غنيم: عُرف المهنة يسمح بحبس الأموال لحين سداد الأتعاب المتأخرة

براءة محام معــروف مــن اختــلاس 17 ألف ديــنــار

قال‭ ‬المحامي‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬غنيم‭ ‬إن‭ ‬المحكمة‭ ‬الصغرى‭ ‬الجنائية‭ ‬الأولى‭ ‬قضت‭ ‬ببراءة‭ ‬محام‭ ‬معروف‭ ‬مما‭ ‬نسب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬اتهام‭ ‬بالاستيلاء‭ ‬على‭ ‬مبلغ‭ ‬16672‭ ‬دينارًا‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬موكله،‭ ‬والتي‭ ‬تحصل‭ ‬عليها‭ ‬تنفيذًا‭ ‬لحكم‭ ‬قضائي‭ ‬صادر‭ ‬لصالح‭ ‬الشاكي،‭ ‬إذ‭ ‬يدعي‭ ‬الأخير‭ ‬أن‭ ‬المحامي‭ ‬حوّل‭ ‬الأموال‭ ‬لحسابه‭ ‬الشخصي‭ ‬وتصرف‭ ‬فيها‭ ‬ورفض‭ ‬تسليمه‭ ‬أمواله،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬وعلى‭ ‬افتراض‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬للمتهم‭ ‬الحق‭ ‬بحبس‭ ‬المال‭ ‬لحين‭ ‬استلامه‭ ‬كافة‭ ‬أتعابه‭ ‬التي‭ ‬رفض‭ ‬المدعي‭ ‬سدادها‭ ‬حسب‭ ‬عرف‭ ‬المهنة‭.‬

‭ ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬أحالت‭ ‬موكله‭ ‬للمحاكمة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬ولغاية‭ ‬عام2017،‭ ‬اختلس‭ ‬المبالغ‭ ‬النقدية‭ ‬المملوكة‭ ‬للمجني‭ ‬عليه،‭ ‬والمسلمة‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬الوكالة‭ ‬إضرارًا‭ ‬به‭.‬

‭ ‬وأفاد‭ ‬أنه‭ ‬وهيئة‭ ‬الدفاع‭ ‬المكونة‭ ‬منه‭ ‬ومن‭ ‬المحامين‭ ‬شيماء‭ ‬البنعلي‭ ‬ومجد‭ ‬سهوان‭ ‬وفيصل‭ ‬جمعان‭ ‬ولولوة‭ ‬الكعبي‭ ‬ويوسف‭ ‬غنيم،‭ ‬دفعوا‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬بأن‭ ‬سلوك‭ ‬المتهم‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬فعل‭ ‬الاختلاس،‭ ‬لعدم‭ ‬ثبوت‭ ‬إنفاقه‭ ‬أو‭ ‬تصرفه‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأموال،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬بادر‭ ‬بعد‭ ‬إلغاء‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬لوكالته‭ ‬إلى‭ ‬إخطار‭ ‬المذكور‭ ‬بالحضور‭ ‬واستلام‭ ‬ماله‭ ‬بعد‭ ‬تصفية‭ ‬الحساب‭ ‬وسداد‭ ‬ما‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أتعاب‭ ‬مستحقة‭ ‬للمتهم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬لم‭ ‬يحضر،‭ ‬وردّ‭ ‬على‭ ‬الخطاب‭ ‬بخطاب‭ ‬آخر‭ ‬تضمّن‭ ‬إهانة‭ ‬وتشهير‭ ‬بالمتهم‭ ‬ونعته‭ ‬ووصفه‭ ‬بألفاظ‭ ‬لا‭ ‬تصح‭ ‬إطلاقًا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬رفعه‭ ‬لدعوى‭ ‬مدنية‭ ‬لمطالبة‭ ‬المتهم‭ ‬بدفع‭ ‬مبلغ‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬13‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬فأقام‭ ‬المتهم‭ ‬دعوى‭ ‬متقابلة‭ ‬مطالبًا‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬وآخرين‭ ‬بتقدير‭ ‬أتعابه‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬الدعويين‭ ‬متداولتين‭ ‬أمام‭ ‬المحاكم‭ ‬المدنية‭ ‬المختصة‭ ‬ومحدد‭ ‬لنظرهما‭ ‬جلسة‭ ‬5‭/‬9‭/‬2019‭ ‬للمرافعة،‭ ‬وبذلك‭ ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬اختلاس‭ ‬ولم‭ ‬يمس‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬أي‭ ‬ضرر‭ ‬كونه‭ ‬سيحصل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يستحق‭ -‬إن‭ ‬وجد‭- ‬بعد‭ ‬تصفية‭ ‬الحساب‭ ‬مع‭ ‬المتهم‭ ‬وفصل‭ ‬المحكمة‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬النزاع‭ ‬بينهما،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فلا‭ ‬قوام‭ ‬لفعل‭ ‬الاختلاس‭ ‬أو‭ ‬ركن‭ ‬الضرر‭.‬

