وزير العدل: نأسف لسقوط قتلى ونقرّ بوجود تجاوزات

العراق.. أول “تظاهرة عسكرية” تساند الحراك الشعبي

| بغداد ـ وكالات

منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الموجة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أسبوعين،‭ ‬خرجت‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬كربلاء،‭ ‬أمس‭ ‬الثلاثاء،‭ ‬أول‭ ‬“تظاهرة‭ ‬عسكرية”‭ ‬مؤيدة‭ ‬لمطالب‭ ‬الحراك‭ ‬الشعبي،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬تظاهرات‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬عراقية‭ ‬أخرى،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬مراسل‭ ‬“سكاي‭ ‬نيوز‭ ‬عربية”‭. ‬وخرج‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬ضباط‭ ‬ومنتسبي‭ ‬شرطة‭ ‬محافظة‭ ‬كربلاء،‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬تحرك‭ ‬عسكري‭ ‬علني‭ ‬لمساندة‭ ‬التظاهرات‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬العراقية‭.‬

ورفع‭ ‬عناصر‭ ‬الأمن‭ ‬العلم‭ ‬العراقي،‭ ‬مستفيدين‭ ‬من‭ ‬دعوة‭ ‬المرجع‭ ‬الديني‭ ‬علي‭ ‬السيستاني‭ ‬إلى‭ ‬“عدم‭ ‬عودة‭ ‬المتظاهرين‭ ‬إلى‭ ‬منازلهم‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬تحقيق‭ ‬المطالب‭ ‬المشروعة”‭.‬

جاء‭ ‬ذلك،‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬خروج‭ ‬تظاهرات‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬بغداد،‭ ‬حيث‭ ‬عاد‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬والمتظاهرين‭ ‬قرب‭ ‬ساحة‭ ‬الخلاني،‭ ‬مما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬إصابة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المتظاهرين‭ ‬بجروح‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬ذي‭ ‬قار،‭ ‬أغلق‭ ‬متظاهرون‭ ‬جسري‭ ‬الحضارات‭ ‬والنصر‭ ‬وسط‭ ‬مدينة‭ ‬الناصرية،‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬المحافظة‭. ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬مراسلنا‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬نشر‭ ‬قوات‭ ‬أمنية‭ ‬إضافية‭ ‬حول‭ ‬سجن‭ ‬“الحوت”‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬ميسان،‭ ‬فذكرت‭ ‬مصادر‭ ‬عراقية،‭ ‬أن‭ ‬متظاهرين‭ ‬أغلقوا‭ ‬قناة‭ ‬“العراقية”‭ ‬الرسمية‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬عبَّر‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬العراقي،‭ ‬فاروق‭ ‬أمين‭ ‬عثمان،‭ ‬أمس‭ ‬الثلاثاء،‭ ‬عن‭ ‬أسفه‭ ‬لسقوط‭ ‬قتلى‭ ‬وجرحى‭ ‬بالتظاهرات،‭ ‬وقال‭ ‬“نقرّ‭ ‬بوقوع‭ ‬تجاوزات‭ ‬فردية”‭.‬

وأضاف‭ ‬“الحكومة‭ ‬بذلت‭ ‬مجهودات‭ ‬للتحقيق‭ ‬بكل‭ ‬الاعتداءات‭ ‬ضد‭ ‬المحتجين”‭.‬

وقال‭ ‬عثمان‭ ‬لدبلوماسيين‭ ‬دوليين‭ ‬مجتمعين‭ ‬في‭ ‬المراجعة‭ ‬الدورية‭ ‬الشاملة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إن‭ ‬حكومته‭ ‬“تأسف‭ ‬بشدة‭ ‬لعدد‭ ‬الأشخاص”‭ ‬الذين‭ ‬قتلوا‭.‬

وأضاف‭: ‬“نرفض‭ ‬الاستخدام‭ ‬المفرط‭ ‬للقوة‭ ‬كما‭ ‬نرفض‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الرصاص‭ ‬الحي”‭.‬

وقال‭ ‬إن‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬“بذلت‭ ‬جهودًا‭ ‬حثيثة”‭ ‬للتحقيق‭ ‬بكل‭ ‬الاعتداءات‭ ‬على‭ ‬المتظاهرين‭.‬

وتابع‭ ‬عثمان‭ ‬قائلاً‭ ‬إن‭ ‬دستور‭ ‬العراق‭ ‬يضمن‭ ‬التجمع‭ ‬السلمي،‭ ‬وإن‭ ‬هدف‭ ‬السلطات‭ ‬هو‭ ‬حماية‭ ‬المحتجين‭.‬

وقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬أولا‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬ثم‭ ‬اتسع‭ ‬نطاقها‭ ‬للجنوب‭ ‬للمطالبة‭ ‬بتغيير‭ ‬شامل‭ ‬للنظام‭ ‬السياسي‭ ‬الطائفي‭ ‬الذي‭ ‬يتهمونه‭ ‬بالفساد،‭ ‬وبتوفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل،‭ ‬وتقديم‭ ‬خدمات‭ ‬عامة‭ ‬فاعلة‭.‬

ولم‭ ‬تتمكن‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬تهدئة‭ ‬الاضطرابات‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬شبان،‭ ‬أغلبهم‭ ‬من‭ ‬العاطلين‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يشعروا‭ ‬بأي‭ ‬تحسن‭ ‬يذكر‭ ‬في‭ ‬ظروفهم‭ ‬المعيشية،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬السلم،‭ ‬بعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬والعقوبات‭.‬

والاحتجاجات‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العراق،‭ ‬هي‭ ‬أشد‭ ‬وأعقد‭ ‬تحد‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬للنخبة‭ ‬الحاكمة‭ ‬التي‭ ‬هيمنت‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬بعد‭ ‬الغزو‭ ‬الذي‭ ‬قادته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬2003‭.‬

ولجأت‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المتظاهرين‭ ‬للذخيرة‭ ‬الحية‭ ‬وقنابل‭ ‬الغاز‭ ‬المسيل‭ ‬للدموع‭ ‬وقنابل‭ ‬الصوت،‭ ‬لكن‭ ‬الجيش‭ ‬العراقي‭ ‬نفى،‭ ‬الاثنين،‭ ‬أي‭ ‬تأثير‭ ‬قاتل‭ ‬للغاز‭ ‬المسيل‭ ‬للدموع‭ ‬الذي‭ ‬يُستخدم‭ ‬لتفريق‭ ‬المتظاهرين‭.‬