سمو رئيس الوزراء سياسي متفهم.. دافئ.. ولدت بيننا محبة

إبراهيم عبدالكريم (2-1) .. رجل الاقتصاد

أول‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬1967‭.. ‬رجل‭ ‬دولة‭ ‬بحق‭ ‬ في‭ ‬1970‭ ‬أصبحت‭ ‬مديرا‭ ‬للشؤون‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ثم‭ ‬وكيلا‭ ‬للمالية عشنا‭ ‬ظروفا‭ ‬صعبة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بسبب‭ ‬التداعيات‭ ‬السياسية عملت‭ ‬مدرسا‭ ‬لمادتي‭ ‬الإنجليزي‭ ‬والعلوم‭ ‬براتب‭ ‬200‭ ‬روبية‭ ‬ رفضت‭ ‬وزارة‭ ‬الزراعة‭ ‬وأكرمني‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بالمالية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬ والدي‭ ‬رفض‭ ‬ذهابي‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬وضاعت‭ ‬البعثة‭ ‬ درست‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬مجموعي‭ ‬أهلني‭ ‬للطب نصحني‭ ‬الشيراوي‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬بابكو‭ ‬لتعلّم‭ ‬التنظيم‭ ‬والمؤسسية

 

حياة‭ ‬مليئة‭ ‬بالمثابرة‭ ‬والجهد‭ ‬والعطاء،‭ ‬بدأ‭ ‬ابن‭ ‬الحد‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬بسيطة‭ ‬من‭ ‬الصفر‭ ‬ووصل‭ ‬إلى‭ ‬القمة،‭ ‬خدم‭ ‬البحرين‭ ‬وأهلها‭ ‬وحكّامها،‭ ‬دافع‭ ‬عن‭ ‬عروبة‭ ‬وخليفية‭ ‬الوطن‭ ‬الذي‭ ‬يسكن‭ ‬قلبه‭ ‬أينما‭ ‬حل‭ ‬وارتحل‭.‬

يسجل‭ ‬لإبراهيم‭ ‬عبدالكريم،‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المتمرس،‭ ‬دوره‭ ‬ومساهمته‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬30‭ ‬عاما،‭ ‬تنقل‭ ‬خلالها‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬والوظائف،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬الشؤون‭ ‬الاقتصادية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬وزيرا‭ ‬للمالية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬

كما‭ ‬يعتبر‭ ‬عبدالكريم‭ ‬مهندسا‭ ‬جعل‭ ‬المنامة‭ ‬مركزا‭ ‬ماليا‭ ‬عالميا‭ ‬عندما‭ ‬أطلق‭ ‬فكرة‭ ‬جذب‭ ‬البنوك‭ ‬والمصارف‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬المحلية،‭ ‬بما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ‭ ‬“الأفشور”‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬مستفيدا‭ ‬من‭ ‬صعود‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬وبدء‭ ‬تراكم‭ ‬فوائضه‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬واستثمار‭ ‬إمكانات‭ ‬البحرين‭ ‬وبنيتها‭ ‬التحتية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬الأفضل‭ ‬بالمنطقة‭.‬

اشتغل‭ ‬معلما‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يدرس‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬ويعود‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الوطن‭ ‬حاملا‭ ‬علومه‭ ‬وفكره‭ ‬وتفوقه،‭ ‬حيث‭ ‬اعتاد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مراحل‭ ‬التعليم‭. ‬عمل‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬نفط‭ ‬البحرين‭ ‬“بابكو”‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬الوقت،‭ ‬ومارس‭ ‬الصحافة‭ ‬بعضا‭ ‬آخر،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يستقر‭ ‬بالحكومة‭.‬

تنبه‭ ‬له‭ ‬باني‭ ‬البحرين،‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬مبكرا،‭ ‬وكعادة‭ ‬رجل‭ ‬الدولة،‭ ‬قربه‭ ‬وأعطاه‭ ‬الصلاحيات‭ ‬والثقة‭ ‬ليستثمر‭ ‬إمكاناته،‭ ‬فقامت‭ ‬بينهما‭ ‬علاقة‭ ‬عمل‭ ‬ومودة‭ ‬وأخوّة،‭ ‬واجتمعا‭ ‬على‭ ‬حب‭ ‬البحرين‭ ‬والسهر‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬الأوطان‭.‬

