أوراق سينمائية وترجمة أمين صالح وكتاب سرحان أبرزها

الإصدارات السينمائية في البحرين.. طموح لا يمكن أن يتوقف

| أسامة الماجد

قد‭ ‬تكون‭ ‬البحرين‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬النشطة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإصدارات‭ ‬السينمائية،‭ ‬فبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المحاولات‭ ‬الجادة‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬للسينما‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الكوادر‭ ‬السينمائية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬وتفعيلها‭ ‬وتشجيع‭ ‬المستثمرين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬وخلق‭ ‬توعية‭ ‬شاملة‭ ‬عن‭ ‬السينما‭ ‬وأهميتها،‭ ‬لعبت‭ ‬الإصدارات‭ ‬السينمائية‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الثقافة‭ ‬السينمائية‭ ‬الجادة‭ ‬وتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد‭ ‬وقديم،‭ ‬ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬دورية‭ ‬“أوراق‭ ‬سينمائية”‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يصدرها‭ ‬نادي‭ ‬البحرين‭ ‬للسينما‭.‬

‭ ‬وكانت‭ ‬بحق‭ ‬من‭ ‬أقوى‭ ‬الدوريات‭ ‬المختصة‭ ‬بالسينما،‭ ‬ونشرت‭ ‬مقالات‭ ‬لمخرجين‭ ‬ونقاد‭ ‬ومترجمين‭ ‬يكتبون‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬السينمائي،‭ ‬كما‭ ‬يعتبر‭ ‬الروائي‭ ‬أمين‭ ‬صالح‭ ‬أكثر‭ ‬أدباء‭ ‬الخليج‭ ‬ترجمة‭ ‬لكتب‭ ‬السينما،‭ ‬حيث‭ ‬أثرى‭ ‬المكتبة‭ ‬المحلية‭ ‬بكتب‭ ‬قيمة،‭ ‬وكان‭ ‬مثل‭ ‬المد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بحور‭ ‬السينما‭ ‬العالمية،‭ ‬ومن‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬ترجمها‭ ‬“‭ ‬“السينما‭ ‬التدميرية”‭ ‬لأموس‭ ‬فوغل،‭ ‬“الوجه‭ ‬والظل‭ ‬في‭ ‬التمثيل‭ ‬السينمائي”‭ ‬و”النحت‭ ‬في‭ ‬الزمن،‭ ‬تاركوفسكي”‭ ‬و”حوار‭ ‬مع‭ ‬فدريكو‭ ‬فلليني”،‭ ‬و”الكتابة‭ ‬بالضوء”،‭ ‬و”عالم‭ ‬ثيو‭ ‬انجيلوبولوس”،‭ ‬و”عباس‭ ‬كيارستمي،‭ ‬سينما‭ ‬مطرزة‭ ‬بالبراءة”،‭ ‬و“سينما‭ ‬فرنز‭ ‬هيرزوغ،‭ ‬ذهاب‭ ‬إلى‭ ‬التخوم‭ ‬الأبعد”‭. ‬

كما‭ ‬قدم‭ ‬والباحث‭ ‬منصور‭ ‬سرحان‭ ‬كتاب‭ ‬“تاريخ‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬البحرين”‭ ‬وثق‭ ‬فيه‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬تاريخ‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬1922‭ ‬ومرورا‭ ‬بالتجربة‭ ‬الأكثر‭ ‬نجاحا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1937‭ ‬وما‭ ‬شهدته‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬الخمسينات‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬المنامة‭ ‬ومدينة‭ ‬المحرق،‭ ‬كما‭ ‬يوثق‭ ‬الكتاب‭ ‬الحركة‭ ‬النشطة‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬التسعينات‭ ‬وبداية‭ ‬الألفية‭ ‬الثالثة‭ ‬التي‭ ‬راجت‭ ‬خلالها‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬صالات‭ ‬العرض‭ ‬الحديثة‭ ‬والمتطورة،‭ ‬كما‭ ‬وثق‭ ‬الكتاب‭ ‬محاولات‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التصوير‭ ‬وإخراج‭ ‬وإنتاج‭ ‬الأفلام‭ ‬السينمائية،‭ ‬وغطى‭ ‬أيضا‭ ‬تاريخ‭ ‬تأسيس‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالسينما،‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬البحرين‭ ‬للسينما،‭ ‬ونادي‭ ‬البحرين‭ ‬للسينما،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬الصقر‭ ‬للتصوير،‭ ‬والكتاب‭ ‬في‭ ‬مجملة‭ ‬سد‭ ‬فراغا‭ ‬بالمكتبة‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحركة‭ ‬السينمائية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

وفيما‭ ‬يلي‭ ‬نستعرض‭ ‬مقتطفات‭ ‬مما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬النشرة‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يصدرها‭ ‬نادي‭ ‬البحرين‭ ‬للسينما‭ ‬“أوراق‭ ‬سينمائية”‭ ‬لنبين‭ ‬أهميتها‭ ‬وقوتها‭ ‬وتخطيها‭ ‬الحلم‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بذرة‭ ‬نجاحها‭.‬

