ومضة قلم

من يرفع الغبن عن المعلمين

| محمد المحفوظ

التوجيهات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬صريحة‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيها‭ ‬وتحث‭ ‬الوزارات‭ ‬والهيئات‭ ‬الحكومية‭ ‬على‭ ‬المبادرة‭ ‬بالرد‭ ‬على‭ ‬شكاوى‭ ‬المواطنين،‭ ‬وإنّ‭ ‬سموه‭ ‬يشدد‭ ‬على‭ ‬سرعة‭ ‬إنجاز‭ ‬المعاملات‭ ‬دون‭ ‬إبطاء‭ ‬أو‭ ‬تسويف،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬الدهشة‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬جهات‭ ‬حكومية‭ ‬تضرب‭ ‬بالشكاوى‭ ‬عرض‭ ‬الحائط،‭ ‬وخصوصا‭ ‬ما‭ ‬ينشر‭ ‬عبر‭ ‬الصحافة‭. ‬كنا‭ ‬نتمنى‭ ‬لو‭ ‬أنّ‭ ‬أحد‭ ‬المسؤولين‭ ‬بوزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬تجشم‭ ‬عناء‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أثرناه‭ ‬بخصوص‭ ‬“قضية‭ ‬المعلمة”،‭ ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬اتضح‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬تعاملت‭ ‬معها‭ ‬بوصفها‭ ‬ليست‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬“كلام‭ ‬جرايد”‭ ‬وهذا‭ ‬محزن‭ ‬جدا‭!‬

يبدو‭ ‬لنا‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬المعلمون‭ ‬والمعلمات‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬صحية‭ ‬لا‭ ‬يهم‭ ‬الوزارة‭ ‬ولا‭ ‬يشكل‭ ‬عائقا‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬التعليم،‭ ‬وكأنّ‭ ‬المنتسبين‭ ‬لحقل‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬مجرد‭ ‬“روبوتات”‭ ‬لا‭ ‬يمسهم‭ ‬أي‭ ‬عارض‭ ‬صحيّ‭ ‬يعيقهم‭ ‬عن‭ ‬النهوض‭ ‬بالرسالة‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت،‭ ‬وكم‭ ‬هو‭ ‬محزن‭ ‬أنّ‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬لا‭ ‬تتذكر‭ ‬أعضاء‭ ‬الهيئات‭ ‬التعليمية‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬الوفاة،‭ ‬فتبادر‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬التعزية‭ ‬مرفقة‭ ‬بالعبارة‭ ‬المألوفة‭... ‬إنّ‭ ‬المعلم‭ ‬أفنى‭ ‬زهرة‭ ‬شبابه‭ ‬في‭ ‬أقدس‭ ‬رسالة‭... ‬إلخ‭. ‬ماذا‭ ‬تنفع‭ ‬الكلمات‭ ‬بحق‭ ‬المعلمين‭ ‬بعد‭ ‬تهميشهم‭ ‬خلال‭ ‬حياتهم؟‭ ‬إنها‭ ‬صحوة‭ ‬ضمير‭ ‬متأخرة‭ ‬كما‭ ‬عبّر‭ ‬البعض‭ ‬عنها‭ ‬وبعبارة‭ ‬أكثر‭ ‬صراحة‭ ‬إنها‭ ‬تقليل‭ ‬من‭ ‬شأنهم‭ ‬ومكانتهم‭.‬

ثم‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬الأسى‭ ‬والأسف‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬أن‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬المعلمين‭ ‬تنفيذ‭ ‬المنهج‭ ‬دون‭ ‬حتى‭ ‬استشارتهم،‭ ‬وكأن‭ ‬المعلم‭ ‬آلة‭ ‬أوتوماتيكية‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬سوى‭ ‬ضغطة‭ ‬زر‭. ‬المعلمون‭ ‬يطالبون‭ ‬بإشراكهم‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬المناهج‭ ‬المدرسية،‭ ‬وليسوا‭ ‬مجرد‭ ‬“كومبارس”‭ ‬لا‭ ‬دور‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬الرواية‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬يستغرب‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬وجدنا‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬المعلمين‭ ‬تمارس‭ ‬التدريس‭ ‬بسلبية‭ ‬وعدم‭ ‬اهتمام،‭ ‬والمفارقة‭ ‬هنا‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬مطالبة‭ ‬المعلمين‭ ‬بإصلاح‭ ‬الثغرات‭.‬

الذي‭ ‬لا‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬الذاكرة‭ ‬أن‭ ‬مسؤولا‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬له‭ ‬ألصق‭ ‬بالمعلمين‭ ‬البحرينيين‭ ‬تهمة‭ ‬أنهم‭ ‬“لا‭ ‬يحبون‭ ‬التطوير‭...‬”‭ ‬لكن‭ ‬الواقع‭ ‬يدحض‭ ‬هذه‭ ‬التهمة‭ ‬تماما،‭ ‬فالذي‭ ‬تأكد‭ ‬أنّ‭ ‬الكثيرين‭ ‬يقبلون‭ ‬على‭ ‬الدراسة‭ ‬وعلى‭ ‬حسابهم‭ ‬الخاص‭ ‬لنيل‭ ‬أعلى‭ ‬الدرجات‭ ‬العلمية‭.‬

ختاما‭ ‬ندعوا‭ ‬أصحاب‭ ‬القرار‭ ‬بوزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬إلى‭ ‬الرفق‭ ‬بهذا‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يبخل‭ ‬لا‭ ‬بالوقت‭ ‬ولا‭ ‬بالجهد‭ ‬وتحت‭ ‬أقسى‭ ‬الظروف‭ ‬وكان‭ ‬يجب‭ ‬بالتالي‭ ‬تقدير‭ ‬ظروفه‭ ‬وتذليل‭ ‬الصعاب‭ ‬أمامه‭.‬