للدراما العربية والخليجية حواجز لا يمكن أن نجتازها وللماضي عبق مريح

محمد القفاص: نعم أنا مخرج مزيف لأني أسعى إلى تطبيق الفن ومعاييره

| محرر مسافات

انتقد‭ ‬المخرج‭ ‬البحريني‭ ‬محمد‭ ‬القفاص‭ ‬توقيت‭ ‬إقامة‭ ‬بعض‭ ‬المهرجانات‭ ‬الفنية،‭ ‬وأبدى‭ ‬استغرابه‭ ‬من‭ ‬تقييم‭ ‬الأعمال‭ ‬وتصنيفها‭ ‬قبل‭ ‬عرضها‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭. ‬وقال‭ ‬القفاص‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬سابق‭: ‬“تخيلوا‭ ‬أن‭ ‬يمنح‭ ‬ممثل‭ ‬جائزة‭ ‬الأوسكار‭ ‬قبل‭ ‬استكمال‭ ‬فيلمه،‭ ‬كيف‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تحكم‭ ‬وتفضل‭ ‬وتمنح‭ ‬جائزة‭ ‬أو‭ ‬لقب‭ ‬على‭ ‬مصنف‭ ‬فني‭ ‬وهو‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬حتى‭ ‬منتصفه‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬خارقا‭ ‬وتبصر‭ ‬الغيب‭ ‬أو‭ ‬انك‭ ‬توزع‭ ‬الجوائز‭ ‬على‭ ‬هواك”‭. ‬ولم‭ ‬يُخفِ‭ ‬المخرج‭ ‬البحريني‭ ‬القدير‭ ‬توقه‭ ‬الشديد‭ ‬للتعاون‭ ‬مع‭ ‬الفنانين‭ ‬حياة‭ ‬الفهد‭ ‬وسعد‭ ‬الفرج،‭ ‬منوهاً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬لن‭ ‬يطول‭ ‬كثيراً،‭ ‬كي‭ ‬يبصر‭ ‬النور‭ ‬في‭ ‬الآتي‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭.‬

يقول‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬في‭ ‬المسلسلات‭ ‬القديمة‭ ‬عن‭ ‬الجديدة‭ ‬بأن‭ ‬للماضي‭ ‬عبق‭ ‬هادئ‭ ‬مريح،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحاضر‭ ‬يمتلك‭ ‬تقنية‭ ‬عالية‭ ‬وأجهزة‭ ‬متطورة‭ ‬من‭ ‬النواحي‭ ‬الفنية‭. ‬ولكن‭ ‬يمتلك‭ ‬الماضي‭ ‬الإرهاصات‭ ‬والتأسيس،‭ ‬وهناك‭ ‬أعمال‭ ‬مخلّدة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للذاكرة‭ ‬إغفال‭ ‬ذلك‭ ‬التراكم‭ ‬الذي‭ ‬بنى‭ ‬الحاضر‭ ‬منه‭ ‬استمرارَه،‭ ‬وقال‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬طويل‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬التآخي‭ ‬الالكتروني‭ ‬مؤخرا‭ ‬بأنه‭ ‬كمخرج‭ ‬يسعى‭ ‬للتطور،‭ ‬ولكن‭ ‬للدراما‭ ‬العربية‭ ‬أو‭ ‬الخليجية‭ ‬حواجز‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نجتازها‭! ‬بصريح‭ ‬العبارة‭ ‬لأننا‭ ‬نصطدم‭ ‬بجهاز‭ ‬رقابي،‭ ‬وبعادات‭ ‬وتقاليد،‭ ‬لو‭ ‬سعينا‭ ‬لتحطيمها‭ ‬فسنكون‭ ‬في‭ ‬منزلة‭ ‬النشاز‭! ‬إنما‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬يمكنهم‭ ‬مناقشة‭ ‬أي‭ ‬موضوع‭ ‬وقضية‭ ‬والعمل‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التفكير‭ ‬بالعراقيل‭ ‬التي‭ ‬نواجهها‭ ‬في‭ ‬محيطنا‭ ‬الفني‭ ‬الخليجي‭. ‬وقال‭: ‬“أنا‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬أدعوا‭ ‬ولا‭ ‬أرمز‭ ‬للجرأة‭ ‬المخجلة‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬صادم‭ ‬للمجتمع‭ ‬الديني‭ ‬والعربي،‭ ‬ولكننا‭ ‬متأخرون‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬تقديمنا‭ ‬لقضايا‭ ‬ومواضيع‭ ‬مهمة،‭ ‬قد‭ ‬نختلف‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭ ‬عليها،‭ ‬ولكنها‭ ‬بالضرورة‭ ‬ستسهم‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬المطروح‭ ‬الفني‭ ‬من‭ ‬الأعمال،‭ ‬وتدهشنا‭ ‬بالمختلف‭ ‬والملفت‭! ‬وهذا‭ ‬رأيي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مرابة‭ ‬أو‭ ‬مجاملة”‭. ‬