حدثنا‭ ‬أبو‭ ‬مازن‭ ‬عن‭ ‬حياته‭ ‬وفتح‭ ‬قلبه‭ ‬لـ‭ ‬“البلاد”‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬تلخيص‭ ‬مسيرة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬على‭ ‬صفحتين،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬تحتاج‭ ‬صحيفتين‭ ‬من‭ ‬الحجم‭ ‬الكبير‭. ‬

فيما‭ ‬يلي‭ ‬نص‭ ‬الحوار‭ ‬دون‭ ‬تدخل،‭ ‬كما‭ ‬سمعناه‭ ‬من‭ ‬ضيفنا‭ ‬العزيز‭ ‬مباشرة‭: ‬

حدثنا‭ ‬عن‭ ‬البدايات‭ ‬

أنا‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬1940‭ ‬في‭ ‬الحد،‭ ‬وتلقيت‭ ‬التعليم‭ ‬بالمراحل‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬مدارسها،‭ ‬وتخرجت‭ ‬في‭ ‬1953،‭ ‬وكنت‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬المملكة،‭ ‬لأنتقل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬الثانوية‭ ‬بالمنامة‭.‬

كانت‭ ‬المنامة‭ ‬بعيدة‭ ‬نسبيا،‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬أعرفها‭ ‬جيدا،‭ ‬فقد‭ ‬زرتها‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬مرتين‭ ‬أو‭ ‬ثلاث‭ ‬فقط،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الذهاب‭ ‬إليها‭ ‬شيء‭ ‬مميز‭. ‬أتذكر‭ ‬أنه‭ ‬أقيم‭ ‬حفل‭ ‬كبير‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الابتدائية‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬سينما‭ ‬القصيبي‭ ‬لتكريم‭ ‬الأستاذ‭ ‬أحمد‭ ‬العمران،‭ ‬أبو‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬بمناسبة‭ ‬مرور‭ ‬30‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬بقائه‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬وبالطبع‭ ‬استمر‭ ‬العمران‭ ‬في‭ ‬عطائه‭ ‬لنحو‭ ‬50‭ ‬عاما،‭ ‬وأصبح‭ ‬وزيرا‭ ‬للتربية‭.‬

‭ ‬اختاروا‭ ‬مجموعة‭ ‬طلبة‭ ‬من‭ ‬مدرستنا‭ ‬للمشاركة‭ ‬بالحفل‭ ‬كنت‭ ‬أحدهم،‭ (...) ‬كان‭ ‬الذهاب‭ ‬للمنامة‭ ‬عيدا،‭ ‬فرحنا‭ ‬له‭ ‬كثيرا،‭ ‬وشاركنا‭ ‬بالحفل‭ ‬الذي‭ ‬حضره‭ ‬حاكم‭ ‬البحرين‭ ‬وقتها‭ ‬الشيخ‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭.‬

علق‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬يومها‭ ‬قصيدة،‭ ‬أحفظ‭ ‬بعض‭ ‬أبياتها‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬60‭ ‬عاما،‭ ‬ألقاها‭ ‬أستاذ‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بالمدرسة‭ ‬الثانوية،‭ ‬وهو‭ ‬مصري‭ ‬يدعى‭ ‬أحمد‭ ‬سالم‭.‬

التحقت‭ ‬بعدها‭ ‬بمدرسة‭ ‬المنامة‭ ‬الثانوية‭ ‬وسكنت‭ ‬القسم‭ ‬الداخلي،‭ ‬كأبناء‭ ‬جيلي‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يقطنون‭ ‬خارج‭ ‬العاصمة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الزمن،‭ ‬حيث‭ ‬يتعذر‭ ‬الذهاب‭ ‬للبيت‭ ‬يوميا‭ ‬لبعد‭ ‬المسافة‭ ‬وغياب‭ ‬المواصلات‭.‬

