ريشة في الهواء

احترام العقل شرط الفوز

| أحمد جمعة

منذ‭ ‬فترة‭ ‬وأنا‭ ‬أتأمل‭ ‬ما‭ ‬نكتبه‭ ‬بالصحف‭ ‬وما‭ ‬ينشر‭ ‬بوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرسمية‭ ‬والأهلية،‭ ‬وما‭ ‬يبث‭ ‬بمحطاتنا‭ ‬الفضائية‭ ‬الخليجية،‭ ‬وبصراحة‭ ‬لا‭ ‬يعنيني‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي،‭ ‬خصوصا‭ ‬المسمى‭ ‬زوراً‭ ‬بإعلام‭ ‬المقاومة‭ ‬والممانعة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الشعارات‭ ‬الفارغة،‭ ‬ما‭ ‬يعنيني‭ ‬كما‭ ‬أفصحت‭ ‬إعلامنا‭ ‬البحريني‭ ‬والخليجي‭ ‬ومضمون‭ ‬ما‭ ‬يقدمه،‭ ‬بالتركيز‭ ‬وحتى‭ ‬بدون‭ ‬ذلك،‭ ‬سيلاحظ‭ ‬أي‭ ‬مراقب‭ ‬ومتابع‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬لهذا‭ ‬الإعلام‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬سنة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬محتواه‭ ‬يعود‭ ‬لحقبة‭ ‬أكل‭ ‬عليها‭ ‬الدهر‭ ‬وشرب‭ ‬ولا‭ ‬يواكب‭ ‬عقلية‭ ‬القارئ‭ ‬والمشاهد‭ ‬الذي‭ ‬تطور‭ ‬وعيه،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬أسلوب‭ ‬مخاطبة‭ ‬القارئ‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬يشبه‭ ‬أسلوب‭ ‬التلقين‭ ‬المدرسي،‭ ‬وهناك‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬يوجه‭ ‬القارئ‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬هو،‭ ‬ويحشر‭ ‬برأس‭ ‬القارئ‭ ‬ما‭ ‬يعتقده‭ ‬الكاتب‭ ‬لا‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬يعايشه‭ ‬القارئ،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يبدأ‭ ‬الكتابة‭ ‬بعبارات،‭ ‬هذا‭ ‬صح‭ ‬وهذا‭ ‬خطأ،‭ ‬هذا‭ ‬مسموح‭ ‬وهذا‭ ‬محرم،‭ ‬هذا‭ ‬أبيض‭ ‬وذاك‭ ‬أسود،‭ ‬وكأن‭ ‬القارئ‭ ‬أعمى‭ ‬العقل‭ ‬والبصر‭.‬

أما‭ ‬ما‭ ‬نشاهده‭ ‬بالفضائيات،‭ ‬فمازال‭ ‬دون‭ ‬ملامسة‭ ‬العصر‭ ‬والتطور‭ ‬العقلي‭ ‬والمادي‭ ‬للمجتمع،‭ ‬فبينما‭ ‬العالم‭ ‬يتغير‭ ‬والعقول‭ ‬تتبدل‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تحتل‭ ‬المنصات‭ ‬بمختلف‭ ‬العقائد‭ ‬والتوجيهات‭ ‬والتوجهات،‭ ‬فإن‭ ‬إذاعاتنا‭ ‬المسموعة‭ ‬في‭ ‬غيبوبة‭ ‬منذ‭ ‬عقد‭ ‬التسعينات‭ ‬بالقرن‭ ‬الماضي‭ ‬حيث‭ ‬توقف‭ ‬نبضها‭ ‬عند‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬وما‭ ‬تبثه‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬اجترارا‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬يبث‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬أما‭ ‬الفضائيات‭ ‬فالدليل‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬والمشاهد‭ ‬الخليجي‭ ‬هرب‭ ‬لشبكات‭ ‬البرامج‭ ‬المؤجرة‭ ‬ومدفوعة‭ ‬الثمن‭ ‬مثل‭ ‬نتفليكس‭ ‬وقنوات‭ ‬البث‭ ‬المشفرة،‭ ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المشاهد‭ ‬لا‭ ‬يعبأ‭ ‬بهذه‭ ‬القنوات‭ ‬التي‭ ‬تكلف‭ ‬الكثير‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬فمجرد‭ ‬إشاعة‭ ‬تبث‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تفوق‭ ‬في‭ ‬انتشارها‭ ‬ما‭ ‬يبث‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القنوات‭ ‬المرئية‭ ‬والإذاعات‭ ‬المسموعة،‭ ‬وحتى‭ ‬أثبت‭ ‬ذلك‭ ‬جربوا‭ ‬نشر‭ ‬خبر‭ ‬أو‭ ‬كذبة‭ ‬بوسيلة‭ ‬اتصال‭ ‬رسمية‭ ‬مقابل‭ ‬وسيلة‭ ‬اتصال‭ ‬اجتماعية‭ ‬واكتشفوا‭ ‬الفرق‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬أقول،‭ ‬مرتين،‭ ‬حرام‭ ‬حرام،‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬يتبخر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬أثرا‭ ‬أو‭ ‬بصمة‭ ‬في‭ ‬وعي‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬بحاجة‭ ‬لوسائل‭ ‬عصرية‭ ‬وذكية‭ ‬تواكب‭ ‬ذكاء‭ ‬المتلقي،‭ ‬فنحن‭ ‬اليوم‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬المالية‭ ‬والأمنية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬والثقافية،‭ ‬بحاجة‭ ‬لأصوات‭ ‬وأقلام‭ ‬وذكاء‭ ‬يوازي‭ ‬العقل‭ ‬المتلقي،‭ ‬فلم‭ ‬يعد‭ ‬الإعلام‭ ‬والصحافة‭ ‬مجرد‭ ‬تكرار‭ ‬لما‭ ‬قدم‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬وحقب‭ ‬سابقة‭ ‬غابرة،‭ ‬لنحترم‭ ‬المتلقي‭ ‬وعقله‭ ‬ووعيه‭ ‬وننظر‭ ‬للعصر‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬بعقل‭ ‬العصر،‭ ‬فالوقت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬القارئ‭ ‬والمشاهد‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الوسائل‭ ‬المحلية‭ ‬ولى،‭ ‬فهناك‭ ‬بدائل‭ ‬عالمية‭ ‬تدس‭ ‬السم‭ ‬بالعسل‭ ‬فلننتبه‭ ‬ونتغير‭ ‬ونغير‭ ‬أدواتنا‭ ‬وأساليبنا‭ ‬حتى‭ ‬نعيش‭ ‬بسلام‭.‬

تنويرة‭:

‬خروجك‭ ‬من‭ ‬السرب‭ ‬ضرورة‭ ‬إذا‭ ‬فقد‭ ‬السرب‭ ‬وجهته‭.‬