“التأمينات” رفضت تسجيله وطعنت بمخالفة الحكم للدستور والقانون

بعد 20 عامًا.. معلم يكتشف أن عقده لم يحسب ضمن الخدمة

| عباس إبراهيم

أفادت‭ ‬المحامية‭ ‬ندى‭ ‬الرياشي‭ ‬أن‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬العليا‭ ‬المدنية‭ ‬الثانية‭ ‬قضت‭ ‬برفض‭ ‬استئناف‭ ‬تقدمت‭ ‬به‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ضد‭ ‬معلم‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬“45‭ ‬عامًا”،‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬امتنعت‭ ‬الهيئة‭ ‬عن‭ ‬تسجيل‭ ‬فترة‭ ‬عمله‭ ‬كمؤقت‭ ‬لدى‭ ‬الوزارة‭ ‬خلال‭ ‬عامي‭ ‬1997‭ ‬و1999‭ ‬بدعوى‭ ‬أن‭ ‬الحكم‭ ‬بتسجيله‭ ‬خالف‭ ‬الدستور‭ ‬والقانون‭ ‬مدعية‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬القديم‭ ‬لا‭ ‬يطبق‭ ‬بأثر‭ ‬رجعي‭ ‬بشأن‭ ‬ممن‭ ‬لديهم‭ ‬عقوبة‭ ‬مؤقتة‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬لاحتساب‭ ‬مدة‭ ‬خدمتهم‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬التقاعد،‭ ‬لكن‭ ‬المحكمة‭ ‬قرّرت‭ ‬في‭ ‬حكمها‭ ‬بأنهم‭ ‬خاضعون‭ ‬لقانون‭ ‬التأمينات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وأيدت‭ ‬إلزام‭ ‬الهيئة‭ ‬بتسجيل‭ ‬المعلم‭ -‬المستأنف‭ ‬ضده‭- ‬واحتساب‭ ‬فترة‭ ‬عمله‭ ‬السابقة‭ ‬ضمن‭ ‬مدة‭ ‬خدمته‭.‬

‭ ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬المستأنف‭ ‬ضده‭ ‬أقام‭ ‬الدعوى‭ ‬طالبًا‭ ‬في‭ ‬ختامها‭ ‬الحكم‭ ‬بإلزام‭ ‬المستأنفة‭ -‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمين‭ ‬الاجتماعي‭- ‬باحتساب‭ ‬مدة‭ ‬عمله‭ ‬لدى‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬22‭ ‬نوفمبر‭ ‬1997‭ ‬حتى‭ ‬1‭ ‬يوليو‭ ‬1999‭ ‬وضمها‭ ‬لمدة‭ ‬خدمته‭ ‬وفقا‭ ‬للمرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬24‭) ‬لسنة‭ ‬1976‭.‬

والتي‭ ‬أوضحت‭ ‬موكلته‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬موكلها‭ ‬التحق‭ ‬بالعمل‭ ‬لدى‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بوظيفة‭ ‬مدرس‭ ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬22‭ ‬نوفمبر‭ ‬1997،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬تم‭ ‬التأمين‭ ‬عليه‭ ‬لدى‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمين‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وفي‭ ‬غضون‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬2017‭ -‬أي‭ ‬بعد‭ ‬20‭ ‬عامًا‭- ‬راجع‭ ‬الهيئة‭ ‬المذكورة‭ ‬لتزويده‭ ‬بمعلومات‭ ‬عن‭ ‬سن‭ ‬التقاعد‭ ‬ومستحقاته‭ ‬التقاعدية،‭ ‬لكنه‭ ‬فوجئ‭ ‬بعدم‭ ‬احتساب‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬22‭ ‬نوفمبر‭ ‬1997‭ ‬حتى‭ ‬1‭ ‬يوليو‭ ‬1999‭ ‬ضمن‭ ‬مدة‭ ‬خدمته؛‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬سداده‭ ‬الاشتراكات‭ ‬التأمينية‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الفترة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حدا‭ ‬به‭ ‬لإقامة‭ ‬دعواه‭ ‬بغية‭ ‬الحكم‭ ‬له‭ ‬بطلباته‭ ‬سالفة‭ ‬البيان‭.‬

وعلى‭ ‬إثر‭ ‬ذلك،‭ ‬قضت‭ ‬محكمة‭ ‬أول‭ ‬درجة‭ ‬أواخر‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬بإلزام‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬باحتساب‭ ‬مدة‭ ‬خدمة‭ ‬المدعي‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬المذكورة‭ ‬ضمن‭ ‬سنوات‭ ‬خدمته‭ ‬المحسوبة‭ ‬في‭ ‬التقاعد،‭ ‬وألزمتها‭ ‬بمصروفات‭ ‬الدعوى‭.‬

