محاميته تشير إلى معاناته بانفصام الشخصية و “متلازمة الغروب”

محكوم بالإعدام يطالب بسماع شهود النفي والمحكمة تؤجل

| عباس إبراهيم

قالت‭ ‬المحامية‭ ‬انتصار‭ ‬العصفور‭ ‬إن‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬العليا‭ ‬الجنائية‭ ‬الأولى‭ ‬حجزت‭ ‬استئناف‭ ‬موكلها‭ ‬المتهم‭ ‬بواقعة‭ ‬قتل‭ ‬آسيويين‭ ‬بواسطة‭ ‬مطرقة‭ ‬والسرقة‭ ‬وحيازة‭ ‬فأس،‭ ‬والمحكوم‭ ‬عليه‭ ‬بالإعدام‭ ‬والسجن‭ ‬لمدة‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬و3‭ ‬أشهر؛‭ ‬للنطق‭ ‬بالحكم‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬28‭ ‬أكتوبر‭ ‬المقبل،‭ ‬ورفضت‭ ‬سماع‭ ‬شهود‭ ‬النفي‭ ‬الذين‭ ‬طلبتهم‭.‬

وطالبت‭ ‬في‭ ‬مرافعتها‭ ‬المقدمة‭ ‬للمحكمة‭ ‬بعرض‭ ‬موكلها‭ ‬على‭ ‬لجنة‭ ‬طبية‭ ‬ثلاثية‭ ‬تراقب‭ ‬تصرفاته‭ ‬لمدة‭ ‬48‭ ‬ساعة‭ ‬متواصلة؛‭ ‬كونه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬انفصام‭ ‬الشخصية‭ ‬ومرض‭ ‬متلازمة‭ ‬الغروب‭ ‬المكتشف‭ ‬حديثا،‭ ‬والذي‭ ‬يقلب‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬هادئ‭ ‬نهارا‭ ‬إلى‭ ‬مجرم‭ ‬يرغب‭ ‬بالقتل‭ ‬والتكسير‭ ‬والضرب‭ ‬لإبعاد‭ ‬الهواجس‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬ليلا‭ ‬بعد‭ ‬غروب‭ ‬الشمس،‭ ‬وهي‭ ‬ذات‭ ‬الأعراض‭ ‬التي‭ ‬روتها‭ ‬والدته‭ ‬للجنة‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬فحصته‭ ‬فحصا‭ ‬قاصرا‭ ‬خلال‭ ‬ساعة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬النهار‭.‬

وطالبت‭ ‬المحكمة‭ ‬بوجوب‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬المستأنف‭ ‬بعرضه‭ ‬على‭ ‬لجنة‭ ‬ثلاثية‭ ‬من‭ ‬الطب‭ ‬النفسي‭ ‬ووضعه‭ ‬تحت‭ ‬الملاحظة‭ ‬لمدة‭ ‬48‭ ‬ساعة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لبيان‭ ‬مدى‭ ‬تغير‭ ‬سلوكه،‭ ‬والاستماع‭ ‬لشهود‭ ‬النفي‭ ‬لمعرفة‭ ‬حالته‭ ‬النفسية‭ ‬المصاحبة‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬ولادته‭ ‬وبداية‭ ‬إدراكه،‭ ‬وضم‭ ‬ملفاته‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الطب‭ ‬النفسي‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬الأدوية‭ ‬والعقاقير‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تصرف‭ ‬إليه‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬الجانبي‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬التوقف‭ ‬عنها‭.‬

ودفعت‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬أول‭ ‬درجة‭ ‬بإعدام‭ ‬موكلها‭ ‬لمخالفته‭ ‬الواقع،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬جريمة‭ ‬القتل‭ ‬الأولى‭ ‬الحاصلة‭ ‬بتاريخ‭ ‬29‭ ‬مارس‭ ‬2018‭ ‬في‭ ‬4‭:‬30‭ ‬فجرا‭ ‬لم‭ ‬تسجل‭ ‬فيها‭ ‬أية‭ ‬أدلة‭ ‬مادية‭ ‬فنية‭ ‬حقيقية‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تنسب‭ ‬لموكلها؛‭ ‬فقول‭ ‬الطبيب‭ ‬الشرعي‭ ‬بتشابه‭ ‬حالة‭ ‬الضرب‭ ‬في‭ ‬الجريمتين‭ ‬لا‭ ‬يعد‭ ‬دليلا‭ ‬فعليا‭ ‬بقيام‭ ‬المستأنف‭ ‬بالقتل‭.‬

وأوضحت‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يسجل‭ ‬تقرير‭ ‬فحص‭ ‬جثة‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬الأول‭ ‬أية‭ ‬عينة‭ ‬وراثية‭ ‬مطابقة‭ ‬للمستأنف،‭ ‬متسائلة‭: ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬رصد‭ ‬رقم‭ ‬السيارة‭ ‬التي‭ ‬استقلها‭ ‬القاتل‭ ‬عند‭ ‬ارتكابه‭ ‬للجريمة‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬وكالات‭ ‬السيارات‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬كاميرات‭ ‬أمنية؟‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الدليل‭ ‬ليس‭ ‬كافيا‭ ‬لإدانة‭ ‬المستأنف‭ ‬بجريمتي‭ ‬القتل‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الواقعة‭ ‬بتاريخ‭ ‬13‭ ‬أبريل‭ ‬2018‭ ‬ليست‭ ‬جريمة‭ ‬قتل؛‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬جميع‭ ‬المعطيات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬واقعة‭ ‬ضرب‭ ‬أفضى‭ ‬إلى‭ ‬موت،‭ ‬وليس‭ ‬جريمة‭ ‬قتل‭.‬

وأخلت‭ ‬أول‭ ‬درجة‭ ‬بحق‭ ‬الدفاع‭ ‬عندما‭ ‬التفتت‭ ‬عن‭ ‬طلب‭ ‬الاستماع‭ ‬لشهود‭ ‬النفي‭ ‬ولم‭ ‬تثبت‭ ‬ذلك‭ ‬الطلب؛‭ ‬لتصدر‭ ‬حكمها‭ ‬الرثائي‭ ‬لحالة‭ ‬المجني‭ ‬عليهما،‭ ‬دون‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬حالة‭ ‬المستأنف،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬العقوبة‭ ‬هي‭ ‬الإعدام‭.‬

وأضافت‭ ‬أنها‭ ‬التفتت‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬ضم‭ ‬ملفات‭ ‬الطب‭ ‬النفسي،‭ ‬التي‭ ‬توضح‭ ‬حالة‭ ‬موكلها‭ ‬المرضية‭ ‬النفسية‭ ‬وخضوعه‭ ‬للعلاج‭ ‬وانقطاعه،‭ ‬واكتفت‭ ‬برأي‭ ‬التقرير‭ ‬الطبي‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬الثلاثية،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬اللجنة‭ ‬اعتمدت‭ ‬بتقريرها‭ ‬على‭ ‬اجتماع‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬مع‭ ‬والدة‭ ‬المستأنف‭ ‬وخاله،‭ ‬ولم‭ ‬تقم‭ ‬بزيارة‭ ‬منزله‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬والدة‭ ‬المستأنف،‭ ‬وتضم‭ ‬ملفات‭ ‬المستأنف‭ ‬بالطب‭ ‬النفسي،‭ ‬ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬على‭ ‬نوع‭ ‬الأدوية‭ ‬أو‭ ‬العقاقير‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬توصف‭ ‬له‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬سلوكياته،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬معرفة‭ ‬سبب‭ ‬إشارة‭ ‬والدته‭ ‬إلى‭ ‬تميز‭ ‬ابنها‭ ‬بسلوك‭ ‬عدواني‭ ‬وانعزالي‭ ‬وأسباب‭ ‬ذلك‭.‬

وتابعت،‭ ‬أن‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬أخطأت‭ ‬في‭ ‬التكييف‭ ‬والوصف‭ ‬القانوني‭ ‬للجريمة‭ ‬محل‭ ‬الاتهام،‭ ‬وأتبعتها‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭ ‬محكمة‭ ‬أول‭ ‬درجة،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الحكم‭ ‬فاسدا‭ ‬وقاصرا‭ ‬بالفحش؛‭ ‬نظرا‭ ‬لكون‭ ‬أدلة‭ ‬الثبوت‭ ‬جاءت‭ ‬قاصرة‭ ‬عن‭ ‬التدليل‭ ‬على‭ ‬تحقق‭ ‬ظرف‭ ‬سبق‭ ‬الإصرار‭ ‬في‭ ‬عناصره‭ ‬المادية،‭ ‬والذي‭ ‬جاء‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬حقيقة‭ ‬الواقعة‭ ‬الأولى‭ ‬ليست‭ ‬ثابتة‭ ‬حقيقيا‭ ‬بحق‭ ‬موكلها،‭ ‬وإن‭ ‬إدانته‭ ‬لمجرد‭ ‬تشابه‭ ‬لون‭ ‬السيارة‭ ‬أمر‭ ‬فاسد‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬التعويل‭ ‬عليه؛‭ ‬فجميع‭ ‬الأدلة‭ ‬المادية‭ ‬الحقيقية‭ ‬لم‭ ‬تشير‭ ‬لشخص‭ ‬المستأنف‭ ‬ولم‭ ‬تدل‭ ‬عليه؛‭ ‬وإن‭ ‬جاء‭ ‬اعترافه‭ ‬بذلك‭ ‬فهو‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬استقامة‭ ‬عقله‭ ‬ولوجوده‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬نفسية‭ ‬مرضية‭ ‬تجعله‭ ‬يقر‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يفعل‭ ‬ويفعل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقر،‭ ‬مطالبة‭ ‬ببراءته‭ ‬من‭ ‬الاتهامات‭ ‬المسندة‭ ‬إليه‭.‬

