الحمدان يتحدث عن هوية المسرح العربي بـ “القاهرة التجريبي 26”

| أسامة الماجد

في‭ ‬مداخلة‭ ‬باحثة‭ ‬له‭ ‬حول‭ ‬الهوية‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬العربي،‭ ‬والتي‭ ‬أتت‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الندوة‭ ‬الفكرية‭ ‬التي‭ ‬صاحبت‭ ‬مهرجان‭ ‬القاهرة‭ ‬الدولي‭ ‬للمسرح‭ ‬المعاصر‭ ‬والتجريبي‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬‮٢٦‬،‭ ‬والذي‭ ‬انتهت‭ ‬فعالياته‭ ‬قبل‭ ‬أيام،‭ ‬أكد‭ ‬الباحث‭ ‬والناقد‭ ‬المسرحي‭ ‬يوسف‭ ‬الحمدان‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬كفعل‭ ‬إبداعي‭ ‬بوصفه‭ ‬هويات‭ ‬وليس‭ ‬هوية‭ ‬واحدة‭ ‬تتسق‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬العروض‭ ‬والرؤى‭ ‬والتنظيرات‭.‬

‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الفعل‭ ‬المسرحي‭ ‬الإبداعي‭ ‬حراك‭ ‬دينامي‭ ‬متحول‭ ‬ومتغير‭ ‬ومؤثر،‭ ‬ويتقاطع‭ ‬مع‭ ‬ثقافات‭ ‬ورؤى‭ ‬تتجاوز‭ ‬حدود‭ ‬الساكن‭ ‬والمستقر‭ ‬في‭ ‬مسرحنا‭ ‬العربي،‭ ‬فالثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬مثلا‭ ‬ممكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عولمية‭ ‬في‭ ‬توجهاتها‭ ‬كما‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ (‬باختين‭) ‬في‭ ‬رؤيته‭ ‬للكرنفالات‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬تجدها‭ ‬متقاربة‭ ‬في‭ ‬طقوسها‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬عن‭ ‬ذاك،‭ ‬وتتشابه‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأمور،‭ ‬وينبغي‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬بوصفها‭ ‬هويات‭ ‬ليس‭ ‬محسوم‭ ‬أمرها‭ ‬لدى‭ ‬شعب‭ ‬دون‭ ‬آخر،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الثقافات‭ ‬تحتمل‭ ‬الجدل‭ ‬والاختلاف؛‭ ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تستقر‭ ‬كفعل‭ ‬إبداعي‭ ‬في‭ ‬أنموذج‭ ‬فني‭ ‬واحد،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تعتمد‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬فسح‭ ‬الرؤى‭ ‬والتخييل‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬قابلية‭ ‬مستمرة‭ ‬للتحول‭ ‬اللا‭ ‬متناهي،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬لدى‭ ‬المخرجة‭ ‬الفرنسية‭ ‬اريان‭ ‬نوشكين،‭ ‬والمفكرين‭ ‬الأنثربولوجيين‭ ‬بيتر‭ ‬بروك‭ ‬ويوجينيو‭ ‬باربا،‭ ‬حيث‭ ‬طرقت‭ ‬تجاربهما‭ ‬المسرحية‭ ‬أبواب‭ ‬الشرق‭ ‬وشكلت‭ ‬رؤاها‭ ‬من‭ ‬خلالها،‭ ‬وكذا‭ ‬الحال‭ ‬لدى‭ ‬جوليا‭ ‬كريستيفا‭ ‬في‭ ‬كتابها‭ (‬سحر‭ ‬الشرق‭) ‬وكذا‭ ‬الحال‭ ‬أيضا‭ ‬لدى‭ ‬الكاتب‭ ‬الفرنسي‭ ‬جان‭ ‬جينيه‭ ‬الذي‭ ‬تمثل‭ ‬القضية‭ ‬الفرنسية‭ ‬والقضية‭ ‬الجزائرية‭ ‬في‭ ‬نصوصه‭ ‬المسرحية،‭ ‬ولدى‭ ‬المخرج‭ ‬الفرنسي‭ ‬ايضا‭ ‬انتونين‭ ‬ارتو‭ ‬الذي‭ ‬تمثل‭ ‬طقوس‭ ‬بالي‭ ‬الإندونيسية‭ ‬أنموذجا‭ ‬في‭ ‬تجاربه‭ ‬وتنظيراته‭ ‬المسرحية‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬كتابيه‭ ( ‬المسرح‭ ‬وقرينه‭) ‬و‭(‬جسد‭ ‬يختبر‭ ‬العالم‭). ‬

ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬النظر‭ ‬مليا‭ ‬حين‭ ‬يرد‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الهوية،‭ ‬فهي‭ ‬حالة‭ ‬استثنائية‭ ‬حين‭ ‬يتعالق‭ ‬أمرها‭ ‬مع‭ ‬الفعل‭ ‬المسرحي،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬طرق‭ ‬أبوابها‭ ‬بوصفها‭ ‬حالة‭ ‬عربية‭ ‬كما‭ ‬يزعم‭ ‬بعض‭ ‬الدوغمائيين‭ ‬من‭ ‬المسرحيين‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬يتكئون‭ ‬على‭ ‬مسلمات‭ ‬عفا‭ ‬عليها‭ ‬الدهر‭ ‬وشرب،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬بعضهم‭ ‬تلقى‭ ‬دراسته‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬أساتذة‭ ‬أوروبيين‭.‬

الهوية‭ ‬يعبر‭ ‬عنها‭ ‬الجسد‭ ‬وتعبر‭ ‬عنها‭ ‬الإيماءة‭ ‬ويعبر‭ ‬عنها‭ ‬الصمت‭ ‬ويعبر‭ ‬عنها‭ ‬الشكل‭ ‬والفضاء‭ ‬المسرحي،‭ ‬فهي‭ ‬متعددة‭ ‬بتعدد‭ ‬أنواع‭ ‬المسرح‭ ‬ورؤاه‭.‬