جاء‭ ‬في‭ ‬افتتاحية‭ ‬أوراق‭ ‬العدد‭ ‬الثالث‭ ‬يونيو‭ ‬1984‭:‬

“يحق‭ ‬للكثيرين‭ ‬أن‭ ‬يتساءلوا‭.. ‬متى‭ ‬يصدر‭ ‬العدد‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬أوراق‭ ‬سينمائية،‭ ‬ويحق‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬يتساءوا‭ ‬لتأخير‭ ‬صدروها‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬المدة،‭ ‬ونحن‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬من‭ ‬دفاع‭ ‬غير‭ ‬القول‭.. ‬بأننا‭ ‬كنا‭ ‬منشغلين‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عمن‭ ‬يطلعها‭ ‬بأجر‭ ‬نستطيع‭ ‬سداده‭. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬مواد‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬جاهزة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬ولكنها‭ ‬ظلت‭ ‬أوراق‭ ‬تلهث‭ ‬كالحقيبة‭ ‬في‭ ‬الأسفار،‭ ‬وعندما‭ ‬أتيح‭ ‬لهذه‭ ‬الأوراق‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬في‭ ‬مجلة،‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬موضوعاتها‭ ‬قديمة‭ ‬قياسا‭ ‬بكل‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬السينما،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فضلنا‭ ‬صدورها‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬قيصرية‭ ‬لموضوعاتها‭ ‬لا‭ ‬يحبطنا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬الولادة‭ ‬متعسرة،‭ ‬يهمنا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الجنين‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬جيدة‭.‬

وجاء‭ ‬في‭ ‬افتتاحية‭ ‬العدد‭ ‬السادس‭ ‬يناير‭ ‬1987‭:‬

“أن‭ ‬تصدر‭ ‬أوراق‭ ‬سينمائية‭ ‬في‭ ‬مواعيدها‭ ‬المحددة‭ ‬مسؤولية‭ ‬لن‭ ‬نرضى‭ ‬بأي‭ ‬مبرر‭ ‬للتهاون‭ ‬فيها،‭ ‬سنحاسب‭ ‬أنفسنا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نعلن‭ ‬الظروف‭ ‬والإمكانات‭ ‬وأي‭ ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬وإذا‭ ‬تعذر‭ ‬لقرأ‭ ‬أوراقا‭ ‬سينمائية‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التأخير،‭ ‬فلهم‭ ‬منا‭ ‬الوعد‭ ‬بأن‭ ‬تصدر‭ ‬أوراق‭ ‬في‭ ‬مواعيدها‭ ‬المحددة،‭ ‬دورية‭ ‬تصدر‭ ‬كل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬وليس‭ ‬أكثر‭. ‬وكان‭ ‬يرأس‭ ‬تحرير‭ ‬المجلة‭ ‬آنذاك‭ ‬أمين‭ ‬صالح،‭ ‬وخليل‭ ‬يوسف،‭ ‬ونادر‭ ‬المسقطي،‭ ‬ومحمد‭ ‬فاضل‭.‬

افتتاحية‭ ‬العدد‭ ‬5‭ ‬صيف‭ ‬1985‭:‬

مازال‭ ‬التساؤل‭ ‬طروحا‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬مفتوح‭ ‬الاحتمالات‭ ‬والآمال‭ ‬العريضة‭.. ‬متى‭ ‬يولد‭ ‬الفيلم‭ ‬الروائي‭ ‬البحريني‭ ‬الأول؟‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق،‭ ‬نعني‭ ‬لا‭ ‬إجابة،‭ ‬وعليه‭ ‬فنحن‭ ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬نتشبث‭ ‬بالحلم‭ ‬الذي‭ ‬يصيغ‭ ‬هذه‭ ‬التساؤلات،‭ ‬حلم‭ ‬يتجاوز‭ ‬انتظار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الولادة‭ ‬لينطلق‭ ‬إلى‭ ‬طموح‭ ‬لا‭ ‬محدود‭ ‬بولادة‭ ‬سينما‭ ‬محلية‭ ‬متقدمة‭.. ‬مقدمات‭ ‬هذه‭ ‬الولادة‭ ‬المنتظرة‭ ‬لن‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬العدم‭ ‬حتما،‭ ‬لقد‭ ‬بدأ‭ ‬التجريب‭ ‬والتجربة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬ليست‭ ‬بالقصيرة،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬أحايين‭ ‬كثيرة،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬كان‭ ‬خيط‭ ‬التجربة‭ ‬ينقطع‭ ‬مسدلا‭ ‬الستار‭ ‬على‭ ‬نهاية‭ ‬باتت‭ ‬واحدة‭ ‬متشابهة‭ ‬لمعظم‭ ‬التجارب‭ ‬السينمائية‭ ‬الشابة‭.‬

وجاء‭ ‬العام‭ ‬1990‭ ‬وظهر‭ ‬إلى‭ ‬النور‭ ‬أول‭ ‬فيلم‭ ‬روائي‭ ‬بحريني،‭ ‬وهو‭ ‬“الحاجز”‭ ‬كتبه‭ ‬أمين‭ ‬صالح،‭ ‬وحوار‭ ‬علي‭ ‬الشرقاوي‭ ‬وأمين‭ ‬صالح‭ ‬وإخراج‭ ‬وإنتاج‭ ‬بسام‭ ‬الذوادي،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬مما‭ ‬تم‭ ‬كتابته‭ ‬في‭ ‬العدد‭ ‬5‭ ‬من‭ ‬أوراق‭ ‬سينمائية‭.‬

بشكل‭ ‬عام‭..‬الإصدارات‭ ‬السينمائية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬مقارنة‭ ‬بحجم‭ ‬الاصدارات‭ ‬الضخمة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الأخرى،‭ ‬تشكل‭ ‬مرجعا‭ ‬تاريخيا‭ ‬يمكننا‭ ‬الرجوع‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬زمن،‭ ‬ونطمح‭ ‬أن‭ ‬تزيد‭ ‬ولا‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭.‬