كسالى المدينين يقعون بشبك الفوائد التأخيرية لتوقيعهم سندات أمر

“البلاد” تنشر حكما لمحكمة التمييز يحسم خلافات طلب الفوائد بمعاملات غير تجارية

| راشد الغائب

القانون‭ ‬حرم‭ ‬الفائدة‭ ‬بالديون‭ ‬المدنية،‭ ‬ولكن‭ ‬أجازها‭ ‬بالديون‭ ‬التجارية

 

أرست‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬مبدأ‭ ‬بشمول‭ ‬استحقاق‭ ‬الدائن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مبلغ‭ ‬فائدة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تأخر‭ ‬أو‭ ‬رفض‭ ‬المدين‭ ‬سداد‭ ‬المبلغ‭ ‬المدين‭ ‬به،‭ ‬والذي‭ ‬ثبته‭ ‬على‭ ‬نفسه،‭ ‬بتوقيع‭ ‬ورقة‭ ‬“سند‭ ‬لأمر”‭.‬

وتعتبر‭ ‬ورقة‭ ‬“سند‭ ‬لأمر”‭ ‬إحدى‭ ‬الأوراق‭ ‬التجارية،‭ ‬وشقيقة‭ ‬الكمبيالات‭ ‬والشيكات،‭ ‬وتعني‭ ‬منها‭ ‬إقرار‭ ‬موقعها‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬مبلغ‭ ‬من‭ ‬النقود‭ ‬لأمر‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭.‬

وتوقيع‭ ‬ورقة‭ ‬“سند‭ ‬لأمر”‭ ‬تحيل‭ ‬العلاقة‭ ‬تلقائيا،‭ ‬بين‭ ‬محررها،‭ ‬ومستحق‭ ‬المبلغ،‭ ‬لعلاقة‭ ‬تجارية،‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬موضوع‭ ‬المبلغ‭ ‬المستحق،‭ ‬من‭ ‬الطرف‭ ‬الأول‭ ‬للآخر،‭ ‬غير‭ ‬تجاري‭.‬

وقالت‭ ‬المحكمة‭ ‬بخلاف‭ ‬بين‭ ‬شخصين،‭ ‬بعد‭ ‬رفض‭ ‬المدين‭ ‬سداد‭ ‬فائدة‭ ‬تأخيرية‭ ‬عن‭ ‬مبلغ‭ ‬حدده‭ ‬بورقة‭ ‬“سند‭ ‬لأمر”‭: ‬“متى‭ ‬توافرت‭ ‬البيانات‭ ‬الإلزامية‭ ‬حتى‭ ‬يعد‭ ‬سند‭ ‬لأمر،‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬صفة‭ ‬محرره‭ ‬أو‭ ‬المستفيد‭ ‬منه،‭ ‬وأيا‭ ‬كانت‭ ‬طبيعة‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬أنشئ‭ ‬من‭ ‬أجلها،‭ ‬فتسري‭ ‬بشأنه‭ ‬أحكام‭ ‬قانون‭ ‬التجارة،‭ ‬ومنها‭ ‬استحقاق‭ ‬الفائدة‭ ‬المحسوبة‭ ‬بالسعر‭ ‬القانوني‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الاستحقاق”‭.‬

وفيما‭ ‬يأتي‭ ‬نص‭ ‬الحكم‭ ‬غير‭ ‬المنشور‭ ‬الصادر‭ ‬بجلسة‭ ‬18‭ ‬فبراير‭ ‬2019،‭ ‬ورقم‭ ‬الطعن‭ ‬557‭ ‬لسنة‭ ‬2018‭.‬

‭ ‬

القصة

الطاعن‭ ‬أقام‭ ‬على‭ ‬المطعون‭ ‬ضده‭ ‬دعوى‭ ‬بطريق‭ ‬أمر‭ ‬الأداء‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬إلى‭ ‬قاضي‭ ‬المحكمة‭ ‬الصغرى‭ ‬المدنية‭. ‬يستصدر‭ ‬منه‭ ‬أمرا‭ ‬بأن‭ ‬يؤدي‭ ‬إليه‭ ‬مبلغا‭ ‬مقداره‭ ‬500‭ ‬دينار‭ ‬والفوائد‭ ‬الاتفاقية‭ ‬بواقع‭ ‬2‭.‬5‭ % ‬شهريا‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الاستحقاق‭ ‬في‭ ‬1‭ ‬أغسطس‏‏‏‏‭ ‬2017‭ ‬حتى‭ ‬السداد‭ ‬التام‭. ‬طالبه‭ ‬بالسداد‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬امتنع‭ ‬رغم‭ ‬إخطاره‭. ‬وامتنع‭ ‬القاضي‭ ‬عن‭ ‬إصدار‭ ‬الأمر‭ ‬وعرض‭ ‬النزاع‭ ‬على‭ ‬محكمة‭ ‬الموضوع‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬للطاعن‭ ‬بالمبلغ‭ ‬المطالب‭ ‬به‭ ‬ورفضت‭ ‬الحكم‭ ‬بالفائدة‭. ‬

