من هدير الميكانيكا لرائد أعمال ناجح

رامي جمعة .. من هدير الميكانيكا لرائد أعمال ناجح

| البلاد : زينب العكري | تصوير: خليل إبراهيم

- السوق اليوم يقبل مستثمرين جدد دائما والحكومة تشجع البحرينيين

- درست وخططت لمدة 3 سنوات حتى قررت افتتاح “ماكياتو”

- والدي شجعنا من الصغر على دخول العمل الحر

- المشروع الخاص مصدر دخل قوي أفضل من الوظيفة

شاب طموح تخرج في جامعة البحرين، يحمل بكالوريوس الهندسة الميكانيكية، عمل في شركة نفط البحرين (بابكو) لمدة 6 سنوات، ثم حصل على الماجستير في إدارة الأعمال وانتقل للعمل في مجال البنوك الاستثمارية والمالية، إذ استطاع أن يشغل منصب مدير استثماري في أكثر من مؤسسة محلية لمدة 8 سنوات إلى أن قرر الانتقال للعمل الحر والمشاريع الخاصة؛ ليكون رائد عمل ذا بصمة في الاقتصاد البحريني... إنه رامي جمعة صاحب مشروع مقهى ومطعم “ماكياتو” الذي التقته “البلاد” وأجرت معه حوارا شيقا.

من هو رامي جمعة؟ رامي جمعة عبدالله، بحريني أبلغ من العمر 40 عاما وأنا أب لبنت 11 سنة وولد 7 سنوات.

ما تخصصك الدراسي؟ والوظيفة التي بدأت بها العمل المهني؟ بدأت دراستي في مجال الهندسة الميكانيكية في جامعة البحرين حتى تخرجت ونلت شهادة البكالوريوس في العام 2001، توظفت في شركة نفط البحرين (بابكو) مهندسا لمدة 6 سنوات، وأثناء ذلك حضرت لشهادة الماجستير في إدارة الأعمال وحصلت على الشهادة في العام 2006 وبعدها انتقلت للعمل في مجال البنوك الاستثمارية والمالية، واستطعت أن أحصل على الترقية في البنوك؛ لأكون مديرا استثماريا في أكثر من مؤسسة استثمارية، وعملت في البنوك نحو 8 سنوات، ثم فكرت في الانتقال للعمل الخاص والمشاريع الخاصة وأن أكون رائد عمل.

- تحملنا ضريبة السلع الانتقائية في بداية تطبيقها

ما الذي جعلك تفكر لتكون صاحب مشروع تجاري؟ بحكم عملي في إدارة الاستثمار الذي كان يُعنى بالاستحواذ على المشاريع القائمة والناجحة، والقيام بتطويرها ثم بيعها لمستثمرين آخرين. أثناء ذلك رأيت كثيرًا من القصص الناجحة لرواد الأعمال بدأوا مشاريعهم ومؤسساتهم الصغيرة من الصفر وطوروها حتى أصبحت مؤسسات كبيرة لها قيمة يستطيعوا أن يتخارجوا منها ويبيعوها بسعر مضاعف عن سعرها عند التأسيس، أو أن يكون هذا المشروع مصدر دخل قوي أفضل من الوظيفة، وشجعني ذلك أن أفكر بالدخول في هذا المجال عوضا عن البقاء طوال العمر موظفًا بانتظار راتب كل شهر والتخطيط للحياة على أساس الراتب، وهذا ما أعطاني الدفعة الكبيرة للدخول في المجال.

كم الفترة التي احتجتها حتى تحزم أمرك تجاه مشروع “ماكياتو”؟ أخذت الكثير من الوقت، نحو 3 سنوات، إذ لم يكن المشروع أول فكرة خطرت في البال، كانت فكرة أن يكون لدي مشروع حلم يحتاج لتخطيط، وفكرت في أكثر من مشروع في مجالات عدة وعملت لها دراسات جدوى وكان القرار عدم الخوض في التجربة، حتى وصلت لقناعة أن أدخل في مجال المطاعم والأغذية، وهو المجال الذي أستطيع أن أطور فيه مستقبلا، ورسمت خطة عمل على أساسها بدأت المشروع، في البداية كانت مجازفة، وأكملنا 6 سنوات من الافتتاح الذي كان في أغسطس 2013.

دخلت المجال من جانبين مختلفين، ما الصعوبات التي لقيتها؟ نعم، مجال المشروع جانبان مختلفان ولكنهما يكملان بعضهما البعض، كانت مهمة البحث والعثور على الفريق الجيد والمناسب لمجال الشيشة والمطبخ طويلة وأخّرت افتتاح المطعم، إذ إن العملية ليست سهلة أبدا خصوصا مع وجود الكثير من المطاعم والمقاهي التي تقدم خدماتها بجودة عالية، وللدخول معها في المنافسة لابد أن يكون المشروع على قدر التحدي، لذلك أخذت عملية البحث عن الموظفين الكثير من الوقت وكانت مهمة شاقة وبعد مقابلة العديد من المتقدمين استقررنا على عدد صغير لفريق العمل، وبدأنا معه بدورة عمل واحدة لمدة 8 ساعات، وبعد أن أثبتنا اسمنا في السوق “مطعم ومقهى ماكياتو” بدأنا بالفريق الموجود حاليا.

