تسجيل “المحمر” و “الكبة البحرينية” ضمن قائمة “اليونسكو”

أصحاب المطاعم الشعبية ناشرو ثقافة شعبهم

| بدور المالكي من المنامة | تصوير رسول الحجيري

((تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الالكترونية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية ، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الاشارة للمصدر.))

 

كشفت‭ ‬الباحثة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬دلال‭ ‬الشروقي‭ ‬وصاحبة‭ ‬أول‭ ‬كتاب‭ ‬في‭ ‬المكتبة‭ ‬البحرينية‭ ‬يغوص‭ ‬في‭ ‬سبر‭ ‬ثقافة‭ ‬الطعام،‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الطعام‭ ‬وكعنصر‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الوطنية‭ ‬للتراث‭ ‬الثقافي‭ ‬غير‭ ‬المادي،‭ ‬وكوجه‭ ‬من‭ ‬وجوه‭ ‬التراث‭ ‬البحريني‭ ‬وثقافة‭ ‬إنسانية‭ ‬وتاريخية‭ ‬وجغرافية‭ ‬تتميز‭ ‬بها‭ ‬الحضارات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬يتشكل‭ ‬عنصرا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬تراث‭ ‬البحرين‭ ‬الثقافي‭ ‬غير‭ ‬المادي،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬الطعام‭ ‬شكل‭ ‬جسرا‭ ‬للتواصل‭ ‬والتعارف‭ ‬بين‭ ‬الأمم،‭ ‬وانتقل‭ ‬الطعام‭ ‬والأطباق‭ ‬الشعبية‭ ‬كسفير‭ ‬بغير‭ ‬سفارة‭ ‬لينقل‭ ‬التراث‭ ‬الإنساني‭ ‬المترابط‭ ‬في‭ ‬المعمورة‭.‬

جاء‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬استضافة‭ ‬متحف‭ ‬البحرين‭ ‬للباحثة‭ ‬الشروقي‭ ‬في‭ ‬فعاليات‭ ‬الملتقى‭ ‬الوطني‭ ‬الأول‭ ‬للتراث‭ ‬الثقافي‭ ‬غير‭ ‬المادي،‭ ‬والذي‭ ‬نظمت‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار،‭ ‬بحضور‭ ‬ومشاركة‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬بالهيئة‭ ‬الشيخة‭ ‬هلا‭ ‬بنت‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ومدير‭ ‬إدارة‭ ‬الآثار‭ ‬والمتحف‭ ‬بالهيئة‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬واختتم‭ ‬أعماله‭ ‬أول‭ ‬أمس‭ ‬بمتحف‭ ‬البحرين،‭ ‬وألقى‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬التراث‭ ‬الثقافي‭ ‬البحريني‭ ‬غير‭ ‬المادي‭ ‬والقابلة‭ ‬للإدراج‭ ‬على‭ ‬القائمة‭ ‬التمثيلية،‭ ‬وناقش‭ ‬سبل‭ ‬صونها‭ ‬والترويج‭ ‬لها‭ ‬وإدراجها‭ ‬على‭ ‬القائمة‭ ‬التمثيلية‭ ‬لليونيسكو‭.‬

وأشادت‭ ‬الباحثة‭ ‬الشروقي،‭ ‬بكل‭ ‬جهود‭ ‬رئيسة‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬الشيخة‭ ‬مي‭ ‬بنت‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬بهذا‭ ‬الجانب‭ ‬المهم‭ ‬من‭ ‬التراث‭ ‬البحريني‭ ‬عموما،‭ ‬والتراث‭ ‬البحريني‭ ‬الثقافي‭ ‬غير‭ ‬المادي،‭ ‬وسعي‭ ‬الشيخة‭ ‬مي‭ ‬وعملها‭ ‬الدائم‭ ‬لإيصال‭ ‬رموز‭ ‬التراث‭ ‬البحريني‭ ‬إلى‭ ‬قائمة‭ ‬اليونسكو،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬إقامة‭ ‬الملتقى‭ ‬الوطني‭ ‬الأول‭ ‬للتراث‭ ‬الثقافي‭ ‬غير‭ ‬المادي،‭ ‬جاء‭ ‬بحراك‭ ‬ثقافي‭ ‬من‭ ‬الشيخة‭ ‬مي‭ ‬بنت‭ ‬محمد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تصاعد‭ ‬أهمية‭ ‬زيادة‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬الباحثين‭ ‬والمهتمين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التراث‭ ‬باتفاقية‭ ‬منظمة‭ ‬اليونسكو‭ ‬للعام‭ ‬2003،‭ ‬والخاصة‭ ‬بصون‭ ‬التراث‭ ‬الثقافي‭ ‬غير‭ ‬المادي‭.‬