وفي‭ ‬سؤال‭ ‬عن‭ ‬رفضه‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬الفنان‭ ‬المرحوم‭ (‬عبد‭ ‬الحسين‭ ‬عبد‭ ‬الرضا‭) ‬قال‭ ‬بأنه‭ ‬اعتذر‭ ‬عن‭ ‬مسلسل‭ (‬الحب‭ ‬الكبير‭)‬،‭ ‬للفنان‭ ‬الكبير‭ ‬المرحوم‭ ‬عبد‭ ‬الحسين‭ ‬عبد‭ ‬الرضا،‭ ‬لأن‭ ‬موضوع‭ ‬المسلسل‭ ‬وحبكته‭ ‬العامة‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يرق‭ ‬لي،‭ ‬وأنا‭ ‬لم‭ ‬أتأسف‭ ‬على‭ ‬أني‭ ‬قد‭ ‬اعتذرتُ‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬أسفي‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬مشاركتي‭ ‬للعملاق‭ ‬بعمل‭ ‬فني،‭ ‬وقال‭: ‬“جاءت‭ ‬فرصة‭ ‬أخرى‭ ‬للاشتراك‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬عمل‭ (‬أبو‭ ‬الملايين‭/‬‏‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭)‬،‭ ‬وجلسنا‭ ‬معاً،‭ ‬ومع‭ ‬كاتب‭ ‬العمل‭ ‬والنجم‭ ‬السعودي‭ ‬ناصر‭ ‬القصبي،‭ ‬ولكن‭ -‬وللأسف‭ ‬أيضاً‭- ‬لم‭ ‬ينجز‭ ‬العمل‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب”‭. ‬وعن‭ ‬تعاونه‭ ‬مع‭ ‬الفنانة‭ ‬حياة‭ ‬الفهد‭ ‬أو‭ ‬الفنان‭ ‬سعد‭ ‬الفرج‭ ‬قال‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬عرضت‭ ‬عليّه‭ ‬لمسلسلات‭ ‬خاصة‭ ‬بالفنانة‭ ‬حياة‭ ‬الفهد،‭ ‬ولكن‭ ‬لسوء‭ ‬الحظ‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يتلقى‭ ‬فيها‭ ‬عرضاً‭ ‬يجمعه‭ ‬ب”أم‭ ‬سوزان”‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬التزم‭ ‬بكلمة‭ ‬مع‭ ‬آخرين‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬أبرم‭ ‬عقوداً‭ ‬لأعمال‭ ‬فنية‭ ‬أخرى،‭ ‬وقال‭: ‬“ولعل‭ ‬أسوأ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تجده‭ ‬في‭ ‬مشواري‭ ‬الفني‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬تعاوني‭ ‬مع‭ ‬العملاق‭ ‬القدير‭ ‬سعد‭ ‬الفرج،‭ ‬ولكنني‭ ‬أعدكم‭ ‬بأن‭ ‬عدم‭ ‬اشتغالي‭ ‬مع‭ ‬الفنانين‭ ‬حياة‭ ‬الفهد‭ ‬وسعد‭ ‬الفرج‭ ‬لن‭ ‬يطول”‭.‬