كيف كان تأثير ضريبة السلع الانتقائية على المطعم؟ كان لها تأثير كبير، فالضريبة متخصصة في 3 مجالات وهي التبغ ومشروبات الطاقة والغازية، وهذه السلع أساسية في مبيعاتنا اليومية خصوصا التبغ. في البداية درسنا الوضع وقمنا بالحسابات اللازمة وكيف نستطيع أن نسيطر على المصروفات بإلزامنا بهذه الضريبة وبنفس الوقت لم نحب فكرة زيادة السعر على الزبائن؛ خصوصا أن مقهى ومطعم “ماكياتو” عُرف منذ البداية بتقديم الجودة الممتازة بسعر مناسب، ومقارنة بالمقاهي ذات المستوى يكون “ماكياتو” منذ البداية وحتى اليوم بأسعار مناسبة للخدمات الممتازة، لم نكن نريد أن نخسر هذه الميزة الموجودة لدينا لاسيما أن الزبائن قد اعتادوا على تلك الخدمات بتلك الأسعار، فقمنا بتحمل الضريبة بالكامل في بداية تطبيق ضريبة السلع الانتقائية، ولكن بعد ذلك أصبح هناك زيادات أخرى في الكلفة والمصاريف التشغيلية وضريبة القيمة المضافة وزيادة أسعار الكهرباء، التي تزداد سنويا منذ 4 سنوات تقريبا، وأسعار الوقود، وعوامل أخرى، حتى أن الموردين زادوا أسعارهم؛ لزيادة مصاريفهم.

الأرخص مع جودة حاولنا بقدر استطاعتنا ألا نزيد الأسعار، حتى وصلنا لمرحلة ضرورة زيادة الأسعار حتى نستطيع موازنة الأمور، فقمنا بزيادة طفيفة بحيث لا تؤثر على الزبائن ولا نخسر بسببها الميزة المتعارف عليها عن “ماكياتو” وهي بقاء الأسعار الأرخص ضمن فئات المطاعم ذات الجودة، وتفهم الزبائن الأوضاع، في البداية كان هناك بعض الملاحظات ولكن تحدثت معهم شخصيا وشرحت لهم الأمور التي ترتبت على ذلك خصوصا أنهم كانوا كأنما عائلة للمطعم فهناك 80 % من زبائننا يأتون يوميا. تغيرت الكثير من الأمور في السوق خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فأصبح هناك تشريعات وقوانين ومصاريف إضافية، حتى أن الزبائن أصبح لديهم خيارات أكثر مع افتتاح المزيد من المطاعم بعد أن أصبحت السوق منفتحة أكثر للراغبين بالاستثمار حتى مع متقاعدي “الاختياري” الذي نفذ أخيرا، فكثير من الموظفين بعد استلام مستحقاتهم فكروا في الدخول للسوق وتأسيس مشاريعهم، وهذا فتح لنا تحديا أكبر في البقاء في السوق والمحافظة على الزبائن واسم المشروع والجودة. من السهل أن أقلل المصاريف مع تقليل الجودة، حتى أن بعض المحلات توجهت لمثل هذا الشيء وهو تقليل الموظفين، ما يؤثر على الخدمة وشراء مواد ذات جودة أقل، ولكنه يؤثر على الطعم، لذا كان التحدي هو كيف تحافظ على الجودة والسمعة، لذلك لابد أن يكون صاحب المشروع مبدعا ولديه أفكار جديدة، إذ إن عدم التجديد أو التطوير في الخدمات سيسبب انحدارا في المبيعات والأرباح وبنهاية المطاف صاحب المشروع سيضطر للخروج من السوق.

كيف أتت فكرة الفرع الثاني للمطعم؟ نالت الأطباق والمشروبات التي نقدمها استحسان الزبائن، وبحكم طبيعة المجتمع فالبعض لا يحب الحضور في مقهى توجد فيه الشيشة خصوصا أن الجو العام في فرع سلماباد طاغ عليه موضوع الشيشة والتدخين أكثر على الرغم منوجود المكان المخصص لغير المدخنين وهو مفصول تماما دون أن تصل له الرائحة. فبعد ملاحظات الزبائن وأنهم يودون تجربة الطعام لدينا والأجواء في سلماباد لا تناسبهم، فكرنا في افتتاح الفرع الثاني ليكون دون تدخين أو تكون الأجواء العامة من دون شيشة. الفرع الثاني في مجمع جاليريا بالزنج مع شيشة ولكنها في الطابق الثاني العلوي فقط ومفصولة تماما عن غير المدخنين دون المرور على القسم، والعوائل لا تشعر بأي مظهر من مظاهر التدخين. كانت النقطة الأهم في افتتاح الفرع الثاني هو أن يشعر الزبون بنفس جودة الأكل والشيشة والخدمة المقدمة في الفرع الأول دون أن يشعر بأي فرق مثل بعض المحلات التي تختلف أطباقهم وطريقة تعاملهم و ”المنيو” من فرع لآخر.

