جمعة الصمود تنطلق بالعراق.. والسيستاني يحذر من التدخل الخارجي

بغداد تنتفض غضباً.. والأمن ينفي إطلاق الغاز المسيل

| بغداد وكالات

تعيش‭ ‬المدن‭ ‬العراقية‭ ‬يوما‭ ‬جديدا‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬“جمعة‭ ‬الصمود”‭ ‬بعد‭ ‬ليلة‭ ‬قُتل‭ ‬فيها‭ ‬متظاهر‭ ‬وأصيب‭ ‬40‭ ‬آخرين،‭ ‬خلال‭ ‬اشتباكات‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬بغداد،‭ ‬حسبما‭ ‬أفادت‭ ‬مصادر‭ ‬عراقية‭. ‬واحتشد‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المتظاهرين‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬العراقية،‭ ‬بغداد‭ ‬أمس‭ ‬في‭ ‬تظاهرات‭ ‬أطلقوا‭ ‬عليها‭ ‬تسمية‭ ‬“جمعة‭ ‬الصمود”‭. ‬

وأظهرت‭ ‬مقاطع‭ ‬مصورة‭ ‬نشرت‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل،‭ ‬قيام‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المتظاهرين‭ ‬الغاضبين‭ ‬بإسقاط‭ ‬جدار‭ ‬إسمنتي‭ ‬وضع‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬الخلاني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعاقة‭ ‬تقدم‭ ‬المحتجين‭. ‬كما‭ ‬أفيد‭ ‬عن‭ ‬إطلاق‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭ ‬قنابل‭ ‬الغاز‭ ‬المسيل‭ ‬للدموع‭.‬

وأوضحت‭ ‬مصادر‭ ‬مطلعة‭ ‬بوقوع‭ ‬كر‭ ‬وفر‭ ‬بين‭ ‬المتظاهرين‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬بغداد‭. ‬كما‭ ‬شهدت‭ ‬عدة‭ ‬مناطق‭ ‬عراقية‭ ‬توافد‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المتظاهرين‭.‬

إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الإصابات‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬اقتصرت‭ ‬على‭ ‬حالات‭ ‬الاختناق‭ ‬جراء‭ ‬الغاز‭ ‬المسيل‭ ‬للدموع‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬نفت‭ ‬قيادة‭ ‬عمليات‭ ‬بغداد‭ ‬إطلاق‭ ‬قنابل‭ ‬صوتية‭ ‬أو‭ ‬الغاز‭ ‬المسيل‭ ‬للدموع‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬التحرير‭ ‬تحديداً،‭ ‬الجمعة،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يشاع‭ ‬غير‭ ‬دقيق‭.‬

وكانت‭ ‬دعوات‭ ‬وجهت‭ ‬سابقاً‭ ‬لحشد‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬اصطلح‭ ‬على‭ ‬تسميته‭ ‬“جمعة‭ ‬الصمود”‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬العراقية‭.‬

وفي‭ ‬خطبة‭ ‬الجمعة،‭ ‬أكد‭ ‬المرجع‭ ‬الديني‭ ‬الشيعي‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬علي‭ ‬السيستاني‭ ‬أن‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬البلاد‭ ‬ستشكل‭ ‬انعطافة‭ ‬كبيرة،‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬ونصف‭ ‬على‭ ‬انطلاق‭ ‬تظاهرات‭ ‬مطالبة‭ ‬ب”إسقاط”‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬ومدن‭ ‬جنوبية‭ ‬عدة‭.‬

وقال‭ ‬السيستاني‭ ‬في‭ ‬الخطبة‭ ‬التي‭ ‬تلاها‭ ‬ممثله‭ ‬السيد‭ ‬أحمد‭ ‬الصافي‭ ‬في‭ ‬كربلاء،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬الأعلى‭ ‬نبرة‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الاحتجاجات‭: ‬“إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بيدهم‭ ‬السلطة‭ ‬يظنون‭ ‬أن‭ ‬بإمكانهم‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬استحقاقات‭ ‬الإصلاح‭ ‬الحقيقي‭ ‬بالتسويف‭ ‬والمماطلة‭ ‬فإنهم‭ ‬واهمون،‭ ‬إذ‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬قبلها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال،‭ ‬فليتنبهوا‭ ‬إلى‭ ‬ذلك”‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬“التدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬تنذر‭ ‬بتحويل‭ ‬العراق‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬للصراع‭ ‬وتصفية‭ ‬الحسابات‭ ‬بين‭ ‬قوى‭ ‬دولية‭ ‬وإقليمية”‭.‬

وتابع‭: ‬“لا‭ ‬يجوز‭ ‬السماح‭ ‬لأي‭ ‬طرف‭ ‬خارجي‭ ‬بالتدخل‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الإصلاح‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬يخوضها‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي”‭.‬

ودعا‭ ‬لمحاسبة‭ ‬الفاسدين‭ ‬بالقول‭: ‬“عدم‭ ‬وجود‭ ‬إجراءات‭ ‬جدية‭ ‬لملاحقة‭ ‬الفاسدين‭ ‬يثير‭ ‬شكوكا‭ ‬حول‭ ‬قدرة‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬العراقية‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬مطالب‭ ‬المتظاهرين”‭. ‬وأدان‭ ‬“الاعتداء‭ ‬على‭ ‬المتظاهرين‭ ‬العراقيين‭ ‬بالقتل‭ ‬أو‭ ‬الخطف‭ ‬أو‭ ‬الترويع،‭ ‬كما‭ ‬ندين‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬والممتلكات‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة”‭. ‬وتسعى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬عرابة‭ ‬الحل‭ ‬للأزمة‭ ‬العراقية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬خريطة‭ ‬طريق‭ ‬واجتماع‭ ‬عقدته‭ ‬مع‭ ‬المرجعية‭ ‬الدينية‭ ‬الشيعية‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬الاثنين‭ ‬الماضي،‭ ‬بعد‭ ‬توصل‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تدخل‭ ‬الجارة‭ ‬إيران،‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬على‭ ‬بقاء‭ ‬النظام‭. ‬ومنذ‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬أسفرت‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الدامية‭ ‬المطالبة‭ ‬ب”إسقاط‭ ‬النظام”‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬319‭ ‬شخصا،‭ ‬بحسب‭ ‬أرقام‭ ‬رسمية‭. ‬ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مطالبة‭ ‬متظاهرين‭ ‬ومنظمات‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬بالتحقيق‭ ‬الفوري‭ ‬عن‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬استوردت‭ ‬أو‭ ‬زودت‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭ ‬العراقية‭ ‬بقنابل‭ ‬الغاز‭ ‬المسيل‭ ‬للدموع،‭ ‬بعد‭ ‬تصريح‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬العراقي‭ ‬بأن‭ ‬الحكومة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الطرف‭ ‬المستورد‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬القاتل‭ ‬من‭ ‬القنابل‭.‬

وكانت‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬قالت،‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬موسع‭ ‬لها،‭ ‬إن‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬تستخدم‭ ‬عبوات‭ ‬غاز‭ ‬مسيل‭ ‬للدموع‭ ‬“لم‭ ‬تعرف‭ ‬من‭ ‬قبل”‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬عسكري‭ ‬أقوى‭ ‬بعشرة‭ ‬أمثال‭ ‬من‭ ‬القنابل‭ ‬العادية‭.‬