مجاهدو “خلق” في مواجهة نظام الملالي (1)

| حسونة المصباحي

كان‭ ‬لمنظمة‭ ‬“مجاهدي‭ ‬خلق”‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬مثقفون‭ ‬إيرانيون‭ ‬عام‭ ‬1965،‭ ‬دور‭ ‬حاسم‭ ‬في‭ ‬الإطاحة‭ ‬بنظام‭ ‬الشاه‭ ‬في‭ ‬شتاء‭ ‬عام‭ ‬1978‭. ‬وفي‭ ‬البداية‭ ‬سعى‭ ‬الخميني‭ ‬لوضع‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬الثورية‭ ‬التي‭ ‬جل‭ ‬قادتها‭ ‬وعناصرها‭ ‬من‭ ‬الشابات‭ ‬والشبان‭ ‬تحت‭ ‬وصايته‭ ‬لخدمة‭ ‬أغراضه،‭ ‬فلما‭ ‬رفضت‭ ‬ذلك،‭ ‬أصدر‭ ‬أوامره‭ ‬بهدف‭ ‬تصفيتها،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬قادتها‭ ‬وكوادرها،‭ ‬وفي‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة،‭ ‬وذلك‭ ‬بين‭ ‬عام‭ ‬1980‭ ‬وعام‭ ‬1981،‭ ‬أعدم‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬1200‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬عناصر‭ ‬المنظمة،‭ ‬وبسبب‭ ‬القمع‭ ‬الوحشي‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له،‭ ‬وجدت‭ ‬المنظمة‭ ‬نفسها‭ ‬مجبرة‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬قيادتها‭ ‬خارج‭ ‬إيران،‭ ‬وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬نظام‭ ‬صدام‭ ‬حسين،‭ ‬شنت‭ ‬المنظمة‭ ‬هجمات‭ ‬عسكرية‭ ‬على‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬لتكبده‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭ ‬في‭ ‬العتاد‭ ‬والأرواح‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭.‬

وبعد‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬صدام‭ ‬حسين،‭ ‬نجح‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬“شيطنة”‭ ‬منظمة‭ ‬“مجاهدي‭ ‬خلق”‭ ‬زاعما‭ ‬أنها‭ ‬منظمة‭ ‬“إرهابية”‭ ‬و”طائفية”،‭ ‬وكان‭ ‬على‭ ‬المنظمة‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬الفترات‭ ‬في‭ ‬مسيرتها‭ ‬النضالية‭ ‬المجيدة،‭ ‬وقد‭ ‬استغل‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬ذلك‭ ‬الوضع‭ ‬ليرتكب‭ ‬مجازر‭ ‬فظيعة‭ ‬ذهب‭ ‬ضحيتها‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬مناضلي‭ ‬المنظمة‭ ‬المتمركزة‭ ‬في‭ ‬معسكر‭ ‬“ليبرتي”‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬العراق‭. ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬حافظت‭ ‬قيادة‭ ‬المنظمة‭ ‬على‭ ‬معنوياتها،‭ ‬رافضة‭ ‬الرضوخ‭ ‬والاستسلام،‭ ‬وفي‭ ‬ظرف‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة،‭ ‬أسقطت‭ ‬التهم‭ ‬الموجهة‭ ‬إليها،‭ ‬خصوصا‭ ‬تهمة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬لتحصل‭ ‬على‭ ‬تأييد‭ ‬ودعم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬والشخصيات‭ ‬السياسية‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية،‭ ‬ودول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬أقامت‭ ‬المنظمة‭ ‬مدينة‭ ‬صغيرة‭ ‬قرب‭ ‬العاصمة‭ ‬الألبانية‭ ‬تيرانا‭ ‬أطلقت‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬المناضلة‭ ‬الشهيدة‭ ‬“أشرف”‭ ‬التي‭ ‬قتلت‭ ‬خلال‭ ‬مواجهة‭ ‬مع‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬الإيرانية‭ ‬–‭ ‬العراقية،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬الجميلة،‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬هضاب‭ ‬خضراء،‭ ‬يمكن‭ ‬للزائر‭ ‬أن‭ ‬يتعرف‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬مراحل‭ ‬المسيرة‭ ‬النضالية‭ ‬للمنظمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬متحف‭ ‬ضخم‭ ‬فيه‭ ‬تعرض‭ ‬صور‭ ‬ووثائق‭ ‬تخليدا‭ ‬لذكرى‭ ‬من‭ ‬دفعوا‭ ‬حياتهم‭ ‬ثمنا‭ ‬للحرية‭ ‬ورفض‭ ‬الاستبداد‭ ‬والطغيان‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬البغيض،‭ ‬كما‭ ‬يفضح‭ ‬هذا‭ ‬المتحف‭ ‬الوسائل‭ ‬والأساليب‭ ‬الوحشية‭ ‬التي‭ ‬يتقن‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬استعمالها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬حركات‭ ‬المقاومة‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬أم‭ ‬خارجها‭.‬

والملفت‭ ‬للانتباه‭ ‬أن‭ ‬المتحف‭ ‬يضمّ‭ ‬أيضا‭ ‬صورا‭ ‬لقادة‭ ‬وطنيين‭ ‬بارزين‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬“إيلاف”‭.‬