الدوحة تواصل سياسة الاستقواء بأنقرة بقاعدة أمنية جديدة

قطر تضاعف الوجود العسكري التركي في الخليج

| عواصم ـ وكالات

في‭ ‬تطور‭ ‬لافت،‭ ‬كشفت‭ ‬صحيفة‭ ‬تركية‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬عن‭ ‬بناء‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬قطر،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬القاعدة‭ ‬الحالية‭ ‬والتواجد‭ ‬الأمني‭ ‬التركي‭ ‬الذي‭ ‬تضاعف‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬القطيعة‭ ‬بين‭ ‬الدوحة‭ ‬وجاراتها‭.  ‬وكانت‭ ‬تقارير‭ ‬غربية‭ ‬قد‭ ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬القوات‭ ‬التركية‭ ‬في‭ ‬الدوحة‭ ‬تولت‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬المهام‭ ‬الأمنية‭ ‬لحماية‭ ‬القصور‭ ‬والمباني‭ ‬الحكومية‭ ‬الحساسة‭ ‬بعد‭ ‬أنباء‭ ‬عن‭ ‬تشكك‭ ‬في‭ ‬ولاء‭ ‬القوات‭ ‬المحلية‭.‬

وقالت‭ ‬صحيفة‭ ‬“حرييت”‭ ‬التركية‭ ‬إن‭ ‬الجنود‭ ‬الأتراك‭ ‬“يواصلون‭ ‬أداء‭ ‬واجباتهم‭ ‬في‭ ‬الدوحة”،‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬القوات‭ ‬المشتركة‭ ‬القطرية‭ ‬التركية”،‭ ‬وذكرت‭ ‬أن‭ ‬القاعدة‭ ‬الجديدة‭ ‬سيفتتحها‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬مع‭ ‬أمير‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬الخريف‭ ‬المقبل‭.‬

وقالت‭ ‬الصحيفة‭ ‬إن‭ ‬القاعدة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأولى‭ ‬بدأت‭ ‬أعمالها‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2015،‭ ‬“في‭ ‬نطاق‭ ‬العلاقات‭ ‬العسكرية‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬تركيا‭ ‬وقطر،‭ ‬وفي‭ ‬ديسمبر‭ ‬2017،‭ ‬تمت‭ ‬تسميتها‭ ‬القيادة‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬قطر‭ ‬وتركيا”،‭ ‬وقالت،‭ ‬إن‭ ‬“تركيا‭ ‬بامتلاكها‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬دائمة‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬أصبحت‭ ‬قوة”‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬العسكرية‭ ‬التركية‭ ‬القطرية‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬وقع‭ ‬الطرفان‭ ‬اتفاقا‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬تبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬العسكرية‭ ‬ومبيعات‭ ‬أسلحة‭ ‬تركية‭ ‬إلى‭ ‬الدوحة،‭ ‬تبعها‭ ‬اتفاق‭ ‬آخر‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬مشابه‭.‬

وفي‭ ‬2012‭ ‬حصلت‭ ‬قطر‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬على‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيّرة‭ (‬درونز‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬مصدرها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬تركيا،‭ ‬ووقتها‭ ‬اشترت‭ ‬الدوحة‭ ‬10‭ ‬قطع‭ ‬بقيمة‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬صفقة‭ ‬معدات‭ ‬عسكرية‭ ‬قيمتها‭ ‬120‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬كما‭ ‬وقع‭ ‬البلدان‭ ‬اتفاقا‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬ذاته،‭ ‬لكن‭ ‬بقيت‭ ‬تفاصيله‭ ‬طي‭ ‬الكتمان‭.‬

أما‭ ‬الاتفاق‭ ‬الأهم‭ ‬فقد‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2014،‭ ‬لينص‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬قوات‭ ‬تركية‭ ‬إلى‭ ‬الدوحة‭ ‬تكون‭ ‬نواة‭ ‬لتأسيس‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬داخل‭ ‬قاعدة‭ ‬طارق‭ ‬بن‭ ‬زياد‭ ‬جنوبي‭ ‬الدوحة،‭ ‬فيما‭ ‬يعد‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري‭ ‬الوحيد‭ ‬لأنقرة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وبالفعل‭ ‬أرسلت‭ ‬أنقرة‭ ‬الدفعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬جنودها‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬أكتوبر‭ ‬2015،‭ ‬ورفع‭ ‬العلم‭ ‬التركي‭ ‬في‭ ‬القاعدة‭ ‬بعد‭ ‬4‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭.‬

وتتسع‭ ‬القاعدة‭ ‬التركية‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬إلى‭ ‬5‭ ‬آلاف‭ ‬جندي،‭ ‬لكن‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الجنود‭ ‬الأتراك‭ ‬بها‭ ‬يقل‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الرقم،‭ ‬مع‭ ‬تسارع‭ ‬وتيرة‭ ‬إرسال‭ ‬القوات‭ ‬التركية‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬الأخيرين،‭ ‬منذ‭ ‬المقاطعة‭ ‬الخليجية‭ ‬المصرية‭ ‬للدوحة‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬مصادر‭ ‬إعلامية‭ ‬تركية‭ ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬القاعدة‭ ‬الجديدة،‭ ‬التي‭ ‬ستفتتح‭ ‬خلال‭ ‬أسابيع‭ ‬ستضم‭ ‬“عددا‭ ‬كبيرا”‭ ‬من‭ ‬الجنود،‭ ‬دون‭ ‬تحديد‭ ‬دقيق‭.‬