وأكدت‭ ‬العصفور‭ ‬أن‭ ‬التكييف‭ ‬القانوني‭ ‬الصحيح‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ضرب‭ ‬أفضى‭ ‬إلى‭ ‬موت‭ - ‬لو‭ ‬سلمنا‭ ‬جدلا‭ ‬بصحة‭ ‬الواقعة‭ ‬الثانية‭ ‬فقط‭ - ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للواقعة‭ ‬الأولى‭ ‬فإن‭ ‬المستأنف‭ ‬بعيد‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عنها‭.‬

وأفادت‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬التقارير‭ ‬لم‭ ‬تبين‭ ‬ساعة‭ ‬الوفاة؛‭ ‬ففي‭ ‬الجريمة‭ ‬الحاصلة‭ ‬بتاريخ‭ ‬29‭ ‬مارس‭ ‬2018‭ ‬يتبين‭ ‬وفاة‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬الساعة‭ ‬الواحدة‭ ‬والنصف‭ ‬ظهرا‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬وجوده‭ ‬مطروحا؛‭ ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للجريمة‭ ‬الحاصلة‭ ‬بتاريخ‭ ‬13‭ ‬أبريل‭ ‬2018‭ ‬لم‭ ‬تبين‭ ‬التقارير‭ ‬ساعة‭ ‬الوفاة‭ ‬للوقوف‭ ‬عليها‭ ‬بأن‭ ‬حالة‭ ‬الضرب‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬ساعة‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬لحظة‭ ‬الوفاة‭.‬

واستعطفت‭ ‬المحكمة‭ ‬باستعمال‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬الرحمة‭ ‬والرأفة‭ ‬بحق‭ ‬المستأنف؛‭ ‬كونه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬اضطراب‭ ‬نفسي‭ ‬مؤكد‭ ‬وحقيقي‭ ‬وواضح‭ ‬بمجرد‭ ‬الحديث‭ ‬معه‭ ‬ملتمسة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬والدته‭ ‬وأن‭ ‬تنزل‭ ‬العقوبة‭ ‬لحدها‭ ‬الأدنى‭ ‬وتقضي‭ ‬مجددا‭ ‬بسجنه‭ ‬وتلغي‭ ‬حكم‭ ‬الإعدام؛‭ ‬لأن‭ ‬والدته‭ ‬تمر‭ ‬بحالة‭ ‬نفسية‭ ‬وكئيبة‭ ‬جراء‭ ‬حكم‭ ‬الإعدام‭ ‬على‭ ‬ابنها؛‭ ‬وكذلك‭ ‬أشقاؤه،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنه‭ ‬عاش‭ ‬يتيما‭ ‬وبقي‭ ‬مريضا‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬ما‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬وتعالجه؛‭ ‬لذلك‭ ‬تمرد‭ ‬عليه‭ ‬المرض‭.‬

وانتهت‭ ‬للطلب‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬وقبل‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬بتغيير‭ ‬الوصف‭ ‬والقيد‭ ‬بالنسبة‭ ‬للواقعة‭ ‬الحاصلة‭ ‬بتاريخ‭ ‬13‭ ‬أبريل‭ ‬2018،‭ ‬والاستماع‭ ‬لشهود‭ ‬النفي،‭ ‬وبإحالة‭ ‬المستأنف‭ ‬للطب‭ ‬النفسي‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬حالته‭ ‬النفسية،‭ ‬إضافة‭ ‬لمخاطبة‭ ‬مستشفى‭ ‬الطب‭ ‬النفسي‭ ‬لضم‭ ‬ملفات‭ ‬المستأنف‭ ‬وبيان‭ ‬حالته‭ ‬المرضية،‭ ‬وفي‭ ‬أصل‭ ‬الموضوع‭ ‬بإلغاء‭ ‬حكم‭ ‬الإعدام‭ ‬وببراءة‭ ‬المستأنف‭ ‬من‭ ‬جريمتي‭ ‬القتل‭ ‬والسرقة،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬إدانته‭ ‬استعمال‭ ‬أقصى‭ ‬درجة‭ ‬الرأفة‭ ‬وموجبات‭ ‬الرحمة‭ ‬وإنزال‭ ‬العقوبة‭ ‬لحدها‭ ‬الأدنى‭.‬