مشاهير “السوشل ميديا” أحد أسباب تدني الروايات

الأدب في تراجع.. والروايات الهابطة في انتشار واسع

| رباب النايم

الروايات‭ ‬والقصص‭ ‬ذات‭ ‬الهدف‭ ‬السامي‭ ‬والكلمات‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬الثقافة‭ ‬والأدب‭ ‬رُكنت‭ ‬في‭ ‬الرفوف‭ ‬وبنى‭ ‬فوقها‭ ‬الغبار،‭ ‬فأهملت‭ ‬وبُدلت‭ ‬بالروايات‭ ‬“الهابطة”‭ ‬التي‭ ‬تفتقر‭ ‬للأدب‭ ‬والثقافة‭ ‬واللغة‭ ‬العربية‭ ‬السليمة،‭ ‬فلا‭ ‬يحتويها‭ ‬مضمون‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أفكار‭ ‬تغذي‭ ‬العقل،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬لأحاديث‭ ‬السمرات،‭ ‬فكيف‭ ‬بها‭ ‬توثق‭ ‬بين‭ ‬دفات‭ ‬كتب؟‭ ‬وتكون‭ ‬شاهد‭ ‬عيان‭ ‬للأجيال‭ ‬المقبلة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬أين‭ ‬سيصل‭ ‬بها‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الهبوط‭ ‬السريع‭ ‬إلى‭ ‬القاع‭!‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬تراجع‭ ‬الروايات‭ ‬والكتب‭ ‬الهادفة‭ ‬اكتسح‭ ‬مشاهير‭ ‬“السوشل‭ ‬ميديا”‭ ‬عالم‭ ‬الكتابة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬طرحهم‭ ‬لبعض‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬الفضول‭ ‬فتتعجب‭ ‬عند‭ ‬قراءتها‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬العامية‭ ‬الركيكة‭ ‬وحبكتها‭ ‬الدرامية‭ ‬غير‭ ‬الواقعية،‭ ‬فتراهُم‭ ‬يروّجون‭ ‬لروايتهم‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ببعض‭ ‬الكلمات‭ ‬التي‭ ‬تلامس‭ ‬العواطف‭ ‬فتنجذب‭ ‬لها‭ ‬فئة‭ ‬كبيرة،‭ ‬والمؤسف‭ ‬أن‭ ‬أكثرهم‭ ‬من‭ ‬المراهقين‭ ‬وتصبح‭ ‬لروايته‭ ‬شعبية‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬تستحق،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تُهمل‭ ‬فيه‭ ‬روايات‭ ‬تحمل‭ ‬قصصاً‭ ‬تستحق‭ ‬النشر‭.‬

عرضنا‭ ‬الموضوع‭ ‬على‭ ‬المتخصصين‭ ‬والروائيين‭ ‬لنبحث‭ ‬معهم‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقة‭ ‬وراء‭ ‬انتشار‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الروايات،‭ ‬فبدأنا‭ ‬بالكاتب‭ ‬علي‭ ‬إسماعيل،‭ ‬إذ‭ ‬قال‭: ‬الروايات‭ ‬“الهابطة‭ ‬“‭ ‬ليست‭ ‬الروايات‭ ‬التي‭ ‬تكتب‭ ‬بالعامية‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬الهابطة‭ ‬التي‭ ‬تكتب‭ ‬بلغة‭ ‬عربية‭ ‬سطحية‭ ‬أو‭ ‬ركيكة‭ ‬اذا‭ ‬ما‭ ‬جاز‭ ‬التعبير،‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬بأن‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬إنتاجه‭ ‬من‭ ‬روايات‭ ‬خليجية‭ ‬في‭ ‬أيامنا‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬بأصلها‭ ‬روايات‭ ‬بالمصطلح‭ ‬الصحيح،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬قصص‭ ‬طويلة،‭ ‬سيئة‭ ‬اللغة،‭ ‬تفتقر‭ ‬للذوق‭ ‬الأدبي‭ ‬السليم،‭ ‬كما‭ ‬انها‭ ‬تفتقر‭ ‬كذلك‭ ‬للأسلوب‭ ‬السردي‭ ‬المقبول،‭ ‬والحبكة‭ ‬السليمة،‭ ‬وهي‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬التركيب‭ ‬الروائي‭ ‬الصحيح‭.‬