‭ ‬فطعنت‭ ‬الهيئة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬مطالبًا‭ ‬بإلغاء‭ ‬الحكم‭ ‬عبر‭ ‬رفض‭ ‬الدعوى‭ ‬وإلزام‭ ‬المستأنف‭ ‬ضده‭ ‬الرسوم‭ ‬والمصروفات‭ ‬عن‭ ‬درجتي‭ ‬التقاضي‭.‬

وادعت‭ ‬المستأنفة‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬طعنها‭ ‬هو‭ ‬مخالفة‭ ‬الحكم‭ ‬للدستور‭ ‬والقانون؛‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬سند‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬خالف‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ (‬124‭) ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬والتي‭ ‬تقرر‭ ‬عدم‭ ‬رجعية‭ ‬القوانين‭ ‬حيث‭ ‬طبق‭ ‬أحكام‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ (‬43‭) ‬لسنة‭ ‬2018،‭ ‬والذي‭ ‬قرّر‭ ‬شمول‭ ‬مدة‭ ‬الخدمة‭ ‬بعقد‭ ‬مؤقت‭ ‬ضمن‭ ‬مدة‭ ‬الخدمة‭ ‬المحسوبة‭ ‬في‭ ‬التقاعد،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬المدة‭ ‬المطلوب‭ ‬احتسابها‭ ‬ضمن‭ ‬سنوات‭ ‬خدمة‭ ‬المستأنف‭ ‬كانت‭ ‬بعقد‭ ‬مؤقت‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1997‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬1999‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬صدور‭ ‬القانون‭ ‬سالف‭ ‬الذكر‭.‬

‭ ‬من‭ ‬جهتها،‭ ‬قالت‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬حكمها‭ ‬أن‭ ‬الموظفين‭ ‬الذين‭ ‬تربطهم‭ ‬بالدولة‭ ‬علاقة‭ ‬عقدية‭ ‬أو‭ ‬المعينين‭ ‬بموجب‭ ‬عقود‭ ‬مؤقتة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬تسري‭ ‬عليهم‭ ‬أحكام‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ (‬13‭) ‬لسنة‭ ‬1975‭ ‬بشأن‭ ‬تنظيم‭ ‬معاشات‭ ‬ومكافآت‭ ‬التقاعد‭ ‬لموظفي‭ ‬الحكومة‭ ‬قبل‭ ‬تعديله‭ ‬بالقانون‭ ‬رقم‭ (‬43‭) ‬لسنة‭ ‬2018،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬يخضعون‭ ‬لأحكام‭ ‬قانون‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬رقم‭ (‬24‭) ‬لسنة‭ ‬1976‭ ‬وفقًا‭ ‬لحكم‭ ‬المادة‭ ‬الثانية‭ ‬منه‭ ‬باعتبارهم‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬والعمال‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يسري‭ ‬في‭ ‬شأنهم‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ (‬13‭) ‬لسنة‭ ‬1975‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭.‬

‭ ‬ولذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬يتعيّن‭ ‬القضاء‭ ‬باحتساب‭ ‬مدة‭ ‬خدمة‭ ‬المستأنف‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬22‭ ‬نوفمبر‭ ‬1997‭ ‬حتى‭ ‬1‭ ‬يوليو‭ ‬1999‭ ‬ضمن‭ ‬سنوات‭ ‬خدمته‭ ‬المؤمن‭ ‬عليها،‭ ‬وإذ‭ ‬أخذ‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭ ‬بهذا‭ ‬النظر‭ ‬فإنه‭ ‬بات‭ ‬جديرًا‭ ‬بالتأييد‭ ‬لما‭ ‬تقدم‭ ‬من‭ ‬أسباب،‭ ‬ويضحى‭ ‬الاستئناف‭ ‬الماثل‭ ‬غير‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬سند‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬أو‭ ‬القانون‭ ‬متعينا‭ ‬القضاء‭ ‬برفضه‭ ‬وتأييد‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭.‬

وبشأن‭ ‬المصاريف‭ ‬فالمحكمة‭ ‬تلزم‭ ‬المستأنفة‭ ‬بها‭ ‬عدا‭ ‬الرسوم‭ ‬القضائية،‭ ‬فإنها‭ ‬معفاة‭ ‬منها‭ ‬وفقًا‭ ‬لحكم‭ ‬المادة‭ (‬112‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الصادر‭ ‬بالمرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬24‭) ‬لسنة‭ ‬1976‭.‬

فلهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬حكمت‭ ‬المحكمة‭ ‬بقبول‭ ‬الاستئناف‭ ‬شكلاً،‭ ‬وفى‭ ‬الموضوع‭ ‬برفضه‭ ‬وتأييد‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف،‭ ‬وألزمت‭ ‬الهيئة‭ ‬المصروفات‭ ‬عدا‭ ‬الرسوم‭ ‬القضائية،‭ ‬وألزمتها‭ ‬50‭ ‬دينارًا‭ ‬أتعابًا‭ ‬للمحاماة‭.‬