تخلّفت عن حضور زواج بالسودان في 2015

إلزام شركة طيران بـ2000 دينار لمسافرة

| عباس إبراهيم

قالت‭ ‬المحامية‭ ‬فوزية‭ ‬جناحي‭ ‬إن‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬المدنية‭ ‬الاستئنافية‭ ‬ألزمت‭ ‬شركة‭ ‬طيران‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬تعويضًا‭ ‬لصالح‭ ‬موكلتها‭ ‬بمبلغ‭ ‬2000‭ ‬دينار؛‭ ‬لتخلف‭ ‬موكلتها‭ ‬عن‭ ‬حضور‭ ‬حفل‭ ‬زواج‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬السودانية‭ ‬الخرطوم‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2015،‭ ‬إذ‭ ‬ادعت‭ ‬الشركة‭ ‬الناقلة‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الركاب‭ ‬في‭ ‬الرحلة‭ ‬قد‭ ‬اكتمل‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المدعية‭ ‬حجزت‭ ‬بتاريخ‭ ‬السفر‭ ‬وأكدت‭ ‬حجزها‭ ‬للمقعد،‭ ‬مؤكدة‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬حكمها‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬تنفيذ‭ ‬المدين‭ ‬لالتزامه‭ ‬التعاقدي‭ ‬خطأ‭ ‬يرتّب‭ ‬المسؤولية‭ ‬ولا‭ ‬ترفع‭ ‬إلا‭ ‬بإثبات‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬التنفيذ‭ ‬يرجع‭ ‬لقوة‭ ‬قاهرة‭ ‬أو‭ ‬بخطأ‭ ‬المتعاقد‭ ‬الآخر‭.‬

‭ ‬وأفادت‭ ‬أن‭ ‬وقائع‭ ‬الدعوى‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تداولها‭ ‬أمام‭ ‬درجتي‭ ‬التقاضي‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬4‭ ‬سنوات،‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬موكلتها‭ ‬قامت‭ ‬بشراء‭ ‬تذكرة‭ ‬سفر‭ ‬“البحرين‭ ‬–‭ ‬الخرطوم‭ ‬–‭ ‬البحرين”‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬الطيران‭ ‬المدعى‭ ‬عليها،‭ ‬وذلك‭ ‬لحضور‭ ‬مناسبة‭ ‬عائلية‭ ‬مهمة‭ ‬وهي‭ ‬حفل‭ ‬زواج،‭ ‬وتم‭ ‬تأكيد‭ ‬الحجز‭ ‬عبر‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬للشركة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تفاجأت‭ ‬في‭ ‬المطار‭ ‬بإلغاء‭ ‬حجزها‭ ‬بدون‭ ‬سابق‭ ‬إنذار،‭ ‬إذ‭ ‬أوضح‭ ‬لها‭ ‬الموظف‭ ‬في‭ ‬المطار‭ ‬أن‭ ‬الرحلة‭ ‬مكتملة‭ ‬العدد،‭ ‬وليس‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الشركة‭ ‬قامت‭ ‬بتأخير‭ ‬سفرها‭ ‬لمدة‭ ‬يوم‭ ‬كامل‭ ‬لتسافر‭ ‬بتاريخ‭ ‬2‭ ‬يونيو‭ ‬2015‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬1‭ ‬يونيو‭ ‬2015،‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬ضياع‭ ‬فرصتها‭ ‬بالحضور‭ ‬لحفل‭ ‬الزواج‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬بصدد‭ ‬السفر‭ ‬بسببه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ألحق‭ ‬بها‭ ‬ضررًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬نتيجة‭ ‬الخطأ‭ ‬المتعمد،‭ ‬فتقدمت‭ ‬بالدعوى‭ ‬مطالبة‭ ‬إلزام‭ ‬الشركة‭ ‬بالتعويض‭ ‬عن‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬أصابها‭ ‬بمبلغ‭ ‬3000‭ ‬دينار‭ ‬والرسوم‭ ‬والمصاريف‭ ‬ومقابل‭ ‬أتعاب‭ ‬المحاماة‭ ‬مع‭ ‬احتساب‭ ‬فائدة‭ ‬قانونية‭ ‬10‭ % ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬رفع‭ ‬الدعوى‭ ‬وحتى‭ ‬تمام‭ ‬السداد‭.‬

