أخصائية علاج نفسي: لا تحرموا الأبناء من متع الحياة أيام الدراسة

النكت عن ثقل الحقيبة المدرسية... غلط!

| بدور المالكي

تستذكر‭ ‬أخصائية‭ ‬العلاج‭ ‬النفسي‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬سلوان‭ ‬للعلاج‭ ‬النفس،‭ ‬خديجة‭ ‬العويناتي‭ ‬الفرحة‭ ‬العامرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تملأ‭ ‬قلوب‭ ‬الصغار‭ ‬عند‭ ‬شراء‭ ‬الملابس‭ ‬والحاجات‭ ‬الجديدة‭ ‬للمدرسة،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬الليلة‭ ‬الأولى‭ ‬قبل‭ ‬المدرسة،‭ ‬حيث‭ ‬الاشتياق‭ ‬للقاء‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬واستلام‭ ‬الكتب‭ ‬المدرسية،‭ ‬واكتشاف‭ ‬وجبة‭ ‬الإفطار‭ ‬الشهية‭ ‬التي‭ ‬أعدتها‭ ‬لنا‭ ‬الأمهات‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬فسحةٍ‭ ‬دراسية‭ ‬بعد‭ ‬انقطاعٍ‭ ‬طويل،‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أننا‭ ‬جميعنا‭ ‬جربنا‭ ‬تلك‭ ‬المشاعر‭ ‬ولو‭ ‬لمرةٍ‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬حياتنا،‭ ‬وعايشنا‭ ‬مشاعر‭ ‬أخرى‭ ‬مغايرة‭ ‬أيضاً‭ ‬هي‭ ‬فقدان‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬الذهاب‭ ‬للمدرسة‭ ‬شيئاً‭ ‬فشيئاً،‭ ‬وانطفاء‭ ‬وهج‭ ‬الشوق،‭ ‬واحتلال‭ ‬الملل‭ ‬والاستياء‭ ‬بدلاً‭ ‬منه،‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬تستمرّ‭ ‬حماستنا؟‭ ‬وكيف‭ ‬يمكننا‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬الفرح‭ ‬لدى‭ ‬أطفالنا‭ ‬بالعودة‭ ‬للمدارس؟‭ ‬

وتشير‭ ‬العويناتي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاستعداد‭ ‬للعودة‭ ‬للمدارس‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬تجهيز‭ ‬الطلاب‭ ‬والطالبات‭ ‬من‭ ‬النواحي‭ ‬المادية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬يتطلب‭ ‬تهيئةً‭ ‬نفسية‭ ‬ومعنوية‭ ‬لعام‭ ‬دراسي‭ ‬جديد‭ ‬يتم‭ ‬التركيز‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الجوانب‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬الطالب،‭ ‬سواء‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتعلق‭ ‬بثقته‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬وقدراته،‭ ‬أو‭ ‬علاقاته‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مع‭ ‬أفراد‭ ‬بيئة‭ ‬المدرسة‭ ‬من‭ ‬معلمين‭ ‬أو‭ ‬زملاء،‭ ‬إذ‭ ‬تتطلب‭ ‬هذه‭ ‬التهيئة‭ ‬معرفة‭ ‬جيدة‭ ‬بحاجات‭ ‬الطالب‭ ‬واهتماماته‭ ‬ومخاوفه‭ ‬والأمور‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الدراسي‭ ‬الفائت،‭ ‬ومحاولة‭ ‬تعديلها‭ ‬والتغلب‭ ‬عليها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يحملها‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الدراسية‭ ‬الجديدة‭.‬وتقول‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬والمعلمين‭ ‬يعتقدون‭ ‬بأن‭ ‬الطلاب‭ ‬يشعرون‭ ‬بثقل‭ ‬العودة‭ ‬للمدرسة‭ ‬ولا‭ ‬يرغبون‭ ‬فيها‭ ‬بسبب‭ ‬متطلبات‭ ‬الدراسة‭ ‬نفسها‭ ‬فقط،‭ ‬وتؤكد‭ ‬الطرائف‭ ‬والمقاطع‭ ‬التمثيلية‭ ‬المنتشرة‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬هذه‭ ‬المعلومة‭ ‬المغلوطة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬هناك‭ ‬شيءٌ‭ ‬آخر‭ ‬يشغل‭ ‬بال‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬عودتهم‭ ‬للمدرسة‭ ‬يكون‭ ‬للأهالي‭ ‬وأساليب‭ ‬التعليم‭ ‬دور‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬نشوئها،‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬سنفقد‭ ‬حرية‭ ‬ومتعة‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭ ‬تماماً؟‭! ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬قلق‭ ‬ومبالغة‭ ‬بعض‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬الاستعداد‭ ‬للمدرسة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرض‭ ‬قوانين‭ ‬دراسية‭ ‬صارمة،‭ ‬ووضع‭ ‬محاذير‭ ‬وتهديدات‭ ‬متعددة،‭ ‬وحرمان‭ ‬أبنائهم‭ ‬من‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتع‭ ‬أيام‭ ‬المدرسة،‭ ‬تشعر‭ ‬الطلاب‭ ‬بالتقييد‭ ‬وفقدان‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬حياتهم‭ ‬وتمحورها‭ ‬حول‭ ‬شيء‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬لا‭ ‬غير‭ ‬هو‭ ‬الكتب‭ ‬المدرسية‭ ‬والحفظ‭ ‬والمذاكرة‭! ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الدراسة‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الطالب‭ ‬اليومية‭ ‬وليست‭ ‬كلها‭! ‬