وأضاف‭: ‬اتفق‭ ‬بأن‭ ‬دخول‭ ‬مشاهير‭ ‬“السوشل‭ ‬ميديا”‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التكسب‭ ‬المالي‭ ‬السريع،‭ ‬زاد‭ ‬الطين‭ ‬بلة،‭ ‬ففاقد‭ ‬الشيء‭ ‬لا‭ ‬يعطيه،‭ ‬فأكثر‭ ‬هؤلاء‭ ‬يفتقرون‭ ‬لأبسط‭ ‬مفاهيم‭ ‬الثقافة،‭ ‬الذائقة‭ ‬الأدبية،‭ ‬قواعد‭ ‬اللغة،‭ ‬وحتى‭ ‬تركيب‭ ‬الجمل،‭ ‬وصياغة‭ ‬الفقرة،‭ ‬بالك‭ ‬بكتابة‭ ‬رواية‭ ‬متراصة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬لديهم‭ ‬جهل‭ ‬المركب‭ ‬بأسلوب‭ ‬الكتابة،‭ ‬وأساسيات‭ ‬الأدب‭ ‬الروائي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬دخول‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬على‭ ‬الخط‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية،‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬سيرك‭ ‬حقيقي،‭ ‬فبهم‭ ‬ازدادت‭ ‬إعداد‭ ‬الروايات‭ ‬الهابطة،‭ ‬وهي‭ ‬للأسف‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬اضطرادي‭ ‬سنوي‭ ‬مزعج،‭ ‬ولكن‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يبقى‭ ‬هناك‭ ‬بارقة‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬القلة‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬كتابة‭ ‬رواية‭ ‬جادة،‭ ‬متوسطة‭ ‬المستوى‭ ‬كانت‭ ‬أم‭ ‬جيدة‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬ممتازة،‭ ‬فالأمل‭ ‬في‭ ‬الرواية‭ ‬الخليجية‭ ‬معقود‭ ‬بهؤلاء‭.‬

وذكر‭ ‬الكاتب‭ ‬جعفر‭ ‬سلمان‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬أخرى‭: ‬هناك‭ ‬مصلحة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬وبين‭ ‬بعض‭ ‬مشاهير‭ ‬“السوشل‭ ‬ميديا”،‭ ‬فشهرة‭ ‬كبيرة‭ ‬تعني‭ ‬بيع‭ ‬كبير‭ ‬وأرباح‭ ‬طائلة‭ ‬فمن‭ ‬جهة‭ ‬هناك‭ ‬مال‭ ‬كثير‭ ‬سيدخل‭ ‬في‭ ‬جيب‭ ‬دور‭ ‬النشر،‭ ‬وهناك‭ ‬مكانة‭ ‬اجتماعية‭ ‬يسعى‭ ‬المشاهير‭ ‬للحصول‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إضافة‭ ‬هالة‭ ‬ثقافية‭ ‬حول‭ ‬شخصياتهم‭ ‬الاعتبارية‭ ‬باعتبارهم‭ ‬مثقفين‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬مشاهير‭. ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬تجارة‭ ‬نشر‭ ‬الكتب‭ ‬تبدو‭ ‬مغرية‭ ‬لأصحاب‭ ‬رؤوس‭ ‬المال‭ ‬وهذا‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬دور‭ ‬نشر‭ ‬بشكل‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭ ‬وبالطبع‭ ‬كون‭ ‬الأقلام‭ ‬الجيدة‭ ‬محدودة‭ ‬اضطرت‭ ‬هذه‭ ‬الدور‭ ‬لنشر‭ ‬اي‭ ‬كتاب‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬لمحتواه،‭ ‬فالسبب‭ ‬لتدني‭ ‬مستوى‭ (‬الروايات‭) ‬ينقسم‭ ‬لسببين‭ ‬رئيسيين‭ ‬وهما‭ ‬وجود‭ ‬مشاهير‭ ‬“السوشل‭ ‬ميديا”،‭ ‬وكثرة‭ ‬دور‭ ‬النشر،‭ ‬إضافة‭ ‬لأسباب‭ ‬أخرى‭ ‬كغياب‭ ‬التنقيح‭ ‬الأدبي‭ ‬مثلا،‭ ‬ولكن‭ ‬الأسباب‭ ‬الأخرى‭ ‬ثانوية‭ ‬قياسا‭ ‬للسببين‭ ‬الرئيسيين‭.‬

ولمحبي‭ ‬القراءة‭ ‬والمطلعين‭ ‬على‭ ‬مجال‭ ‬الثقافة‭ ‬والأدب‭ ‬نصيب‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬فلهم‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬أيضا‭ ‬حيثُ‭ ‬قالت‭ ‬ولاء‭ ‬فاضل‭: ‬قلة‭ ‬الوعي‭ ‬بالبلاغة،‭ ‬وإهمَال‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الفصيحة،‭ ‬انتشار‭ ‬الهزل‭ ‬بكثرة‭ ‬،‭ ‬وإهمال‭ ‬جانب‭ ‬الجد‭ ‬والحكمة‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬كلها‭ ‬أدّت‭ ‬إلى‭ ‬انتشار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ (‬الروايات‭) .‬