ترجع إلى 5000 سنة قبل الميلاد في دلمون

صناعة الفخار في البحرين... تصارع من أجل البقاء

بين‭ ‬أزقة‭ ‬ضيقة‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬عالي،‭ ‬يوجد‭ ‬معمل‭ ‬صغير‭ ‬يكسوه‭ ‬الغبار،‭ ‬ذو‭ ‬باب‭ ‬خشبي‭ ‬قديم‭ ‬شبه‭ ‬متهالك،‭ ‬وراء‭ ‬الباب‭ ‬مباشرة‭ ‬توجد‭ ‬طاولة‭ ‬صغيرة‭ ‬تحمل‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬أواني‭ ‬الفخار‭ ‬التي‭ ‬صنعت‭ ‬يدويا،‭ ‬تحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاعر‭ ‬والحب‭ ‬في‭ ‬صناعتها،‭ ‬وخلف‭ ‬الطاولة‭ ‬يجلس‭ ‬الحاج‭ ‬عبدالنبي‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬صاحب‭ ‬معمل‭ ‬الفخار‭.‬

معمل‭ ‬الفخار‭ ‬الكائن‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬عالي،‭ ‬أهم‭ ‬الأماكن‭ ‬التراثية‭ ‬العريقة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬يذهب‭ ‬إليه‭ ‬الزوار‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬صغر‭ ‬مساحته،‭ ‬ولكنه‭ ‬يعتبر‭ ‬مكانا‭ ‬سياحيا‭ ‬مثير‭ ‬لاهتمام‭ ‬السواح،‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬والمعمل‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬الفخار‭ ‬بكل‭ ‬إتقان،‭ ‬وهناك‭ ‬متدربون‭ ‬يدرسون‭ ‬كيفية‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬الفخار‭ ‬كل‭ ‬يوم‭.‬

الحاج‭ ‬عبدالنبي‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬رجل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬تعلو‭ ‬على‭ ‬ملامح‭ ‬وجهه‭ ‬ابتسامه‭ ‬هادئة‭ ‬ترحب‭ ‬بالزائرين؛‭ ‬كون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المعمل‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬تراث‭ ‬البحرين‭ ‬العريق،‭ ‬فكثير‭ ‬من‭ ‬الزائرين‭ ‬يذهبون‭ ‬لزيارته‭.‬

يقول‭ ‬الحاج‭ ‬عبدالنبي‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬أن‭ ‬صناعة‭ ‬الفخار‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬قبل‭ ‬5000‭ ‬سنة‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬وذلك‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وجدوه‭ ‬من‭ ‬أوانٍ‭ ‬فخارية‭ ‬في‭ ‬حضارة‭ ‬دلمون‭ ‬العريقة‭ ‬في‭ ‬المدافن‭ ‬الدلمونية،‭ ‬واليوم‭ ‬المتحف‭ ‬مليء‭ ‬بالأواني‭ ‬الفخارية،‭ ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬صناعة‭ ‬الفخار‭ ‬عريقة‭.‬

سألنا‭ ‬الحاج‭ ‬عبدالنبي‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬وجود‭ ‬صناعة‭ ‬الفخار‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬عالي‭ ‬بالتحديد،‭ ‬فقد‭ ‬فسر‭ ‬ذلك‭ ‬بسبب‭ ‬قرب‭ ‬قرية‭ ‬عالي‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الفخار‭ ‬مثل‭ ‬الطين‭ ‬والماء‭.‬

ويقول‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬الخمسينات‭ ‬والستينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬كان‭ ‬يوجد‭ ‬نحو‭ ‬25‭ ‬مصنعا‭ ‬من‭ ‬مصانع‭ ‬الفخار‭ ‬وينتجون‭ ‬الأواني‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬المنازل،‭ ‬وهذه‭ ‬الأوني‭ ‬تشكل‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬صناعات‭ ‬الفخار‭ ‬حاجات‭ ‬ضرورية‭ ‬لكل‭ ‬أسرة،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المصانع‭ ‬شيئا‭ ‬فشيئا‭ ‬بدأت‭ ‬تتقلص،‭ ‬وذهبت‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬أشغال‭ ‬أكثر‭ ‬ربحية‭. ‬يقول‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالرسول،‭ ‬وهو‭ ‬عامل‭ ‬في‭ ‬المعمل،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المصنع‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬حافظ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحرفة،‭ ‬حيث‭ ‬صارع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء،‭ ‬وتعلم‭ ‬الحرفيون‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬فيه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المهارات،‭ ‬مثل‭ ‬الزخارف‭ ‬المعمارية،‭ ‬والكتابة‭ ‬من‭ ‬آيات‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬الفخار،‭ ‬وكيفية‭ ‬استخدام‭ ‬الألوان‭ ‬في‭ ‬تلوين‭ ‬التحف‭ ‬والبراويز‭. ‬

تقول‭ ‬زهراء‭ ‬من‭ ‬سكنة‭ ‬المحرق،‭ ‬أنا‭ ‬من‭ ‬المحرق‭ ‬وأزور‭ ‬قرية‭ ‬عالي‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬تقريبا؛‭ ‬لأرى‭ ‬ما‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬الأواني‭ ‬والتحف‭ ‬الفخارية‭ ‬التي‭ ‬يعملونها‭ ‬هنا،‭ ‬أنا‭ ‬من‭ ‬المحبين‭ ‬للفخار‭ ‬جدا‭. ‬وأضاف‭ ‬الحاج‭ ‬عبدالنبي‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬قائلا‭: ‬شباب‭ ‬البحرين‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تثقيف‭ ‬بأهمية‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬العريق‭ ‬من‭ ‬الاندثار،‭ ‬معمل‭ ‬الفخار‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أيدٍ‭ ‬بحرينية‭ ‬تعرف‭ ‬قيمة‭ ‬هذه‭ ‬الحرفة،‭ ‬ونحن‭ ‬ليس‭ ‬لدينا‭ ‬سوى‭ ‬العمال‭ ‬الأجانب‭.‬

 

ريبورتاج‭ ‬الطالبة‭: ‬بتول‭ ‬سيد‭ ‬يوسف‭ ‬علوي‭ ‬

جامعة‭ ‬البحرين