استأنف‭ ‬الطاعن‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬المدنية‭ ‬الاستئنافية‭ ‬التي‭ ‬قضت‭ ‬برفض‭ ‬الاستئناف‭ ‬وتأييد‭ ‬الحكم‭. ‬

طعن‭ ‬الطاعن‭ ‬عليه‭ ‬بطريق‭ ‬التمييز‭. ‬

 

سبب‭ ‬واحد

الطعن‭ ‬أقيم‭ ‬على‭ ‬سبب‭ ‬واحد‭ ‬ينعى‭ ‬به‭ ‬الطاعن‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬الاستدلال‭ ‬والخطأ‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬والإخلال‭ ‬بحق‭ ‬الدفاع‭ ‬فيما‭ ‬انتهى‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬القضاء‭ ‬له‭ ‬بالفائدة‭ ‬الاتفاقية‭ ‬على‭ ‬مبلغ‭ ‬المطالبة‭ ‬بواقع‭ ‬2‭.‬5‭ % ‬شهريا‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الاستحقاق‭ ‬في‭ ‬1‭ ‬أغسطس‏‏‏‏‭ ‬2017‭ ‬حتى‭ ‬السداد‭ ‬التام‭. ‬

وتأسيسا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأوراق‭ ‬قد‭ ‬خلت‭ ‬مما‭ ‬يفيد‭ ‬تجارية‭ ‬الدين،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬للطاعن‭ ‬المطالبة‭ ‬بالفائدة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الدين‭ ‬هو‭ ‬دين‭ ‬تجاري‭ ‬محله‭ ‬السند‭ ‬لأمر‭ ‬المحرر‭ ‬من‭ ‬المطعون‭ ‬ضده‭ ‬لصالحه،‭ ‬فتسري‭ ‬بشأنه‭ ‬الفوائد‭ ‬التجارية‭ ‬وفقا‭ ‬لقانون‭ ‬التجارة،‭ ‬ما‭ ‬يعيب‭ ‬الحكم‭ ‬ويستوجب‭ ‬نقضه‭.‬

 

قواعد‭ ‬السند

وحيث‭ ‬إنه‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬مؤدى‭ ‬نصوص‭ ‬المواد‭ (‬3‭ ‬البند‭ ‬4‭) ‬و‭(‬415‭) ‬و‭(‬444‭/‬‏‏‏‭ ‬2‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬التجارة‭ ‬الصادر‭ ‬بالمرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬7‭) ‬لسنة‭ ‬1987‭ ‬أنه‭ ‬تعد‭ ‬أعمالا‭ ‬تجارية‭ ‬جميع‭ ‬العمليات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالكمبيالات‭ ‬والسندات‭ ‬لأمر‭ ‬والشيكات‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬صفة‭ ‬ذوي‭ ‬الشأن‭ ‬فيها،‭ ‬وأيا‭ ‬كانت‭ ‬طبيعة‭ ‬العمليات‭ ‬التي‭ ‬أنشئت‭ ‬من‭ ‬أجلها‭.‬

وحتى‭ ‬يعد‭ ‬الصك‭ ‬سند‭ ‬لأمر‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬توافر‭ ‬البيانات‭ ‬الإلزامية‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬المادة‭ (‬442‭) ‬من‭ ‬ذات‭ ‬القانون‭ ‬وإلا‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬سند‭ ‬مدني‭.‬

ويسري‭ ‬على‭ ‬السند‭ ‬لأمر‭ ‬القواعد‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالكمبيالة،‭ ‬ومنها‭ ‬اشتراط‭ ‬الفائدة‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬محسوبة‭ ‬بالسعر‭ ‬القانوني‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الاستحقاق‭. ‬