وتشير‭ ‬العويناتي‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يكمن‭ ‬الاستعداد‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬بدء‭ ‬عام‭ ‬دراسي‭ ‬جديد‭ ‬ناجح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬والطالب،‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬الموازنة‭ ‬بين‭ ‬متطلبات‭ ‬الدراسة‭ ‬والتزاماتها‭ ‬وبين‭ ‬حاجات‭ ‬الطالب‭ ‬الأخرى‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والترفيهية‭. ‬فكما‭ ‬أن‭ ‬الدراسة‭ ‬والتحضير‭ ‬والمذاكرة‭ ‬تشكّل‭ ‬جزءا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬نجاح‭ ‬الطالب‭ ‬وتطوير‭ ‬شخصيته،‭ ‬فإن‭ ‬قضاءه‭ ‬وقتاً‭ ‬ممتعاً‭ ‬يمارس‭ ‬فيه‭ ‬هواياته‭ ‬وأنشطته‭ ‬الخاصة‭ ‬يعدّ‭ ‬عاملاً‭ ‬هاماً‭ ‬في‭ ‬صقل‭ ‬وبناء‭ ‬ذاته‭ ‬وتطويرها‭. ‬وكلّ‭ ‬هذا‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬التخطيط‭ ‬والإعداد‭ ‬الناجح‭ ‬ليوميات‭ ‬الطالب‭ ‬وكيفية‭ ‬توزيع‭ ‬المهام‭ ‬والأنشطة‭ ‬بشكل‭ ‬متوازن‭ ‬لا‭ ‬تطرف‭ ‬فيه،‭ ‬كما‭ ‬يوقع‭ ‬سوء‭ ‬الفهم‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬بالاعتقاد‭ ‬أن‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬يتسعّ‭ ‬إلا‭ ‬للقيام‭ ‬بمهمة‭ ‬واحدة‭ ‬هي‭ ‬الدراسة‭ ‬فقط،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الحوار‭ ‬والمناقشة‭ ‬يشكّل‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬عودة‭ ‬المدرسة‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬غياب‭ ‬المتع‭ ‬وتقييد‭ ‬الحرية‭.‬

وتقول‭: ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬المنزل‭ ‬والوالدين‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬تعديل‭ ‬فكرة‭ ‬أبنائهم‭ ‬عن‭ ‬جو‭ ‬المدرسة،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬دور‭ ‬هام‭ ‬للإدارات‭ ‬التعليمية‭ ‬والمدرسين‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الطلاب‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬ساعات‭ ‬يومهم‭ ‬بعد‭ ‬المدرسة،‭ ‬ودمج‭ ‬الأنشطة‭ ‬والمشاريع‭ ‬المدرسية‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬مهارات‭ ‬واهتمامات‭ ‬كل‭ ‬طالب‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬تلك‭ ‬المهام‭ ‬ممتعة‭ ‬وغير‭ ‬مقيّدة‭ ‬لأوقاتهم،‭ ‬ولكي‭ ‬يكون‭ ‬الإنجاز‭ ‬مبنيا‭ ‬على‭ ‬الشغف‭ ‬لا‭ ‬الواجب‭!‬