بين المطارات والقطارات والعواصم والوجوه.. كتبوا بعض التفاصيل

تجارب ملهمة لبحرينيين عشقوا السفر

| سعيد محمد

ما‭ ‬أن‭ ‬يحل‭ ‬موسم‭ ‬الصيف‭ ‬والإجازات،‭ ‬حتى‭ ‬يستعد‭ ‬عشاق‭ ‬السفر‭ ‬لرحلاتهم‭ ‬ويعدوا‭ ‬العدة‭ ‬لها،‭ ‬ولأن‭ ‬السفر‭ ‬“عشق”‭ ‬لدى‭ ‬الكثيرين،‭ ‬فإنك‭ ‬قد‭ ‬تجد‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بضع‭ ‬“قفشات”‭ ‬فكاهية‭ ‬لمن‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬السفر‭: ‬“فبعضهم‭ ‬ينشر‭ ‬في‭ ‬تويتره‭ ‬تغريدة‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭ ‬ردًا‭ ‬تعقيبًا‭ ‬على‭ ‬تغريدة‭ ‬مسافر‭ :‬”خذني‭ ‬معك‭ ‬أحمل‭ ‬لك‭ ‬الحقائب”،‭ ‬أو‭ ‬تجد‭ ‬آخر‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬انستغرامه‭ ‬صورة‭ ‬طائرة‭ ‬وكتب‭ ‬عليها‭ ‬عبارة‭ :‬”النفسية‭ ‬تحتاج‭ ‬هذا‭ ‬الشيء”،‭ ‬وآخرين‭ ‬يغردون‭ ‬وينشرون‭ ‬صور‭ ‬رحلاتهم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬يذهبون‭ ‬إليه‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬التقرير،‭ ‬سنتجول‭ ‬في‭ ‬ذكريات‭ ‬بعض‭ ‬عشاق‭ ‬السفر‭ ‬ونعيش‭ ‬معهم‭ ‬اللحظات‭ ‬التي‭ ‬أحبوها،‭ ‬فالمخرج‭ ‬والممثل‭ ‬ياسر‭ ‬ناصر‭ ‬يحدثنا‭ ‬عن‭ ‬الرغبة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تلازمه‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭ ‬للسفر‭ ‬إلى‭ ‬الهند،‭ ‬فهذه‭ ‬البلاد‭ ‬“شبه‭ ‬القارة”‭ ‬المترامية‭ ‬الأطراف‭ ‬زرعت‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬شغفًا‭ ‬وحبًا‭ ‬لاكتشاف‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬العظيم‭.‬

وجوه‭ ‬من‭ ‬الهند

يواصل‭ ‬“ناصر”‭ ‬حديثه‭ ‬فيقول‭: ‬“وكان‭ ‬السؤال‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬أبدأ‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬الهند؟‭ ‬وهنا،‭ ‬توفقت‭ ‬بفضل‭ ‬الله‭ ‬لأن‭ ‬أرافق‭ ‬والدتي‭ ‬حفظها‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬علاجية،‭ ‬وكانت‭ ‬البداية‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬“مدراس”،‭ ‬وقد‭ ‬تنقلت‭ ‬في‭ ‬شوارعها‭ ‬ومدنها‭ ‬وكنت‭ ‬أسافر‭ ‬لمدد‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬12‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬ساعة‭ ‬بالقطار‭ ‬متنقلًا‭ ‬بين‭ ‬الأقاليم‭.. ‬بالنسبة‭ ‬لي،‭ ‬كان‭ ‬الجانب‭ ‬المميز‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬هي‭ ‬الوجوه‭: ‬ترى‭ ‬وجوه‭ ‬الفقراء‭ ‬والأغنياء‭ ‬والبائسين‭ ‬والفرحين‭ ‬والبشوشين‭ ‬والمعاقين،‭ ‬وهي‭ ‬وجوه‭ ‬تحكي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬وقد‭ ‬وثقتها‭ ‬في‭ ‬حسابي‭ ‬على‭ ‬الإنستغرام‭ ‬تحت‭ ‬وسم‭ ‬“هاش‭ ‬تاق”‭.. #‬وجوه‭_‬من‭_‬الهند”‭.‬