ويشمل‭ ‬التعاون‭ ‬العسكري‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬امتلاك‭ ‬الدوحة‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬أسهم‭ ‬شركة‭ ‬“بي‭ ‬إم‭ ‬سي”‭ ‬التركية‭ ‬لتصنيع‭ ‬المركبات‭ ‬الحربية،‭ ‬وفي‭ ‬2017‭ ‬أنتجت‭ ‬الشركة‭ ‬1500‭ ‬عربة‭ ‬مدرعة‭ ‬للجيش‭ ‬والشرطة‭ ‬القطرية‭.‬

وكان‭ ‬السفير‭ ‬التركي‭ ‬في‭ ‬قطر،‭ ‬فكرت‭ ‬أوزر،‭ ‬أعلن‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2018،‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬سترسل‭ ‬قوات‭ ‬جوية‭ ‬وبحرية‭ ‬دائمة‭ ‬إلى‭ ‬الدوحة‭ ‬بمجرد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬اللازمة،‭ ‬وبعد‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬وقع‭ ‬البلدان‭ ‬اتفاقا‭ ‬يسمح‭ ‬لتركيا‭ ‬بإنشاء‭ ‬قاعدة‭ ‬بحرية‭ ‬شمالي‭ ‬قطر‭. ‬وأثار‭ ‬إرسال‭ ‬قوات‭ ‬تركية‭ ‬إلى‭ ‬قطر‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬بشأن‭ ‬الدور،‭ ‬الذي‭ ‬ستلعبه‭ ‬هذه‭ ‬القوات‭ ‬في‭ ‬الإمارة‭ ‬الخليجية‭ ‬الصغيرة،‭ ‬فيما‭ ‬رجحت‭ ‬مصادر‭ ‬في‭ ‬المعارضة‭ ‬التركية‭ ‬أن‭ ‬تستغل‭ ‬القاعدة‭ ‬التركية‭ ‬في‭ ‬تدريب‭ ‬قادة‭ ‬جماعات‭ ‬مسلحة‭ ‬متشددة‭ ‬تقاتل‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬رغبة‭ ‬أنقرة‭ ‬بالوجود‭ ‬العسكري‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬قاعدة‭ ‬العديد‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬قطر‭.‬

بينما‭ ‬ذهب‭ ‬خبراء‭ ‬استراتيجيون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري‭ ‬التركي‭ ‬في‭ ‬قطر،‭ ‬هدفه‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬النظام‭ ‬القطري‭ ‬الذي‭ ‬يمتلك‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أصغر‭ ‬الجيوش‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬السيادة‭. ‬وتكشف‭ ‬الاتفاقات‭ ‬العسكرية‭ ‬بين‭ ‬أنقرة‭ ‬والدوحة،‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بإرسال‭ ‬جنود‭ ‬أتراك‭ ‬إلى‭ ‬قطر،‭ ‬حقيقة‭ ‬تشدد‭ ‬الإمارة‭ ‬الصغيرة‭ ‬بعبارات‭ ‬السيادة،‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬منتهكة‭ ‬أمام‭ ‬الجيش‭ ‬التركي‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يحمل‭ ‬اتفاق‭ ‬وقع‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬حسب‭ ‬وثائق‭ ‬مسربة،‭ ‬موادا‭ ‬تمس‭ ‬السيادة‭ ‬القطرية،‭ ‬وتظهر‭ ‬مدى‭ ‬خضوع‭ ‬النظام‭ ‬القطري‭ ‬لتركيا،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬“عمليات”‭ ‬دون‭ ‬تحديد‭ ‬ماهيتها‭.‬

كما‭ ‬يحق‭ ‬لتركيا‭ ‬بموجب‭ ‬الاتفاق،‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬قواتها‭ ‬الجوية‭ ‬والبرية‭ ‬والبحرية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬مهمات‭ ‬قتالية،‭ ‬وكذلك‭ ‬للترويج‭ ‬لأفكارها‭ ‬ومصالحها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

وفي‭ ‬التباس‭ ‬آخر،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تحديد‭ ‬فترة‭ ‬بقاء‭ ‬القوات‭ ‬التركية‭ ‬في‭ ‬قطر،‭ ‬فيما‭ ‬يحق‭ ‬لتركيا‭ ‬تحديد‭ ‬مدة‭ ‬مهمات‭ ‬قواتها‭ ‬في‭ ‬قطر،‭ ‬كما‭ ‬يمنع‭ ‬وفقا‭ ‬للاتفاق،‭ ‬ملاحقة‭ ‬أي‭ ‬جندي‭ ‬تركي‭ ‬متواجد‭ ‬في‭ ‬قطر،‭ ‬ولا‭ ‬تجوز‭ ‬محاكمته‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ارتكابه‭ ‬أي‭ ‬انتهاكات‭ ‬قانونية‭.‬

وقد‭ ‬تبادل‭ ‬ناشطون‭ ‬سوريون‭ ‬تعليقاتهم‭ ‬الساخرة‭ ‬من‭ ‬أنباء‭ ‬وعود‭ ‬تركيا‭ ‬بحماية‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تمنى‭ ‬تركيا‭ ‬بخسائر‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬نفوذها‭ ‬التقليدية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬سوريا،‭ ‬ورفضها‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬المباشر‭ ‬طوال‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات‭ ‬لوقف‭ ‬المجازر‭ ‬خلال‭ ‬الثورة‭ ‬السورية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬حماية‭ ‬السكان‭ ‬المجاورين‭ ‬لحدودها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬شاركت‭ ‬إيران‭ ‬وروسيا‭ ‬في‭ ‬تثبيت‭ ‬مصالحها‭ ‬هناك‭ ‬ودعم‭ ‬حليفها‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭.‬