وصادقت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية،‭ ‬إذ‭ ‬تشكل‭ ‬اتفاقية‭ ‬صون‭ ‬التراث‭ ‬الثقافي‭ ‬غير‭ ‬المادي‭ ‬آلية‭ ‬دولية‭ ‬فعالة‭ ‬لصون‭ ‬وترويج‭ ‬التراث‭ ‬الثقافي‭ ‬البحريني،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬هيئة‭ ‬الثقافة‭ ‬المتواصلة‭ ‬لاستيفاء‭ ‬التزامات‭ ‬البحرين‭ ‬تجاه‭ ‬الاتفاقات‭ ‬الدولية‭ ‬لدى‭ ‬اليونيسكو،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬الملتقى‭ ‬والذي‭ ‬شارك‭ ‬فيه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬مختص‭ ‬وخبير‭ ‬وباحث‭ ‬ومهتم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التراث‭ ‬الثقافي‭ ‬غير‭ ‬المادي،‭ ‬مشيرة‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬المؤتمر‭ ‬فرصة‭ ‬لإلقاء‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النماذج‭ ‬الحية‭ ‬للتراث‭ ‬الثقافي‭ ‬البحريني‭ ‬غير‭ ‬المادي‭ ‬والطرق‭ ‬الفاعلة‭ ‬لإدراجها‭ ‬على‭ ‬القائمة‭ ‬التمثيلية‭.‬

مائدة‭ ‬ثقافية

وفي‭ ‬محاضرتها،‭ ‬قدمت‭ ‬الباحثة‭ ‬في‭ ‬التراث‭ ‬الشعبي‭ ‬دلال‭ ‬الشروقي‭ ‬“مائدة‭ ‬ثقافية‭ ‬دسمة”‭ ‬تزخر‭ ‬بما‭ ‬لذ‭ ‬وطاب‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬الطعام‭ ‬وعلومه‭ ‬وآدابه،‭ ‬واستعرضت‭ ‬“الطعام”‭ ‬كمفهوم‭ ‬خاص‭ ‬له‭ ‬أبعاد‭ ‬إنسانية‭ ‬تاريخية‭ ‬جغرافية‭ ‬تتميز‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬حضارة‭ ‬وفقًا‭ ‬لثقافة‭ ‬البلد‭ ‬التي‭ ‬تنتمي‭ ‬إليه،‭ ‬متطرقة‭ ‬إلى‭ ‬فن‭ ‬الطبخ‭ ‬العربي‭ ‬وما‭ ‬يملكه‭ ‬من‭ ‬خصوصية‭ ‬جعلت‭ ‬منه‭ ‬إرثًا‭ ‬إنسانيًا‭ ‬تتناقله‭ ‬الأجيال‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭.‬

معتقدات‭ ‬غريبة

ولم‭ ‬تغفل‭ ‬الباحثة‭ ‬الشروقي‭ ‬عن‭ ‬سرد‭ ‬أهم‭ ‬وأغرب‭ ‬المعتقدات‭ ‬والعادات‭ ‬التي‭ ‬مارستها‭ ‬العرب‭ ‬قديمًا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتناول‭ ‬الطعام،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذكر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أصناف‭ ‬الأطعمة‭ ‬والمشروبات‭ ‬التي‭ ‬اشتهرت‭ ‬بها‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬ودلالاتها‭ ‬الرمزية‭ ‬كالتمر‭ ‬والقهوة‭ ‬العربية‭ ‬والعادات‭ ‬والتقليد‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها،‭ ‬لتتناول‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المحاضرة‭ ‬حجم‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬طرأ‭ ‬على‭ ‬فلسفة‭ ‬الطبخ‭ ‬أخيرا‭ ‬والدور‭ ‬المهم‭ ‬لأصحاب‭ ‬المطاعم‭ ‬والمقاهي‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الأصيلة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الأطباق‭ ‬التراثية‭ ‬التي‭ ‬تميزت‭ ‬بها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والترويج‭ ‬لها‭ ‬خارجيًا،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الحديثة‭.‬

الطعام‭ ‬ثقافة

وبخبرة‭ ‬متراكمة‭ ‬لمتخصصة‭ ‬وفاعلة‭ ‬للشروقي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬ومنذ‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬ريادي‭ ‬في‭ ‬إثراء‭ ‬مهرجان‭ ‬“الطعام‭ ‬ثقافة”‭ ‬الذي‭ ‬نظمته‭ ‬الهيئة‭ ‬سابقا،‭ ‬وكانت‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬المحاضرين‭ ‬فيه؛‭ ‬لما‭ ‬تمتلكه‭ ‬من‭ ‬خبرة‭ ‬وثقافة‭ ‬وإطلاع‭ ‬واسعين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البحرين‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬وإنما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬والعالم،‭ ‬فقد‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تدعم‭ ‬مؤلفها‭ ‬الأول‭ ‬بالطعام،‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬إضافة‭ ‬متميزة‭ ‬للمكتبة‭ ‬البحرينية‭ ‬والخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والأجنبية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جهودها‭ ‬للسفر‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬فلسفات‭ ‬الطعام‭ ‬والمطابخ‭ ‬الشعبية‭ ‬والأطباق‭ ‬الشعبية،‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬التي‭ ‬ربطت‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬بطعامها،‭ ‬ليكون‭ ‬نصها‭ ‬الإبداعي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬وهو‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬دليلا‭ ‬ومستندا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬والباحثين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬التغييرات‭ ‬الجذرية‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬وتقديم‭ ‬الأطباق‭ ‬والوصفات‭ ‬بطرق‭ ‬حديثة،‭ ‬مبينة‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأطباق‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والخليج‭ ‬تم‭ ‬تسخيرها‭ ‬وفقا‭ ‬لأذواقنا‭ ‬وعاداتنا‭ ‬الغذائية‭ ‬ومناسباتنا‭ ‬الدينية‭ ‬والاجتماعية‭.‬

علم‭ ‬الأنثروبولوجيا

وأشارت‭ ‬الباحثة‭ ‬دلال‭ ‬الشروقي،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬هنا‭ ‬يبرز‭ ‬دور‭ ‬السيسيولوجيا،‭ ‬وهو‭ ‬كما‭ ‬يعرف‭ ‬في‭ ‬معجم‭ ‬المعاني‭ ‬بأنه‭ ‬علم‭ ‬يدرس‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمجموعات‭ ‬البشرية‭ ‬وظواهرها‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬مبينة‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬حضارة‭ ‬رئيسة‭ ‬أشكالها‭ ‬ونمطها،‭ ‬فمثلا‭ ‬أنماط‭ ‬الطعام‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬أو‭ ‬السعودية‭ ‬أو‭ ‬العراق‭ ‬أو‭ ‬بلاد‭ ‬الشام‭ ‬تختلف‭ ‬نتيجة‭ ‬لانعكاسات‭ ‬البيئة‭ ‬بسبب‭ ‬الاختلاف‭ ‬الطبيعي،‭ ‬منوهة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬للمجتمعات‭ ‬المختلفة‭ ‬والبيئة‭ ‬الجغرافية‭ ‬لكل‭ ‬مكان‭ ‬رغم‭ ‬اختلافاتها‭ ‬تلتقي‭ ‬في‭ ‬أصولها‭ ‬وأسسها،‭ ‬فالأكل‭ ‬والشرب‭ ‬حاجة،‭ ‬والنوم‭ ‬حاجة‭ ‬والملبس‭ ‬حاجة،‭ ‬لكن‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الطعام‭ ‬جعلت‭ ‬الإنسان‭ ‬يتفنن‭ ‬في‭ ‬أساليب‭ ‬الطبخ‭ ‬بتلقائية‭ ‬تعزز‭ ‬له‭ ‬هويته،‭ ‬فهو‭ ‬ابن‭ ‬بيئته‭ ‬سواء‭ ‬بخصوبتها‭ ‬أو‭ ‬بجدبها،‭ ‬وبإبداع‭ ‬شخوصها‭ ‬ومجتمعاتها‭ ‬وتطويعها‭ ‬لما‭ ‬يلائم‭ ‬مع‭ ‬المواسم‭ ‬المناخية‭ ‬والدينية،‭ ‬فابتكروا‭ ‬الطقوس‭ ‬وقدموا‭ ‬القرابين‭ ‬واحتفلوا‭ ‬بالأعياد‭ ‬والمناسبات‭.‬