وبشأن‭ ‬امتناع‭ ‬المتهم‭ ‬عن‭ ‬تسليم‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬المبالغ‭ -‬على‭ ‬فرضه‭ ‬وجوده‭- ‬يستند‭ ‬لحق‭ ‬الحبس‭ ‬بغرض‭ ‬تصفية‭ ‬الحساب‭ ‬وهو‭ ‬حق‭ ‬قانوني‭ ‬يسوغ‭ ‬للوكيل‭ ‬حبس‭ ‬ما‭ ‬للموكل‭ ‬من‭ ‬مبالغ‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬الحساب‭ ‬بينهما‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬قائمًا‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬للوكيل‭ ‬حق‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المبالغ‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬أتعاب‭ ‬مستحقة،‭ ‬عما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬لصالح‭ ‬الموكل‭ ‬وهي‭ ‬علة‭ ‬مشروعة‭ ‬للحبس،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬يمثل‭ ‬عرفًا‭ ‬سائدًا‭ ‬عند‭ ‬أهل‭ ‬المهنة،‭ ‬وكانت‭ ‬الأوراق‭ ‬مفتقدة‭ ‬لما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬القصد‭ ‬الجنائي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬سوء‭ ‬النية‭ ‬من‭ ‬الحبس،‭ ‬وتغيير‭ ‬القصد‭ ‬من‭ ‬الحيازة‭ ‬والتصرف‭ ‬في‭ ‬المال‭ ‬تصرف‭ ‬المال‭ ‬إضرارًا‭ ‬بصاحب‭ ‬الحق‭ ‬فيه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفضى‭ ‬لبراءة‭ ‬المتهم‭ ‬من‭ ‬التهمة‭ ‬المنسوبة‭ ‬إليه،‭ ‬وذلك‭ ‬للأسباب‭ ‬التالية‭:‬

أولاً‭: ‬المتهم‭ ‬أنكر‭ ‬حيازة‭ ‬أي‭ ‬مبالغ‭ ‬للمجني‭ ‬عليه‭ ‬بقصد‭ ‬تملكها‭ ‬والإضرار‭ ‬به‭.‬

ثانيًا‭: ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬لم‭ ‬يتوجّه‭ ‬لمكتب‭ ‬المتهم‭ ‬لطلب‭ ‬استلام‭ ‬أمواله‭ ‬بعد‭ ‬تصفية‭ ‬الحساب‭ ‬وسداد‭ ‬الأتعاب‭ ‬المستحقة‭ ‬للمتهم‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬المحكوم‭ ‬فيها‭ ‬بهذه‭ ‬المبالغ‭ ‬والتي‭ ‬باشرها‭ ‬المتهم‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2014‭ ‬ولغاية‭ ‬2017،‭ ‬إذ‭ ‬اعتقد‭ ‬أن‭ ‬مجرد‭ ‬دخول‭ ‬الشيكات‭ ‬المنفذ‭ ‬بها‭ ‬لحساب‭ ‬مكتب‭ ‬المتهم‭ ‬امتناعًا‭ ‬منه‭ ‬عن‭ ‬التسليم‭.‬

ثالثًا‭: ‬إقرار‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬بوجود‭ ‬أتعاب‭ ‬مستحقة‭ ‬في‭ ‬ذمته‭ ‬للمتهم‭ ‬استغرق‭ ‬العمل‭ ‬فيها‭ ‬لمدة‭ ‬8‭ ‬سنوات‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬ادعاه‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬بمبلغ‭ ‬888‭ ‬دينارًا‭ ‬فقط‭ ‬كونه‭ ‬قد‭ ‬ترافع‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬25‭ ‬قضية‭ ‬متعلقة‭ ‬بالميراث‭ ‬وأخرى‭ ‬مدنية‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬مما‭ ‬ينتفي‭ ‬معه‭ ‬القصد‭ ‬الجنائي‭ ‬لجريمة‭ ‬خيانة‭ ‬الأمانة،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬مجرد‭ ‬حبس‭ ‬المال‭ ‬لوجود‭ ‬هذه‭ ‬المنازعة‭ ‬يخرج‭ ‬الواقعة‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬التجريم‭ ‬والعقاب،‭ ‬خصوصًا‭ ‬وأن‭ ‬المتهم‭ ‬لجأ‭ ‬للمحكمة‭ ‬المدنية‭ ‬لتقدير‭ ‬قيمة‭ ‬الأتعاب‭ ‬المتنازع‭ ‬فيها‭ ‬تقديرا‭ ‬لمجهوداته‭ ‬وما‭ ‬أنفق‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬وما‭ ‬حقق‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬نتائج‭.‬

رابعًا‭: ‬أن‭ ‬تقرير‭ ‬الخبير‭ ‬المحاسبي‭ ‬المودع‭ ‬في‭ ‬الدعويين‭ ‬المدنيتين‭ ‬باطل‭ ‬شكلاً‭ ‬وموضوعًا،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬التعويل‭ ‬عليه‭ ‬بثبوت‭ ‬القصد‭ ‬الجنائي،‭ ‬خصوصًا‭ ‬وأن‭ ‬الخبير‭ ‬لم‭ ‬ينتقل‭ ‬لمكتب‭ ‬المدعى‭ ‬عليه‭ ‬ولم‭ ‬يجتمع‭ ‬معه‭ ‬حسبما‭ ‬يدعي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬لم‭ ‬تحسم‭ ‬أمرها‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدعويين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتولى‭ ‬سوى‭ ‬جانب‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬قيمة‭ ‬المبالغ‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬تحصل‭ ‬عليها‭ ‬المتهم‭ ‬من‭ ‬ملف‭ ‬التنفيذ‭ ‬ولا‭ ‬نزاع‭ ‬حولها،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أغفل‭ ‬بحث‭ ‬نقطة‭ ‬الخلاف‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬مقدار‭ ‬الأتعاب‭ ‬المستحقة‭ ‬للمتهم‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬سدد‭ ‬عنها‭ ‬المبالغ‭ ‬وعمل‭ ‬المقاصة‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،علاوة‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الخبير‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬باشرها‭ ‬المتهم‭ ‬لصالح‭ ‬المجني‭ ‬علي‭.‬