مُوضة المستشارين الوافدين

| عباس العمران

انتشرت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬خلال‭ ‬حقبة‭ ‬زمنية‭ ‬سالفة‭ ‬موضة‭ ‬المستشارين‭ ‬الوافدين،‭ ‬من‭ ‬جنسيات‭ ‬عربية‭ ‬معينة،‭ ‬وكانت‭ ‬المهمات‭ ‬الرئيسية‭ ‬لهذه‭ ‬الوظيفة‭ ‬الجديدة‭ ‬تتلخصُ‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬هؤلاء‭ ‬المستشارون‭ ‬مبررات‭ ‬ومخارج‭ ‬قانونية‭ ‬أو‭ ‬إدارية‭ ‬لبعض‭ ‬القرارات‭ ‬للمسؤول،‭ ‬والحقيقة‭ ‬تُقال‭ ‬كانوا‭ ‬مجتهدين‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬ومحترفين‭.‬

كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لدينا‭ ‬أعداد‭ ‬كافية‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬القانونيين‭ ‬في‭ ‬بلداننا‭ ‬الخليجية،‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬توظيفهم‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ ‬“مقبولا”،‭ ‬لكن‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬التسعينات‭ ‬تزايدت‭ ‬أعداد‭ ‬الخريجين‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ابتعثت‭ ‬حكوماتنا‭ ‬الطلبة‭ ‬والطالبات‭ ‬بكثرة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬التخصصات‭ ‬وخصوصاً‭ ‬القانونية‭ ‬منها‭ ‬وفي‭ ‬أفضل‭ ‬الجامعات،‭ ‬وهنا‭ ‬انتفت‭ ‬الحاجة‭ ‬للوافدين‭ ‬وأصبحت‭ ‬لدينا‭ ‬طاقات‭ ‬وطنية‭ ‬شابة‭ ‬متمكنة‭ ‬لشغر‭ ‬هذه‭ ‬الوظائف‭ ‬الاستشارية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭.‬

وقامت‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬ودولة‭ ‬الكويت‭ ‬وسلطنة‭ ‬عمان‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بإعداد‭ ‬مواطنين‭ ‬شباب‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬ابتعثاهم‭ ‬لمختلف‭ ‬الجامعات‭ ‬العريقة‭ ‬في‭ ‬تخصصات‭ ‬حديثة،‭ ‬بحيث‭ ‬تُركز‭ ‬هذه‭ ‬التخصصات‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬التطوير‭ ‬والتحديث‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬حيث‭ ‬يجلسون‭ ‬على‭ ‬مقاعد‭ ‬دراسية‭ ‬مستمعين‭ ‬إلى‭ ‬علماء‭ ‬أبهروا‭ ‬البشرية‭ ‬بمؤلفاتهم‭ ‬ونظرياتهم‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الإدارة‭ ‬والتنظيم‭ ‬المؤسساتي،‭ ‬وهذا‭ ‬يختلف‭ ‬تماماً‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬تعلمه‭ ‬بعض‭ ‬المستشارين‭ ‬الوافدين‭ ‬الذين‭ ‬قضوا‭ ‬حياتهم‭ ‬الجامعية‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬الحيل‭ ‬الإدارية‭ ‬ومخارجها‭ ‬القانونية‭ ‬عوضاً‭ ‬عن‭ ‬التطوير‭ ‬والتحديث‭.‬

من‭ ‬الواجب‭ ‬أن‭ ‬نذكر‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬برنامج‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬للكوادر‭ ‬الوطنية‭ ‬الذي‭ ‬يحظى‭ ‬بمتابعة‭ ‬دقيقة‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمين‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬تم‭ ‬تصميمه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحلال‭ ‬الكفاءات‭ ‬الوطنية‭ ‬بعد‭ ‬تدريبها‭ ‬في‭ ‬وظائف‭ ‬قيادية‭ ‬لعل‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬الوظائف‭ ‬الاستشارية‭ ‬التي‭ ‬يشغلها‭ ‬“المستشارون‭ ‬الوافدون”‭.‬

 

كم‭ ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬قريباً‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬لإحلال‭ ‬الكفاءات‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الوظائف‭ ‬ويصبح‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬عام‭ ‬إحلال‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الوظائف‭ ‬الاستشارية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬“الموضة”‭ ‬البالية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تنفعنا‭ ‬أبداً،‭ ‬لأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬منتهية‭ ‬الصلاحية‭ ‬ولا‭ ‬تُواكب‭ ‬طموح‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬التطوير‭ ‬والتحديث‭ ‬الذي‭ ‬يسير‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭.‬