“جنون” سوق الانتقالات

| وكالات

فتحت‭ ‬صفقة‭ ‬البرازيلي‭ ‬نيمار‭ ‬إلى‭ ‬سان‭ ‬جيرمان‭ ‬بنحو‭ ‬220‭ ‬مليون‭ ‬يورو،‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬للأرقام‭ ‬الجنونية‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الكرة،‭ ‬خصوصا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بصفقات‭ ‬المهاجمين‭.‬

لكن‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬المدافعين‭ ‬نالهم‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬“الحب‭ ‬جانب”،‭ ‬فتعاقد‭ ‬بايرن‭ ‬ميونخ‭ ‬مع‭ ‬لاعب‭ ‬أتلتيكو‭ ‬مدريد،‭ ‬الفرنسي‭ ‬لوكاس‭ ‬هيرنانديز‭ ‬مقابل‭ ‬70‭ ‬مليون‭ ‬يورو،‭ ‬بينما‭ ‬ضم‭ ‬يوفنتوس‭ ‬الهولندي‭ ‬ماتياس‭ ‬دي‭ ‬ليخت‭ ‬مقابل‭ ‬85‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭.‬

والآن‭ ‬يجري‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬صفقة‭ ‬وشيكة‭ ‬لمانشستر‭ ‬يونايتد‭ ‬الإنجليزي،‭ ‬لضم‭ ‬هاري‭ ‬ماجواير‭ ‬بموجب‭ ‬عقد‭ ‬قد‭ ‬تتجاوز‭ ‬قيمته‭ ‬90‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭.‬

كلها‭ ‬أرقام‭ ‬خيالية‭ ‬دًفعت‭ ‬لضم‭ ‬مدافعين‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬وليس‭ ‬مهاجمين،‭ ‬فجنون‭ ‬الأرقام‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يجد‭ ‬له‭ ‬كابحا‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭.‬

وقبل‭ ‬17‭ ‬عاما‭ ‬ضرب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭ ‬أخماسا‭ ‬في‭ ‬أسداس؛‭ ‬بسبب‭ ‬40‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭ ‬“فقط”‭ ‬انتقل‭ ‬بموجبها‭ ‬ريو‭ ‬فيردناند‭ ‬من‭ ‬ليدز‭ ‬يونايتد‭ ‬إلى‭ ‬مانشستر‭ ‬يونايد،‭ ‬وكانت‭ ‬حينها‭ ‬الصفقة‭ ‬الأغلى‭ ‬والأكثر‭ ‬جدلا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الدوري‭ ‬الإنجليزي‭.‬

واليوم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬يتعجب‭ ‬مما‭ ‬يسمعه،‭ ‬بينما‭ ‬تتجه‭ ‬الأرقام‭ ‬نحو‭ ‬الأعلى‭ ‬بشكل‭ ‬متواصل‭.‬

السبب‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬يلعبه‭ ‬المدافعون،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الدفاع،‭ ‬فهذا‭ ‬الخط‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ثلاثيا‭ ‬أو‭ ‬رباعيا‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬المركز‭ ‬الخفي‭ ‬لتطوير‭ ‬اللعب،‭ ‬وإنما‭ ‬نقطة‭ ‬الانطلاقة‭ ‬الأولى‭.‬

فحسب‭ ‬موقع‭ ‬spielverlagerung.de‭ ‬الألماني‭ ‬المهتم‭ ‬بتحليل‭ ‬تقنيات‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬فإن‭ ‬“لاعبي‭ ‬قلب‭ ‬الدفاع‭ ‬أصبحوا‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يفتحون‭ ‬اللعب،‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬ينسقون‭ ‬إيقاع‭ ‬الدفاع‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬يحددون‭ ‬توقيت‭ ‬الضغط‭ ‬والهجمات‭ ‬المرتدة‭ ‬عبر‭ ‬تمريرات‭ ‬ذكية‭ ‬وعالية‭ ‬الدقة”‭.‬

اللاعب‭ ‬النموذج‭ ‬كان‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬جيروم‭ ‬بواتينج،‭ ‬مدافع‭ ‬المنتخب‭ ‬الألماني،‭ ‬قبل‭ ‬تراجع‭ ‬أدائه‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭.‬

فهذا‭ ‬كان‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬مع‭ ‬الماكينات‭ ‬في‭ ‬مونديال‭ ‬البرازيل‭ ‬2014‭ ‬والتي‭ ‬فازت‭ ‬فيه‭ ‬ألمانيا‭ ‬باللقب‭ ‬العالمي‭.‬

كذلك‭ ‬كانت‭ ‬مهمة‭ ‬زميله‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الدفاع‭ ‬ماتس‭ ‬هوميلز‭ ‬الذي‭ ‬انتقل‭ ‬حديثا‭ ‬من‭ ‬بايرن‭ ‬إلى‭ ‬دورتموند‭ ‬تاركا‭ ‬قيادة‭ ‬قلب‭ ‬الدفاع‭ ‬في‭ ‬البافاري‭ ‬إلى‭ ‬الشاب‭ ‬نيكلاس‭ ‬سولي‭ (‬23‭ ‬عاما‭).‬

الأخير‭ ‬كان‭ ‬أكبر‭ ‬المستفيدين‭ ‬من‭ ‬ذهاب‭ ‬هوملز،‭ ‬وهو‭ ‬يدرك‭ ‬بدوره‭ ‬واجباته‭ ‬الجديدة‭ ‬“إلى‭ ‬جانب‭ ‬حارس‭ ‬المرمى،‭ ‬نحن‭ ‬حجرة‭ ‬البناء‭ ‬الأولى‭ ‬لتطوير‭ ‬اللعب،‭ ‬إننا‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬التحرك‭ ‬الأخير‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬الكرة‭ ‬إلى‭ ‬حارس‭ ‬المرمى”،‭ ‬يقول‭ ‬سولي‭ ‬للصحافيين‭.‬

وأضاف‭ ‬“أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬وبدفاع‭ ‬مستقر،‭ ‬فرص‭ ‬الفوز‭ ‬بالألقاب‭ ‬أكبر‭ ‬وأقوى‭ ‬من‭ ‬فريق‭ ‬بمهاجمين‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬رفيع‭ ‬لكن‭ ‬شباكه‭ ‬تهتز‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬بهدفين”‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.‬

ومهما‭ ‬ارتفعت‭ ‬قيمة‭ ‬المدافعين‭ ‬التسويقية،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تتجاوز‭ ‬بالطبع‭ ‬قيمة‭ ‬المهاجمين،‭ ‬ولهذا‭ ‬تفسيره‭ ‬في‭ ‬منطق‭ ‬السوق‭.‬

فسحر‭ ‬الأهداف‭ ‬والمراوغة‭ ‬فنون‭ ‬يتقنها‭ ‬المهاجمون‭ ‬وبها‭ ‬يصنعون‭ ‬الفارق‭ ‬ويسيطرون‭ ‬على‭ ‬قلوب‭ ‬المشاهدين،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يزداد‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬قمصانهم‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بهم،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يسعى‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬رعاة‭ ‬الأندية‭.‬