نحتاج في معارضنا الفنية البحرينية إلى وجود الثقافة

النقد التشكيلي في البحرين... الواقع والطموح

| كوثر محمد

تعددت‭ ‬الآراء‭ ‬بشأن‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬ولكن‭ ‬الشيء‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬الفن‭ ‬لم‭ ‬يمت‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬امتداد،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬نقاد‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تطويره؛‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الفنان‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يسير‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬النقد،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬طرحت‭ ‬“مسافات‭ ‬البلاد”‭ ‬استطلاعا‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭.‬

وقال‭ ‬علي‭ ‬مبارك‭ ‬عن‭ ‬الموضوع‭: ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نطرح‭ ‬تساؤلا‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬مجلة‭ ‬متخصصة‭ ‬للنقد‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬علينا‭ ‬طرح‭ ‬تساؤل‭: ‬أين‭ ‬النقاد‭ ‬عن‭ ‬ساحة‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬في‭ ‬البحرين؟‭ ‬وإذا‭ ‬كانوا‭ ‬موجودين،‭ ‬فأين‭ ‬هم؟

ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬هناك‭ ‬البعض‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يرضى‭ ‬بأن‭ ‬تنتقد‭ ‬أعماله؛‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬ثقافة‭ ‬تقبل‭ ‬النقد‭ ‬الفني‭ ‬للأعمال‭ ‬التشكيلية،‭ ‬وهذا‭ ‬شيء‭ ‬موجود‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وربما‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬عموما‭.‬

نحتاج‭ ‬في‭ ‬معارضنا‭ ‬الفنية‭ ‬لوجود‭ ‬ثقافة‭ ‬النقد‭ ‬بحيث‭ ‬إن‭ ‬وجود‭ ‬النقّاد‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬سير‭ ‬الحركة‭ ‬الفنية‭ ‬فكريًا‭ ‬وفنيًا،‭ ‬فكل‭ ‬نقد‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الفنان‭ ‬نفسه،‭ ‬وبذلك‭ ‬يرقى‭ ‬المستوى‭ ‬الفني،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬للفنان‭ ‬أن‭ ‬يسير‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬نقد‭ ‬كما‭ ‬تفضلتم‭. ‬

نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬لنشر‭ ‬ثقافة‭ ‬النقد‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الفنية،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يعقب‭ ‬كل‭ ‬معرض‭ ‬تشكيلي‭ ‬جلسة‭ ‬نقاشية‭ ‬مفتوحة‭ ‬يتواجد‭ ‬فيها‭ ‬النقّاد‭ ‬لمعرفة‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬ونقاط‭ ‬الضعف‭ ‬فيها،‭ ‬وربما‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬البداية‭ ‬لنشر‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭.‬

فيما‭ ‬ذكر‭ ‬أحمد‭ ‬الأسد‭: ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري،‭ ‬فإن‭ ‬الفن‭ ‬بصورته‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬حديث‭ ‬العهد‭ ‬الى‭ ‬حدٍ‭ ‬ما،‭ ‬مما‭ ‬لم‭ ‬يتح‭ ‬المجال‭ ‬لتكوين‭ ‬مجتمع‭ ‬فني‭ ‬كامل،‭ ‬من‭ ‬فنانين‭ ‬ونقاد‭ ‬ومنظمي‭ ‬معارض،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬ثقافة‭ ‬الانتقاد‭ ‬لدى‭ ‬الفئات‭ ‬المذكورة،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لوجود‭ ‬مجلة‭ ‬تختص‭ ‬بالنقد‭ ‬الفني،‭ ‬فإن‭ ‬السبب‭ ‬يرجع‭ ‬الى‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬اطلاع‭ ‬كاف‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬والأساليب‭ ‬الموجودة‭ ‬بالساحة،‭ ‬لكي‭ ‬تغطي‭ ‬الفنانين‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬الرواد‭ ‬وحتى‭ ‬الجيل‭ ‬الحالي،‭ ‬وهناك‭ ‬سبب‭ ‬آخر،‭ ‬وهو‭ ‬سبب‭ ‬فرعي‭ ‬إلا‭ ‬وهو‭ ‬عدم‭ ‬تقبل‭ ‬النقد‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الفنانين،‭ ‬خصوصا‭ ‬الأسماء‭ ‬الكبيرة‭ ‬وأصحاب‭ ‬الخبرة‭ ‬العميقة‭ ‬في‭ ‬المجال‭.‬

وقال‭ ‬أيمن‭ ‬جعفر‭: ‬ربما‭ ‬لأننا‭ ‬لا‭ ‬نزال‭ ‬لا‭ ‬نؤمن‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية‭ ‬بالحاجة‭ ‬الفعلية‭ ‬للنقد‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬التشكيلي،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬قلّة‭ ‬عدد‭ ‬النقاد‭ ‬التشكيليين‭ ‬مردّه‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يتطلّبه‭ ‬المشهد‭ ‬التشكيلي‭ ‬من‭ ‬متابعة‭ ‬ودراسة‭ ‬بصرية‭ ‬منهجية‭ ‬دائمة‭ ‬ومتابعة‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬للتجارب‭ ‬الإبداعية‭ ‬الفنية‭. ‬

نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬ربما‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬توجّهٍ‭ ‬عام‭ ‬يُعلي‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬النقد؛‭ ‬بوصفه‭ ‬موازيًا‭ ‬أو‭ ‬داعمًا‭ ‬للتجربة‭ ‬الإبداعية‭ ‬ولمجمل‭ ‬المشهد‭ ‬التشكيلي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬بذل‭ ‬جهود‭ ‬نوعية‭ ‬لأجل‭ ‬استقطاب‭ ‬الأقلام‭ ‬النقدية‭ ‬المتميزة‭.‬

وأبدى‭ ‬علي‭ ‬حسين‭ ‬رأيه‭ ‬قائلا‭: ‬وجود‭ ‬قلة‭ ‬من‭ ‬يكتب‭ ‬في‭ ‬التشكيل‭ ‬والنقد‭ ‬التشكيلي‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬المواضيع‭ ‬الشائكة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تكلمت‭ ‬عنها‭ ‬سابقا،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬نتطرق‭ ‬إلى‭ ‬موضوع‭ ‬وجود‭ ‬مجلة‭ ‬أو‭ ‬كتيب‭ ‬للفن‭ ‬التشكيلي،‭ ‬نحن‭ ‬نفتقد‭ ‬وجود‭ ‬نقاد‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى،‭ ‬فمع‭ ‬وجود‭ ‬النقاد‭ ‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬حراك‭ ‬نقدي‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬هناك‭ ‬توجه‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬المهتمين‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يدرسوا‭ ‬او‭ ‬يتخصصوا‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬الفني،‭ ‬فهو‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تخصص‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أكاديميا‭ ‬كما‭ ‬هم‭ ‬باقي‭ ‬التخصصات،‭ ‬فعدم‭ ‬وجود‭ ‬مجلة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬نقاد‭ ‬وكُتاب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نملكه‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬هو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تغطيات‭ ‬وآراء‭ ‬فنية‭ ‬ومعارض‭ ‬لا‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬نقد‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬الآخر‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬مجلة‭ ‬متخصصة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الفنانين‭ ‬الأكاديميين‭ ‬الموجودين‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬مقارنة‭ ‬بتخصصات‭ ‬ثانية‭ ‬يعتبر‭ ‬عددا‭ ‬قليلا،‭ ‬وثقافة‭ ‬الاطلاع‭ ‬والممارسة‭ ‬والقراءة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬يهيئ‭ ‬الفنان‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬لديه‭ ‬إمكان‭ ‬للكتابة‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬كاتب‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يقرأ،‭ ‬فالاطلاع‭ ‬والمطالعة‭ ‬والمتابعة‭ ‬للحراك‭ ‬الفني‭ ‬المحلي‭ ‬والعالمي‭ ‬هم‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬يخلق‭ ‬تشكيليين‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬الكتابة،‭ ‬كما‭ ‬أننا‭ ‬نعاني‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬كتابة‭ ‬تجربتهم‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬المعارض‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك‭.‬