ضياع‭ ‬بعثة‭ ‬بيروت

بعد‭ ‬سنتين‭ ‬بالمدرسة‭ ‬الثانوية‭ ‬تم‭ ‬تقسيمنا‭ ‬إلى‭ ‬فروع‭ ‬العلمي‭ ‬والأدبي‭ ‬والتجاري‭ ‬والمعلمين،‭ ‬وأنا،‭ ‬ولا‭ ‬أعلم‭ ‬لماذا‭ ‬اخترت‭ ‬قسم‭ ‬معلمين،‭ ‬ثم‭ ‬تخرجت‭ ‬وكنت‭ ‬الأول،‭ ‬وحصلت‭ ‬على‭ ‬بعثة‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬لكن‭ ‬الوالد،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متحمسا‭ ‬لسفري،‭ ‬وبالطبع‭ ‬خضعت‭ ‬لإرادته‭.‬

كان‭ ‬والدي‭ ‬بسيطا،‭ ‬ولديه‭ ‬دكان‭ (‬بقالة‭) ‬متواضعة‭ ‬يبيع‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬الأغراض‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تبريد‭ ‬أو‭ ‬تثليج،‭ ‬فيما‭ ‬يذهب‭ ‬بالصيف‭ ‬للغوص‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هجر‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬الشاقة‭ ‬بنهاية‭ ‬الأربعينات‭.‬

قررت‭ ‬العمل‭ ‬بالتدريس،‭ ‬وعملت‭ ‬معلما‭ ‬لمادتي‭ ‬الإنجليزي‭ ‬والعلوم‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬الحد‭ ‬4‭ ‬سنوات،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬راتب‭ ‬تقاضيته‭ ‬200‭ ‬روبية‭ (‬20‭ ‬دينارا‭).‬

بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أيقنت‭ ‬بأهمية‭ ‬ذهابي‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة،‭ ‬وبدأت‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬فرصة،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬بعثة‭ ‬بعد‭ ‬استنكافي‭ ‬لبعثة‭ ‬بيروت،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬كانت‭ ‬ظروف‭ ‬الوالد‭ ‬المالية‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بتدريسي‭ ‬على‭ ‬حسابه‭ ‬الخاص‭.‬

وفي‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬كان‭ ‬اتحاد‭ ‬الأندية‭ ‬الوطنية‭ ‬بالبحرين‭ ‬يبتعث‭ ‬طلابا‭ ‬إلى‭ ‬بغداد،‭ ‬وبالفعل‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬مقعد،‭ (...) ‬حزمت‭ ‬أمتعتي‭ ‬وانطلقت‭ ‬إلى‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬1961،‭ ‬وعند‭ ‬وصولي‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬المسؤولون‭ ‬بالجامعة‭ ‬أنه‭ ‬باستطاعتي‭ ‬دراسة‭ ‬الطب‭ ‬أو‭ ‬الهندسة،‭ ‬لكنني‭ ‬اخترت‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لحبي‭ ‬له‭.‬

الحياة‭ ‬في‭ ‬بغداد

كانت‭ ‬الظروف‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬صعبة،‭ (...) ‬يعيش‭ ‬الشارع‭ ‬آخر‭ ‬أيام‭ ‬المد‭ ‬الشيوعي،‭ ‬والمباحث‭ ‬منتشرين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬ثم‭ ‬صارت‭ ‬ثورة‭ ‬رمضان‭ (‬8‭ ‬فبراير‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬قتل‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالكريم‭ ‬قاسم،‭ ‬ليخلفه‭ ‬عبدالسلام‭ ‬عارف‭. ‬الوضع‭ ‬متوتر‭ ‬وصعب‭ ‬وخطير‭ ‬وتغييرات‭ ‬سياسية‭ ‬سريعة،‭ ‬وأحزاب‭ ‬ونشطاء‭ ‬وحراك،‭ (...) ‬شيوعيون‭ ‬وبعثيون‭ ‬وقوميون‭ ‬وغيرهم‭.‬

بعد‭ ‬9‭ ‬أشهر‭ ‬حدث‭ ‬انقلاب‭ ‬نفذه‭ ‬البعثيون‭ ‬الجدد،‭ ‬واستلم‭ ‬أحمد‭ ‬حسن‭ ‬البكر،‭ ‬وبدأت‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭. ‬

العودة‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬ولقاء‭ ‬الشيرواي

انتهيت‭ ‬دراستي‭ ‬وعدت‭ ‬للبحرين‭ ‬لتبدأ‭ ‬مرحلة‭ ‬الحياة‭ ‬العملية‭ ‬الجديدة‭.‬

ذهبت‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬1965‭ ‬للقاء‭ ‬سكرتير‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬الأخ‭ ‬يوسف‭ ‬الشيراوي،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬أعرفه‭ ‬قبلها،‭ ‬عرفته‭ ‬بنفسي،‭ ‬فقال‭ ‬لي‭: ‬أنا‭ ‬أبحث‭ ‬عنك‭.‬

وواصل‭: ‬أوصاني‭ ‬بك‭ ‬أستاذك‭ ‬الدكتور‭ ‬حميد‭ ‬القيسي،‭ ‬فقد‭ ‬بعث‭ ‬لي‭ ‬برسالة‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭ ‬“عليك‭ ‬الاهتمام‭ ‬بإبراهيم‭ ‬عبدالكريم،‭ ‬سيكون‭ ‬رجل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬البحرين”‭.‬

بصراحة‭ ‬سعدت‭ ‬كثيرا‭ ‬بذلك،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬أستاذي‭ ‬الذي‭ ‬أعتز‭ ‬به‭.‬

وتابع‭ ‬الشيرواي‭ ‬حديثه‭: ‬لن‭ ‬أوظفك‭ ‬في‭ ‬الحكومة،‭ ‬لن‭ ‬تستطيع‭ ‬التقدم‭ ‬والإنجاز‭ ‬فيها‭ ‬حاليا،‭ ‬لكنني‭ ‬أريدك‭ ‬أن‭ ‬تذهب‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬نفط‭ ‬البحرين‭ ‬“بابكو”،‭ ‬فهي‭ ‬منظمة‭ ‬ومؤسسية،‭ (...) ‬تعلّم‭ ‬هناك‭ ‬وأثبت‭ ‬نفسك‭ ‬ووقتها‭ ‬سنأخذك‭ ‬للعمل‭ ‬معنا‭. ‬لقد‭ ‬أكبرت‭ ‬فيه‭ ‬هذا‭ ‬الطرح‭.‬

ثم‭ ‬عرض‭ ‬مساعدتي‭ ‬لدى‭ ‬“بابكو”‭ ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬لا‭ ‬احتاج‭ ‬توصية،‭ ‬فأنا‭ ‬أعرفهم‭ ‬جيدا‭ ‬بحكم‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أعمل‭ ‬لديهم‭ ‬في‭ ‬الصيف‭ (‬بالإجازات‭) ‬كغيري‭ ‬من‭ ‬طلبة‭ ‬البحرين‭.‬

بابكو‭ ‬بداية‭ ‬الطريق

وبالفعل‭ ‬خلال‭ ‬10‭ ‬أيام‭ ‬كنت‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬عملي‭ ‬بدائرة‭ ‬شؤون‭ ‬الموظفين‭. ‬كانت‭ ‬الشركة‭ ‬تأخذ‭ ‬الخريجين‭ ‬البحرينيين،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬الحكومة‭ ‬تضغط‭ ‬عليها‭ ‬بضرورة‭ ‬البحرنة‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬الموظفين‭ ‬في‭ ‬بابكو‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬3‭ ‬فئات،‭ ‬بحرينيون‭ ‬بوظائف‭ ‬يدوية‭ ‬وقليلون‭ ‬كتّاب،‭ ‬وهنود‭ ‬وهم‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى،‭ ‬حيث‭ ‬يعملون‭ ‬مسؤولي‭ ‬فرق،‭ ‬والإنجليز‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬والمهندسون‭ ‬والوظائف‭ ‬العليا‭.‬

اللقاء‭ ‬الأول‭ ‬مع‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء

جاءتني‭ ‬مكالمة‭ ‬هاتفية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1967‭ ‬يخبرني‭ ‬المتصل‭ ‬بأن‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يراك،‭ ‬فوجئت‭ ‬وتملكني‭ ‬بعض‭ ‬الخوف،‭ ‬وتساءلت‭ ‬مع‭ ‬نفسي‭ ‬هل‭ ‬أزعجه‭ ‬أحد‭ ‬مقالاتي؟‭ ‬كوني‭ ‬كتبت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المجلات‭.‬

