سينما البحرين تتحدى “نتفلكس”

| حوراء جعفر

انتشرت‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والعالم‭ ‬خدمة‭ ‬“نتفلكس”‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬وسريع،‭ ‬وتسمح‭ ‬للمشتركين‭ ‬بمشاهدة‭ ‬أفلام‭ ‬ومسلسلات‭ ‬وبرامج‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬اللغات‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭. ‬وهي‭ ‬أشبه‭ ‬بسينما‭ ‬منزلية‭ ‬يختار‭ ‬فيها‭ ‬الشخص‭ ‬مختلف‭ ‬الأفلام‭ ‬الذي‭ ‬يود‭ ‬أن‭ ‬يشاهدها‭ ‬لضخامة‭ ‬الإنتاج‭ ‬فيها‭ ‬وقتما‭ ‬يريد‭ ‬بسهولة‭ ‬كبيرة‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬السينما‭ ‬إلا‭ ‬بنسبة‭ ‬قليلة،‭ ‬وخير‭ ‬برهان‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أعداد‭ ‬المترددين‭ ‬على‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجمعات‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬شركة‭ ‬البحرين‭ ‬للسينما‭ ‬سينكو‭ ‬أفلامها‭ ‬فيها،‭ ‬إذ‭ ‬تتميز‭ ‬الشركة‭ ‬عموما‭ ‬بضخامة‭ ‬حجم‭ ‬الشاشات‭ ‬الجديدة‭ ‬المعومة‭ ‬بنظام‭ ‬الصوت‭ ‬العملاق‭ ‬“دولبي”‭ ‬وبنظام‭ ‬“آيماكس”‭ ‬الرائع‭ ‬في‭ ‬قاعات‭ ‬عرض‭ ‬قوية‭ ‬الصوت‭ ‬والتأثيرات،‭ ‬التي‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬في‭ ‬نفسية‭ ‬المشاهد‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي‭ ‬ممتع،‭ ‬فالسينما‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬وسحر‭ ‬خاص‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬وسيلة‭ ‬أن‭ ‬تمتلكه،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الجلوس‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬يأخذ‭ ‬الشخص‭ ‬إلى‭ ‬عوالم‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬تقارن‭ ‬بالسينما‭ ‬المنزلية،‭ ‬فالفجوة‭ ‬كبيرة‭ ‬فيما‭ ‬بينهما‭.‬

وكانت‭ ‬أرباح‭ ‬“نتفلكس”‭ ‬قد‭ ‬هبطت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2019‭ ‬إلى‭ ‬271‭ ‬دولار‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ384‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬للمدة‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬السابق،‭ ‬وهذا‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬تذبذب‭ ‬إقبال‭ ‬الناس‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬فترة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬بعكس‭ ‬السينما‭ ‬التي‭ ‬تزدحم‭ ‬طوابيرها‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أخذ‭ ‬تذكرة،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬فتح‭ ‬الحجوزات‭ ‬“أونلاين”‭ ‬لتخفيف‭ ‬الزحام‭ ‬وانتظار‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭. ‬وسجل‭ ‬العام‭ ‬2018‭ ‬مليونا‭ ‬و141‭ ‬ألف‭ ‬فرد‭ ‬ترددوا‭ ‬على‭ ‬صالات‭ ‬السينما‭.‬

وسينما‭ ‬البحرين‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬الجماهير،‭ ‬لذلك‭ ‬تستحدث‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬يستجد؛‭ ‬لتكون‭ ‬من‭ ‬الأقوى‭ ‬على‭ ‬الساحة،‭ ‬لذلك‭ ‬وفرت‭ ‬تجربة‭ ‬“آيماكس”‭ ‬التي‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬شاشات‭ ‬العرض‭ ‬العادية،‭ ‬إذ‭ ‬تتمتع‭ ‬التقنية‭ ‬بضخامة‭ ‬حجم‭ ‬الشاشات‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬طولها‭ ‬13‭ ‬مترا،‭ ‬بينما‭ ‬يبلغ‭ ‬عرضها‭ ‬24‭ ‬مترا،‭ ‬ما‭ ‬يتيح‭ ‬رؤية‭ ‬أوضح‭ ‬وتفاصيل‭ ‬أكثر،‭ ‬كما‭ ‬تعرض‭ ‬الشاشة‭ ‬بتقنية‭ ‬“3D”‭ ‬و‭ ‬“2D”‭.‬

وما‭ ‬يميز‭ ‬السينما‭ ‬عن‭ ‬“نتفلكس”‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬العربي‭ ‬المحافظ،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬تصنيف‭ ‬الأفلام،‭ ‬و‭ ‬“نتفلكس”‭ ‬تصنف‭ ‬الأفلام‭ ‬لكن‭ ‬بمنظورها‭ ‬الغربي‭ ‬وليس‭ ‬هنالك‭ ‬رقابة‭ ‬عليها‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬السينما،‭ ‬فالسينما‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬للأطفال‭ ‬أو‭ ‬المراهقين‭ ‬بدخول‭ ‬أفلام‭ ‬لا‭ ‬تناسب‭ ‬التصنيف‭ ‬الذي‭ ‬أقرته‭ ‬الجهة‭ ‬المسؤولة،‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬سينما‭ ‬المنزل‭ ‬يستطيع‭ ‬المراهق‭ ‬أن‭ ‬يختار‭ ‬ما‭ ‬يحلو‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تفسد‭ ‬عقله،‭ ‬فالآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬يفضلون‭ ‬اصطحاب‭ ‬أولادهم‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬السينما‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬تطبيق‭ ‬“نتفلكس”‭. ‬

يذكر‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬نهضة‭ ‬ثقافية‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬السينما،‭ ‬إذ‭ ‬تعود‭ ‬أول‭ ‬سينما‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬العام‭ ‬1922‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬محمود‭ ‬الساعاتي،‭ ‬الذي‭ ‬أنشأ‭ ‬أول‭ ‬دار‭ ‬عرض‭ ‬سينمائي،‭ ‬وكانت‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬كوخ‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬ساحل‭ ‬البحر‭ ‬إلى‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬محاكم‭ ‬البحرين‭ ‬القديمة،‭ ‬ووضع‭ ‬بالكوخ‭ ‬30‭ ‬كرسيا‭ ‬ولوحة‭ ‬خشبية‭ ‬كبيرة‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬شاشة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تقبل‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬للسينما‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الآن‭. ‬وأول‭ ‬دار‭ ‬سينما‭ ‬وطنية‭ ‬كان‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬“مسرح‭ ‬البحرين”،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬عرض‭ ‬على‭ ‬شاشتها‭ ‬فيلم‭ ‬وداد‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭. ‬ويبقى‭ ‬للسينما‭ ‬رونق‭ ‬خاص‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬وسيلة‭ ‬أن‭ ‬تحل‭ ‬محله،‭ ‬فوجود‭ ‬الكراسي‭ ‬المريحة‭ ‬والشاشات‭ ‬الكبيرة‭ ‬والتأثيرات‭ ‬التي‭ ‬تصنعها‭ ‬مكبرات‭ ‬الصوت‭ ‬الضخمة‭ ‬المنتشرة‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬السينما،‭ ‬خصصت‭ ‬لتسحب‭ ‬الشخص‭ ‬إلى‭ ‬حيثما‭ ‬صنع‭ ‬الفيلم،‭ ‬حيث‭ ‬الشخصيات‭ ‬والأبطال‭ ‬والحروب‭ ‬والرومانسية،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنافسها‭ ‬السينما‭ ‬المنزلية‭ ‬والفشار‭ ‬الجاهز‭.‬