‭ ‬والأبوة‭.‬

الفيلم‭ ‬تم‭ ‬تقديمه‭ ‬بصورة‭ ‬جميلة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬النجم‭ ‬الكبير‭ ‬محمود‭ ‬حميدة‭ ‬والنجمة‭ ‬شيرين‭ ‬رضا‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬بقية‭ ‬الممثلين‭ ‬امثال‭ ‬علي‭ ‬الطيب،‭ ‬وفرح‭ ‬يوسف،‭ ‬وأحمد‭ ‬داش‭ ‬وبيومي‭ ‬فؤاد،‭ ‬وببساطته‭ ‬حقق‭ ‬العددي‭ ‬من‭ ‬الجوائز‭ ‬مثل‭ ‬جائزة‭ ‬أفضل‭ ‬فيلم‭ ‬في‭ ‬مهرجانات‭ ‬الجونة‭ ‬وطرابلس‭ ‬وجمعية‭ ‬الفيلم‭ ‬والمركز‭ ‬الكاثوليكي‭.‬

لماذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬جدل‭ ‬عن‭ ‬فيلم‭ ‬“عيار‭ ‬ناري”؟

بسبب‭ ‬انتماء‭ ‬الفيلم‭ ‬إلى‭ ‬تصنيف‭ ‬جديد‭ ‬وغير‭ ‬معتاد‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬المصرية،‭ ‬فهو‭ ‬فيلم‭ ‬“نيو‭ ‬نوار”،‭ ‬فيغوص‭ ‬“عيار‭ ‬ناري”‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬الجريمة‭ ‬ودوافعها‭ ‬ونفسيات‭ ‬الأبطال،‭ ‬وهو‭ ‬يطرح‭ ‬أسئلة‭ ‬ويدعو‭ ‬للتفكير،‭ ‬ولا‭ ‬يترك‭ ‬إجابات‭ ‬واضحة‭ ‬للجمهور‭ ‬ولا‭ ‬شكل‭ ‬واضح‭ ‬ببساطة‭ ‬كما‭ ‬تعود‭ ‬المشاهدون‭ ‬وتدور‭ ‬أحداثه‭ ‬حول‭ ‬جريمة‭ ‬قتل‭ ‬غامضة‭ ‬تربط‭ ‬مصائر‭ ‬أبطاله‭ ‬وتغير‭ ‬معتقداتهم‭ ‬عن‭ ‬مفهوم‭ ‬الحقيقة‭.‬

وانا‭ ‬سعيد‭ ‬للنجاحات‭ ‬التي‭ ‬حققها‭ ‬الفيلم‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وخارجها،‭ ‬وهو‭ ‬التعاون‭ ‬الأول‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬المخرج‭ ‬كريم‭ ‬الشناوي‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬أحمد‭ ‬الفيشاوي‭ ‬وروبي‭ ‬ومحمد‭ ‬ممدوح‭ ‬وعارفة‭ ‬عبد‭ ‬الرسول‭ ‬وأسماء‭ ‬أبو‭ ‬اليزيد‭.‬

تأثرت‭ ‬كثيرا‭ ‬مع‭ ‬الفيلم‭ ‬القصير‭ ‬الجميل‭ ‬ما‭ ‬تعلاش‭ ‬عن‭ ‬الحاجب‭.. ‬من‭ ‬أين‭ ‬أتت‭ ‬الفكرة؟

بالرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬الفيلم‭ ‬مدته‭ ‬21‭ ‬دقيقة،‭ ‬الا‭ ‬انه‭ ‬استطاع‭ ‬تقديم‭ ‬نفسه‭ ‬بقوة،‭ ‬والقصة‭ ‬بسيطة‭ ‬جدا‭ ‬حول‭ ‬مشكلة‭ ‬فتاة‭ ‬منقبة‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الزواج‭ ‬منخرطة‭ ‬في‭ ‬الجمعيات‭ ‬الدينية‭ ‬والخيرية‭ ‬لكنها‭ ‬تواجه‭ ‬مشكلة‭ ‬شخصية‭ ‬في‭ ‬تهذيب‭ ‬حواجبها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬تكره‭ ‬رؤية‭ ‬وجهها‭ ‬بالمرآة‭ ‬لكن‭ ‬النساء‭ ‬المنقبات‭ ‬تحذرها‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بدعوى‭ ‬أنه‭ ‬حرام‭ ‬دينيا‭ ‬قبل‭ ‬الزواج‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬بعد‭ ‬الزواج‭ ‬إلا‭ ‬بإذن‭ ‬الزوج‭ ‬لتظل‭ ‬الفتاة‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬نفسي‭ ‬بين‭ ‬الاستجابة‭ ‬لراحتها‭ ‬الشخصية‭ ‬والقيود‭ ‬المفروضة‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬اختارت‭ ‬العيش‭ ‬فيه‭ ‬بقصة‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الدقة،‭ ‬والحقيقة‭ ‬كتابة‭ ‬الفيلم‭ ‬اخذ‭ ‬مني‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬وكان‭ ‬قبل‭ ‬فيلم‭ ‬’فوتوكوبي‘،‭ ‬وكان‭ ‬الاساس‭ ‬الاول‭ ‬له‭ ‬هو‭ ‬ايماني‭ ‬بفكرة‭ ‬خصوصية‭ ‬المرأة‭ ‬بنظرة‭ ‬مختلفة‭ ‬وحقيقية‭ ‬عن‭ ‬مجتمع‭ ‬ننظر‭ ‬إليه‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬نظرة‭ ‬نمطية‭ ‬تماما،‭ ‬وهو‭ ‬مجتمع‭ ‬المنقبات،‭ ‬فقمت‭ ‬مراجعة‭ ‬ومذاكرة‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬الخاص‭ ‬جيدا‭ ‬قبل‭ ‬كتابة‭ ‬الفيلم،‭ ‬وكان‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬المذاكرة‭ ‬هو‭ ‬إرسال‭ ‬السيناريو‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المنقبات‭ ‬أو‭ ‬كن‭ ‬منقبات،‭ ‬والحقيقة‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬الغالب‭ ‬الذي‭ ‬جاءنا‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬كان‭.. ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تصنعوا‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم“‭. ‬

وطوال‭ ‬الوقت‭ ‬كنا‭ ‬نحاول‭ ‬إنتاجه‭ ‬لكن‭ ‬الأفلام‭ ‬القصيرة‭ ‬صعبة‭ ‬إنتاجيا‭ ‬لأن‭ ‬مردودها‭ ‬التجاري‭ ‬ضعيف‭ ‬جدا،‭ ‬وعندما‭ ‬سنحت‭ ‬الفرصة‭ ‬قدمناه‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬حتى‭ ‬انني‭ ‬والمخرج‭ ‬شاركنا‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭.‬