رحيل أحد أعمدة الترجمة... صالح علماني

| حوراء جعفر

رحل‭ ‬الأديب‭ ‬والمترجم‭ ‬صالح‭ ‬علماني‭ ‬عن‭ ‬الساحة،‭ ‬بعد‭ ‬مسيرة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الثقافي‭ ‬في‭ ‬ترجمة‭ ‬الروايات،‭ ‬والتي‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬ترجمة‭ ‬100‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬الأسبانية‭ ‬إلى‭ ‬العربية،‭ ‬حيث‭ ‬توفي‭ ‬علماني‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬يناهز‭ ‬70‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬اسبانيا‭ ‬حيث‭ ‬استقر‭ ‬فيها‭ ‬بعد‭ ‬نزوحه‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬هو‭ ‬وعائلته‭.‬

وولد‭ ‬علماني‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬حمص‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬عام‭ ‬1949،‭ ‬واشتهر‭ ‬كأحد‭ ‬اهم‭ ‬المترجمين‭ ‬للروايات‭ ‬الأسبانية،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ترجم‭ ‬لروائيين‭ ‬عالميين‭ ‬كغابرييل‭ ‬غارسيا‭ ‬ماركيز،‭ ‬وإيزابيل‭ ‬إليندي،‭ ‬ماريو‭ ‬بارغاس‭ ‬يوسا،‭ ‬حيث‭ ‬تخصص‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأدب‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬السبعينات،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬عمل‭ ‬اكتشف‭ ‬معه‭ ‬حب‭ ‬الترجمة‭ ‬هو‭ ‬“‭ ‬مئة‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬العزلة”،‭ ‬حيث‭ ‬جذبه‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الوصف‭ ‬والكلمات‭ ‬حتى‭ ‬قرر‭ ‬ترجمته‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬حاول‭ ‬علماني‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬الروايات‭ ‬وفشل‭ ‬فشلا‭ ‬ذريعا‭ ‬ووجد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬ترجمة‭ ‬الروايات‭.‬

وعمل‭ ‬علماني‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وبعدها‭ ‬مترجم‭ ‬في‭ ‬السفارة‭ ‬الكوبية‭ ‬بدمشق،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬انتهى‭ ‬به‭ ‬المطاف‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬السورية‭ ‬حتى‭ ‬تقاعد‭ ‬عام‭ ‬2009،‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬قام‭ ‬بترجمة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تنوعت‭ ‬بين‭ ‬الرواية‭ ‬والشعر‭ ‬والمسرح‭ ‬والمذكرات،‭ ‬وعندما‭ ‬يحب‭ ‬المرء‭ ‬عملا‭ ‬يتقنه‭ ‬هكذا‭ ‬عاش‭ ‬حياته‭ ‬علماني‭ ‬فقد‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬وسام‭ ‬الثقافة‭ ‬والعلوم‭ ‬والفنون‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الرئيس‭ ‬الفلسطيني‭ ‬محمود‭ ‬عباس،‭ ‬وحاز‭ ‬جائزة‭ ‬خيراردو‭ ‬دي‭ ‬كريمونا”‭ ‬الدولية‭ ‬للترجمة‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬وجائزة‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬الدولية‭ ‬لترجمة‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬واشرف‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬ورش‭ ‬الترجمة‭ ‬التطبيقية،‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والندوات‭ ‬العربية‭ ‬حول‭ ‬الترجمة‭.‬

ومن‭ ‬اشهر‭ ‬ما‭ ‬ترجمه‭ ‬الراحل‭ ‬صالح‭ ‬علماني‭ ‬“الحب‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الكوليرا”،‭ ‬“ساعة‭ ‬الشؤوم”،‭ ‬“‭ ‬قصة‭ ‬موت‭ ‬معلن”،‭ ‬“‭ ‬عشت‭ ‬لأروي‭ ‬“،‭ ‬وترجم‭ ‬كذلك‭ ‬لروائية‭ ‬التشيلية‭ ‬إيزابيل‭ ‬أليندي‭ ‬إنيس‭ ‬“‭ ‬حبيبة‭ ‬روحي‭ ‬و”ابنة‭ ‬الحظ”‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬الطريق‭ ‬لعلماني‭ ‬معبد‭ ‬بالورود،‭ ‬فقد‭ ‬كافح‭ ‬وعمل‭ ‬واجتهد‭ ‬حتى‭ ‬وضع‭ ‬اسمه‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬المترجمين‭ ‬الكبار،‭ ‬وها‭ ‬هو‭ ‬الموت‭ ‬يخطفه‭ ‬من‭ ‬ساحة‭ ‬الأدب،‭ ‬ويخلف‭ ‬الحزن‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬محبيه‭.‬