سوق السندات أرسل إشارات مقلقة للمستثمرين

6 مؤشرات تثير الذعر وتنبئ بركود اقتصادي عالمي

| دبي - مباشر

في‭ ‬تطور‭ ‬غير‭ ‬تقليدي،‭ ‬وفي‭ ‬الغالب‭ ‬يسبق‭ ‬حدوث‭ ‬اتجاه‭ ‬هابط‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي،‭ ‬فإن‭ ‬سوق‭ ‬السندات‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬إرسال‭ ‬إشارات‭ ‬مقلقة‭ ‬للمستثمرين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭. ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬هي‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تنذر‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬ركودا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي‭ ‬وشيك‭ ‬الحدوث،‭ ‬لكن‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬انكماش‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬بيانات‭ ‬النشاط‭ ‬الصناعي‭ ‬المخيبة‭ ‬للآمال‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬بين‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصادين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ (‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭) ‬يشهد‭ ‬حالة‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬الاحتكاكات‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تلقي‭ ‬بآثارها‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭.‬

وتكمن‭ ‬الإشارة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬منحنى‭ ‬العائد،‭ ‬إذ‭ ‬انعكس‭ ‬منحنى‭ ‬العائد‭ ‬بين‭ ‬سندات‭ ‬الخزانة‭ ‬الأميركية‭ ‬قصيرة‭ ‬الأجل‭ (‬عامين‭) ‬وطويلة‭ ‬الأجل‭ (‬10‭ ‬سنوات‭) ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2007،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬إشارة‭ ‬مقلقة‭ ‬تاريخيا‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬ركودا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬يلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭.‬

وواصل‭ ‬كذلك‭ ‬العائد‭ ‬على‭ ‬سندات‭ ‬الخزانة‭ ‬الأميركية‭ ‬لآجل‭ ‬30‭ ‬عاما‭ ‬الهبوط‭ ‬إلى‭ ‬أضعف‭ ‬مستوى‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬أدنى‭ ‬2‭ %‬،‭ ‬لليوم‭ ‬الثاني‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬‭(‬الجمعة‭) ‬بعد‭ ‬تسجيله‭ ‬مستوى‭ ‬قياسيا‭ ‬متدنيا‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬عوائد‭ ‬سندات‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬لآجل‭ ‬عامين‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬يحل‭ ‬موعد‭ ‬استحقاقها‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬أعوام‭ ‬هبط‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬صفر،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬انعكاس‭ ‬منحنى‭ ‬العائد‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬إشارة‭ ‬ثانية‭ ‬حيال‭ ‬مخاوف‭ ‬الركود‭ ‬الاقتصادي‭.‬

ومع‭ ‬تكالب‭ ‬المستثمرين‭ ‬على‭ ‬أسواق‭ ‬الأصول‭ ‬الملاذ‭ ‬الآمن‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬السندات‭ ‬الحكومية،‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬الأصول‭ ‬سالبة‭ ‬العائد‭ ‬تقفز‭ ‬لمستويات‭ ‬قياسية‭ ‬جديدة‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭.‬

وبحسب‭ ‬مؤشر‭ ‬“بلومبرغ‭ ‬باركليز”‭ ‬للسندات‭ ‬سالبة‭ ‬العائد،‭ ‬ارتفعت‭ ‬قيمة‭ ‬تلك‭ ‬الديون‭ ‬الحكومية‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬16‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء،‭ ‬وهي‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

وفي‭ ‬إشارة‭ ‬أخرى،‭ ‬انكمش‭ ‬اقتصاد‭ ‬ألمانيا‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬خلال‭ ‬الربع‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬بنسبة‭ ‬0‭.‬1‭ % ‬مقارنة‭ ‬بنمو‭ ‬0‭.‬4‭ %‬‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬3‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬2019‭.‬

وبالنسبة‭ ‬لثاني‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصاد‭ ‬أوروبي،‭ ‬فشهد‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬تراجعا‭ ‬بنسبة‭ ‬0‭.‬2‭ % ‬خلال‭ ‬الربع‭ ‬المنتهي‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬مقارنة‭ ‬بنمو‭ ‬نسبته‭ ‬0‭.‬5‭ % ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬العام‭.‬

ويعتبر‭ ‬انكماش‭ ‬اقتصاد‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬أسوأ‭ ‬أداء‭ ‬منذ‭ ‬الربع‭ ‬الرابع‭ ‬للعام‭ ‬2012،‭ ‬ويمثل‭ ‬علامة‭ ‬إضافية‭ ‬على‭ ‬تزايد‭ ‬احتمالات‭ ‬حدوث‭ ‬ركود‭ ‬اقتصادي‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬فإن‭ ‬اقتصاد‭ ‬الصين‭ ‬عانى‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬فقدان‭ ‬الزخم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬مع‭ ‬تباطؤ‭ ‬نمو‭ ‬الإنتاج‭ ‬الصناعي‭ ‬لأدنى‭ ‬وتيرة‭ ‬منذ‭ ‬فبراير‭ ‬2002‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نمو‭ ‬مبيعات‭ ‬التجزئة‭ ‬لكن‭ ‬بوتيرة‭ ‬أقل،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُعد‭ ‬إشارة‭ ‬خامسة‭ ‬على‭ ‬ركود‭ ‬وشيك‭ ‬الحدوث‭.‬

ومع‭ ‬التصعيد‭ ‬الأخير‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين،‭ ‬فإن‭ ‬بنك‭ ‬“جولدمان‭ ‬ساكس”‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬زيادة‭ ‬خطر‭ ‬حدوث‭ ‬ركود‭ ‬اقتصادي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

كما‭ ‬دفعت‭ ‬البيانات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الصادرة‭ ‬أخيرا‭ ‬“بنك‭ ‬أوف‭ ‬أميركا”‭ ‬إلى‭ ‬النتيجة‭ ‬نفسها،‭ ‬وهي‭ ‬زيادة‭ ‬احتمالات‭ ‬حدوث‭ ‬ركود‭ ‬اقتصادي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬30‭ % ‬في‭ ‬غضون‭ ‬الإثنى‭ ‬عشر‭ ‬شهرا‭ ‬المقبلة‭.‬

واستشهد‭ ‬البنك‭ ‬الأميركي‭ ‬بانعكاس‭ ‬منحنى‭ ‬العائد‭ ‬بين‭ ‬سندات‭ ‬الخزانة‭ ‬مستحقة‭ ‬السداد‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬أعوام‭ ‬وأذون‭ ‬الخزانة‭ ‬التي‭ ‬يحل‭ ‬موعد‭ ‬استحقاقها‭ ‬بعد‭ ‬3‭ ‬أشهر،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أداء‭ ‬3‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬5‭ ‬مؤشرات‭ ‬اقتصادية‭ ‬تتبع‭ ‬دورات‭ ‬الأعمال‭ ‬الاقتصادية‭.‬

وتقف‭ ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬الثلاثة‭ (‬مبيعات‭ ‬السيارات‭ ‬والإنتاج‭ ‬الصناعي‭ ‬وإجمالي‭ ‬عدد‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭) ‬عند‭ ‬مستويات‭ ‬سبق‭ ‬وسجلتها‭ ‬قبل‭ ‬مرحلة‭ ‬الركود‭ ‬الاقتصادي‭ ‬السابقة‭.‬

ووفقًا‭ ‬لبيانات‭ ‬رسمية،‭ ‬فإن‭ ‬الإنتاج‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تراجع‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي‭ ‬بشكل‭ ‬مخالف‭ ‬لتوقعات‭ ‬المحللين‭ ‬بفعل‭ ‬أداء‭ ‬قطاعي‭ ‬الصناعات‭ ‬التحويلية‭ ‬والتعدين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعتبر‭ ‬بمثابة‭ ‬الإشارة‭ ‬السادسة‭ ‬التي‭ ‬تنذر‭ ‬بالخطر‭.‬

وتراجع‭ ‬النشاط‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬“فيلادلفيا”‭ ‬الأميركية‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الهبوط‭ ‬جاء‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬توقعات‭ ‬المحللين‭.‬

وأثارت‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الذعر‭ ‬داخل‭ ‬الأسواق‭ ‬المالية‭ ‬العالمية،‭ ‬ليفقد‭ ‬المستثمرون‭ ‬شهية‭ ‬المخاطرة‭ ‬عموما‭ ‬ويندفعون‭ ‬تجاه‭ ‬الأصول‭ ‬الآمنة،‭ ‬وهو‭ ‬الاتجاه‭ ‬الذي‭ ‬يسود‭ ‬في‭ ‬الأوقات‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬على‭ ‬الأصعدة‭ ‬كافة‭.‬

ويرى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬محمد‭ ‬العريان‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬ينتهي‭ ‬المطاف‭ ‬بالأخبار‭ ‬السيئة‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬الذعر‭ ‬لدى‭ ‬المستثمرين‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬التسبب‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تباطؤ‭ ‬اقتصادي‭ ‬كبير‭ ‬للغاية‭.‬

وشهد‭ ‬مؤشر‭ ‬“داو‭ ‬جونز”‭ ‬الصناعي‭ ‬خسائر‭ ‬ملحوظة‭ ‬في‭ ‬الجلسات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يفقد‭ ‬800‭ ‬نقطة‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬الأربعاء‭ ‬مسجلًا‭ ‬أسوأ‭ ‬أداء‭ ‬يومي‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2019‭.‬

وفي‭ ‬المقابل‭ ‬استفاد‭ ‬الذهب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬بمكاسب‭ ‬دفعت‭ ‬سعر‭ ‬المعدن‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬في‭ ‬نحو‭ ‬6‭ ‬سنوات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬عملتي‭ ‬الين‭ ‬الياباني‭ ‬والفرنك‭ ‬السويسري‭ ‬أحد‭ ‬الفائزين‭ ‬كعملات‭ ‬ملاذ‭ ‬آمن‭.‬