هل هناك نية لافتتاح فرع ثالث قريبا؟ لا توجد فكرة لافتتاح فرع ثالث، فالسوق بحاجة لأفكار مبدعة وجديدة أكثر، وندرس حاليا خطة ونأمل أن تكون الأفكار الجديدة على أرض الواقع في أقرب وقت، منها موضوع “التموين”، إذ كانت لنا بعض التجارب البسيطة ولاقت استحسان الزبائن، نفكر في تطبيقها بشكل دائم.

من أين أتى اسم “ماكياتو”؟ كان الاسم من اختياري. اختيار الاسم من الأشياء المهمة في أي مشروع، فهو الذي سيبقى مع المشروع طوال الفترة، لذلك يجب أن يكون اسما مميزا وجذابا ويبقى في الذاكرة وألا يكون مكررا. مع البحث عن الاسم الذي له علاقة مع المشروع جاء “ماكياتو”، فهو نوع من أنواع القهوة والمشروع “كوفي شوب” ويتناسب مع المجال، والحمد لله اليوم مع ذكر “ماكياتو” يكون المشروع معروفا دون وجود تشابه أسماء.

هل هناك نية للتوسع خارج البحرين؟ حصلنا على عروض لافتتاح فروع خارج البحرين في إحدى دول الخليج، ولكن هذه العملية تحتاج إلى دراسة أكثر، وفي البداية يجب الحصول على الشخص المناسب الذي سيأخذ المشروع البحريني كـ ”فرنشايز” وأن يكون “قدر المسؤولية” وأن يقدم الخدمات بنفس المستوى، ونحن منفتحون لأي شخص من خارج البحرين للنقاش معه بشأن الموضوع.

من الذي ساعدك في افتتاح “ماكياتو”؟ كان للأهل فضل كبير في الدعم منذ البداية في بلورة الفكرة، ثم الدعم في التخطيط والتنفيذ، زوجتي والوالدان ساعدوني وشجعوني دائما وكان لهم دور كبير سابقا وما زالوا، حتى مع الأفكار الجديدة أستشيرهم، خصوصا والدي الذي يملك خلفية في الأعمال، إذ كان لديه أعماله الخاصة في مجالات مختلفة ويعطيني من أفكاره وخبرته في الحياة، وأيضا الأصدقاء واستشاراتهم كان لها أثر كبير، فأصبح المطعم مجهود مجموعة ولكن أنا الظاهر بالصورة أكثر.

كيف تقضي يومك؟ أحرص على الحضور في الفرعين للإشراف على أدق التفاصيل في كل الأقسام المطبخ والعصائر والخدمات والشيشة، وكل رجل أعمال من الصعب أن يضع جدولا معيان للعمل ليومين، إذ لا توجد لديه ساعات دوام رسمي بساعات محدودة، بل يكون اليوم مفتوحا والتحرك على حسب متطلبات اليوم، ولكن عموما أقوم بالأعمال المكتبية في الفترة الصباحية مثل المعاملات الحكومية والبنوك والاجتماعات مع الموردين، وفي فترة بعد الظهر والمسائية أقضي الوقت في أحد الفرعين. ومن الأشياء المهمة والضرورية هو تخصيص الوقت للعائلة، ففي كل نهاية أسبوع يجب أن أكون مع الأهل.

كلمة أخيرة من رجل أعمال ورائد عمل؟

أنصح الجماعة الجديدة التي تنوي الدخول في المشاريع أن تختار مشروعها بعناية شديدة، فوضع السوق اليوم ليس مثل السابق، فهو يقبل مستثمرين جدد دائما والحكومة تشجع البحرينيين، ولكن أطلب من المستثمر الجديد أن يختار المشروع بدقة ومن الضروري أن تكون هناك دراسة جدوى صحيحة واستشارة المستثمرين الموجودين فعلا في السوق والاطلاع على التجارب الناجحة والفاشلة أيضا، وهناك مجالات غير متشبعة اليوم ومن الممكن الاستثمار والنجاح فيها، وإن نجاح أي مشروع هو خدمة للمملكة واقتصادها عموما، ونتمنى أن نرى البحرينيين ناجحين دائما ويملكون مشاريعهم الخاصة.