الأطباق‭ ‬الشعبية

وأوضحت‭ ‬دلال‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬المناسبات‭ ‬التي‭ ‬تفرد‭ ‬لها‭ ‬أطباق‭ ‬شعبية‭ ‬“رمضان،‭ ‬القريش،‭ ‬العيد،‭ ‬ريوق‭ ‬العيد،‭ ‬غدا‭ ‬العيد،‭ ‬قدوع‭ ‬العيد”‭ ‬والمناسبات‭ ‬الدينية‭ ‬مثل‭ ‬عاشوراء‭ ‬والمواليد‭ ‬والنذور‭ ‬وتثويب‭ ‬ليالي‭ ‬القدر،‭ ‬غتفرش‭ ‬السفر‭ ‬حسب‭ ‬المناسبة‭ ‬الدينية‭ ‬مثل‭ ‬“المولد‭ ‬النبوي،‭ ‬سفرة‭ ‬العباس،‭ ‬سفرة‭ ‬الصادق،‭ ‬وسفرة‭ ‬زكريا”‭ ‬وقد‭ ‬يصاحبها‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬الإنشاد‭ ‬الديني‭ ‬المقبول‭ ‬أو‭ ‬القراءات‭ ‬الدينية،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬اجتماعيا‭ ‬فقد‭ ‬لعب‭ ‬الطعام‭ ‬دورا‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكلمات‭ ‬والأمثال‭ ‬والتشبيهات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالطعام،‭ ‬كما‭ ‬يزخر‭ ‬التراث‭ ‬العربي‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬والحكايات‭ ‬والأهازيج‭ ‬الخاصة‭ ‬بالأطعمة‭ ‬التي‭ ‬يتناقلها‭ ‬الباعة‭ ‬الجائلون‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬إلى‭ ‬جيل‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬الشعبية‭ ‬والأسواق‭ ‬القديمة‭.‬

ونظرا‭ ‬للمساحة‭ ‬الشاسعة‭ ‬للوطن‭ ‬العربي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تتشابه‭ ‬أسماء‭ ‬الأطعمة‭ ‬أحيانا،‭ ‬وتظهر‭ ‬أسماء‭ ‬مختلفة‭ ‬للطبق‭ ‬الواحد،‭ ‬فمثلا‭ ‬طبق‭ ‬العاشورا‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬يسمى‭ ‬هريسة،‭ ‬ويعد‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يعد‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والسودان،‭ ‬وأما‭ ‬الهريسة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬فهو‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬الفلفل‭ ‬الأحمر‭ ‬وفي‭ ‬الأردن‭ ‬طبق‭ ‬حلاوة‭ ‬شرقية،‭ ‬وفي‭ ‬الخليج‭ ‬تعد‭ ‬الهريسة‭ ‬من‭ ‬اللحم‭ ‬والقمح‭ ‬والسمنة‭.‬

