أثر الحرب التجارية بين أميركا والصين على قطاع الطاقة

| علي محمد الصباغ

أثار‭ ‬حظر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تصدير‭ ‬المكونات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬اللازمة‭ ‬لمنتجات‭ ‬شركتي‭ ‬ZTE‭ ‬وHuawei‭ ‬الصينيتين‭ ‬عدة‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬المخاطر‭ ‬المحتملة‭ ‬والمترتبة‭ ‬من‭ ‬اعتماد‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬اللازمة‭ ‬لدعم‭ ‬اقتصادها‭ ‬الوطني‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭ ‬بين‭ ‬القوتين‭ ‬الاقتصاديتين‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ارتكزت‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬إلا‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تُوسّع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نطاق‭ ‬الحرب‭ ‬لتشمل‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬قطاعاً‭ ‬حيوياً‭ ‬مهماً‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الصيني‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تعرُّض‭ ‬الصين‭ ‬المباشر‭ ‬تجاه‭ ‬مخاطر‭ ‬صادرات‭ ‬الطاقة‭ ‬الأميركية‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ضئيلاً‭ ‬أو‭ ‬معدوماً،‭ ‬إلا‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬مُحصّنة‭ ‬اقتصادياً‭ ‬ضد‭ ‬سياسات‭ ‬الطاقة‭ ‬الأميركية‭. ‬إن‭ ‬القائمة‭ ‬السوداء‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬السلطات‭ ‬الأميركية‭ ‬مؤخراً‭ ‬تحوي‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬ناقلات‭ ‬النفط‭ ‬التي‭ ‬تديرها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬الملاحة‭ ‬الصينية‭ ‬–‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬شركة‭ ‬COSCO‭ ‬العملاقة‭ ‬والمملوكة‭ ‬للسلطات‭ ‬الصينية‭ ‬–‭ ‬والتي‭ ‬تزعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بأنها‭ ‬خرقت‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬إيران‭. ‬وصدور‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬الشحن‭ ‬بناقلات‭ ‬النفط‭ ‬الخام،‭ ‬وخلق‭ ‬صعوبات‭ ‬لوجستية‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬الصين‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬الخيارات‭ ‬جاذبية‭ ‬لتخفيض‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬للصين‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬أخذت‭ ‬في‭ ‬التلاشي‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير،‭ ‬خصوصاً‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬باتفاقيات‭ ‬إمدادات‭ ‬الطاقة‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬الطويلة‭ ‬الأجل‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬ضرورية‭ ‬لنمو‭ ‬صناعة‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المُسال‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬مهم‭ ‬لكونه‭ ‬داعماً‭ ‬للنهضة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬وبدون‭ ‬توافر‭ ‬الطاقة‭ ‬اللازمة‭ ‬فإن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الصيني‭ ‬سيتوقف‭ ‬عن‭ ‬النمو‭. ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬لا‭ ‬تُعد‭ ‬أكبر‭ ‬مستهلك‭ ‬للطاقة‭ ‬الأولية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬أكبر‭ ‬مستورد‭ ‬للنفط‭ ‬والغاز‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭. ‬وبحسب‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬تُعد‭ ‬واردات‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬وارداتها‭ ‬بعد‭ ‬المعدات‭ ‬الكهربائية‭ ‬–‭ ‬والتي‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬إعادة‭ ‬تصديرها‭.‬

أمن‭ ‬الطاقة

مع‭ ‬تقلص‭ ‬نصيب‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬احتياطي‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬نسبياً،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تعتمد‭ ‬الصين‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تستورده‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬لتلبية‭ ‬الطلب‭ ‬المحلي‭ ‬المتزايد‭. ‬ففي‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬ارتفع‭ ‬اعتماد‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬المستوردة‭ ‬إلى‭ ‬20‭% ‬وهو‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬وبحسب‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي‭ ‬عن‭ ‬الإدارة‭ ‬الوطنية‭ ‬للطاقة‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬اعتماد‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬المستوردة‭ ‬إلى‭ ‬30‭% ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يخلق‭ ‬مخاطر‭ ‬أكبر‭ ‬حول‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬الصين‭. ‬بالنسبة‭ ‬للحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬الحاكم،‭ ‬فإن‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأهمية‭ ‬بعد‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والسياسي‭. ‬فمع‭ ‬تصاعد‭ ‬المخاوف‭ ‬في‭ ‬بكين‭ ‬حول‭ ‬الآثار‭ ‬المترتبة‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قلق‭ ‬متزايد‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬الصينية‭ ‬حول‭ ‬نقطة‭ ‬ضعف‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬الصين‭ ‬للطاقة،‭ ‬اذ‭ ‬يمر‭ ‬معظم‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المُسال‭ ‬المستورد‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬عبر‭ ‬“مضيق‭ ‬ملقا”‭ ‬–‭ ‬الواقع‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا،‭ ‬بين‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬ماليزيا‭ ‬وجزيرة‭ ‬سومطرة‭ ‬الإندونيسية‭ ‬–‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الممرات‭ ‬البحرية‭ ‬الأخرى،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬للبحرية‭ ‬الأميركية‭ ‬أن‭ ‬تغلقها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ارتأت‭ ‬ذلك‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬الصين‭ ‬خطوط‭ ‬أنابيب‭ ‬بديلة‭ ‬لاستيراد‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬عبر‭ ‬كُلٍ‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬وآسيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬كافية‭ ‬لتعويض‭ ‬النقص‭ ‬في‭ ‬الطاقة‭ ‬اللازمة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تم‭ ‬فرض‭ ‬حظر‭ ‬بحري‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬شلل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الصيني‭.‬

استجابةً‭ ‬للتوترات‭ ‬المتزايدة،‭ ‬أعادت‭ ‬الصين‭ ‬تركيز‭ ‬جهودها‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭. ‬ففي‭ ‬يوليو‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬طلب‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭  ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬وشركات‭ ‬النفط‭ ‬الصينية‭ ‬تنفيذ‭ ‬تدابير‭ ‬وخطط‭ ‬لزيادة‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭. ‬استجابت‭ ‬شركات‭ ‬النفط‭ ‬الصينية‭ ‬الثلاث‭ ‬الكبرى‭ ‬PetroChina‭ ‬و‭ ‬Sinopec‭ ‬و‭ ‬CNOOC‭ ‬ودعمت‭ ‬رؤوس‭ ‬أموال‭ ‬استثماراتها‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التنقيب‭ ‬والإنتاج‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بحوالي‭ ‬77‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬–‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬18‭% ‬عن‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭. ‬ولكن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التدابير‭ ‬محدودة‭ ‬الأثر‭ ‬وغير‭ ‬مجدية‭. ‬فقد‭ ‬بلغ‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬ذروته‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬عند‭ ‬4‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬وتراجع‭ ‬من‭ ‬بعدها‭ ‬إلى‭ ‬3‭.‬8‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬نتيجة‭ ‬إغلاق‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬حقول‭ ‬النفط‭ ‬الغير‭ ‬مُربحة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬الصين‭ ‬عن‭ ‬تنامي‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تنفيذها‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬كافية‭ ‬لمواكبة‭ ‬النمو‭ ‬المتسارع‭ ‬في‭ ‬الطلب‭ ‬المحلي‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬والذي‭ ‬يقدر‭ ‬بـ‭ ‬3‭ ‬إلى‭ ‬4‭ % ‬بحسب‭ ‬إدارة‭ ‬معلومات‭ ‬الطاقة‭ ‬الأميركية،‭ ‬لذا‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تواصل‭ ‬واردات‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬الارتفاع‭.‬

وبالمثل،‭ ‬أدى‭ ‬النمو‭ ‬المتسارع‭ ‬في‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الصينية‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬سريع‭ ‬في‭ ‬واردات‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬الغاز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬باتت‭ ‬الصين‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬مستورد‭ ‬للغاز‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬اليابان‭. ‬فقد‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬سوق‭ ‬الغاز‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬272‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬تم‭ ‬إنتاج‭ ‬152‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬منه‭ ‬محلياً‭ ‬بينما‭ ‬تم‭ ‬استيراد‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬120‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬–‭ ‬تتضمن‭ ‬69‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المُسال‭ ‬و51‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬خطوط‭ ‬الأنابيب‭. ‬وبحسب‭ ‬مصدر‭ ‬مسؤول‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬Sinopec Gas‭ ‬المملوكة‭ ‬للحكومة‭ ‬الصينية،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يزيد‭ ‬الطلب‭ ‬المحلي‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬بمقدار‭ ‬10‭% ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭.‬

ارتفاع‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الطاقة

ذكر‭ ‬تقرير‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬2018‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬الأبحاث‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬التابع‭ ‬لمؤسسة‭ ‬البترول‭ ‬الوطنية‭ ‬الصينية‭  ‬بأن‭ ‬بكين‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يُشكل‭ ‬الغاز‭ ‬15‭% ‬من‭ ‬مزيج‭ ‬الطاقة‭ ‬بحلول‭ ‬2030،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬بأن‭ ‬حجم‭ ‬الطلب‭ ‬عليه‭ ‬سيصل‭ ‬إلى‭ ‬600‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭. ‬وعلى‭ ‬افتراض‭ ‬أن‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬سيزيد‭ ‬ليتمكن‭ ‬من‭ ‬تلبية‭ ‬نصف‭ ‬حجم‭ ‬الطلب‭ ‬المتوقع،‭ ‬فإن‭ ‬حجم‭ ‬واردات‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬اللازم‭ ‬لتغطية‭ ‬المتبقي‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬الطلب‭ ‬سيصل‭ ‬إلى‭ ‬300‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬إمدادات‭ ‬الغاز‭ ‬المستورد‭ ‬تقارب‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المُسال‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬خطوط‭ ‬الأنابيب‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬–‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬إضافة‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬المقبلة‭ ‬تُقدر‭ ‬بحجم‭ ‬الطلب‭ ‬الحالي‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬في‭ ‬اليابان‭!.‬

إذا‭ ‬كانت‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تتجهان‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التعايش‭ ‬العدائي،‭ ‬فإن‭ ‬الصين‭ ‬قد‭ ‬تحاول‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الإنتاج‭. ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬سيؤثر‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬أسواق‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬الرئيسي‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كسوق‭ ‬استهلاكي‭ ‬ضخم‭ ‬ذو‭ ‬نمو‭ ‬متسارع،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يمثل‭ ‬حوالي‭ ‬40‭% ‬من‭ ‬النمو‭ ‬العالمي‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬المقبل،‭ ‬بحسب‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬فيه‭ ‬الصين‭ ‬ببذل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعها‭ ‬لإنتاج‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الصخري،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حدود‭ ‬لما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحققه‭. ‬ويبدو‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المُحتم‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬وارداتها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬في‭ ‬التصاعد‭. ‬خسارة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لقطاع‭ ‬توريد‭ ‬الطاقة‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬سيشكل‭ ‬مكسباً‭ ‬للآخرين،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كلٍ‭ ‬من‭ ‬أستراليا‭ ‬وروسيا‭ ‬–‭ ‬أكبر‭ ‬موردي‭ ‬الطاقة‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬–‭ ‬الرابحان‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭ ‬المتصاعدة‭ ‬بين‭ ‬القوتين‭ ‬الاقتصاديتين‭.‬