جسيمات غير مرئية بالهواء “تخترق الرئة وتسبب الوفاة”

بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الأبحاث‭ ‬والتقارير‭ ‬عن‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء،‭ ‬تكشفت‭ ‬لنا‭ ‬حقائق‭ ‬جديدة‭ ‬تدحض‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬طالعتنا‭ ‬بها‭ ‬الصحف‭ ‬عن‭ ‬أكبر‭ ‬مشكلة‭ ‬بيئية‭ ‬يواجهها‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭.‬

وطالما‭ ‬قرأنا،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أن‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬قطرها‭ ‬2‭.‬5‭ ‬ميكرومتر‭ ‬قد‭ ‬تتغلغل‭ ‬في‭ ‬الرئة‭ ‬وتنفذ‭ ‬إلى‭ ‬مجرى‭ ‬الدم‭. ‬لكن‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجسيمات‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬تخترق‭ ‬الرئة‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬أكبر‭ ‬مسبب‭ ‬للموت‭ ‬غاب‭ ‬عن‭ ‬عناوين‭ ‬الصحف‭ ‬الرئيسة،‭ ‬ولا‭ ‬يكاد‭ ‬يتحدث‭ ‬عنه‭ ‬أحد‭ ‬خارج‭ ‬الدوائر‭ ‬العلمية‭. ‬إذ‭ ‬اكتشف‭ ‬أن‭ ‬القاتل‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬جسيمات‭ ‬متناهية‭ ‬الصغر‭ ‬يبلغ‭ ‬قطرها‭ ‬100‭ ‬نانومتر‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬وتسمى‭ ‬الجسيمات‭ ‬النانوية‭.‬

وتكمن‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬السلطات‭ ‬العامة‭ ‬تصف‭ ‬جميع‭ ‬الجسيمات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬قطرها‭ ‬2‭.‬5‭ ‬ميكرومتر‭ ‬بأنها‭ ‬تحمل‭ ‬نفس‭ ‬المخاطر‭ ‬الصحية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تسيء‭ ‬تقاريرهم‭ ‬تقدير‭ ‬المخاطر‭ ‬الحقيقية‭ ‬للجسيمات‭ ‬النانوية‭.‬

وقد‭ ‬تشغل‭ ‬سحابة‭ ‬من‭ ‬مليارات‭ ‬الجسيمات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬قطرها‭ ‬10‭ ‬نانومترات‭ ‬مساحة‭ ‬أكبر‭ ‬ملايين‭ ‬المرات‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يشغلها‭ ‬جسيم‭ ‬واحد‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬قطره‭ ‬10‭ ‬ميكرومتر،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬كلاهما‭ ‬له‭ ‬نفس‭ ‬الكتلة‭. ‬وهذه‭ ‬المساحة‭ ‬ستكون‭ ‬مليئة‭ ‬بجسيمات‭ ‬الوقود‭ ‬غير‭ ‬المحترق‭ ‬السام‭ ‬من‭ ‬عوادم‭ ‬المركبات‭.‬

وبينما‭ ‬تعجز‭ ‬الجسيمات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬قطرها‭ ‬2‭.‬5‭ ‬ميكرومتر‭ ‬عن‭ ‬اختراق‭ ‬الرئة،‭ ‬فإن‭ ‬الجسيمات‭ ‬النانوية‭ ‬يمكنها‭ ‬النفاذ‭ ‬عبر‭ ‬جدران‭ ‬الرئة‭ ‬ودخول‭ ‬مجرى‭ ‬الدم،‭ ‬ومنه‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬عضو‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬الجسم‭ ‬والشرايين‭ ‬في‭ ‬الجسم،‭ ‬وتسبب‭ ‬نفس‭ ‬الضرر‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تسببه‭ ‬للرئة‭.‬