‭ ‬وخلال‭ ‬نظر‭ ‬الدعوى‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬أول‭ ‬درجة،‭ ‬وبعدما‭ ‬أمرت‭ ‬المحكمة‭ ‬بإحالة‭ ‬الدعوى‭ ‬للتحقيق‭ ‬والاستماع‭ ‬للشهود،‭ ‬انتهت‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬حكمها‭ ‬الذي‭ ‬نصت‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المادة‭ (‬18‭) ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬وارسو‭ ‬قد‭ ‬نصت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬“يكون‭ ‬الناقل‭ ‬مسؤولا‭ ‬عن‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬ينشأ‭ ‬عن‭ ‬التأخير‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬الركاب‭ ‬والأمتعة‭ ‬والبضائع‭ ‬بطريق‭ ‬الجو”،‭ ‬وأن‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ (‬158‭) ‬من‭ ‬القانون‭ ‬المدني‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬“كل‭ ‬خطأ‭ ‬سبب‭ ‬ضررًا‭ ‬للغير‭ ‬يلزم‭ ‬من‭ ‬أحدثه‭ ‬بتعويضه”،‭ ‬وبالرجوع‭ ‬إلى‭ ‬البيانات‭ ‬المقدمة‭ ‬من‭ ‬المدعية‭ ‬يثبت‭ ‬للمحكمة‭ ‬أن‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬تعويض‭ ‬المدعية‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬الأضرار‭ ‬الناجمة‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬حدوث‭ ‬هذا‭ ‬الخطأ‭.‬

كما‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ (‬162‭/‬‏1-ب‭) ‬من‭ ‬القانون‭ ‬المدني‭ ‬ورد‭ ‬فيها‭ ‬أنه‭ ‬“يتناول‭ ‬التعويض‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬غير‭ ‬المشروع،‭ ‬الضرر‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬أدبيًّا،‭ ‬ويشمل‭ ‬الضرر‭ ‬الأدبي‭ ‬على‭ ‬الأخص‭ ‬ما‭ ‬يلحق‭ ‬الشخص‭ ‬من‭ ‬أذى‭ ‬جسماني‭ ‬أو‭ ‬نفسي‭ ‬نتيجة‭ ‬المساس‭ ‬بحياته‭ ‬أو‭ ‬بجسمه‭ ‬أو‭ ‬بحريته‭ ‬أو‭ ‬بعرضه‭ ‬أو‭ ‬بشرفه‭ ‬أو‭ ‬بسمعته‭ ‬أو‭ ‬بمركزه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أو‭ ‬الأدبي‭ ‬أو‭ ‬باعتباره‭ ‬المالي‭. ‬كما‭ ‬يشمل‭ ‬الضرر‭ ‬الأدبي‭ ‬كذلك‭ ‬ما‭ ‬يشعره‭ ‬الشخص‭ ‬من‭ ‬الحزن‭ ‬والأسى”،‭ ‬وقررت‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬ثبت‭ ‬للمحكمة‭ ‬وقوع‭ ‬الضرر‭ ‬نتيجة‭ ‬الخطأ‭ ‬المرتكب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المدعى‭ ‬عليها‭.‬

وفي‭ ‬مارس‭ ‬2016‭ ‬حكمت‭ ‬المحكمة‭ ‬بإلزام‭ ‬الشركة‭ ‬بأن‭ ‬تؤدي‭ ‬للمدعية‭ ‬مبلغ‭ ‬وقدره‭ ‬2000‭ ‬دينار‭ ‬والمناسب‭ ‬من‭ ‬المصاريف‭ ‬والرسوم‭ ‬وأتعاب‭ ‬المحاماة‭.‬

لكن‭ ‬الشركة‭ ‬لم‭ ‬تقبل‭ ‬بهذا‭ ‬الحكم‭ ‬فطعنت‭ ‬عليه‭ ‬بالاستئناف‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2016،‭ ‬وقالت‭ ‬إن‭ ‬الواقعة‭ ‬يحكمها‭ ‬تنظيم‭ ‬الطيران‭ ‬المدني‭ ‬رقم‭ (‬14‭) ‬لسنة‭ ‬2013‭ ‬ولائحته‭ ‬التنفيذية‭ ‬التي‭ ‬أعطت‭ ‬الشركة‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياسة‭ ‬الحجز‭ ‬الفائض‭ ‬على‭ ‬رحلاتها،‭ ‬وقالت‭ ‬إنها‭ ‬التزمت‭ ‬بما‭ ‬جاء‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬تدابير‭ ‬وإجراءات‭ ‬لتعويض‭ ‬المستأنفة‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬عرضين،‭ ‬الأول‭ ‬بمبلغ‭ ‬300‭ ‬دولار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬للحجز‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الشركة‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الفنادق،‭ ‬والثاني‭ ‬هو‭ ‬توفير‭ ‬مقعد‭ ‬على‭ ‬رحلة‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬مع‭ ‬ترقية‭ ‬درجة‭ ‬السفر‭ ‬من‭ ‬الاقتصادية‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قبلت‭ ‬به‭ ‬المستأنف‭ ‬ضدها،‭ ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬التعويض‭ ‬المناسب،‭ ‬وطلبت‭ ‬الشركة‭ ‬إلغاء‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭ ‬والقضاء‭ ‬مجددا‭ ‬برفض‭ ‬الدعوى‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬الكبرى‭ ‬المدنية‭ ‬أصدرت‭ ‬حكمها‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬والتي‭ ‬ذكرت‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬قضت‭ ‬بأن‭ ‬“عدم‭ ‬تنفيذ‭ ‬المدين‭ ‬لالتزامه‭ ‬التعاقدي‭ ‬خطأ‭ ‬يرتب‭ ‬المسؤولية‭.. ‬ويكفي‭ ‬لقيام‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬المسؤولية‭ ‬العقدية‭ ‬ثبوت‭ ‬عدم‭ ‬تنفيذ‭ ‬المتعاقد‭ ‬لالتزاماته‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬العقد‭ ‬ولا‭ ‬ترفع‭ ‬عنه‭ ‬المسؤولية‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬قام‭ ‬هو‭ ‬بإثبات‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬التنفيذ‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬قاهرة‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬أجنبي‭ ‬أو‭ ‬بخطأ‭ ‬المتعاقد‭ ‬الآخر”‭.‬

‭ ‬ولما‭ ‬كانت‭ ‬البحرين‭ ‬قد‭ ‬انضمت‭ ‬لاتفاقية‭ ‬مونتريال‭ ‬للطيران‭ ‬المدني‭ ‬الدولي‭ ‬فقد‭ ‬أضحت‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬القوانين‭ ‬المحلية،‭ ‬بل‭ ‬تعلوها،‭ ‬وقد‭ ‬انتهت‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬توافر‭ ‬أركان‭ ‬المسؤولية‭ ‬العقدية‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬المستأنفة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تكون‭ ‬ملزمة‭ ‬بتعويض‭ ‬المستأنف‭ ‬ضدها،‭ ‬وتحكم‭ ‬المحكمة‭ ‬بقبول‭ ‬الاستئناف‭ ‬شكلاً،‭ ‬وفي‭ ‬الموضوع‭ ‬برفضه‭ ‬وتأييد‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭.‬