وقال‭ ‬عن‭ ‬عودة‭ ‬هيفاء‭ ‬حسين‭ ‬للعمل‭ ‬بسبب‭ ‬إخراجه‭ ‬قال‭ ‬إنها‭ ‬فنانة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬للكلمة‭ ‬من‭ ‬معنى،‭ ‬وأضاف‭: ‬“قلت‭ ‬لها‭ ‬مراراً‭ ‬إنني‭ ‬لن‭ ‬أشترك‭ ‬معك‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يضف‭ ‬لكِ‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يضيف‭ ‬لاسمي،‭ ‬وها‭ ‬أنا‭ ‬أفي‭ ‬بوعدي‭ ‬لها‭ ‬وسيراها‭ ‬الجمهور‭ ‬بأداء‭ ‬مختلف‭ ‬للغاية‭. ‬أنا‭ ‬أناني‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التجارب،‭ ‬وأعرف‭ ‬كيف‭ ‬أسرق‭ ‬من‭ ‬الفنان‭ ‬الذي‭ ‬أمامي،‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬سرقتي‭ ‬لهيفاء‭ ‬حسين‭ ‬أنها‭ ‬فنانة‭ ‬مطيعة‭ ‬وملتزمة‭ ‬وغير‭ ‬متشنجة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تؤمن‭ ‬بقدراتها،‭ ‬لذلك‭ ‬قمت‭ ‬باستغلالها‭ ‬أكبر‭ ‬استغلال‭ ‬فني”‭. ‬وتحدث‭ ‬في‭ ‬اللقاء‭ ‬عن‭ ‬معاييره‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬الفنانين‭ ‬وقال‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬ثابتا،‭ ‬فهو‭ ‬بفضل‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬قوله‭ ‬اختيار‭ ‬الوجوه‭ ‬الجديدة،‭ ‬فقد‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬نجوم‭ ‬جدد‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية،‭ ‬فهو‭ ‬يركز‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬الأبطال‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬خبايا‭ ‬الأداء‭ ‬غير‭ ‬المستهلك‭ ‬والمعلن‭ ‬لهم‭. ‬وقال‭ ‬بأن‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أعمال‭ ‬قريبة‭ ‬أو‭ ‬بعيدة‭ ‬إلى‭ ‬قلبه‭ ‬بسبب‭ ‬أنها‭ ‬أعمال‭ ‬حققت‭ ‬النجاح‭ ‬الجماهيري‭ ‬مثل‭ (‬هدوء‭ ‬وعواصف‭)‬،‭ ‬و‭(‬زوارة‭ ‬الخميس‭) ‬ويعد‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬أعمال‭ ‬الخليج‭ ‬الدرامية،‭ ‬ويصنّف‭ ‬دائماً‭ ‬بالأول‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬التصنيفات‭ ‬النقدية‭ ‬والجماهيرية‭. ‬وهناك‭ ‬أيضاً‭: (‬ساق‭ ‬البامبو،‭ ‬أمنا‭ ‬رويحة‭ ‬الجنة،‭ ‬حياة‭ ‬ثانية،‭ ‬عيون‭ ‬من‭ ‬زجاج،‭ ‬جنون‭ ‬الليل‭...‬إلخ‭).‬

القفاص‭ ‬في‭ ‬مسيرته‭ ‬تأثر‭ ‬من‭ ‬المخرجين‭ ‬والكتاب‭ ‬الشرقيين‭ ‬والغربيين‭ ‬أمثال‭ ‬المخرج‭ ‬صلاح‭ ‬أبو‭ ‬سيف،‭ ‬سانجاي‭ ‬ليلا‭ ‬بهنسالي،‭ ‬وكوينتن‭ ‬تارانيتنو،‭ ‬ومن‭ ‬الكتاب‭ ‬فتأثر‭ ‬بنجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬وحنا‭ ‬مينة‭. ‬وأجاب‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬بأنه‭ ‬صرح‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬اللقاءات‭ ‬بأنه‭ ‬“مخرج‭ ‬مزيف”،‭ ‬أنه‭ ‬كذلك‭ ‬ذلك‭ ‬بسبب‭ ‬تنازله‭ ‬عن‭ ‬أمور‭ ‬كثيرة‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬أتنازل‭ ‬عنها‭ ‬لو‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬فنية‭ ‬أخرى‭! ‬واضاف‭: ‬“في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬لا‭ ‬يُعطى‭ ‬للمخرج‭ ‬ولا‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حقوقه‭ ‬الفنية‭ ‬المستحقة‭ ‬له،‭ ‬ومن‭ ‬يقول‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬كذب‭! ‬نحن‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬لسنا‭ ‬نطبق‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬المعايير‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬تطبق‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭ ‬متقدمة‭ ‬علينا‭ ‬بمراحل،‭ ‬ونحن‭ ‬نسير‭ ‬خلفهم‭ ‬بملايين‭ ‬المسافات،‭ ‬ومن‭ ‬يقول‭ ‬بخلاف‭ ‬ذلك‭ ‬فالمجاملة‭ ‬وغير‭ ‬الصواب‭ ‬قوله‭ ‬وفعله،‭ ‬لذلك‭ ‬أنا‭ ‬أطمح‭ ‬إلى‭ ‬تطبيق‭ ‬الفن‭ ‬ومعاييره‭ ‬على‭ ‬علاقتنا‭ ‬وسلوكنا‭ ‬وحقوقنا‭ ‬وعملنا‭ ‬بالمجال‭ ‬الفني،‭ ‬لذلك‭ ‬أقول‭ ‬أنا‭ ‬مخرج‭ ‬مزيف‭! ‬وكلنا‭ ‬مزيفون‭. ‬هذا‭ ‬رأيي‭ ‬للتاريخ‭ ‬وليس‭ ‬لأحد‭ ‬أو‭ ‬لنقد‭ ‬أحد‭ ‬أو‭ ‬لتصغير‭ ‬أحد‭ ‬أو‭ ‬الانتقاص‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬أحد‭.‬