الاستثمار في التعليم يستهدف القيم

عبدالله الحواج: المستحيل اليوم... ممكن غدا

المنامة‭ ‬كانت‭ ‬ومازالت‭ ‬تعج‭ ‬بالحضارات‭ ‬والثقافات رحيل‭ ‬أمي‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬من‭ ‬عمري‭ ‬كان‭ ‬فاجعة المحرق‭ ‬كانت‭ ‬كحبيبات‭ ‬الفسيفساء‭ ‬الأندلسي عملت‭ ‬أولا‭ ‬بمكتب‭ ‬الإحصاء‭  ‬التابع‭ ‬لـ“المالية”‭ ‬آنذاك درست‭ ‬بكلية‭ ‬العلوم‭ ‬قسم‭ ‬الرياضيات‭ ‬في‭ ‬“الكويت” منح‭  ‬الدكتوراه‭ ‬الفخرية‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬من‭ ‬“بروينل”‭ ‬البريطانية‭ ‬ التحقت‭ ‬بـ‭ ‬“الهداية‭ ‬الخليفية”‭ ‬أول‭ ‬مدرسة‭ ‬في‭ ‬البحرين تم‭ ‬اختياري‭ ‬عضوا‭ ‬باللجنة‭ ‬العليا‭ ‬للميثاق‭ ‬الوطني

 

يؤمن‭ ‬ضيفنا‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مستحيل‭ ‬اليوم‭ ‬سيكون‭ ‬ممكنًا‭ ‬في‭ ‬الغد‭.. ‬إنه‭ ‬مؤسس‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬أمنائها‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬جمعية‭ ‬الطفولة‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬مجموعة‭ ‬يوسف‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬وأولاده،‭ ‬عبدالله‭ ‬الحواج،‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬أخيرا‭ ‬على‭ ‬الدكتوراه‭ ‬الفخرية‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬بروينل‭ ‬البريطانية‭ ‬العريقة‭. ‬“البلاد”‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬شرف‭ ‬لقائه‭ ‬ومحاورته‭ ‬لسبر‭ ‬أغوار‭ ‬نجاحه‭...‬

حدثنا‭ ‬عن‭ ‬النشأة‭ ‬والطفولة‭ ‬والتعليم؟

الميلاد‭ ‬والنشأة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬المنامة‭ ‬العميقة،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تشتهر‭ ‬آنذاك‭ ‬بدبيبها‭ ‬التجاري،‭ ‬وحالتها‭ ‬الإنسانية‭ ‬الخالصة،‭ ‬ثقافات‭ ‬تعبر‭ ‬أو‭ ‬تستقر،‭ ‬حضارات‭ ‬تمر‭ ‬أو‭ ‬تؤثر،‭ ‬وشعوب‭ ‬تستريح‭ ‬أو‭ ‬تغادر،‭ ‬جميعها‭ ‬كانت‭ ‬سمات‭ ‬تتميز‭ ‬بها‭ ‬المنامة‭ ‬في‭ ‬أربعينات‭ ‬وخمسينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬كان‭ ‬للنشأة‭ ‬أثر‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬والدي‭ ‬يمتلك‭ ‬محلًا‭ ‬لخياطة‭ ‬البشوت‭ ‬وكان‭ ‬يساعده‭ ‬آنذاك‭ ‬أخي‭ ‬الأكبر‭ ‬جواد‭.‬

لسوء‭ ‬الطالع‭ ‬انتقلت‭ ‬والدتي‭ (‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليها‭) ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬ربها‭ ‬وعمري‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬السابعة،‭ ‬شعرت‭ ‬بأن‭ ‬الأرض‭ ‬تجمدت‭ ‬من‭ ‬تحتي‭ ‬وعجلة‭ ‬الكون‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تستعد‭ ‬إلى‭ ‬الانطلاق‭ ‬بي‭ ‬كي‭ ‬أستقبل‭ ‬زخم‭ ‬الدنيا‭ ‬بحلوها‭ ‬ومرها‭ ‬قد‭ ‬وافاها‭ ‬الأجل‭ ‬المحتوم،‭ ‬نعم‭ ‬إن‭ ‬فراق‭ ‬الأم‭ ‬لا‭ ‬يضاهيه‭ ‬فراق،‭ ‬والوحدة‭ ‬الحقيقية‭ ‬واليتم‭ ‬الأليم‭ ‬لا‭ ‬تشعر‭ ‬به‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬فارقتنا‭ ‬أغلى‭ ‬وأعز‭ ‬الناس‭ ‬وهي‭ ‬الأم‭.‬

رغم‭ ‬ذلك،‭ ‬ورغم‭ ‬ضخامة‭ ‬المسؤولية‭ ‬المبكرة،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬لزاما‭ ‬عليّ‭ ‬أن‭ ‬أتحملها‭ ‬وحدي،‭ ‬وكان‭ ‬مفروضًا‭ ‬عليَّ‭ ‬أن‭ ‬أواجه‭ ‬حتى‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحياة‭ ‬الصغيرة‭ ‬بوعي‭ ‬مبكر،‭ ‬وإدراك‭ ‬فطري‭ ‬ظننته‭ ‬مقتصرًا‭ ‬على‭ ‬حضن‭ ‬أمي،‭ ‬كان‭ ‬والدي‭ ‬الحاج‭ ‬يوسف‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬الحواج‭ (‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليه‭) ‬سندًا‭ ‬وعضدًا،‭ ‬إذ‭ ‬قام‭ ‬بدور‭ ‬الأب‭ ‬والأم‭ ‬لي‭ ‬ولإخوتي،‭ ‬ولم‭ ‬يُقصر‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الرعاية‭ ‬الكاملة‭ ‬لنا‭.‬

زخم‭ ‬خليجي‭ ‬عربي‭ ‬بـ‭ ‬“الهداية”

وبالفعل،‭ ‬بعد‭ ‬انتقال‭ ‬العائلة‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬المحرق‭ ‬العريقة،‭ ‬حيث‭ ‬ترعرت‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬بحرينية‭ ‬خالصة،‭ ‬الأبواب‭ ‬المفتوحة،‭ ‬البيوت‭ ‬التي‭ ‬تكتسب‭ ‬صبغة‭ ‬عربية‭ ‬أصيلة،‭ ‬والفرجان‭ ‬الملتصقة‭ ‬بجوار‭ ‬بعضها‭ ‬في‭ ‬تناغم‭ ‬عمراني‭ ‬بديع‭ ‬كأنها‭ ‬حبيبات‭ ‬الفسيفساء‭ ‬الأندلسي‭ ‬المدهشة،‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأثناء‭ ‬التحقت‭ ‬بمدرسة‭ ‬الهداية‭ ‬الخليفية‭ ‬أول‭ ‬مدرسة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬بدت‭ ‬وكأنها‭ ‬الشرق‭ ‬العربي‭ ‬بأسره،‭ ‬زخم‭ ‬خليجي،‭ ‬تراث‭ ‬وطني،‭ ‬عادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬التاريخ‭ ‬البعيد،‭ ‬وأساتذة‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬ومصر‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬الفلسطيني‭.‬

وللحق‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬والدي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬كان‭ ‬معلمي‭ ‬الأول،‭ ‬إذ‭ ‬يقوم‭ ‬بتحضير‭ ‬ربما‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬لي‭ ‬ولإخوتي،‭ ‬يحثنا‭ ‬على‭ ‬الدراسة،‭ ‬يعلمنا‭ ‬كيف‭ ‬نجمع‭ ‬بين‭ ‬تحصيل‭ ‬العلوم‭ ‬والعمل‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظافرنا،‭ ‬تسألينني‭ ‬عن‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬التي‭ ‬التحقت‭ ‬بها،‭ ‬فمثلما‭ ‬أشرت‭ ‬إليك‭ ‬استمرت‭ ‬دراستي‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬الهداية‭ ‬الخليفية‭ ‬بالمحرق‭ ‬منذ‭ ‬المرحلة‭ ‬الابتدائية‭ ‬حتى‭ ‬أمضيت‭ ‬فيها‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية؛‭ ‬لكي‭ ‬التحق‭ ‬بكلية‭ ‬العلوم‭ ‬قسم‭ ‬الرياضيات‭ ‬بجامعة‭ ‬الكويت‭ ‬التي‭ ‬قضيت‭ ‬فيها‭ ‬أجمل‭ ‬أيام‭ ‬حياتي‭.‬

فور‭ ‬تخرجي‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬عدت‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬والتحقت‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬مكتب‭ ‬الإحصاء‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتبع‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬آنذاك،‭ ‬وعملت‭ ‬مراقبًا‭ ‬للمكتب‭ ‬ثم‭ ‬قائم‭ ‬بأعمال‭ ‬المدير‭ ‬لمدة‭ ‬سنة‭ ‬حافلة،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬تُعد‭ ‬العُدة‭ ‬لإجراء‭ ‬أول‭ ‬انتخابات‭ ‬نيابية‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬العام‭ ‬1973،‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأثناء‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬استكمل‭ ‬دراستي‭ ‬العليا‭ ‬مقتنعًا‭ ‬بأن‭ ‬البكالوريوس‭ ‬وحده‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬وأن‭ ‬بحر‭ ‬العلوم‭ ‬أعمق،‭ ‬وأن‭ ‬البلاد‭ ‬تحتاج‭ ‬لمن‭ ‬يسبحون‭ ‬فيه‭ ‬بكل‭ ‬مهارة‭ ‬واقتدار‭ ‬حتى‭ ‬ينتقلوا‭ ‬وينقلوا‭ ‬عالمهم‭ ‬الضيق‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬آخر‭ ‬أكثر‭ ‬اتساعًا‭.‬

من‭ ‬محاسن‭ ‬الصدف

من‭ ‬طرائف‭ ‬الصدف‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬حزمت‭ ‬أمتعتي‭ ‬وشددت‭ ‬الرحال‭ ‬مسافرًا‭ ‬إلى‭ ‬بريطانيا،‭ ‬فإذا‭ ‬بي‭ ‬أهبط‭ ‬مطار‭ ‬هيثرو‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬يوم‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الموافق‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬رمضان،‭ ‬العام‭ ‬1973،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يصادف‭ ‬يوم‭ ‬انطلاق‭ ‬الحرب‭ ‬العربية‭ ‬ضد‭ ‬العدو‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬كنت‭ ‬حريصًا‭ ‬على‭ ‬المواظبة‭ ‬لتلقي‭ ‬العلوم‭ ‬الحديثة‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬مانشستر‭ ‬البريطانية،‭ ‬والتي‭ ‬حصلت‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬علوم‭ ‬الرياضيات‭ ‬التطبيقية‭ ‬العام‭ ‬1974،‭ ‬ثم‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬ذاتها‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الرياضية‭ ‬العام‭ ‬1980‭.‬

 

بتفصيل‭ ‬أكثر‭ ‬كيف‭ ‬كانت‭ ‬حياة‭ ‬الحواج‭ ‬في‭ ‬صباه‭ ‬بالتحديد‭ ‬على‭ ‬مقاعد‭ ‬الدراسة؟

حياتي‭ ‬المبكرة‭ ‬كانت‭ ‬خليطًا‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬والاجتهاد‭ ‬في‭ ‬الدراسة،‭ ‬كنت‭ ‬متفوقًا‭ ‬في‭ ‬دراستي‭ ‬وكنت‭ ‬حريصًا‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬يؤثر‭ ‬عملي‭ ‬في‭ ‬المحل‭ ‬مع‭ ‬والدي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬تحصيلي‭ ‬العلمي،‭ ‬فكنت‭ ‬أصحو‭ ‬من‭ ‬النوم‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬الباكر؛‭ ‬لكي‭ ‬أؤدي‭ ‬ما‭ ‬عليَّ‭ ‬من‭ ‬واجبات،‭ ‬ثم‭ ‬أذهب‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة،‭ ‬وبعد‭ ‬انتهاء‭ ‬اليوم‭ ‬الدراسي‭ ‬الطويل،‭ ‬أعود‭ ‬إلى‭ ‬محل‭ ‬والدي،‭ ‬حيث‭ ‬كنت‭ ‬أساعده‭ ‬في‭ ‬حياكة‭ ‬جزء‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬البشوت‭ ‬الأنيقة‭.‬

 

ولدت‭ ‬في‭ ‬عائلة‭ ‬تجارية،‭ ‬فكيف‭ ‬تحولت‭ ‬للمسار‭ ‬العلمي؟

منذ‭ ‬البداية‭ ‬كنت‭ ‬مؤمنًا‭ ‬بأن‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬التقدم‭ ‬وصناعة‭ ‬الحضارة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كوني‭ ‬منتميًا‭ ‬لأسرة‭ ‬تجارية‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬لدي‭ ‬طموح‭ ‬وشغف‭ ‬لخوض‭ ‬الصعاب‭ ‬وقبول‭ ‬التحدي،‭ ‬كنت‭ ‬ومازلت‭ ‬مؤمنًا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬صعاب‭ ‬لا‭ ‬يتعلم‭ ‬الإنسان‭ ‬ولا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬بديلًا‭ ‬دائمًا‭ ‬لواقع‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬غير‭ ‬مكتمل‭ ‬الأركان،‭ ‬الرغبة‭ ‬عندي‭ ‬والهدف‭ ‬أن‭ ‬أبحث‭ ‬طول‭ ‬الوقت‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬أفضل،‭ ‬عن‭ ‬سلوك‭ ‬أرقى،‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬وأيام‭ ‬أكثر‭ ‬جمالًا‭ ‬وإشراقًا‭.‬

لذا‭ ‬وبعيدًا‭ ‬أو‭ ‬قريبًا‭ ‬من‭ ‬انتمائي‭ ‬لأسرة‭ ‬تجارية،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬طموحاتي،‭ ‬فالرغبة‭ ‬في‭ ‬الاكتشاف‭ ‬كانت‭ ‬عارمة،‭ ‬والإرادة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬أرغب‭ ‬كانت‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬التحدي‭.‬

إذن‭ ‬حدثنا‭ ‬عن‭ ‬التوجه‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم؟

هذا‭ ‬حديث‭ ‬له‭ ‬شجون‭ ‬وربما‭ ‬تطرقت‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬حيث‭ ‬الكلام‭ ‬عن‭ ‬الاستثمار‭ ‬يعني‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬حساسة؛‭ ‬لأنها‭ ‬تمس‭ ‬قطاعا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬مهما‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬توظيف‭ ‬المدخرات‭ ‬في‭ ‬قنوات‭ ‬آمنة‭ ‬ومربحة،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬فإن‭ ‬الهدف‭ ‬التجاري‭ ‬أوالريعي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أبدًا‭ ‬بمثابة‭ ‬السبب‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬يقف‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬أو‭ ‬المستثمر‭ ‬لينادي‭ ‬بإنشاء‭ ‬مدرسة‭ ‬أو‭ ‬معهد‭ ‬أو‭ ‬جامعة‭ ‬خاصة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مركز‭ ‬بحثي‭.‬

المعروف‭ ‬أن‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬هدفه‭ ‬قيمي،‭ ‬وعندما‭ ‬شرعنا‭ ‬بدخول‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬كنت‭ ‬آنذاك‭ ‬أشغل‭ ‬منصب‭ ‬عميد‭ ‬القبول‭ ‬والتسجيل‭ ‬وعميد‭ ‬شؤون‭ ‬الطلبة‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين،‭ ‬ساعتها‭ ‬ارتأيت‭ ‬مع‭ ‬زملاء‭ ‬أكاديميين‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بكل‭ ‬شيء‭ ‬رغم‭ ‬التفكير‭ ‬الشمولي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬آنذاك‭. ‬فالامبراطورية‭ ‬الأميركية‭ ‬نشأت‭ ‬وترعرعت‭ ‬بفضل‭ ‬جامعات‭ ‬خاصة‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬السبق‭ ‬والريادة‭ ‬في‭ ‬الدفع‭ ‬بهذه‭ ‬الولايات‭ ‬مترامية‭ ‬الأطراف‭ ‬لاعتلاء‭ ‬قمة‭ ‬الحضارة،‭ ‬هذه‭ ‬الجامعات‭ ‬هي‭ ‬“هارفارد”‭ ‬و‭ ‬“ديوك”‭ ‬و‭ ‬“ستانفورد”‭ ‬ومعهد‭ ‬“إم‭.‬أي‭.‬تي”،‭ ‬و‭ ‬“برنستون”‭ ‬وغيرها،‭ ‬جميعها‭ ‬مثلما‭ ‬أشرت‭ ‬جامعات‭ ‬خاصة،‭ ‬وكان‭ ‬السؤال‭ ‬الكبير‭ ‬المطروح‭ ‬آنذاك،‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬استنساخ‭ ‬“هارفارد”‭ ‬و‭ ‬“ديوك”‭ ‬أو‭ ‬“ستانفوردط‭ ‬بحرينية؟‭ ‬أجبنا‭ ‬جميعًا‭: ‬ولم‭ ‬لا؟‭ ‬فنحن‭ ‬نمتلك‭ ‬الإرادة‭ ‬والتحدي،‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أمل‭ ‬آلاف‭ ‬الطلاب‭ ‬الذين‭ ‬يسافرون‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬يتلقون‭ ‬علومًا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬متولفرة‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬حينها،‭ ‬لذلك‭ ‬شرعنا‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬رغم‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تكتنف‭ ‬المشروع‭ ‬حينئذٍ،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفعنا‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬مشوار‭ ‬طويل‭ ‬تجاوز‭ ‬العشر‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مخرج‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬تأسيس‭ ‬جامعة‭ ‬خاصة‭ ‬هي‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬حتى‭ ‬تم‭ ‬اختياري‭ ‬بقرار‭ ‬ملكي‭ ‬عضوًا‭ ‬باللجنة‭ ‬العليا‭ ‬لميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬وممثلًا‭ ‬لقطاع‭ ‬التعليم،‭ ‬إذ‭ ‬تمكنت‭ ‬وزملائي‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬بند‭ ‬عند‭ ‬التصويت‭ ‬الشعبي‭ ‬عليه‭ ‬بإجماع‭ ‬98‭.‬4‭ % ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬بنود‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬الكبير‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك،‭ ‬هذا‭ ‬البند‭ ‬يسمح‭ ‬بتأسيس‭ ‬جامعات‭ ‬خاصة‭ ‬أو‭ ‬أهلية،‭ ‬وعلى‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجامعات‭ ‬منارات‭ ‬إشعاع‭ ‬حضاري‭ ‬وثقافي؛‭ ‬لنبدأ‭ ‬المسيرة‭.‬

 

تقلدت‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الشهادات‭ ‬الفخرية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬آخرها‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬برونيل‭ ‬البريطانية،‭ ‬حدثنا‭ ‬عنها؟

لنبدأ‭ ‬من‭ ‬الشهادة‭ ‬الفخرية‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬بروينل‭ ‬البريطانية‭ ‬العريقة‭ ‬وهي‭ ‬الدكتوراه‭ ‬الفخرية‭ ‬في‭ ‬العلوم‭.. ‬هذه‭ ‬الدرجة‭ ‬العلمية‭ ‬لا‭ ‬تُمنح‭ ‬حسب‭ ‬نظام‭ ‬الجامعة‭ ‬مثلما‭ ‬قرأتم‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬إلا‭ ‬للعلماء‭ ‬والمفكرين‭ ‬وأصحاب‭ ‬الإنجازات‭ ‬الاستثنائية‭. ‬نحن‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬جامعة‭ ‬برونيل‭ ‬شأنها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شأن‭ ‬الجامعات‭ ‬البريطانية‭ ‬العريقة‭ ‬الأخرى‭ ‬لا‭ ‬تمنح‭ ‬هذه‭ ‬الشهادات‭ ‬إلا‭ ‬لفئة‭ ‬أثبتت‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬الاستمرارية‭ ‬في‭ ‬العطاء،‭ ‬ومواصلة‭ ‬تقديم‭ ‬الإضافات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬لعالمها‭ ‬المعاصر،‭ ‬ووفقا‭ ‬لرؤية‭ ‬مجلس‭ ‬المستشارين‭ ‬بالجامعة‭ ‬البريطانية‭ ‬العريقة‭ ‬تقرر‭ ‬منحي‭ ‬هذه‭ ‬الشهادة‭ ‬التي‭ ‬أعتز‭ ‬وأفخر‭ ‬بأنها‭ ‬أعُطيت‭ ‬لبحريني‭ ‬يحب‭ ‬قيادته‭ ‬ويعشق‭ ‬وطنه‭ ‬ويؤمن‭ ‬برسالته‭ ‬الأكاديمية‭.‬

 

إذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك‭ ‬فكيف‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬التوفيق‭ ‬إذًا‭ ‬بين‭ ‬حياتك‭ ‬المهنية‭ ‬والشخصية؟

هذا‭ ‬سؤال‭ ‬مهم،‭ ‬ربما‭ ‬تجيب‭ ‬أسرتي‭ ‬عليه‭ ‬أفضل‭ ‬مني،‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يعانون،‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬يتأثرون،‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬يشكون‭ ‬من‭ ‬التهام‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬وقتي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إدارتي‭ ‬ومشاركاتي‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الشؤون‭ ‬العامة،‭ ‬سواء‭ ‬نائبا‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬جمعية‭ ‬الطفولة،‭ ‬أو‭ ‬كوني‭ ‬نائبًا‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬مجموعة‭ ‬يوسف‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬وأولاده،‭ ‬هذا‭ ‬سؤال‭ ‬كبير‭ ‬بجميع‭ ‬المقاييس،‭ ‬زوجتي‭ ‬وأبنائي‭ ‬مثلما‭ ‬أشرت‭ ‬إليك‭ ‬وربما‭ ‬أحفادي،‭ ‬ربما‭ ‬يكونون‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬مني‭ ‬على‭ ‬الإجابة‭ ‬والتفسير‭ ‬ورصد‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬الاستثنائية‭ ‬التي‭ ‬أشرك‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬أسرتي‭ ‬بهمومي‭ ‬منذ‭ ‬الساعات‭ ‬المبكرة‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬حتى‭ ‬الساعات‭ ‬المتأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل،‭ ‬لا‭ ‬فصل‭ ‬يا‭ ‬ابنتي‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬والبيت،‭ ‬كلاهما‭ ‬وجهان‭ ‬لعملة‭ ‬واحد،‭ ‬لذا‭ ‬فإنني‭ ‬لا‭ ‬أؤمن‭ ‬بالذين‭ ‬ينسون‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬البيت،‭ ‬أو‭ ‬البيت‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬فكلاهما‭ ‬يشكلان‭ ‬جسدا‭ ‬حيا‭ ‬يحاول‭ ‬التوفيق‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬بين‭ ‬همومه‭ ‬العملية‭ ‬ومسؤولياته‭ ‬العائلية‭.‬

 

وما‭ ‬التحدي‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثيرا‭ ‬عليك؟

أكذب‭ ‬لو‭ ‬قلت‭ ‬إن‭ ‬شيئًا‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬رحيل‭ ‬والدتي‭ ‬المبكر‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬ألقى‭ ‬بظلاله‭ ‬الكثيفة‭ ‬على‭ ‬مفصل‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬مفاصل‭ ‬حياتي،‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليها‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬لطفل‭ ‬في‭ ‬عمري،‭ ‬فقد‭ ‬وافتها‭ ‬المنية‭ ‬وأنا‭ ‬لم‭ ‬أتجاوز‭ ‬السابعة،‭ ‬كنت‭ ‬مثل‭ ‬غيري‭ ‬معتمدًا‭ ‬اعتمادًا‭ ‬كليًا‭ ‬عليها،‭ ‬فكانت‭ ‬مصدر‭ ‬الحنان‭ ‬والأمان‭ ‬للأسرة،‭ ‬وكانت‭ ‬نقطة‭ ‬الاتزان‭ ‬الضرورية‭ ‬لوالدي‭ (‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليهما‭) ‬وإخوتي،‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬رحيلها‭ (‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراها‭) ‬يمثل‭ ‬تحديًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬التحدي‭ ‬الأول‭ ‬أو‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬كيف‭ ‬أصل‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أحلم‭ ‬به،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬والدي‭ ‬ساعدني‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أصبو‭ ‬إليه‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬

في‭ ‬نظري‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬المستنير‭ ‬والمتميز،‭ ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬الجاد‭ ‬الدؤوب،‭ ‬فأنا‭ ‬من‭ ‬المؤمنين‭ ‬بضرورة‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يجمعنا‭ ‬وما‭ ‬يوحدنا‭ ‬وما‭ ‬يلم‭ ‬شتاتنا‭ ‬أو‭ ‬تشرذمنا،‭ ‬وما‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬تطلعاتنا‭ ‬وطموحاتنا،‭ ‬إن‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تكسرنا‭ ‬تقوي‭ ‬من‭ ‬عزيمتنا،‭ ‬والمخاطر‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنال‭ ‬تقودنا‭ ‬دائمًا‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭.‬

سألتني‭ ‬عن‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬كفكرة،‭ ‬وعن‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬عباءة‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬كمنهج‭ ‬أصيل‭ ‬في‭ ‬قياس‭ ‬أمور‭ ‬بناء‭ ‬الدول‭ ‬الحديثة،‭ ‬وهنا‭ ‬أستطيع‭ ‬التأكيد‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬أكبر‭ ‬تحد‭ ‬وأكبر‭ ‬أثر‭ ‬موضوعي‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬الانتساب‭ ‬للجامعة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬وهي‭ ‬جامعة‭ ‬حكومية‭ ‬“البحرين”،‭ ‬لكنني‭ ‬شعرت‭ ‬مثلما‭ ‬ألمحت‭ ‬إليك‭ ‬في‭ ‬مقام‭ ‬آخر‭ ‬أنه‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬توظيف‭ ‬كل‭ ‬الإمكانات،‭ ‬ألا‭ ‬تعتمد‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬إمكاناتنا‭ ‬أو‭ ‬مواردنا،‭ ‬وألا‭ ‬نكتفي‭ ‬بوضع‭ ‬أيدينا‭ ‬في‭ ‬جيب‭ ‬الحكومة‭ ‬طالبين‭ ‬منها‭ ‬المزيد‭ ‬كلما‭ ‬واجهنا‭ ‬مشكلة‭ ‬أو‭ ‬عرقلتنا‭ ‬فكرة‭ ‬جديرة،‭ ‬هنا‭ ‬قررت‭ ‬مع‭ ‬نخبة‭ ‬أكاديمية‭ ‬من‭ ‬زملائي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التنمية‭.‬

وما‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬في‭ ‬حياتك؟

‭- ‬شخصيات‭ ‬كثيرة‭ ‬وليست‭ ‬شخصية‭ ‬بعينها،‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الإسلامي‭ ‬والعربي‭ ‬لدينا‭ ‬من‭ ‬القامات‭ ‬والهامات‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬فيَّ،‭ ‬المأمون‭ ‬والرشيد‭ ‬مثلًا‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الذهبية‭ ‬للتنوير‭ ‬العربي،‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬الرواد‭ ‬أمثال‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬وعباس‭ ‬محمود‭ ‬العقاد‭ ‬وتوفيق‭ ‬الحكيم‭ ‬ونجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬ورفاعة‭ ‬الطهطاوي‭ ‬والإمام‭ ‬محمد‭ ‬عبده‭ ‬وجمال‭ ‬الدين‭ ‬الأفغاني‭ ‬وجمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬دعوته‭ ‬للعروبة‭ ‬أشبه‭ ‬بمشروع‭ ‬إنقاذ‭ ‬لم‭ ‬تُكتب‭ ‬له‭ ‬النجاة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

 

وما‭ ‬أثر‭ ‬الوالد‭ ‬على‭ ‬شخصيتك؟

أرى‭ ‬والدي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬قريبًا‭ ‬بحياتي،‭ ‬أتذكر‭ ‬دبيب‭ ‬عصاه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أرجاء‭ ‬“البيت‭ ‬العود”،‭ ‬وأتحسس‭ ‬بصماته‭ ‬المحفورة‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬تصرفاتي‭ ‬العفوية‭ ‬التي‭ ‬ورثتها‭ ‬منه،‭ ‬منذ‭ ‬تحملتُ‭ ‬المسؤولية‭ ‬كاملة‭ ‬أنا‭ ‬وإخوتي‭ ‬ونحن‭ ‬مازلنا‭ ‬نخطو‭ ‬الخطوات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حياتنا،‭ ‬تأثيره‭ ‬كبير‭ ‬علينا،‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬أهم‭ ‬الجوانب‭ ‬في‭ ‬شخوصنا‭ ‬كانت‭ ‬مبهرة،‭ ‬هو‭ ‬تقريبًا‭ ‬المعلم‭ ‬الأول‭ ‬والأجدر‭ ‬والأكثر‭ ‬إيمانًا‭ ‬بنا‭.‬

 

حكمتك‭ ‬المفضلة؟

ما‭ ‬هو‭ ‬مستحيل‭ ‬اليوم‭ ‬ممكن‭ ‬في‭ ‬الغد‭.‬