وإذ‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬وبتطبيق‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬من‭ ‬نصوص‭ ‬قانونية‭ ‬على‭ ‬السند‭ ‬لأمر‭ ‬محل‭ ‬التداعي‭ ‬يبين‭ ‬أنه‭ ‬توافرت‭ ‬فيه‭ ‬جميع‭ ‬البيانات‭ ‬الإلزامية‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬قانونا‭ ‬حتى‭ ‬يعد‭ ‬سند‭ ‬لأمر‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬صفة‭ ‬محرره‭ ‬أو‭ ‬المستفيد‭ ‬منه،‭ ‬وأيا‭ ‬كانت‭ ‬طبيعة‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬أنشئ‭ ‬من‭ ‬أجلها،‭ ‬فتسري‭ ‬بشأنه‭ ‬أحكام‭ ‬قانون‭ ‬التجارة،‭ ‬ومنها‭ ‬استحقاق‭ ‬الفائدة‭ ‬المحسوبة‭ ‬بالسعر‭ ‬القانوني‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الاستحقاق‭.‬

ومن‭ ‬ثم،‭ ‬فإن‭ ‬مطالبة‭ ‬الطاعن‭ ‬بالفائدة‭ ‬على‭ ‬المبلغ‭ ‬المدين‭ ‬به‭ ‬المطعون‭ ‬ضده‭ ‬والناشئ‭ ‬عن‭ ‬السند‭ ‬لأمر‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الاستحقاق‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬1‭ ‬أغسطس‏‏‏‏‭ ‬2017‭ ‬يكون‭ ‬قائما‭ ‬على‭ ‬سند‭ ‬صحيح،‭ ‬وإذ‭ ‬لم‭ ‬يوافق‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه‭ ‬هذا‭ ‬النظر‭ ‬بما‭ ‬قرره‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الأوراق‭ ‬قد‭ ‬خلت‭ ‬مما‭ ‬يفيد‭ ‬تجارية‭ ‬الدين،‭ ‬وذلك‭ ‬بالمخالفة‭ ‬للقانون،‭ ‬فإنه‭ ‬يكون‭ ‬معيبا‭ ‬بما‭ ‬يوجب‭ ‬نقضه‭. ‬

وحيث‭ ‬إن‭ ‬الموضوع‭ ‬صالح‭ ‬للفصل‭ ‬فيه‭ - ‬ولما‭ ‬تقدم‭ - ‬وكان‭ ‬قانون‭ ‬التجارة‭ ‬قد‭ ‬خلا‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬السعر‭ ‬القانوني‭ ‬الذي‭ ‬تحسب‭ ‬بموجبه‭ ‬الفائدة‭ ‬المشروطة‭ ‬في‭ ‬السند‭ ‬لأمر،‭ ‬ولم‭ ‬يتم‭ ‬تحديده‭ ‬من‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭ ‬باعتباره‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يستحقه‭ ‬الطاعن‭ ‬من‭ ‬فائدة‭ ‬على‭ ‬المبلغ‭ ‬المدين‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬فائدة‭ ‬تأخيرية‭ ‬تخضع‭ ‬لتقدير‭ ‬محكمة‭ ‬الموضوع،‭ ‬مما‭ ‬يتعين‭ ‬معه‭ ‬إلغاء‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭ ‬فيما‭ ‬قضى‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬طلب‭ ‬الفائدة‭ ‬والقضاء‭ ‬مجددا‭ ‬بها‭ ‬وتقدرها‭ ‬المحكمة‭ ‬بنسبة‭ ‬3‭ % ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الاستحقاق‭ ‬في‭ ‬1‭ ‬أغسطس‏‏‭ ‬2017‭ ‬حتى‭ ‬تمام‭ ‬السداد‭. ‬

المنطوق

حكمت‭ ‬المحكمة‭: ‬بقبول‭ ‬الطعن‭ ‬شكلا،‭ ‬وفي‭ ‬الموضوع‭ ‬بنقض‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه‭ ‬جزئيا‭ ‬فيما‭ ‬قضى‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬طلب‭ ‬الفائدة‭ ‬وبإلغاء‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشق‭ ‬والقضاء‭ ‬مجددا‭ ‬بإلزام‭ ‬المطعون‭ ‬ضده‭ ‬بأن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الطاعن‭ ‬الفائدة‭ ‬على‭ ‬المبلغ‭ ‬المقضي‭ ‬به‭ ‬بنسبة‭ ‬3‭ % ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الاستحقاق‭ ‬في‭ ‬1‭ ‬أغسطس‏‏‭ ‬2017‭ ‬حتى‭ ‬تمام‭ ‬السداد،‭ ‬وألزمته‭ ‬بمصروفات‭ ‬الطعن‭ ‬والاستئناف،‭ ‬ومبلغ‭ ‬30‭ ‬دينارا‭ ‬مقابل‭ ‬أتعاب‭ ‬المحاماة‭.‬