العرب‭ ‬والمطيبات

ونوهت‭ ‬الشروقي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬كان‭ ‬لديهم‭ ‬إصرار‭ ‬فريد‭ ‬على‭ ‬النظافة‭ ‬وأمورها،‭ ‬وأضافوا‭ ‬التوابل‭ ‬العطرية‭ ‬والمطيبات‭ ‬وكل‭ ‬مادة‭ ‬حلوة‭ ‬الرائحة‭ ‬مثل‭: ‬ماء‭ ‬الزهر‭ ‬والزعفران،‭ ‬مردفة‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬يجتمعون‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الطقوس‭ ‬كالأعراس‭ ‬والولادة‭ ‬ومراسم‭ ‬الدفن‭ ‬والمناسبات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مثل‭ ‬كالختان‭ ‬وليالي‭ ‬الحناء‭ ‬والضيافة‭ ‬وتقديم‭ ‬القهوة‭ ‬والحصاد‭ ‬وحفظ‭ ‬الأطعمة‭.‬

الطعام‭ ‬العربي‭ ‬والتأثيرات‭ ‬الخارجية

وتوضح‭ ‬الشروقي‭ ‬أن‭ ‬الطعام‭ ‬والمطبخ‭ ‬العربي‭ ‬تأثر‭ ‬بالبلدان‭ ‬التي‭ ‬حوله،‭ ‬كما‭ ‬هنالك‭ ‬تأثيرات‭ ‬خارجية‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬الطعام‭ ‬العالمي‭ ‬منذ‭ ‬اكتشاف‭ ‬القارة‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر،‭ ‬مثل‭ ‬الذرة‭ ‬والطماطم‭ ‬والكاكاو‭ ‬والفول‭ ‬السوداني‭ ‬والفلفل‭ ‬وجميع‭ ‬أنواعه،‭ ‬أما‭ ‬تأثيرات‭ ‬القارة‭ ‬الهندية‭ ‬على‭ ‬الطعام‭ ‬العربي،‭ ‬فهو‭ ‬جذب‭ ‬الباذنجان‭ ‬والبامية‭ ‬والتمر‭ ‬الهندي،‭ ‬ومن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬دخل‭ ‬البرتقال‭ ‬والليمون‭ ‬والزيتون‭.‬

المطاعم‭ ‬تنقل‭ ‬الثقافة

وأكدت‭ ‬الشروقي‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬المطاعم‭ ‬الشعبية‭ ‬هم‭ ‬ناشرو‭ ‬ثقافة‭ ‬شعبهم،‭ ‬فإذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬ثقافة‭ ‬شعب‭ ‬ما‭ ‬فإنه‭ ‬يلزمنا‭ ‬أن‭ ‬ندخل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أغذيتهم‭ ‬وفنونهم؛‭ ‬لأن‭ ‬لكل‭ ‬بلد‭ ‬أطباق‭ ‬لمناسباتهم‭ ‬أو‭ ‬لطقوس‭ ‬دينية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭ ‬عندهم‭.‬

البحرين‭ ‬والمطاعم‭ ‬الشعبية

وأكدت‭ ‬الباحثة‭ ‬الشروقي‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬هي‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬تنوعا‭ ‬في‭ ‬تركيبتها‭ ‬السكانية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أعرافهم‭ ‬وثقافاتهم‭ ‬ولغاتهم‭ ‬ومذاهبهم،‭ ‬فالاعتراف‭ ‬بالآخر‭ ‬هو‭ ‬رفعة‭ ‬لشأن‭ ‬الذات‭ ‬المعترفة،‭ ‬ما‭ ‬أفرز‭ ‬تعايشا‭ ‬سلميا‭ ‬بين‭ ‬الهويات‭ ‬الثقافية‭ ‬المختلفة،‭ ‬فأصحاب‭ ‬المطاعم‭ ‬والذواقة‭ ‬هم‭ ‬ناقلوا‭ ‬ثقافة‭ ‬بلادهم‭ ‬للمجتمعات‭ ‬الأخرى‭.‬

وفي‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬انتشرت‭ ‬المطاعم‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مناطق‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬ولا‭ ‬نستطيع‭ ‬إغفال‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬ودول‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬تشترك‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