مشاعر‭ ‬فنان‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬بلدان

زار‭ ‬الفنان‭ ‬التشكيلي‭ ‬علي‭ ‬الفردان‭ ‬هنغاريا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬وكانت‭ ‬تجربة‭ ‬مميزة‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬السياحي‭ ‬الذي‭ ‬تعلم‭ ‬منه‭ ‬أثر‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الناس،‭ ‬فهذا‭ ‬البلد‭ ‬يحب‭ ‬الفن‭ ‬والفنانين‭ ‬وتجد‭ ‬كل‭ ‬زوايا‭ ‬بودابست‭ ‬العاصمة‭ ‬تعج‭ ‬بالاحترام‭ ‬والابتسامة‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬لجنس‭ ‬أو‭ ‬لون،‭ ‬وشعرت‭ ‬فيهم‭ ‬الألفة‭ ‬والمحبة،‭ ‬ولعلها‭ ‬تعتبر‭ ‬التجربة‭ ‬الثانية‭ ‬لي‭ ‬بعد‭ ‬زيارة‭ ‬ألمانيا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2013‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬انطلاقتي‭ ‬كفنان،‭ ‬وتعرفت‭ ‬هناك‭ ‬على‭ ‬فنانين‭ ‬وحضرت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعارض‭ ‬والمراسم‭ ‬وشاركت‭ ‬فيها‭. ‬هناك‭ ‬جانب‭ ‬جميل‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬ملك‭ ‬لك‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬تهتم‭ ‬به‭ ‬وألا‭ ‬تعتدي‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الآخرين،‭ ‬فمكانتك‭ ‬ومكانتهم‭ ‬محفوظة‭ ‬ومحترمة‭.‬

وعلى‭ ‬فكرة،‭ ‬فهذا‭ ‬الشعور‭ ‬قد‭ ‬تجده‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬العواصم‭ ‬العربية،‭ ‬فعند‭ ‬زيارتي‭ ‬للمملكة‭ ‬الأردنية‭ ‬الهاشمي،‭ ‬يحتفي‭ ‬بك‭ ‬الناس‭ ‬كفنان،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الفنانين‭ ‬يدعمونك‭ ‬ويشجعونك‭ ‬ويقدمون‭ ‬لك‭ ‬العون‭ ‬والمساعدة،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال،‭ ‬تعلمت‭ ‬من‭ ‬السفر‭ ‬كسائح،‭ ‬أنك‭ ‬أنت‭ ‬من‭ ‬تمنح‭ ‬الانطباع‭ ‬الجميل‭ ‬عن‭ ‬نفسك‭ ‬للآخرين‭.‬

القاهرة‭.. ‬عشق‭ ‬يكبر‭ ‬سنويًا

ويعشق‭ ‬شاهين‭ ‬الجنيد‭ ‬القاهرة،‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬العواصم‭ ‬والأقرب‭ ‬إلى‭ ‬قلبه‭ ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬والدته‭ ‬كانت‭ ‬تصطحبه‭ ‬معها‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬صغيرًا‭ ‬لزيارة‭ ‬معارفها‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وليس‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬اعتاد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يقضي‭ ‬فترة‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬المبارك‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬مع‭ ‬العوائل‭ ‬الصديقة،‭ ‬ويقضون‭ ‬احتفالات‭ ‬العيد‭ ‬والاجتماع‭ ‬مع‭ ‬الأهل‭ ‬والأصدقاء‭.‬

يصف‭ ‬الجنيد‭ ‬حبه‭ ‬للقاهرة،‭ ‬فيقول‭ :‬”القاهرة‭ ‬عاصمة‭ ‬جميلة،‭ ‬وعلى‭ ‬العموم،‭ ‬فشعب‭ ‬مصر‭ ‬شعب‭ ‬طيب‭ ‬ومتحضر‭ ‬وأنصح‭ ‬الجميع‭ ‬دائمًا‭ ‬بزيارة‭ ‬مصر‭ ‬والاستمتاع‭ ‬بأجوائها‭ ‬ومناطقها‭ ‬وتراثها‭ ‬ومأكولاتها،‭ ‬وبالتأكيد،‭ ‬فالسينما‭ ‬المصرية‭ ‬تتميز‭ ‬بأروع‭ ‬الأفلام،‭ ‬وعادةً،‭ ‬في‭ ‬الليل‭ ‬استمتع‭ ‬بالمشي‭ ‬على‭ ‬كورنيش‭ ‬قصر‭ ‬النيل‭ ‬أو‭ ‬التجول‭ ‬في‭ ‬المراكب‭ ‬التي‭ ‬تجوب‭ ‬نهر‭ ‬النيل،‭ ‬وأحب‭ ‬كذلك‭ ‬التجول‭ ‬بالحنطور‭ ‬مع‭ ‬مشروبي‭ ‬المميز‭ ‬“عصير‭ ‬المانغو”‭.. ‬فالقاهرة‭ ‬عشقي‭ ‬القديم‭.‬

هكذا‭ ‬تبقى‭ ‬للأسفار‭ ‬ذكراها‭ ‬الجميلة،‭ ‬وكما‭ ‬قيل‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الإمام‭ ‬الشافعي‭ :‬”‭ ‬تَغَرَّبْ‭ ‬عَن‭ ‬الأَوْطَانِ‭ ‬في‭ ‬طَلَبِ‭ ‬الْعُلا‭...‬وَسَافِرْ‭ ‬فَفِي‭ ‬الأَسْفَارِ‭ ‬خَمْسُ‭ ‬فَوَائِدِ‭: ‬تَفَرُّجُ‭ ‬هَمٍّ،‭ ‬وَاكْتِسابُ‭ ‬مَعِيشَةٍ،‭ ‬وَعِلْمٌ،‭ ‬وَآدَابٌ،‭ ‬وَصُحْبَةُ‭ ‬مَاجِد”‭.‬

