الفيلم اللبناني “١٩٨٢” للمخرج وليد مؤنس يلفت الانتباه

السينما الإفريقية: الحاضر والماضي والمستقبل في الجونة

| طارق البحار

سينافس‭ ‬الفيلم‭ ‬اللبناني‭ ‬“‮١٩٨٢‬”‭ ‬للمخرج‭ ‬وليد‭ ‬مؤنس‭ ‬كأول‭ ‬أفلامه‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬جوائز‭ ‬مهرجان‭ ‬الجونة‭ ‬السينمائي‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬ضمن‭ ‬مسابقة‭ ‬الأفلام‭ ‬الروائية‭ ‬الطويلة‭ ‬لما‭ ‬تقدمه‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬وإخراج‭.‬

قصة‭ ‬الفيلم‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬العام‭ ‬1982،‭ ‬حيث‭ ‬الامتحانات‭ ‬النهائية‭ ‬بمنطقة‭ ‬جبلية‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬الذي‭ ‬منها‭ ‬يقرر‭ ‬“وسام”‭ ‬صبي‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬11‭ ‬عامًا،‭ ‬البوح‭ ‬لزميلته‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الصف‭ ‬“جوانا”‭ ‬بمدى‭ ‬إعجابه‭ ‬وحبه‭ ‬لها،‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬الأثناء‭ ‬تتعرض‭ ‬البلاد‭ ‬لهجوم‭ ‬جويّ‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الدراسة‭ ‬تؤجل‭ ‬في‭ ‬بيروت،‭ ‬وهذا‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬إصراره‭ ‬عليها‭ ‬هن‭ ‬الحرب‭ ‬البريء‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الحرب‭ ‬يحفر‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الصبي‭.‬

وحضر‭ ‬طاقم‭ ‬العمل‭ ‬للعرض‭ ‬الأول‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الجونة‭ ‬ضمن‭ ‬فعالياته‭ ‬السينمائي،‭ ‬يتقدمهم‭ ‬المخرج‭ ‬وليد‭ ‬مؤنس‭ ‬للسير‭ ‬على‭ ‬السجادة‭ ‬الحمراء‭ ‬وتغيبت‭ ‬بطله‭ ‬الفيلم‭ ‬نادين‭ ‬لبكي‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬دور‭ ‬ياسمين،‭ ‬وهي‭ ‬معلمة‭ ‬يعتريها‭ ‬الأم‭ ‬خلال‭ ‬الأوقات‭ ‬المريرة‭ ‬لحصار‭ ‬بيروت‭ ‬في‭ ‬1982‭ ‬لظروف‭ ‬خاصة‭ ‬بالعمل‭.‬

يذكر‭ ‬أن‭ ‬الفيلم‭ ‬قد‭ ‬فاز‭ ‬بجائزة‭ ‬الجونة‭ ‬لأفضل‭ ‬فيلم‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الإنتاج‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الثانية‭ ‬وقدرها‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭.‬

السينما‭ ‬الإفريقية

تضمن‭ ‬برنامج‭ ‬جسر‭ ‬الجونة‭ ‬السينمائي‭ ‬حلقة‭ ‬نقاش‭ ‬“السينما‭ ‬الإفريقية‭: ‬الحاضر‭ ‬والماضي‭ ‬والمستقبل”،‭ ‬وناقشت‭ ‬هذه‭ ‬الحلقة‭ ‬كيف‭ ‬تطورت‭ ‬السينما‭ ‬الإفريقية‭ ‬من‭ ‬شمالها‭ ‬إلى‭ ‬جنوبها‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬لتصبح‭ ‬ذات‭ ‬تأثير،‭ ‬وتمتلك‭ ‬قوة‭ ‬إبداعية‭ ‬وتتواجد‭ ‬على‭ ‬الخريطة‭ ‬السينمائية‭ ‬العالمية‭.‬

