من جديد

“متصيدو الأحلام”

| د. سمر الأبيوكي

صادفت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يحيكون‭ ‬أحلامهم‭ ‬ويفصلونها‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الآخرين،‭ ‬يعيشون‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬حياة‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬كهدف‭ ‬لهم،‭ ‬يحاكون‭ ‬حياته‭ ‬وأهدافه،‭ ‬عمله،‭ ‬ملبسه،‭ ‬مسكنه،‭ ‬فقط‭ ‬لشعورهم‭ ‬أنهم‭ ‬يستحقون‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬الآخرون‭ ‬ويستكثرون‭ ‬الخير‭ ‬لغيرهم،‭ ‬يتواجدون‭ ‬كثيرا‭ ‬حولنا‭ ‬وقد‭ ‬تجدهم‭ ‬في‭ ‬حياتك،‭ ‬لا‭ ‬حبا،‭ ‬إنما‭ ‬مراقبة،‭ ‬نعم‭ ‬مراقبة‭ ‬أفعالك،‭ ‬آخر‭ ‬أخبارك،‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لك،‭ ‬حتى‭ ‬يكونوا‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بأدق‭ ‬التفاصيل‭ ‬التي‭ ‬مررت‭ ‬بها‭ ‬وما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه،‭ ‬يتحينون‭ ‬الفرصة‭ ‬حتى‭ ‬لتلقف‭ ‬لقمة‭ ‬رزقك‭ ‬لأنهم‭ ‬في‭ ‬قرارة‭ ‬أنفسهم‭ ‬يستكثرون‭ ‬على‭ ‬غيرهم‭ ‬كل‭ ‬النعم‭.‬

أشفق‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬هؤلاء‭ ‬فحياتهم‭ ‬خالية‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬الرضا،‭ ‬وإن‭ ‬حازوه‭ ‬فهو‭ ‬شعور‭ ‬وقتي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يذبل‭ ‬وينتهي‭ ‬بمجرد‭ ‬مصادفتهم‭ ‬فريسة‭ ‬أخرى‭ ‬تروق‭ ‬حياتها‭ ‬لهم‭ ‬ليضعوها‭ ‬نصب‭ ‬أعينهم‭ ‬للوصول‭ ‬لأهدافهم‭ ‬الجديدة‭ ‬المستمدة‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الآخرين‭.‬

إن‭ ‬المقارنة‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬الآخرين‭ ‬مجحفة‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬حقنا‭ ‬وحقهم‭ ‬فصائدو‭ ‬الأحلام‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭ ‬ما‭ ‬مر‭ ‬به‭ ‬هدفهم‭ (‬أقصد‭ ‬به‭ ‬هنا‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يتربصون‭ ‬به‭ ‬وبحياته‭ ‬لتقليدها‭ ‬ومحاكاتها‭ ‬بحذافيرها‭) ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬مبتغاه،‭ ‬وقد‭ ‬يكونون‭ ‬في‭ ‬نعمة‭ ‬كبيرة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬غمامة‭ ‬النقص‭ ‬تعيق‭ ‬ناظرهم‭ ‬عن‭ ‬تلمسها‭.‬

الشيء‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬أهنيهم‭ ‬عليه‭ ‬ولا‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬قيمنا‭ ‬هو‭ ‬قدرتهم‭ ‬الفائقة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافهم‭ ‬بسرعة‭ ‬بالغة‭ ‬مهما‭ ‬كلفهم‭ ‬الأمر‭ ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬الثمن،‭ ‬فالشرفاء‭ ‬غالبا‭ ‬لا‭ ‬يتنازلون‭ ‬عن‭ ‬مبادئهم‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭ ‬مادي‭ ‬ولا‭ ‬يتلونون‭ ‬للتكسب‭ ‬والربح‭.‬

 

ومضة‭: ‬كتب‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬متصيدي‭ ‬الأحلام‭ ‬عدم‭ ‬الرضا‭ ‬وأبعد‭ ‬عنهم‭ ‬راحة‭ ‬البال‭ ‬ووهبهم‭ ‬عيونا‭ ‬ضيقة‭ ‬ولسانا‭ ‬غير‭ ‬حامد‭ ‬أو‭ ‬شاكر‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬أكثرهم‭ ‬يرتدي‭ ‬هنداما‭ ‬قد‭ ‬يليق‭ ‬بمحيطه‭ ‬لكن‭ ‬العين‭ ‬لا‭ ‬تخطئهم‭ ‬والقلب‭ ‬لا‭ ‬يرتاح‭ ‬لهم‭ ‬والعقل‭ ‬يقيم‭ ‬أفعالهم‭ ‬دوما،‭ ‬زادهم‭ ‬الله‭ ‬حيرة‭ ‬في‭ ‬أمرهم‭ ‬أو‭ ‬هداهم‭ ‬للتي‭ ‬هي‭ ‬أحسن‭.‬