لقاء‭ ‬الكابتن‭ ‬“ماتشالا”‭  ‬في‭ ‬صلالة

في‭ ‬إحدى‭ ‬الرحلات‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2018،‭ ‬كان‭ ‬محمد‭ ‬الشعباني‭ ‬يتجول‭ ‬بين‭ ‬مسقط‭ ‬وصلالة‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬عمل‭ ‬لسلطنة‭ ‬عمان‭ ‬استمرت‭ ‬9‭ ‬أيام،‭ ‬وصادف‭ ‬ذلك‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬يوليو،‭ ‬أي‭ ‬بداية‭ ‬موسم‭ ‬الخريف‭ ‬هناك،‭ ‬وكانت‭ ‬فرصة‭ ‬لأن‭ ‬يصطحب‭ ‬أسرته‭ ‬معه،‭ ‬يقول‭ ‬الشعباني‭ :‬”ذات‭ ‬صباح،‭ ‬وبينما‭ ‬كنت‭ ‬أتناول‭ ‬طعام‭ ‬الإفطار‭ ‬في‭ ‬الفندق،‭ ‬فوجئت‭ ‬بالمدرب‭ ‬العالمي‭ ‬القدير‭ ‬ميلان‭ ‬ماتشالا،‭ ‬هذا‭ ‬المدرب‭ ‬القدير‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مدربًا‭ ‬لمنتخب‭ ‬البحرين‭ ‬سابقًا‭ ‬وعلى‭ ‬يديه‭ ‬برز‭ ‬نجوم‭ ‬في‭ ‬المنتخب‭ ‬البحرين‭ ‬العام‭ ‬2004‭ ‬كإسماعيل‭ ‬عبداللطيف‭ ‬ومحمود‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬وعلاء‭ ‬ومحمد‭ ‬حبيل‭ ‬وسيد‭ ‬محمد‭ ‬سيد‭ ‬عدنان،‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬اللاعبين‭ ‬المميزين،‭ ‬وتبادلت‭ ‬معه‭ ‬الأحاديث‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عرفته‭ ‬بنفسي‭ ‬بأنني‭ ‬بحريني،‭ ‬وقال‭ ‬لي‭ ‬كلمة‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬منتخب‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬أروع‭ ‬المنتخبات‭ ‬التي‭ ‬دربتها‭ ‬وندمت‭ ‬على‭ ‬أنني‭ ‬ابتعدت‭ ‬عنها،‭ ‬وشعرت‭ ‬حينها‭ ‬أن‭ ‬منتخبنا‭ ‬أنتج‭ ‬وهذا‭ ‬المدرب‭ ‬يشعر‭ ‬بالندم‭ ‬لأسباب‭ ‬خاصة‭ ‬لم‭ ‬يخبرني‭ ‬بها،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬ترك‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬أثرًا‭ ‬بالاعتزاز‭ ‬ببلادنا”‭.‬

أما‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬التي‭ ‬أحببتها‭ ‬في‭ ‬عمان،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أحد‭ ‬الشباب‭ ‬العمانيين‭ ‬يحب‭ ‬مساعدة‭ ‬الناس،‭ ‬وذات‭ ‬مرة‭ ‬أثناء‭ ‬زيارتنا‭ ‬لمنطقة‭ ‬جبلية،‭ ‬تعطلت‭ ‬السيارة،‭ ‬ففوجئنا‭ ‬بذلك‭ ‬الشاب‭ ‬يأتي‭ ‬ويسحب‭ ‬السيارة‭ ‬ويقدم‭ ‬المساعدة،‭ ‬والغريب‭ ‬أنني‭ ‬رأيته‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة،‭ ‬يساعد‭ ‬السيارات‭ ‬المتعطلة،‭ ‬ولديه‭ ‬مجلس‭ ‬صغير‭ ‬هناك‭ ‬يستضيف‭ ‬فيه‭ ‬الناس‭ ‬ويقدم‭ ‬التمر‭ ‬والقهوة‭ ‬ويتبادل‭ ‬السوالف‭ ‬معهم،‭ ‬وقال‭ ‬“سعيد”‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬اسمه،‭ ‬أنه‭ ‬يحب‭ ‬مساعدة‭ ‬الناس،‭ ‬ويقول‭ ‬إنه‭ ‬يأتي‭ ‬سنويًا‭ ‬مع‭ ‬عائلته‭ ‬للتصييف‭ ‬هنا،‭ ‬وفي‭ ‬أوقات‭ ‬فراغه‭ ‬يجوب‭ ‬المنطقة‭ ‬لمساعدة‭ ‬الناس‭ ‬والسيارات‭ ‬المتعطلة‭.‬