وتحدث‭ ‬المشاركون‭ ‬في‭ ‬الحلقة‭ ‬النقاشية‭ ‬عن‭ ‬حجم‭ ‬الانتاج‭ ‬السينمائي‭ ‬الذي‭ ‬تنتجه‭ ‬بلدان‭ ‬القارة‭ ‬ووصفوه‭ ‬بالمحدود‭ ‬للغاية‭ ‬بالقياس‭ ‬لعدد‭ ‬البلدان‭ ‬والشعوب‭ ‬الإفريقية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬القارة،‭ ‬وقالت‭ ‬يانا‭ ‬ولف‭ ‬مديرة‭ ‬التسويق‭ ‬والإعلان‭ ‬لمؤسسة‭ ‬سوق‭ ‬الأفلام‭ ‬الأوروبية‭ ‬efm‭ ‬إن‭ ‬فرنسا‭ ‬مثلا‭ ‬تنتج‭ ‬سنويا‭ ‬نحو‭ ‬‮٣٠٠‬‭ ‬فيلم‭ ‬سينمائي‭ ‬‮٧٠‬‭ ‬٪‏‭ ‬منها‭ ‬هي‭ ‬أفلام‭ ‬فرنسية‭ ‬خالصة،‭ ‬ونحو‭ ‬‮٣٠‬‭ ‬٪‏‭ ‬أخرى‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬بين‭ ‬إنتاج‭ ‬مشترك‭ ‬وأفلام‭ ‬خاصة،‭ ‬وهذا‭ ‬الزخم‭ ‬عادة‭ ‬تصنعه‭ ‬الحكومات‭ ‬بسبب‭ ‬دعمها‭ ‬الواضح‭ ‬للصناعة‭ ‬ككل،‭ ‬وهذا‭ ‬الدعم‭ ‬ماديا‭ ‬ولوجستيا،‭ ‬وأشارت‭ ‬يانا‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬السعى‭ ‬لإيجاد‭ ‬مصادر‭ ‬تمويل‭ ‬بديلة،‭ ‬حال‭ ‬احتجبت‭ ‬الحكومات‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬لصناعة‭ ‬الأفلام،‭ ‬وكذلك‭ ‬ضرورة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬المشكلات‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تحديات،‭ ‬وليست‭ ‬عقبات‭.‬

وعلق‭ ‬المخرج‭ ‬المغربي‭ ‬المبدع‭ ‬نبيل‭ ‬علوش‭ ‬أن‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإفريقية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬حكوماتها‭ ‬تؤمن‭ ‬بجدوى‭ ‬منع‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬يحدث‭ ‬فيه‭ ‬العكس‭ ‬تمامًا،‭ ‬فالتجربة‭ ‬أثبتت‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬التضييق‭ ‬والمنع‭ ‬حظى‭ ‬العمل‭ ‬الفنى‭ ‬بزخم‭ ‬أكبر‭ ‬وسعي‭ ‬أكبر‭ ‬للمشاهدة‭. ‬وأضاف‭ ‬في‭ ‬الحلقة‭ ‬أن‭ ‬“نتفليكس”‭ ‬مثلا‭ ‬للأسف‭ ‬تستحوذ‭ ‬على‭ ‬المنصات‭ ‬المحلية‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وتستأثر‭ ‬بمحتواه‭ ‬للعرض‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬منصتها،‭ ‬وأشار‭: ‬القرصنة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬أم‭ ‬المشكلات‭ ‬التى‭ ‬تعانيها‭ ‬صناعة‭ ‬السنيما‭ ‬فى‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تجاهل‭ ‬الحكومات‭ ‬بالدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬لدورها‭ ‬في‭ ‬مواجهتها‭.‬

واتفق‭ ‬المشاركون‭ ‬مع‭ ‬الحضور‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬قارة‭ ‬إفريقيا‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬له‭ ‬طبيعة‭ ‬خاصة‭ ‬للغاية‭ ‬ربما‭ ‬بسبب‭ ‬التنوع‭ ‬الكبير‭ ‬بين‭ ‬ثقافات‭ ‬ودوّل‭ ‬القارة،‭ ‬وكذلك‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬فرادى،‭ ‬وأيضا‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬غادروا‭ ‬دولهم‭ ‬بالقارة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬يحتفظون‭ ‬بهويتهم‭ ‬الإفريقية‭ ‬ويصرون‭ ‬عليها‭.‬