استقبلني‭ ‬سموه‭ ‬ورحب‭ ‬بي،‭ ‬شعرت‭ ‬بالراحة،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنه‭ ‬عاملني‭ ‬كأنه‭ ‬يعرفني‭ ‬من‭ ‬زمن‭. ‬وقال‭ ‬لي‭: ‬أنا‭ ‬أقرأ‭ ‬مقالاتك‭ ‬وسعيد‭ ‬بأن‭ ‬أشوفك‭ ‬وعندي‭ ‬شغل‭ ‬لك‭.‬

وتابع‭: ‬يريد‭ ‬الإنجليز‭ ‬تأسيس‭ ‬مجلس‭ ‬للتنمية‭ ‬والتطوير‭  ‬بالساحل‭ ‬المتصالح‭ (‬كان‭ ‬يسمونه‭ ‬هكذا‭ ‬وقتها‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬وطلبوا‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬شخص‭ ‬اقتصادي‭ ‬للذهاب‭ ‬إلى‭ ‬دبي‭ ‬أو‭ ‬أبوظبي‭ ‬لمساعدتهم‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ووقع‭ ‬اختيارنا‭ ‬عليك‭ ‬لهذه‭ ‬المهمة‭.‬

صمت‭ ‬ثم‭ ‬ابتسمت،‭ ‬فقال‭ ‬لي‭ ‬سموه‭: ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬عندك‭ ‬كلام‭. ‬قلت‭ ‬له‭ ‬أنا‭ ‬تشرفت‭ ‬بمقابلتك‭ ‬وأنا‭ ‬طوع‭ ‬أمرك،‭ ‬ولكنني‭ ‬تزوجت‭ ‬حديثا،‭ ‬وزوجتي‭ ‬حامل‭ ‬ولديها‭ ‬مشاكل‭ ‬صحية،‭ ‬وأنا‭ ‬يا‭ ‬طويل‭ ‬العمر،‭ ‬أفضّل‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬في‭ ‬خدمتك‭ ‬بالبحرين‭ ‬بأي‭ ‬شيء‭ ‬تختاره‭ ‬لي‭.‬

تفهم‭ ‬سموه‭ ‬الأمر،‭ ‬وقال‭ ‬لي‭ ‬على‭ ‬راحتك،‭ ‬والله‭ ‬يوفقك‭.‬

ثم‭ ‬واصلت‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬بابكو،‭ ‬وتنقلت‭ ‬داخل‭ ‬الشركة‭ ‬من‭ ‬وظيفة‭ ‬إلى‭ ‬وأخرى‭.‬

اللقاء‭ ‬الثاني‭ ‬مع‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬

بعد‭ ‬عامين،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬1969،‭ ‬جاءني‭ ‬اتصال‭ ‬آخر‭ ‬يبلغني‭ ‬أن‭ ‬سموه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يراني‭ ‬ثانية،‭ ‬وبالفعل‭ ‬ذهبت‭ ‬وبنفس‭ ‬طريقته‭ ‬الدمثة،‭ ‬استقبلي‭ ‬وأكرمني،‭ (...) ‬ولدت‭ ‬بيننا‭ ‬محبة‭ ‬مستمرة‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭.‬

ابتسم،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يتكلم‭ ‬قلت‭ ‬له‭ ‬“يا‭ ‬طويل‭ ‬العمر‭ ‬أنا‭ ‬تحت‭ ‬أمرك‭ ‬بأي‭ ‬شي‭ ‬تبيه”،‭ ‬قال‭ ‬لي‭: ‬قررت‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬شرق‭ ‬السويس،‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬القواعد‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬بهذه‭ ‬المناطق‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬البحرين‭ ‬وعدن‭ ‬وسنغافورة‭ ‬وغيرها،‭ ‬وخلال‭ ‬سنتين‭ ‬ستتركها‭ ‬نهائيا‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬والكلام‭ ‬لإبراهيم‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬رغم‭ ‬استقلالها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بريطانيا‭ ‬كانت‭ ‬تتولى‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والدفاع‭ ‬والطيران‭ ‬المدني‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬المطار‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭.‬

