عوامل مدنيات الإنسان وسقوطها

دراسة في التاريخ لتوينبي

اكتسب‭ ‬توينبي‭ ‬مكانته‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬هو‭ ‬مؤرخ‭ ‬وفيلسوف‭ ‬من‭ ‬كتاباته‭ ‬المهمة‭: ‬الفكر‭ ‬التاريخي‭ ‬عند‭ ‬اليونان‭ ‬1924،‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬مؤتمر‭ ‬الصلح‭ ‬1925،‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬الميزان‭ ‬1948،‭ ‬الحرب‭ ‬والمدنية‭ ‬1951،‭ ‬كما‭ ‬أشرف‭ ‬على‭ ‬تحرير‭ ‬حولية‭ ‬استعراض‭ ‬الشؤون‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬1920‭ ‬إلى‭ ‬العام‭ ‬1938‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أعظم‭ ‬مؤلفات‭ ‬توينبي‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬المؤلف‭ ‬الضخم‭ ‬“دراسة‭ ‬في‭ ‬التاريخ”،‭ ‬وهو‭ ‬يتألف‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬مجلدات،‭ ‬ظهرت‭ ‬الستة‭ ‬الأولى‭ ‬منها‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1934‭ ‬و1939،‭ ‬ثم‭ ‬ظهرت‭ ‬الأربعة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬حتى‭ ‬العام‭ ‬1954‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬يعرض‭ ‬توينبي‭ ‬عوامل‭ ‬مدنيات‭ ‬الإنسان‭ ‬وسقوطها‭ ‬بصورة‭ ‬شاملة‭ ‬ومجملة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد،‭ ‬وهو‭ ‬يميز‭ ‬بين‭ ‬إحدى‭ ‬وعشرين‭ ‬مدنية،‭ ‬خمس‭ ‬منها‭ ‬حواضر،‭ ‬والأخريات‭ ‬اندثرت‭ ‬ولم‭ ‬تبق‭ ‬إلا‭ ‬آثارها‭ ‬التاريخية،‭ ‬وهو‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المدنيات‭ ‬تسير‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬نشأتها‭ ‬وازدهارها‭ ‬واضمحلالها،‭ ‬تبعا‭ ‬لنمط‭ ‬واحد‭ ‬لا‭ ‬يتغير،‭ ‬فقد‭ ‬يختلف‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يستغرقه‭ ‬نشوء‭ ‬حضارة‭ ‬أو‭ ‬نموها‭ ‬أو‭ ‬انحلالها،‭ ‬فيطول‭ ‬حينا‭ ‬ويقصر‭ ‬حينا‭ ‬آخر،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الصورة‭ ‬العامة‭ ‬تظل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه،‭ ‬والتعاقب‭ ‬حتمي‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منه،‭ ‬وأسباب‭ ‬التحول‭ ‬من‭ ‬حال‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬أساسها‭ ‬واحدة،‭ ‬وهكذا‭ ‬تتحكم‭ ‬الحتمية‭ ‬في‭ ‬التعاقب‭ ‬الزمني،‭ ‬وتولد‭ ‬المجتمعات‭ ‬وتزدهر‭ ‬ثم‭ ‬تموت‭ ‬بانتظام‭ ‬لا‭ ‬يخيب‭.‬