ومع‭ ‬وجود‭ ‬المنافسة‭ ‬مع‭ ‬مطاعم‭ ‬الوجبات‭ ‬السريعة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬هنالك‭ ‬إقبالا‭ ‬كبيرا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المطاعم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشباب،‭ ‬ما‭ ‬يدعونا‭ ‬لعدم‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬اندثار‭ ‬أطباقنا‭ ‬القديمة،‭ ‬منوهة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الفئة‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬من‭ ‬جنسيات‭ ‬أخرى‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ممارساتهم‭ ‬ونقلها‭ ‬إلى‭ ‬شعوبهم‭ ‬تضمن‭ ‬الاستمرارية،‭ ‬فخلال‭ ‬الفترة‭ ‬العباسية‭ ‬استخدم‭ ‬الطباخون‭ ‬من‭ ‬جنسيات‭ ‬مختلفة،‭ ‬فذكر‭ ‬الجاحظ‭ ‬أن‭ ‬أحسن‭ ‬الطباخين‭ ‬هم‭ ‬السنديون‭ ‬والخرسانيون،‭ ‬وما‭ ‬يثبت‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬وجود‭ ‬مطاعم‭ ‬للأكل‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يستوجب‭ ‬دعما‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬البلاد‭ ‬للممارسين؛‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الإرث‭.‬

انقراض‭ ‬الإرث

وتساءلت‭ ‬الباحثة‭ ‬الشروقي‭: ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬تهديدات‭ ‬لانقراض‭ ‬هذا‭ ‬الإرث؟‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بحوثي‭ ‬ووجودي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬قوية‭ ‬ومازال‭ ‬الجيل‭ ‬الحاضر‭ ‬يقبل‭ ‬على‭ ‬الأطباق‭ ‬الشعبية‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬أرى‭ ‬مبادرات‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬والتراث‭ ‬ووزارة‭ ‬الإعلام‭ ‬ووزارة‭ ‬العمل‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬اختصاصه‭.‬

واقترحت‭ ‬الشروقي‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬المطبخ‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أغنى‭ ‬المطابخ‭ ‬ببعض‭ ‬أطباقه‭ ‬المتميزة‭ ‬التي‭ ‬ارتبطت‭ ‬بالتراث‭ ‬الإنساني‭ ‬للبحرين‭ ‬وكانت‭ ‬مادة‭ ‬بالأغاني‭ ‬والأمثال‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬لازالت‭ ‬تعيش‭ ‬معنا‭ ‬في‭ ‬حاضرنا،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تسجل‭ ‬هذه‭ ‬الأطباق‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬الثقافة‭ ‬العالمية‭ ‬مثل‭ ‬الكبة‭ ‬والكفتة‭ ‬البحرينية‭ ‬وأطباق‭ ‬المحمر‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحضر‭ ‬في‭ ‬مطابخ‭ ‬البلدان‭ ‬المجاورة،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أنها‭ ‬وخلال‭ ‬إعدادها‭ ‬لكتابها‭ ‬زارت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القرى‭ ‬بالبحرين‭ ‬كسماهيج‭ ‬والدير‭ ‬وصدد‭ ‬والمالكية‭ ‬والمالكية‭ ‬وغيرها،‭ ‬ووجدت‭ ‬أن‭ ‬نساء‭ ‬القرى‭ ‬البحرينيات‭ ‬خصوصا‭ ‬المسنات‭ ‬يمتلكن‭ ‬ذاكرة‭ ‬تشكل‭ ‬موسوعات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬أهل‭ ‬المنامة‭ ‬تأثروا‭ ‬وأثروا‭ ‬في‭ ‬الجاليات‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬للبحرين،‭ ‬مبينة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأطباق‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬اختفت‭ ‬مثل‭ ‬“الملخوخة”،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الأطباق‭ ‬قد‭ ‬تختفي‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الإرث‭ ‬الثقافي،‭ ‬فيجب‭ ‬حفظ‭ ‬هذا‭ ‬الإرث‭ ‬وتوثيقه‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬وإنشاء‭ ‬معاهد‭ ‬وكليات‭ ‬لتعليم‭ ‬فنون‭ ‬الطبخ‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬أحد‭ ‬جوانب‭ ‬الثقافة‭ ‬البحرينية‭.‬