وقال‭ ‬سموه‭: ‬اخترتك‭ ‬أنت‭ ‬والشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬حمد،‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬المطار‭ ‬وتهيئته‭ ‬حتى‭ ‬تديره‭ ‬البحرين‭. ‬قلت‭ ‬له‭ ‬تحت‭ ‬أمرك‭. ‬كنت‭ ‬سعيدا‭ ‬بالمقابلة‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للتكليف‭. ‬

ثم‭ ‬بعد‭ ‬مدة‭ ‬ذهب‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬للمهمة‭ ‬وأنا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬طلبي‭.‬

الاستفتاء‭ ‬على‭ ‬عروبة‭ ‬البحرين

في‭ ‬نهاية‭ ‬1969،‭ ‬تم‭ ‬اختياري‭ ‬للقاء‭ ‬مسؤولي‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الذين‭ ‬جاءوا‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭ ‬لاستطلاع‭ ‬آراء‭ ‬المواطنين‭ ‬بمستقبل‭ ‬البحرين‭ ‬والحكم‭ ‬فيها،‭ ‬ضمن‭ ‬موضوع‭ ‬الاستفتاء‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬أثبت‭ ‬عروبته‭ ‬ووطنيته‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المسألة،‭ ‬وهي‭ ‬حالة‭ ‬تكررت‭ ‬أيضا‭ ‬عند‭ ‬تسلم‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬سلطاته‭ ‬الدستورية‭ (‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭)‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬عند‭ ‬إصدار‭ ‬الدستور‭.‬

وبالطبع‭ ‬اجتمع‭ ‬البحرينيون‭ ‬على‭ ‬كلمة‭ ‬واحدة‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬عربية‭ ‬مستقلة‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بإيران،‭ ‬كما‭ ‬جددوا‭ ‬البيعة‭ ‬والولاء‭ ‬لحكم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬الكرام‭.‬

تشكلت‭ ‬لجان‭ ‬لهذه‭ ‬الغاية،‭ ‬وكنت‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬يرأسها‭ ‬السيد‭ ‬محمود‭ ‬العلوي‭ ‬مسؤول‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬الحكومة،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬وعُقدت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬اللقاءات‭ ‬لهذه‭ ‬الغاية‭.‬

أذكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬اللقاءات‭ ‬طلبت‭ ‬الكلمة،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الحضور‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أندية‭ ‬المنامة،‭ ‬وصادف‭ ‬خلال‭ ‬حديثي‭ ‬دخول‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يزور‭ ‬اللجان،‭ (...) ‬تكررت‭ ‬الصدفة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الثاني،‭ ‬فخلال‭ ‬حديثي‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬بنادي‭ ‬الدراز‭ ‬بحضور‭ ‬جمع‭ ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬البديع‭ ‬والقرى‭ ‬الشمالية،‭ ‬دخل‭ ‬سموه‭ ‬أيضا‭.‬

وعقب‭ ‬لقاء‭ ‬الدراز،‭ ‬قال‭ ‬سموه‭ ‬لي‭: ‬تعال‭ ‬الأسبوع‭ ‬المقبل‭ ‬داوم‭ ‬في‭ ‬الحكومة،‭ ‬قلت‭ ‬له‭ ‬السمع‭ ‬والطاعة‭.‬

وبالفعل‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬بابكو‭ ‬وقدمت‭ ‬استقالتي،‭ ‬والتحقت‭ ‬بعملي‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭. ‬

في‭ ‬1970‭ ‬أصبحت‭ ‬مديرا‭ ‬للشؤون‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬التي‭ ‬أضيف‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭ ‬قطاع‭ ‬النفط،‭ ‬ثم‭ ‬ترقيت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1973‭ ‬وصرت‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬

اللقاء‭ ‬الثالث‭ ‬مع‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء

في‭ ‬عام‭ ‬1975،‭ ‬حُل‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني،‭ ‬وأوقف‭ ‬العمل‭ ‬بالدستور،‭ ‬واستقالت‭ ‬الحكومة،‭ ‬ثم‭ ‬شكّل‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حكومة‭ ‬جديدة،‭ ‬ودعاني‭ ‬لتولي‭ ‬وزارة‭ ‬مستحدثة‭ ‬هي‭ ‬التجارة‭ ‬والزراعة‭.‬

كما‭ ‬استحدث‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحكومة‭ ‬وزارة‭ ‬للإسكان‭ ‬وأخرى‭ ‬للصناعة‭ ‬والنفط‭.‬

بالطبع‭ ‬أنا‭ ‬مغرم‭ ‬بالمالية‭ ‬وبالشؤون‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ولا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬تنقطع‭ ‬علاقاتي‭ ‬بالصناديق‭ ‬المالية‭ ‬العربية،‭ ‬وبالمؤسسات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬مثل‭ ‬صندوقي‭ ‬النقد‭ ‬والبنك‭ ‬الدوليين‭ ‬وغيرهم‭. ‬

تساءلت‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬نفسي،‭ ‬ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أعمل‭ ‬بالزراعة،‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬أفهم‭ ‬بهذا‭ ‬المجال،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬أحتاج‭ ‬للبدء‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬بالتجارة،‭ ‬ماذا‭ ‬أفعل؟

استأذنت‭ ‬من‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بالكلام،‭ ‬وكطبيعته‭ ‬دائما‭ ‬مرحبا‭ ‬ودافئا،‭ ‬وقال‭ ‬لي‭ ‬تفضل،‭ ‬فقلت‭ ‬“يا‭ ‬طويل‭ ‬العمر‭ ‬أنا‭ ‬مغرم‭ ‬بالاقتصاد،‭ ‬وأفضل‭ ‬البقاء‭ ‬وكيلا‭ ‬للمالية‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬استلام‭ ‬وزارة‭ ‬ليس‭ ‬لي‭ ‬فيها‭ ‬خبرة،‭ ‬لكن‭ ‬أمرك‭ ‬على‭ ‬العين‭ ‬والرأس‭ ‬وتكليفك‭ ‬تشريف‭ ‬لي‭ ‬وأنا‭ ‬طوع‭ ‬بنانك”‭.‬

فقال‭ ‬لي‭: ‬أنا‭ ‬أحب‭ ‬الرجل‭ ‬الصريح،‭ ‬أنت‭ ‬شخص‭ ‬عزيز‭ ‬ومعزتك‭ ‬زادت‭ ‬الآن‭.‬

ثم‭ ‬تشكلت‭ ‬الحكومة‭ ‬وتسلّم‭ ‬السيد‭ ‬محمود‭ ‬العلوي‭ ‬وزارة‭ ‬المالية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أسندت‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬والزراعة‭ ‬للشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬خالد‭ ‬بالوكالة،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬وزيرا‭ ‬للعدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وبقيت‭ ‬مكاني‭ ‬وكيلا‭ ‬للمالية‭.‬

اللقاء‭ ‬الرابع‭ ‬مع‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء

ثم‭ ‬طلبني‭ ‬سموه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وقال‭ ‬لي‭ ‬إنه‭ ‬قرر‭ ‬تغيير‭ ‬اسم‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬المالية،‭ ‬وتغيير‭ ‬اسم‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬والزراعة‭ ‬لتصبح‭ ‬التجارة‭ ‬والزراعة‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬وكلفني‭ ‬بأن‭ ‬أكون‭ ‬وزيرا‭ ‬للثانية،‭ ‬كما‭ ‬واصلت‭ ‬إشرافي‭ ‬على‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬بسبب‭ ‬مرض‭ ‬السيد‭ ‬محمود‭.‬

بعد‭ ‬6‭ ‬أشهر‭ ‬اشتد‭ ‬المرض‭ ‬على‭ ‬السيد‭ ‬محمود،‭ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬المواصلة،‭ ‬فقبل‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬استقالته‭ ‬وكرّمه‭ ‬بأن‭ ‬عينه‭ ‬مستشارا‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭.‬

اللقاء‭ ‬الخامس‭ ‬مع‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء

ناداني‭ ‬سموه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وقال‭ ‬سنرجعك‭ ‬على‭ ‬المالية‭ ‬وزيرا،‭ ‬وقلت‭ ‬له‭ ‬يا‭ ‬طويل‭ ‬العمر‭ ‬أريد‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬فوافق‭ ‬وأرجع‭ ‬اسم‭ ‬الوزارة‭ ‬إلى‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وبقيت‭ ‬بهذا‭ ‬الاسم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬1999‭.‬

 

‭(‬يتبع‭ ‬الأسبوع‭ ‬المقبل‭) ‬